0 تعليق
510 المشاهدات

1843 تلميذاً من ذوي الاحتياجات يحتاجون الدعم



كل صباح يخرج كل منا إلى وجهته
الموظف إلى الجهة التي يعمل بها
الصانع إلى مصنعه
القاضي والمحامي إلى قاعة المحاكمة
المزارع إلى حقله
رجل الأمن إلى ميدانه
أما تلاميذ المدارس فيستيقظون قبل سطوع الشمس ويتوجهون إلى صفوف الدراسة، يحدوهم أمل التفوق والحلم بالمستقبل المزدهر، لكن هناك فئات من التلاميذ لديهم ظروف جسدية مختلفة، تجعلهم ينتمون إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، ترى كيف يتعلمون؟ وماذا عن تفاصيل حياتهم اليومية، بدءاً من الاستيقاظ والاستعداد للدراسة، مروراً باستقلال الباص الذي يقلهم من البيت إلى المدرسة، مروراً أيضاً بمن يحملهم أو يعينهم على الصعود لوسيلة النقل، ثم وصولهم إلى مبنى المدرسة؟

يوميات الحلم
إنها يوميات مهمة ودقيقة وشيقة لذوي الاحتياجات الخاصة على مقاعد الدراسة، هؤلاء الذين هزموا إعاقتهم الجسدية، وفي الصف الدراسي رسموا أحلامهم، ولونوا طموحاتهم بألوان الفرح، وجسدوا الأمل سلوكاً علميا وعملياً ورغبة ملحة في تحقيق الذات وقهر المستحيل.
حين قررت القبس فتح ملف تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة لم يكن الأمر سهلاً لسببين: الأول اننا أردنا الجلوس مع فئات الإعاقات المختلفة على مقاعد الدراسة ومعايشتهم لأيام في مدارسهم بدءا من طابور الصباح حتى العودة إلى البيت، وما بين هذا وذاك تكمن تفاصيل وحكايات ومواقف مدهشة تارة ومؤلمة تارة أخرى، بيد أنها طول الوقت مبهجة لما تنطوي عليه من تصميم وإرادة ونماذج مضيئة لأطفال في عمر الزهور وشباب صاعد لم تمنعهم ظروفهم الجسدية من التعلم، بل والتفوق حتى نيل أعلى الشهادات العملية.

بداية الرحلة
في البدء خاطبنا إدارة مدارس التربية الخاصة التي تشرف على تعليم جميع فئات الإعاقة، وما إن اتصل بنا المسؤولون، وتحديداً مسؤول الأنشطة، سألنا: هل تريدون إجراء تحقيق أو لقاء مع مسؤول؟ وفوجئ حينما أخبرناه بأننا نعتزم إعداد ملف متكامل عن تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، لكننا لا نريد لقاء مع مسؤولين فحسب، بل نود الجلوس مع هذه الفئات على مقاعد الدراسة.. نريد الدخول في عالمهم الدراسي.. والتعرف عن قرب على كل تلميذ من هذه الفئات، كيف يتعلم، وكيف يقضي يومه الدراسي، كيف يتعامل مع أقرانه ومعلميه، كيف يتواصل مع المجتمع المدرسي،. كيف يؤدي الامتحانات، كيف يتلقى المنهج الدراسي.
مدارس التربية الخاصة يدرس بها 1843 تلميذاً وتلميذة، وزعوا على مدارس الوفاء، والتربية الفكرية، ومدارس الأمل، مدرسة النور، مدرسة الرجاء، السلوك التوحدي، إضافة إلى روضة العطاء.
هنا وسط صفوف الحلم والعزيمة والإرادة القوية، جلسنا مع المكفوفين في صفوفهم الدراسية، رصدنا أحلامهم المبصرة ونفوسهم المضيئة، وروعة أمنياتهم وتطلعاتهم التي عوضتهم عن فقد البصر ببصيرة هادية ومرشدة إلى طريق العلم وأروقة النور.
اسمها مدارس النور.. وهي بالفعل نور على نور .. يلتحق بها الطفل المكفوف فيخرج مبصراً بالعلوم والوعي والثقافة والهدف النبيل.
جلسنا مع أبناء السلوك التوحدي، وباحوا بآمالهم وآلامهم، لكن الأمل هزم الألم، كما رافقنا الصم والبكم، وهؤلاء الذين يدرسون على مقاعد متحركة، وشهدنا تفاعل كل فئات الإعاقة مع المعلمين والمجتمع المدرسي، ورصدنا طموحات لا تحد، وأمنيات لا تنكسر تحت وقع الظروف حكايات ومواقف إنسانية وتفاصيل رائعة تتجسد في يوميات ذوي الاحتياجات الخاصة على مقاعد الدراسة، لندخل معاً قاعات الدرس والنور والحب والإنسانية.

مواهب
كشفت جولة القبس عن كثير من الموهوبين رغم الإعاقة، فهناك مكفوفون يحفظون القرآن الكريم كاملاً، وهناك موسيقيون من فئات الصم، كما برز سباحون ورياضيون من فئات التوحد، وغيرها.

أبرز الإيجابيات
كان لابد من تسليط الضوء على الكثير من الإيجابيات في مدارس التربية الخاصة وفي ما يلي أبرزها:
1- توفير باصات لنقل التلاميذ والتلميذات من بيوتهم إلى المدارس والعكس.
2- توفير الكثير من اشتراطات الأمن والسلامة في مدارس التربية الخاصة.
3- الانضباط الشديد وتوفير الهدوء في مدراس التربية الخاصة.
4- التواصل مع أولياء الأمور بصفة دورية.
5- تعويض القصور في عدم توافر معلمين متخصصين بتأهيل كادر تدريسي يخضع لدورات تدريبية متواصلة للتدريس لذوي الاحتياجات الخاصة.
6- الحرض على الأنشطة المدرسية واعتبارها عنصراً مكملاً للعملية التعليمية في مدارس التربية الخاصة.
7- وجود عيادات طبية ومكتبات وقاعات للمحاضرات والاحتفالات.

أبرز النواقص والسلبيات
هناك بعض النواقص والسلبيات في تعليم المعاقين كان لابد من تسليط الضوء عليها، وفي ما يلي بعضها:
1- عدم توافر مناهج متخصصة لمختلف فئات الإعاقة.
2- عدم توفير معلمين متخصصين من خريجي كليات إعداد معلمي المعاقين.
3- عدم توفير اشتراطات الأمن والسلامة بنسبة مائة في المائة.
4- وقوع مدارس التربية الخاصة في منطقة حولي يضاعف معاناة الدارسين والمعلمين والإدارات المدرسية.
5- بعض طرق التدريس تقليدية ومواءمة المناهج تسبب قصورا في العملية التعليمية وإرهاقا للمتعلمين والمعلمين.
6- عدم متابعة التلاميذ المتفوقين عقب تخرجهم من مدارس التربية الخاصة، فبعضهم لا تساعده الظروف لاستكمال الدراسة الجامعية.

مدير مدرسة السلوك التوحدي عبد الكريم البدر:
التوحديون ليسوا مختلين.. بل أذكياء.. والنظرة الخاطئة إعاقة!
شدد مدير مدرسة السلوك التوحدي عبد الكريم غازي البدر على خطورة النظرة الخاطئة لأبناء التوحد، فالبعض يعتبرهم مختلين، وهذه النظرة الخاطئة إعاقة أخرى.
عن تطبيق أحدث برنامج لتعليم التوحديين وتأهيلهم، وهو برنامج «بورتج لتعديل السلوك».
وقال القبس يبلغ عدد الدارسين 16 تلميذاً، ويدرس كل تلميذ في صف مستقل ليسهل على المعلم التعامل معه، وتوصيل المعلومة إليه.
وأشار إلى أن التلميذ التوحدي متوحد مع ذاته، لذا لا يصلح معه إلا التعليم الفردي، لافتاً إلى أن الكويت والدول العربية تفتقد إلى معلمين متخصصين في تعليم التوحديين.
وقال: يخضع المعلمون إلى دورات في علم النفس وتأهيل التوحديين والتربية الخاصة، ليصبح المعلم مؤهلاً للتدريس لهذه الفئات.
واردف: لقد بدأت مدرسة السلوك التوحدي منذ عام 1999، وكانت في البداية مجرد تجربة، ثم تطورت حتى وصلت إلى وضعها الحالي.
ولفت إلى أن آلية قبول الطلبة يعترها القصور، مطالبا بأن تضم اللجان أطباء نفسيين تابعين لوزارة الصحة لتحديد المستوى الذهني والعمر العقلي للطفل الذي يفترض أن يلتحق بالمدرسة.
واردف: البعض يعتبر فئات التوحد من المختلين عقلياً، وهذه النظرة خاطئة للغاية، فهذه الفئات عاقلة بل وذكية وقادرة على التفكير والتعلم والعطاء، مطالبا بتطبيق خطة الدمج في المجتمع والتوعية بحقوق هذه الفئات وقدراتها.

مطالب بتأسيس مبنى جديد للتربية الخاصة بعيداً عن زحمة حولي
بعض المباني غير مؤهلة.. وتعرِّض المعاق للخطر
من ابرز النواقص التي تستلزم وقفة من قبل وزارة التربية عدم ملاءمة المناهج الدراسية لظروف ذوي الاحتياجات الخاصة، فعلى سبيل المثال تُجرى عملية مواءمة لمناهج التعليم العام لتناسب التلاميذ المكفوفين والصم والبكم وغيرهم من فئات الإعاقة، ومن ثم تطبع عبر طريقة برايل.
وقال مسؤولو مدارس التربية الخاصة: يتحول الكتاب المطبوع بطريقة برايل إلى حمل ثقيل على التلميذ، نظراً إلى كبر حجمه ومضاعفة عدد صفحاته، مطالبين بوضع مناهج متخصصة لفئات الإعاقة.

مبنى جديد
وشدد عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة وأولياء أمورهم على ضرورة تأسيس مبنى جديد متكامل لمدارس التربية الخاصة، على أن تكون المباني مؤهلة تماما لظروف كل فئات الإعاقة الجسدية، فالمباني الحالية بعضها غير مؤهل ولا تتوافر فيه اشتراطات الأمن والسلامة، رغم بذل مديري المدارس وإدراة «التربية الخاصة» لجهود مضاعفة من أجل تذليل العقبات وتوفير كل وسائل الأمان للدارسين على الكراسي المتحركة والمكفوفين والصم والبكم والتوحديين وغيرهم من فئات الإعاقة.

زحمة حولي
ولفت مديرو مدارس ومسؤولون إلى ان وجود مبنى مدارس التربية الخاصة في حولي يضاعف معاناة التلاميذ والمعلمين والإدارات المدرسية على حد السواء، فالزحمة الخانقة مع بداية كل يوم دراسي، ومع الخروج من الدوام ، لا تطاق ومن ثم تستلزم الضرورة نقل هذه المباني إلى مكان آخر بعيدا عن المناطق السكنية المكتظة.
كما طالب الدارسون والمعلمون على حد السواء بتوفير وسائل تعليمية أكثر تطوراً والعمل على استحداث أجهزة وتقنيات تعليمية، لتسهيل العملية التعليمية، فضلا عن توفير كادر تدريسي متخصص، ولن يتحقق ذلك إلا بإعادة فتح تخصص جديد في كليات إعداد المعلمين لتخريج معلمين متخصصين لذوي الاحتياجات الخاصة.
كما تتزايد المطالب بتعميم لغة الإشارة في جهات الدولة والتدريب عليها وتوفير مترجمي لغة إشارة في كثير من الأماكن الحيوية، لتحقيق دمج الصم والبكم وضعاف السمع.

«آيباد» لكل تلميذ
تم توفير آيباد لكل تلميذ في مدارس السلوك التوحدي، من قبل أحد المتبرعين، وتطالب المدارس الأخرى بتعميم هذه الفكرة التي تسهل العملية التعليمية.

سباح ماهر
أحمد تلميذ في مدارس السلوك التوحدي يحلم في أن يصبح سباحاً عالمياً، فهو يجيد السباحة وشارك في مسابقات محلية، ويشير إلى ضرورة تقديم الدعم للرياضيين من فئات التوحيد وكل فئات الإعاقة الأخرى.

فنان موهوب
لاحظنا قيام بعض الدارسين في مدارس التربية الخاصة بإبداع لوحات تشكيلة رائعة، وأكد معلمون أن هؤلاء التلاميذ من النوابغ في هذا الفن، لكن يجب احتضانهم ومساندتهم وتسليط الضوء على مواهبهم.

أيام على مقاعد الدراسة
قضى محرر القبس أياماً على مقاعد الدراسة مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وكانت البداية مع أبناء السلوك التوحدي ثم الصم والبكم ثم المكفوفين فبقية الإعاقات.
وشهدنا العملية التعليمية وتفاعل الدارسين مع المعلمين، كما رصدنا آلية توصيل المعلومات لهذه الفئات عن قرب، وسألنا التلاميذ عن طموحاتهم، فأجمعوا على أن الإعاقة لا تعرقل الطموح، بل هي دافع للتفوق.

إهمال المتابعة
حذر تربويون من اهمال المتابعة من قبل أولياء الأمور لأبنائهم، لافتين إلى أن التدخل المبكر من قبل الأسرة يساعد على العلاج ويسهم في نجاح تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة.

تلميذ سوري من فئات التوحد: أتمزق حزناً على بلدي
عبر أحمد، وهو طالب سوري من فئات التوحد عن حزنه على ما يحدث في بلده من إراقة دماء وقتل وتشريد ومآس، وقال: أشعر إنني أتمزق حزناً على وطني، داعيا أن يديم الله على الكويت نعمة الأمن والأمان.

التشخيص الخاطئ
أحياناً يؤدي التشخيص الخاطئ لفئات الإعاقة إلى مشكلات في القبول، ومن ثم تتزايد المطالب بضرورة تطوير لجان القبول.

مهندس المستقبل
عمر تلميذ في مدرسة السلوك التوحدي، ذكي جدا ونابه يحلم أن يصبح مهندساً مدنيا، ويؤكد أن الإعاقة حافز للطموح. واضاف: نحن أذكياء للغاية، لكننا نريد من يأخذ بأيدينا ويفتح لنا آفاق العلم والمعرفة، لافتاً إلى ان النظرة الخاطئة من قبل البعض لنا تدل على نقص ثقافة ووعي، فنحن قادرون على العمل والإنجاز والتفوق والعطاء ولسنا أقل من غيرنا.

تحيا الكويت
تحية العلم خلال طابور الصباح بمدارس التربية الخاصة تثير مشاعر رائعة، وحينما يعلو صوت الدارسين والمعلمين وجميع الواقفين في ساحة الطابور «تحيا الكويت» يتطلع التلاميذ والتلميذات للمستقبل المشرق.

تواصل مع أولياء الأمور
أكد مدير مدرسة السلوك التوحدي عبد الكريم البدر أن التواصل مع أولياء الأمور على قدر كبير من الأهمية، لتقف الأسرة على مستوى ابنها التعليمي، وتحاول النهوض به ومعالجة الخلل بالتعاون مع الإدراة المدرسية.

أين المساندة؟
طالب المتميزون من ذوي الاحتياجات الخاصة جهات الدولة باحتضانهم ودعمهم مادياً ومعنوياً، مشددين على ان ضعف المساندة مشكلة مزمنة، فالأضواء تسلط على الأصحاء، ويهمش المعاقون المتميزون، على حد قولهم.

باقة ورد
كل الشكر والتقدير للمنسق الإداري في قسم الأنشطة خالد محمد عبد السلام الذي بذل جهداً كبيراً لإعداد ملف القبس في مدارس التربية الخاصة، كما رافقنا في كل لقاءاتنا وجولاتنا، كما بذل جهدا مضاعفا في تنسيق اللقاءات مع مديري المدارس وداخل الفصول التعليمية، فله باقة ورد، والشكر أيضاً لرئيس قسم الأنشطة سابقاً منصور عبد الله المنصور الذي تحمس للغاية لفكرة الملف وساعد في إنجازه.

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4691 0