لا حدود للإبداع حتى وإن كنت لا ترى نور الكون بعينيك، فتحيله إلى معزوفة تشبه داخلك؛ في محاولة منك للتعبير عن إنسانيتك لمن لا يرونك إلا جسدًا قيده فقد البصر عن الاندماج في المجتمع.
الشاب الكفيف جواد حنون (39 عامًا)، من مخيم جنين غرب مدينة جنين، عانى مرتين؛ مرة بفقد بصره منذ الطفولة، وأخرى من خلال إهمال موهبة بدأت حكايتها قبل 30 عامًا، حينما التحق بالمدرسة العلائية للمكفوفين في مدينة بيت لحم.
جواد، الذي تخرج من المدرس العلائية عام 1994، لم يجد من يرعى موهبته أو مساعدته في شراء جهاز العزف الموسيقي “أورغ”، فكان يعزف ألحانًا تعلمها سماعًا لأغانٍ قديمة في الأعراس والمناسبات والأنشطة الشبابية، بحيث يتم توفير جهاز “أورغ” للعزف عليه.
واستمر جواد بمحاولاته لتطوير موهبته، وسجل لدورة في تعلم الموسيقى في العام 2001، ولكنها لم تستمر لظروفٍ خاصة، كما توجه للعديد من المؤسسات لرعاية موهبته، لكن دون جدوى، فاشترى جهاز “أورغ” غربي قديم في العام 2010، لكنه لا يلبي طموحاته.
مدير مكتب وزارة الثقافة في جنين عزات أبو الرب قال لـ وطن للأنباء إن “الوزارة سعت دومًا لأن تكون خطتها السنوية شمولية لكافة الفئات وبالذات فئة أصحاب ذوي الإعاقة سواء مواهب فردية أو جماعية ضمن مؤسسات”.
وأوضح أبو الرب أنه ليس بمقدور وزارة الثقافة أن تصل إلى كل موهبة فردية، داعيًا كافة المؤسسات والجهات المحلية التعاون مع الوزارة لاكتشاف المواهب لرعايتها.
وأكد أبو الرب أن وزارته تحتضن وترعى المواهب في حال وصلت إليهم، وأن موهبة جواد سيتم دعمها بعدما قامت وطن للأنباء بتفعيل قضيته، مشيرًا أن دعمه سيتم بعد تحديد احتياجات موهبته من أجل تعزيزها.
وتعاني المؤسسات التي تعنى بشؤون المكفوفين من ضعف الإمكانيات، لكنها تسعى جاهدةً لتقديم أفضل الخدمات، وهو ما أكده رئيس جمعية البصيرة لرعاية المكفوفين في جنين مصطفى الجوهري، حيث تقوم مؤسسته بالعمل الجاد المستمر على تطوير مواهب المكفوفين ودمجهم في المجتمع المحلي.
الجوهري، والذي يعاني من رؤية شبه منعدمة، قال إن “جواد لديه موهبة سنحاول العمل على تطويرها، لكن المؤسسة لا زالت قيد التطوير بعد افتتاحها قبل سنتين”، مشيرًا إلى أن الجمعية تعمل على إيجاد قسم لعازفي الموسيقى من كفيفي البصر.
الحقيقة المرة يوضحها الجوهري بأن موهبة جواد لم تطور منذ 30 عامًا، داعيًا كافة المؤسسات إلى ضرورة الوقوف بجانب جواد وكافة ذوي الاحتياجات الخاصة؛ لتطوير مواهبهم.
بينما يحاول جواد سد ثغرة فراغه اليومي بطرق سلبية، من خلال قتل وقته في السهر المتأخر، أو تدخين النرجيلة، لكنه ناشد الرئيس محمود عباس وكافة المؤسسات ذات العلاقة بتبني موهبته وتوفير جهاز “أورغ” حديث، ومساعدته للنهوض من جديد.
المكفوفون.. جزء هام في مجتمعنا بحاجة إلى من يعزز مواهبهم وتطلعاتهم، منهم الأديب ومنهم الشاعر كأبي علاء المعري، الذي قال قصيدته المؤلمة “يا أمِّ ما شكل السماء.. وما الضياء وما القمر، بجمالها يتحدثون ولا أرى منها أثر”، فهل سيرى جواد أثرًا لموهبته؟
[url]http://www.youtube.com/watch?v=2sFtflESf6s[/url]