الوجه مرتبط بالمشروع والاسم لصيق بالمركز، وكلما ذكر مركز الكويت للتوحد تكون سميرة السعد في قلب المركز، ومثلما فعلت اذاعة البي بي سي بان جعلت عبارة «هنا لندن» هوية خاصة لهيئة الاذاعة البريطانية تعمل هي على ان يكون مركز الكويت للتوحد «متميزاً» بكل معنى الكلمة، والتميز عندها يكمن في الاهتمام بأدق التفاصيل.. ومن هنا كانت «وجها في الأحداث».
■ عثرت على كنز جديد، بخلاف المال والالماس والذهب، من خلال تجربتها مع مرضى التوحد، وهو كنز العمل الانساني التطوعي تجسد بمشروع مركز الكويت للتوحد الذي دخل عامه العشرين، يخدم 120 من اطفال وشباب التوحد في الكويت ومن جنسيات عربية، بحيث صارت كلمة التوحد مألوفة ومعروفة بعد ان كانت غريبة ومخيفة عند الكثيرين.
■ لا اريد ان افقد ثقة الناس بشخصي، ويتحول الحديث عني بدلا من المركز.. هكذا خاطبتنا الدكتورة سميرة السعد عندما التقيناها في مبنى المركز بغرب مشرف، مرتدية الزي الموحد للعاملين فيه، ومتنقلة بين الصفوف والاقسام والمباني وهي تلقي التحية على مرضى التوحد الذين باتوا يعرفونها ويسألون عن أبنائها، وكأنها جزء من حياتهم،، والمهم عندها ان ترى ابتسامة احدهم وتشعر ان ما قدمته لهم جاء بنتائج طيبة.
■ رزقت بابنة تدعى فاطمة، ولما بلغت السنتين من عمرها، لم تكن تتكلم صارت تبحث عن اجابة، زارت الاطباء في الكويت ولم تحصل على حل، ذهبت الى مستشفى الاطفال بلوس انجلوس بعد معاناة مريرة هنا، ليستقبلها هناك بروفيسور جاءت لمقابلته، ويومها وبعد الفحص الشامل سمعت ولأول مرة في حياتها كلمة التوحد، عادت مع فاطمة وزوجها د. فؤاد العمر الى الكويت، لتدخلها في فصل تجريبي بجمعية المعوقين، لكنها تعاود الرحلة الى اميركا برفقة زوجها وفاطمة، هي تكمل دراستها العليا وكذلك زوجها، وهذه المرة في بوسطن، وتحصل على ماجستير في التوحد. وكانت معظم ابحاثها عن ابنتها وعندما عادت الى الكويت مرة ثانية انشأت فصلاً تجريبياً ثم ذهبت الى جدة بالسعودية ومن هناك كانت الانطلاقة.
■ اتخذت أول مبادرة من نوعها على مستوى الوطن العربي بشأن إقامة أول دبلوم متخصص في مجال إعاقة التوحد، وبالتعاون مع خبراء إنكليز بهدف تعليم مرض التوحد ودمجهم وتأهيلهم لسوق العلم وتوفير فرص وظيفية لهم، وهذا ما حققت جزءا منه، بأن أصبح لديها أساتذة تدربوا في المركز، يقومون الآن بالتدريس، وقسم منهم يعمل كموظف، شأنه شأن الآخرين، أي ان التجربة أثمرت، والحصاد أتى بخير وفير كما يقولون.
■ الحلم تحول إلى واقع، والعمل الدؤوب أصبح شامخاً في وضح النهار، والمبنى تم تصميمه خصيصاً لإعاقة التوحد، تبارى على تصميمه طلبة الهندسة المعمارية بجامعة الكويت، ثم الحصول على أرض بمساهمة من رئيس البلدية آنذاك محمد عيد النصار… واليوم صار الشعار… «لنحدث فرقاً» والفكرة من عبداللطيف العمر ورسم سالم العمر، أما الشعار الأول «أحجية لم تكتمل أجزاؤها بعد مساهمتك» فكان من أفكار سميرة السعد ورسم مي السعد… هكذا بدأ المركز بخمسة أطفال، وبفصل واحد، ليصبح اليوم مركزا إقليميا يقدم نموذجا متكامل الخدمات.
■ Reach، وهو اسم المدرسة التي تتبع المركز، تعني فلسفة خاصة بمرض التوحد انطلقت من دراسة وممارسة تعليم الأطفال المصابين بالتوحد، فحرفRelatien Ship R وهو توفيره العلاقات الاجتماعية وحرف Envirenment E بيئة منظمة وآمنة وحرف Activity A أنشطة مميزة لازمة وحرف Comnunation C التواصل والتدريب المناسب وحرف Health الصحة وتوفير الأمن والسلامة.
■ افتتحت عيادة لطب الأسنان، خاصة لمرض التوحد، وتم تجهيزها بكامل الاحتياجات وهي خطوة مكملة للتشخيص والتقييم، وذلك في إطار الرؤية التي تعمل بموجبها د. سميرة السعد التي تختصرها في فيلم تم إعداده بمناسبة افتتاح المركز، التي تقول «هناك أشياء سهلة لا تحتاج إلى جهد، لكن ليس حال الجميع، المصاب بالتوحد بحاجة لأن يتعلم حتى أبسط الأمور ويحتاج إلى من يؤهله، وهذا دورنا».
■ كسرنا حاجز الخوف مع هؤلاء الناس، كما تشرح د. سميرة السعد، فقد أوصلنا رسالتنا إلى المجتمع وأولياء الأمور بأن يتفهموا حالة التوحد، وهذا ما حصل، واليوم بعد عشرين سنة، تم خلق بيئة حاضنة لمرضى التوحد، وهو إنجاز يستحق التقدير.