ابنتي تجاوزت السابعة والعشرين من العمر، قضته في البيت لم تر الشارع إلا نادراً بسبب إصابتها بالصرع، ومن ثم التخلف العقلي والجسدي.
وتقضي إجراءات الرعاية والوصاية إدخالها مستشفى الطب النفسي لاستصدار شهادة طبية بالإعاقة تحت إشراف نخبة من الأطباء، وبعد إجراء بعض الفحوص الطبية والمختبرية. وبعد أسبوعين سارعت إلى إخراجها من المستشفى غير نادم على شيء بعد أن لاحظت إهمالاً شديداً لدى الطاقم الطبي والتمريضي على حد سواء تجاه نزيلات المستشفى.
فقد قالت لي إحدى النزيلات في العنبر رقم 16، حيث كانت ابنتي تتلقى الرعاية والعلاج: إن الممرضات يضربنها ويعنفنها على الرغم من إعاقتها الشديدة، لأنها لا تتجاوب معهن ولا تفهم شيئاً مما يقال بسبب تخلفها الشديد، وتجمعت الممرضات حولنا في العنبر، حيث كنت أزور ابنتي ليكذّبن ما سمعت، وعندما شهدت نزيلة أخرى بذلك استشاطت الممرضات غضباً، وعندما قدمت شكوى لدى المسؤولة لاحظت ان الممرضات قد تضايقن مني بشدة!
كما لاحظت إصابة ابنتي بالزكام كل يوم، وذلك بسبب إجبار النزيلات على السير من دون حذاء أو جوارب على السيراميك في صالة المبنى، حيث لا سجاد ولا شيء من هذا القبيل، ولدى سؤالي عن دوافع هذا الإجراء قال لي الطبيب الذي قابلته ذلك اليوم انه إجراء طبيعي حتى لا يتم استعمال الأحذية لغرض الاعتداء.
ولكن المفاجأة أنه بعد إخراج ابنتي من المستشفى (طبعاً من دون ملابسها وأغراضها التي كانت معها لدى دخولها)، وجدنا انها تحك رأسها بشدة، واكتشفنا كماً هائلاً من القمل، الذي لم ينفع معه استخدام البخاخ الخاص بالقمل ولا الشامبو، مما دعانا الى حلق شعرها بالكامل بعد أسبوع. وبعد المعاناة التي مرت بها ابنتي لمدة أسبوعين حصلت على شهادة لمن يهمه الأمر بتخلفها العقلي.
هذا هو الطب النفسي، حيث تساء معاملة النزلاء والنزيلات بصورة غير إنسانية بعيداً عن الأعين.. والله المعين.
ترى من المسؤول عن هذا التصرف اللاإنساني؟!
صالح بهمن