ظاهرة المعاقين المزيفين قديمة لكنها تزايدت بصورة ملحوظة في الآونة الأخيرة، حيث تضاعفت أعداد المنتسبين زوراً إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك لخطف مستحقاتهم وامتيازاتهم المالية والدعم والخدمات المقدمة لهذه الفئات.
ووفق مراقبين لشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة، فإن المزايا والمنافع المالية التي أقرها قانون المعاقين الجديد لجميع الفئات العمرية من ذوي الاحتياجات الخاصة، دفعت العديد من الأصحاء إلى التسابق وراء الانتفاع والاستفادة من هذه المزايا ليكونوا في خانة أشباه المعاقين عبر حصولهم على شهادات إعاقة مزيفة بلا وجه حق، فضلاً عن التلاعب في تصنيفات ودرجات الإعاقة، الأمر الذي أدى إلى نمو أعداد هذه الفئة.
وللأسف الشديد، قد يكون العديد من أولياء الأمور المحرك الأساسي لتحقيق هذا الهدف طمعاً في المكاسب التي يجنونها من دون الاكتراث بالعواقب الوخيمة التي قد تلقي بظلالها على حياة أبنائهم المستقبلية.
وفي هذا السياق، أشار مصدر مسؤول إلى الأخطاء التشخيصية التي يرتكبها القائمون على عملية تشخيص حالات ذوي الإعاقة، وذلك بتحويلهم من إعاقات إلى آخرى من حركي إلى حسي ومن بصري إلى حسي ومن سمعي إلى توحد ومن الأخيرة إلى بطيء التعلم.
وطالب المصدر بمراعاة الدقة والتحري عن شهادات المشخصين وتخصصهم، مشيراً إلى تباين مشخصي الإعاقات الذهنية في منح درجة الإعاقة مما يضع ولي الأمر في حيرة.
التقت بعدد من الناشطين والمهتمين في مجال ذوي الإعاقة واستطلعت آراءهم حول مدعي الإعاقة والتزوير في شهادات الإعاقة وتصنيفاتها، وفي ما يلي التفاصيل:
قال الناشط في مجال ذوي الإعاقة علي الثويني إنه في أول أيام الهيئة ساد الحديث عن أشباه المعاقين وعن التزوير، وصرح أحد مسؤولي الهيئة بأن هناك بعض الملفات المخالفة للإعاقة وبعضها بها كشط أو مسح أو تغيير في المعلومات وطلبنا تحويلهم إلى النيابة أو اتخاذ الاجراء القانوني على خلفية أخذ حقوق المعاقين، ووافق المسؤول على ذلك الطلب، ولكن لم نر نتيجة حتى الآن، مضيفا «وبعد فترة تحدث أحد مسؤولي الهيئة أن أكثر أشباه المعاقين ليسوا هم السبب بل اللجان هي التي منحتهم صفة الإعاقة بحجة عدم ممارستها المعايير العالمية».
أشباه المعاقين
وأشار الثويني إلى أن أحد القياديين لم ينف وجود بعض حالات مدّعي الإعاقة بسبب الواسطة، لافتا إلى اعتماد بعض أشباه المعاقين وفقا لتفاسير أكاديمية أو طبية أولعدم الالتزام بتعريف المعاق في القانون، مستدركا بالقول «فنحن لا نرى المرضى معاقين ولكن تم إداراجهم ضمن المعاقين في الهيئة ولا نرى صعوبات التعلم ضمن إعاقات تعريف المعاق بالقانون وهم كثيرون أيضا ولكنهم دخلوا برأي طبي وأكاديمي وهم لا شك يؤثرون على سير العمل الآن من حيث الخدمات التي تقدمها الهيئة لذوي الإعاقة ممن وردوا بالتعريف».
وبين الثويني أن هناك بعض المعايير التي تفسر الإعاقة البدنية بما يشمل البدن والجسد، فأسست الإعاقات الجسدية ولا نعلم ما المقصود بهذه الإعاقات ولماذا تم تأسيس هذه اللجان، لافتا إلى وجود حالات أشباه معاقين ولكن بغطاء طبي وعلمي وأكاديمي وبالتالي لا نستطيع أن نقول عنهم مزورين ولكنهم لا ينتمون إلى الإعاقة.
و عن سوء تطبيق مفهوم الإعاقة، موضحا أن هناك من الأطفال الأسوياء الذين يرسبون في المدرسة أو الذين يتغيبون بعد التشخيص تم تصنيفهم ضمن فئة الإعاقة العقلية وهم أسوياء ويتمتعون بحقوق المعاق نتيجة التشخيص الخاطئ لمفهوم الإعاقة
تزوير متعدد الأوجه
وأوضح الثويني أن التزوير في شهادات الإعاقة يتخذ أوجها عدة ومتنوعة، منها المقصود ومنها ما يتم حسب رأي الطبيب أو الأكاديمي المسؤول عنه، بسبب عدم الدقة في تطبيق اختبارات الذكاء، ناهيك عن رغبة ولي الأمر في إلحاق ابنه بمدارس الدعم المالي فيتسلم شخص نتيجة اختبار رسمية بأن حالة ابنه تصنف ضمن فئة صعوبات أو بطيء التعلم أو حتى متخلف عقليا، مشيراً إلى أن كل هذا يحتاج إلى دليل، ولكن لا أحد يتحدث عن الدليل، ومن يرد معرفة الحقيقة فعليه أن يعيد تشخيصات الأطفال من فئات الإعاقة العقلية أو صعوبات أو بطيء التعلم ليتعرف حينئذ على النتيجة التي ستصدمه.
تعريف المعاق
ومن جانبها، لخصت نائب رئيس الجمعية الكويتية لمتلازمة الداون حصة البالول رؤيتها حول هذا الموضوع بقولها «ان المعاق الذهني في القانون يحتاج لحماية من القانون».
تعريف الإعاقة
وذكرت البالول أنه كان لتعريف الإعاقة في قانون المعاقين لعام 2010 والاختلاف بين الكثير من المختصين في مجال الإعاقة أثر كبير في ظهور الكثير من المعاقين، الذين ليس لهم علاقة بالإعاقة فكان حقيقته قد تعيق الإعاقة على قدرة الإنسان على تنفيذ أموره الحياتية، فمن هنا كان الأجدر بتصنيف الإعاقة إلى (ذهني – حركي – حسي) في الحقوق والواجبات، فإذا كانت (قد) في التعريف تؤدي إلى عدم قدرة المعاق على تنفيذ أموره، إذاً فهذا ما يخص الإعاقة الذهنية فقط، معتبرة أن المعاق الحركي والحسي يتمتع بالقدرة على تنفيذ أموره الحياتية، وقد برز الكثير منهم في مختلف المجالات مثل (طه حسين – فهد العسكر – اديسون مخترع الكهرباء) ممن لم تعوقهم إعاقتهم في التألق والبروز، في حين لم نجد هناك معاق ذهني تمكن من التأليف أو الاختراع، وإن كان هناك قليل منهم قد ظهر إبداعهم الشخصي وليس العام في السباحة والموسيقى وبعض الأعمال التي توجد بها فروق فردية. زواج المعاقين ذهنيا.
فصل الإعاقات
وأردفت البالول بالقول: من هنا كان يجب أن يكون هناك فصل بين مختلف الإعاقات (حسي – حركي – ذهني) في الحقوق والواجبات، فإن كانت المادة رقم (31) من قانون المعاقين تعطي الحق للمعاق بالزواج وحصوله على قرض الإسكان، فهذا الحق يجب أن يتمتع به المعاق الحسي والحركي، ويجب أن توضع قيود لإجازته للإعاقة الذهنية. وقالت البالول: فكما فرضت وزارة الصحة فحص الدم قبل الزواج يجب أن يكون هناك مكتب في وزارة العدل يتكون من لجنة فنية من المختصين في مركز الأمراض الوراثية والنفسية والاجتماعية، خاصة ان المعاق الذهني لا يمكن أن يتقدم للزواج بنفسه إلا بمساعدة ولي الأمر، الذي يكون هو الوصي عليه عند بلوغه سن 21، وتتحمل هذه اللجنة مسؤولية إجازة هذا الزواج، مبينة أن هناك الكثير من المشاكل نتيجة إجازة زواج المعاق الذهني فيها، وسببت الكثير من المشاكل سواء للزوج أو الزوجة.
مساعدات اجتماعية
وتطرقت البالول بالحديث عن المساعدات الاجتماعية التي أقرها القانون للمعاق، حيث ان المعاق الحركي والحسي بحكم أهليته يمكنه أن يتصرف بأمواله بخلاف المعاق الذهني، حيث يتصرف الوصي عليه بها، وغالبا ما يكون الأب، وهو الولي الطبيعي له، مطالبة بضرورة تخصيص مكتب اجتماعي نفسي بالهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة لمتابعة وحماية أموال المعاق، فقد اشتكت الكثير من الأمهات من سوء تصرف الآباء في أموال أبنائهم، وللأسف فقد استفاد بعض الآباء من منحة 10 الاف بزواجهم من أخرى، فهذا حق ويجب حمايتهم.
وزادت بالقول: عندما اقر القانون بأحقية المعاق في التعليم، كان لنصيب المعاق الذهني أن يتوقف تعليمه في سن 21، فهنا يجب أن يتعامل المعاق الذهني في تعليمه على مستوى عقله وليس عمره.