“أطمح في أن أكون مخترعة بإذن الله، وأن أخدم المجتمع بما أقدمه من اختراعات”.. بهذه الكلمات اختصرت ياسمين سالم البلوي (19 عاماً)، ابنة منطقة تبوك التي تدرس السنة التحضيرية في جامعتها مشوار حياتها وطموحها وحلم عمرها.
طريق الابتكار بدأ مبكراً مع ياسمين، ولاحت لها الفرصة بالمشاركة في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي “إبداع 2013″، الذي تنظمه مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة”، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم سنوياً، وكان مشروعها للمشاركة جاهزاً، ولكن بقي أن تضع عليه اللمسات النهائية.
سجلت ياسمين على موقع “موهبة” في مسار الابتكار، وتم اختيار مشروع “بطاقة نور” الذي تقدمت به ليخوض المنافسات مع أكثر من 4 آلاف مشروع، وأكثر من 25 ألف طالب وطالبة، قدموا مشروعاتهم في 116 معرضاً على مستوى الإدارات والمناطق التعليمية، ومن ثم التصفيات النهائية، وعن هذه المراحل تقول: “شاركت في إبداع ٢٠١٣، وتجاوزت جميع المراحل، ومثلت منطقة تبوك، ولله الحمد، في التصفيات النهائية”.
ولمشروع “بطاقة نور” قصة يحلو لياسمين ترديدها، فقد كان ضعف نظر أخيها هاجساً يؤرق كل أفراد أسرتها، وكان الحزن يسكن الجميع عندما يجد صعوبة في إنجاز عمل ما بسبب ضعف نظره، وكان أكثر ما يشغل بال الأسرة عندما ينتهي رصيد هاتفه وهو خارج المنزل ولا يستطيع إعادة تعبئته، بل يعجز عن ذلك، حتى عندما يكون في المنزل ويطلب من أحد إخوانه أو أخواته شراء بطاقة شحن، فإنه يضطر للانتظار كثيراً حتى يعود هذا الشخص ببطاقة الشحن بعد انتهاء مشاغله.
انشغل بال ياسمين بهذا الأمر كثيراً، وبات يستحوذ على حيز كبير من تفكيرها لإيجاد طريقة للتخفيف من معاناة شقيقها، وفجأة لمعت في ذهنها فكرة مفادها لماذا لا تكون هناك بطاقات شحن جوال خاصة بالمكفوفين وضعاف البصر؟ وبعد طول تفكير تبلورت الفكرة أكثر حول هذه البطاقة، وتطور الأمر مع ياسمين التي أبحرت عبر شبكة الإنترنت لجمع المعلومات عن الابتكارات المشابهة وزيادة رصيدها المعرفي: “منذ أن خطرت لي الفكرة شرعت في البحث على المستوى المحلي والعالمي من خلال مواقع الإنترنت، وبعد فترة قمت بصناعة ابتكاري بيدي”.
ياسمين أطلقت على ابتكارها اسم “بطاقة نور”، والذي يساعد المكفوفين وضعاف النظر على إعادة تعبئة رصيد هواتفهم المحمولة، وهو عبارة عن بطاقة إعادة تعبئة من وجهين، الأول يخدم ضعاف البصر، وتكتب عليه أرقام إعادة الشحن بحجم كبير، والآخر تكتب عليه الأرقام والباركود بطريقة برايل لمن فقدوا نعمة البصر.
وتضيف: “كل التعليمات والأرقام مكتوبة على البطاقة بالبرايل، وقد استبدلت منطقة الكشط بورق مقوى في نهايته سهم، ليعرف الكفيف أن هذا هو مكان منطقة الفتح، والوجه الثاني مخصص لضعاف النظر، بياناته مكبرة والحجم أكثر طولاً وعرضاً”.
وتوضح ياسمين “استخدمت في ابتكاري الخامات الأولية من الورق المقوى وورق الألمنيوم، وبعد تبني الفكرة إن شاء الله تعالى سأقوم بتطبيقها على خامات أخرى صديقة للبيئة”.
وتأمل في أن يتحول ابتكارها إلى واقع ومنتج يخدم فئة المكفوفين وضعاف البصر، ويصل إلى العالمية، وأن تتبنى إحدى شركات الاتصالات مشروعي، وأن تسجله مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية كبراءة اختراع، ويتم الاهتمام به على أرض الواقع”.
جاءت مشاركتها في “إبداع 2013″ بمثابة طاقة نور وطريق أمل ليبصر ابتكارها النور ويكون اسماً على مسمى، وبالفعل تفوقت ياسمين وحظي ابتكارها “بطاقة نور” بإعجاب الكثيرين الذين أثنوا على الفكرة، التي حصدت جائزة المركز الثالث في مسار الابتكار في “إبداع 2013″ لتختصر الجائزة جهد السنين.