وفق دراسة جديدة، تستطيع المرأة أن تحمل مستويات أعلى من العيوب الوراثية من دون أن تُصاب باضطراباتٍ في نمو الدماغ مثل التوحد، ما يدعم احتمال وجود {أثر نسائي واقٍ}.
تقدم الدراسة مؤشرات عن السبب الذي يجعل الذكور يصابون بإعاقةٍ فكرية أكثر من الإناث بنسبة 50%، وما يجعل الصبيان أكثر عرضة للتوحد من الفتيات بأربعة أضعاف.
قاد الأستاذ إيفان إيشلر من جامعة واشنطن فريقاً سويسرياً أميركياً مشتركاً، وقد نُشرت النتائج التي توصل إليها في {المجلة الأميركية لعلم الوراثة البشرية}.
عبء وراثي
بحث الفريق عن عيوب وراثية عند 15585 فرداً شُخّصت لديهم مجموعة من الاضطرابات قيل إنها تنجم عن نمو دماغي شائب يُعرف باسم {اضطرابات عصبية نمائية}. بعض هؤلاء الأشخاص كانوا مصابين باضطرابات طيف التوحد لكن لم يتم فصلهم عن بقية المشاركين.
العيوب التي كانوا يبحثون عنها هي عبارة عن {نسخ متغيّرة}، وهي أجزاء من الكروموسومات التي تحمل على الأرجح 12 جينة مفقودة أو موجودة على شكل نسخ متعددة.
ما يثير الدهشة هو أنّ عدد {النسخ المتغيرة} عند الإناث ضمن هذه العيّنة كان أكبر من تلك الموجودة عند الذكور. صحيح أن المشاركين من الجنسين كانوا مصابين باضطرابات عصبية نمائية، لكن حملت الإناث {عبئاً} أكبر من الضرر الوراثي.
يقول إيشلر إن هذه النتيجة تتماشى مع الفكرة القائلة إن الإناث يتمتّعن بحماية أفضل من آثار {النسخ المتغيرة}: {لا بد من حصول عدد أكبر بكثير من الطفرات كي تتجاوز المرأة العتبة المحددة للاضطراب العصبي النمائي}.
يضيف إيشلر: {السؤال المهم في المرحلة المقبلة هو الآتي: هل نرصد هذه المؤشرات في حالة التوحد؟}.
سرعان ما ركّز الفريق على التوحد وحده عبر استعمال مجموعة منفصلة تتألف من 762 عائلة مصابة باضطرابات طيف التوحد. حملت الإناث في هذه المجموعة عبئاً أكبر من {النسخ المتغيرة} مقارنةً بالرجال.
تبين أيضاً أن هؤلاء النساء هنّ أكثر ميلاً إلى حمل طفرات ضارة ضئيلة، وهي تصيب اثنين من الثنائيات الأساسية في الحمض النووي، مقارنةً بالرجال في المجموعة نفسها.
الذكور أكثر ضعفاً؟
يريد إيشلر الآن القيام بأبحاث إضافية عن آلاف (وليس مئات) المصابين باضطراب طيف التوحد للتأكد من النتائج وتوسيعها. هو يريد تحديد الجينات التي تجعل الناس أكثر عرضة للمرض.
لتفسير السبب الذي يوفر الحماية للإناث، هو يتوقع أنّ التأثيرات الهرمونية لها دور في هذا المجال ويتحدث عن وجود بعض البيانات التي تشير إلى أننا مصمَّمون بشكل مختلف، لكنها ليست ضمن مجال خبرته.
على صعيد آخر، تكون المرأة {أكثر صلابة من الناحية الجينية لأنها تملك كروموسومَين من نوع {إكس} بينما يكتفي الرجل بكروموسوم {إكس} واحد مع جميع الطفرات التي ترافقه}.
قامت الأستاذة شيريل ديساناياكي، مديرة {مركز أولغا تينيسون لأبحاث التوحد}، بالتعليق على الدراسة وأكدت أنها ليست متخصصة بعلم الوراثة لكنها تظن أن الدراسة تسلط الضوء على ما يجعل الذكور أكثر تأثراً من الإناث: {لطالما أطلقنا التكهنات بشأن {عامل الوقاية عند الإناث} لكننا لم نفهم مطلقاً حقيقة هذا العامل. يعني ذلك أن المرأة تحتاج إلى ضرر وراثي إضافي كي تصاب بالتوحد أو باضطراب عصبي نمائي مقارنةً بالذكور. هذا التحليل له دلالة مهمة}.
لا بد من الإجابة الآن على السؤال التالي: {ما الذي يجعل الذكور أكثر ضعفاً من الإناث أمام تلك العيوب الوراثية؟}.