لا تزال أصداء الاحتفال بيوم المرأة العالمي ماثلة، وإذا كانت النساء جميعاً بحاجة إلى مزيد من التقدير والاعتراف بجهودهن وإنجازاتهن رغم العراقيل التي توضع أمامهن جراء التمييز ضدهن من «المجتمع الذكوري»، فإن المرأة المعاقة بحاجة إلى تقدير مضاعف واهتمام أكبر ومساندة ملحوظة، والأهم تكريس حقوقهن وامتيازاتهن.
حرصت على مشاركة المرأة المعاقة في يومها، لتسليط الضوء على واقعها وحقوقها، كما استعرضت نماذج حية لتجارب سيدات معاقات في جميع مراحل حياتهن، بدءاً من التعليم والتوظيف، وصولاً إلى عش الزوجية، وطالبت المتحدثات بضرورة توعية المجتمع بوضع المرأة المعاقة وتصحيح الاعتقاد والنظرة السائدة عن قدراتها المتدنية، وإبراز ما تتمتع به من إمكانات تجعلها في مصاف قريناتها من السويات، لافتات إلى أن حقوقهن «منقوصة».
واشتكت فتيات من ذوي الاحتياجات الخاصة من ظلم ذوي القربى ووصفنه بأنه «أشد مضاضة» على النفس، مدللات على ذلك بإقدام بعض الآباء على حرمان بناتهم المعاقات من التعليم، وفرض عزلة اجتماعية عليهن، وفي ما يلي التفاصيل:
بداية اعتبرت سناء العسكري، من ذوي الإعاقة الحركية (متقاعدة)، أن حقوق ذوي الإعاقة في قانون المعاقين 2010/8 مهضومة، فما بالك بحقوق المرأة المعاقة؟، لافتة إلى أن القانون يحتاج إلى مراجعة من قبل أهل الاختصاص لمعرفة متطلبات هذه الفئة واحتياجاتها.
وبينت العسكري أن أولياء الأمور هم الشريحة المستفيدة من هذا القانون، متسائلة: هل تم سن وإصدار القانون لأسر ذوي الإعاقة، أم للمعاق ذاته؟ فأنا أعاني من إعاقة حركية، ومتزوجة ولديّ أبناء، فأين حقي؟ ولماذا يُهضم؟
وبالحديث عن تجربتها وحقوقها التعليمية والوظيفية، أشارت العسكري إلى أنها واصلت مسيرتها التعليمية من دون أي عراقيل، وتخرجت في معهد شلل الأطفال، ومن ثم ألحقت للعمل في وزارة الشؤون الاجتماعية، ومن ثم الهيئة العامة لشؤون الشباب والرياضة، وأخيراً نادي المعاقين الرياضي.
وأبدت العسكري أسفها من نظرة المجتمع السلبية تجاه المرأة المعاقة حول كيفية تكوين أسرة، وتنشئة أبنائها، لافتة إلى أنها لم تواجه مشكلة في حياتها الزوجية، حيث اتسمت بالبساطة والسلاسة، كما أن زوجها الذي تعرفت عليه في نادي المعاقين يعاني من إعاقة بسيطة، الأمر الذي أذاب كل العراقيل أمامهم.
امتيازات المتزوجة
وفيما أشادت إحدى السيدات، رفضت الإفصاح عن هويتها (وهي تعاني من شلل أطفال حركي)، بقانون المعاقين الجديد 2010/8، الذي يمنح امتيازات عديدة لذوي الاحتياجات الخاصة، انتقدت تهميش القانون لحقوق المرأة الكويتية المعاقة، ولاسيما المتزوجة، معتبرة أن حقوقها «منسية» حيث إن القانون ينظر إلى أولياء أمور ذوي الإعاقة، ويركز على أمورهم أكثر من ذوي الإعاقة ذاتهم، خصوصا المرأة المتزوجة التي لا تتمتع بأي امتيازات.
عقبات
وبالحديث عن أبرز العقبات التي تواجه المرأة الكويتية المعاقة، اشتكت من مشكلة السكن الخاصة بالمعاقة المتزوجة، سواء من كويتي أو غير كويتي، أو تلك التي تكون في منزلة الزوجة الثانية، حيث تحتاج إلى سكن خاص بمواصفات معينة، مطالبة بمنح المرأة المعاقة والمتزوجة من غير كويتي الأولوية في تجنيس أبنائهم.
ولخصت عضو جمعية حقوق الإنسان وعضو مجلس إدارة متابعة قضايا المعاقين، صفية الشمري (من ذوي الإعاقة الحركية) رؤيتها لحقوق المرأة المعاقة، بأنها سقطت سهواً من قانون المعاقين، من حيث عدم مساواتها بحقوق الرجل المعاق، ناهيك عن المطلقة من هذه الفئة التي ليس لها ذكر في أي مادة من القانون، على حد قولها.
وزادت بالقول «المرأة غير المعاقة المتزوجة من رجل معاق، تتمتع بحقوق بخلاف المعاقة المتزوجة من شخص سوي، فليس لها أي حقوق، لافتة إلى أنه من الأولى أن تنضم المرأة المعاقة تحت مظلة قانون المعاقين».
حالة يُرثى لها!
وبالحديث عن الحقوق الوظيفية والتعليمية للمرأة الكويتية المعاقة، أوضحت الشمري أن حالتها يُرثى لها، حيث إنها لا تنال هذه الحقوق على نحو مساوٍ للمرأة السوية، وليس لها خصوصية، حيث إنها تقدم طلب الوظيفية من خلال ديوان الخدمة، ناهيك عن خريجات التأهيل المهني، حيث يقتصر توظيفهم في إدارات ومجالات محددة، خاصة بذوي الإعاقة، من دون الاختلاط بالمجتمع الخارجي، مشيرة إلى مشكلة الزواج وعدم تقبل بعض الأسر والمجتمع لفكرة الزوجة المعاقة وحقها في تكوين الأسرة، إلى جانب عدم اختلاط المرأة المعاقة بالمجتمع بحكم الأسرة.
واستعرضت الشمري تجربتها التي جسّدت مثالاً للتوافق الأسري والوظيفي، متحدية إعاقتها التي قهرتها بإرادتها القوية ولا تعرف للمستحيل طريقاً، حيث إنها عاشت جميع مراحل حياتها كأي إنسان طبيعي، بدءا من مرحلة الطفولة في كنف أسرة متحابة، رفعت من شأنها وعاملتها في منزلة الابنة الكبرى التي لها الأولوية في كل شيء، كما أنها التحقت بمدارس الرجاء ودرست مناهج التعليم العادي إلى أن التحقت بكلية الآداب في جامعة الكويت، وتخرجت، ومن ثم عملت اخصائية اجتماعية في وزارة الشؤون، ومن ثم تقاعدت وانخرطت في العمل التطوعي.
وتحدثت الشمري عن جانب من حياتها الزوجية، وأشارت إلى أنها وجدت نصيبها حينما كانت في أولى سنوات الجامعة، وأنجبت ابنتها، وتخرجت في الجامعة، مضيفة «لم أواجه أي مشكلة في حياتي، نظراً للتعاون والتوافق بيني وبين زوجي، ونجحت في تأهيل نفسي في منزلي على مستوى إعاقتي».
نظرة خاطئة
ولم تختلف حقوق الفتيات المعاقات غير متزوجات عن ما سبقها، فتبقى النظرة المجتمعية الدونية تجاه قدراتهن وإمكاناتهن حجر عثرة أمام مستقبلهن الوظيفي والأسري.
وفي هذا السياق، قالت حوراء العنزي (كفيفة) إن الفتاة المعاقة ليس لها أي حقوق، سواء من الناحية الاجتماعية بسبب نظرة المجتمع الخاطئة تجاه إمكاناتها في تكوين وإدارة بيت الزوجية، ناهيك عن عدم احترام قدراتها العملية، فحقوقها الوظيفية تكاد تكون «مهمشة»، على حد وصفها.
طالبت العنزي بضرورة توعية المجتمع بدور المرأة المعاقة وقدرتها على العطاء مثل قرينتها السوية، منادية بتحقيق الدمج التعليمي والوظيفي لتحقيق الاستقرار النفسي والنأي عن العزلة.
انتقدت ناشطات حقوقيات حرمان بعض الأسر لبناتها المعاقات من حق التعليم بلا مبررات، مطالبات بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة.
وأكدت الناشطة الإجتماعية في مجال ذوي الإعاقة فوزية خدادة أن المرأة المعاقة تنعم بحياة طبيعية وتتمتع بحقوقها مثل قرينتها السوية كما أن فرص زواجها متاحة، وذلك وفقاً للعادات والتقاليد وتفهم الوعي الأسري في المجتمع، لافتة إلى أن بعض الأسر تقبل زواج ابنها من معاقة على أن تكون الزوجة تحت وصاية أم الزوجة. وشددت خدادة على ضرورة توعية المرأة المعاقة بأمور الزواج وتكوين أسرة.
واشارت إلى حقوق المرأة المعاقة معتبرة أن هذه الحقوق مازالت محل خلاف وتحتاج إلى دراسة مسحية شاملة وتفسير من القانون ليبين من يستحق وماذا يستحق فيما يتعلق بأمور الإسكان والتسليف، إضافة إلى حقوق المرأة المتزوجة من غير كويتي.
وانتقدت خدادة تصرف بعص الأسر ممن لديها فتيات من ذوي الإعاقة الشديدة، فالبعض يحرم الفتاة من حقوقها التعليمية والوظيفيه أو ممارسة أبسط حقوقها في الإندماج في المجتمع.