كثيرًا ما تقف الظروف حاجزًا أمام الأمنيات والطموح، وتسعى لعرقلة مسيرة الإنسان؛ ولكن هناك من الناس من وقفوا أمام عواصف الظروف، فما تركوها تحول دون تحقيق ما يصبون إليه؛ فتخطّوا العراقيل وارتقوا من فوق الجراح.
ومن بين أولئك الأشخاص أمير عنان الذي ما ترك إعاقته الحركية حاجزًا أمام تحقيق حلمه، فلطالما ارتقى فوق الألم مكافحًا صابرًا للوصول إلى الهدف الذي يصبو إليه،
في مكتبته المتواضعة، وبابتسامةٍ جميلةٍ لم تفارقه قط، ألفها كلُّ من يعرفُه، استقبل أمير 22 عاما مراسل “دنيا الوطن” ).
أمير الذي يعاني من شلل كامل الذي استطاع تطوير سيارة عادية وتحويلها الى سيارة خاصة به كونه من ذوي الاحتياجات الخاصة حتى يتسنى له وبكل سهولة واريحية الدخول والخروج منها دون معاناة او تعب لأجل التخفيف من المعاناة في حركة التنقل.
بدية الفكرة
وعن الفكرة وكيفية الوصول اليها قال امير لدنيا الوطن: “منذ بداية حياتي كانت تواجهني صعوبات كثيرة بسبب اعاقتي وازدادت هذه الصعوبات أثناء مرحلة دراستي خاصة في ظل غياب وسائل نقل خاصة بالمعاقين فكنت اضطر الى احضار سيارة خاصة وتكون بمواصفات معينة وحتى في السيارة الخاصة كان ذلك يتطلب وقتاً وجهداً بالإضافة الى ارتفاع التكلفة.
وتابع أمير: “كان لابد من البحث عن بديل حتى يتسنى لي ان اخفف من معاناتي ولو بالشيء القليل فبدأت بالبحث على الانترنت والاطلاع على وسائل نقل المعاق حركياً وطريقة تنقلهم وخاصة الموجودين في الدول الاجنبية، .
وأضاف: “حاولت جلب مثل تلك السيارة من الخارج الى غزة ولكني لم أستطع ذلك لأسباب كثيرة نتيجة وجود صعوبات كثيرة في وصولها الى غزة بالإضافة الى الجمرك التي سوف تحصل عليه إسرائيل والسلطة والحكومة بغزة.
واستدرك امير بالقول:” لم أترك مكانا الا وتوجهت اليه من اجل مساعدتي في جلب تلك السيارة حيث قابلت وزير النقل والمواصلات بغزة بالإضافة الى عدد من المسؤولين وحتى الجمعية ولكن للأسف كل المحاولات بائت بالفشل بحجة ان القانون لا يسمح بإعفائها من الجمرك وبعض التسهيلات الا اذا كان امير يمتلك رخصة ويستطيع ان يقود السيارة بنفسه.
وتساءل أمير :”لماذا لا يتم تفعيل القانون بما يخدم شرائح المعاقين ويكون القانون قابلا للتعديل حتى يتسنى له أن يمارس حقوقهم بكل اريحية”.
اختراع السيارة
وقدم امير شرحا مفصلا عن الفكرة وكيفية اختراعه للسياة وقال في معرض حديثه لـ”دنيا الوطن”:” بعد كل الصعوبات التي واجهتها لم أيئس بل عرضت فكرة ابتكار سيارة تساعدني على التنقل بكل اريحية وبساطة دون تعب او عناء، وعرضت الفكرة على المهندس محسن عاشور ووافق على الفكرة وتم احضار سيارة عادية واجراء بعض التعديلات عليها من الخلف وبين الى انه تم انجاز السيارة خلال شهرين ولولا الانقطاع المستمر الى الكهرباء لتم انجازها بوقت اقصر من ذلك.
وأعرب عن فرحته وسروره بهذا الانجاز فبعد ان كان يعاني الامرين اصبح أيسر في حركة تنقله خاصة أن الكرسي المتحرك الذي يجلس علي بطاريته ضعيفة جداً ولا يستطيع ان يذهب الى اماكن بعيدة ويعود بها، وحتى في فصل الشتاء لا يقدر على الخروج بعربته بسبب الامطار والهواء البارد وأفاد ان فكرة تصنيع السيارة هي الفكرة الاولى على مستوى الشرق الاوسط حتى ان العالم العربي لا يفكرون في اختراع أي شيء للمعاقين ويكتفون بإحضاره من الخارج.
وطالب أمير من الحكومة بإعفاء السيارة من الترخيص كونه احد المعاقين ومن الواجب على الحكومة ان توفر له ابسط حقوقه برفع الترخيص عن السيارة ودعا الى دعم مثل هذه المشاريع الخاصة بالمعاقين وأوضح ان هذا الانجاز ليس الهدف منه الشهرة ولكن لأجل مساعدة الاخرين في التفكير وانجار كل ما يحلم به وألا يكون الانسان محبطا بل يجب عليه ان يجتهد والا ييأس في حياته.
رغم العوائق حققنا الانجاز
وفي سياق متصل بالموضوع قال المهندس محسن عاشور الذي اشرف على تنفيذ السيارة لـ”دنيا الوطن” :” ان امير اقترح عليه فكرة احضار سيارة والعمل على قصها من أي جهة كانت حتى يستطيع امير ان يدخل داخل السيارة بكل سهولة ويسر دون وجود أي عائق امامه .
وتابع :” ليس بالسهل ان أقدم على قص سيارة لأنه ليس مضمونا ان ننتج هذه الفكرة بهذه السهولة لان أي خطأ قد يؤدي الى اتلاف السيارة.
واضاف :” وافقت على تنفيذ هذه الفكرة وارتأيت بعد دراسة وتأنٍ أن اعمل على قص السيارة من الخلف رغم كثرة الصعوبات التي كانت تحيط بالفكرة وخاصة كيفية العمل على نقل خزان البنزين والعجل السبير الاحتياطي الموجود بالسيارة ونقلهم الى مكان اخر بالإضافة الى ضمان ان تكون السيارة بشكلها المعتد دون تشويه منظرها.
واشار م. عاشور الى انه استعان بمجموعة من المهندسين المتخصصين بقطع السيارات لافتا انه كان من المفترض ان يتم انجاز هذه السيارة خلال 20 او 25 يوماً ولكن بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء استمر لمدة شهرين ورغم ذلك الا انه يعتبر وقتا قياسيا في تنفيذ مثل هذه الفكرة واشار الى ان هذا الانجاز الكبير لم يكن لولا الجهود الكبيرة التي تم بذلها موضحاً انه لم يتم اختراع مثل هذا السيارة بمثل هذا المواصفات والمعابير على مستوى الشرق الاوسط بالكامل.
يشار الى ان نسبة المعاقين في قطاع غزة ارتفعت بعد الانتفاضة الثانية وجراء الاستهدافات المباشرة لعدد من الشباب في قطاع غزة والضفة الغربية ,الامر الذي اصبحوا فيه يشكلون نسبة لا بأس بها من شرائح المجتمع الفلسطيني ,وبالطبع يحتاجون الى عناية ورعاية خاصة يفتقرون اليها في بعض الظروف والاحيان نتيجة الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 8 سنوات ,ولكن بعضهم استطاع بعزمه وارادته الخالصة ان يحاول ان يبتكر ما ييسر له عمله وتحركه.
[IMG]http://im49.gulfup.com/mw0BV.jpg[/IMG]
[IMG]http://im49.gulfup.com/Tp8Mu.jpg[/IMG]
[IMG]http://im49.gulfup.com/4Ks2B.jpg[/IMG]
[IMG]http://im49.gulfup.com/AEAqa.jpg[/IMG]
[IMG]http://im49.gulfup.com/aU4Ij.jpg[/IMG]
[IMG]http://im49.gulfup.com/IhATq.jpg[/IMG]
[IMG]http://im49.gulfup.com/2fbGE.jpg[/IMG]