بطلنا الذي ينتمي لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة ارتقى ليصل القمة فكانت حلاوة الوصول أكبر من ان يصفها الواصفون، حتى اصبح لاعبا مثابرا في المبارزة لا يعرف الانكفاء أو التراجع، وواحدا من أهم الطاقات الرياضية في البلاد، ولو كانت الارادة وطنا لقلت انه عاصمتها، يناديها كلما اشتد عليه الزمان وكما يقول: «ارادتي مصدر قوتي».
طارق القلاف الذي رفع العلم الكويتي في محافل عالمية كثيرة وتوج على التوالي في 3 ميداليات ذهبية وحصل على أفضل لاعب بالولايات المتحدة الأمريكية والتصنيف الأول شاءت ارادة الله ان يكون معاقا، فقد بدأت اعاقته منذ الطفولة عندما أصيب بشلل الأطفال وقد كانت طفولته على الكرسي المتحرك، وفي فترة الشباب كانت المجالات والخيارات متاحة أمامه، يختار منها ما يشاء لكنه أبى الا الرياضة وقد استهوته المبارزة فكان بطلا.
المحترف طارق القلاف أثبت للجميع ان الاعاقة لا تمثل له عائقا جديا يمنعه من الكفاح وتحقيق ما يعجز عنه الأصحاء، انه بطل الكويت ونجمها الرياضي.
< سألته: ماذا عن البداية؟
- خلال فترة علاجي في لندن لمدة ثلاث سنوات من شلل الأطفال كنت أحرص على مشاهدة الحرس الملكي البريطاني المشهورين بلباسهم الأحمر والقبعة السوداء الطويلة، مع السيف المميز الممسوك باليد، لذلك عندما التحقت بالنادي الرياضي الكويتي للمعاقين عام 1982 كانت تلك الذكريات وراء اختياري للعبة المبارزة، بينما فكرة دخول النادي كانت بمحض الصدفة.
أول بطولة
< حدثنا عن أول بطولة شاركت فيها؟
- اول بطولة كانت عام 1984 في لندن، ومن بعدها شاركت بأكثر من 80 بطولة، وفي احدى البطولات حصلت على ثلاث ميداليات ذهبية في كأس امريكا، وذلك كأفضل لاعب ببطولة اوهايو، ومنها حافظت على لقبي بالمرة الخامسة على التوالي.
< نريد ان نعرف اهم بطولة كان لها التأثير في شخصيتك وحياتك؟
- كلها افخر بها لاني امثل بلدي الكويت وبالتالي اشعر بنفس الفخر والسعادة، ولكن الاولمبياد لها وقع كبير على نفسي، وبطولة بطل ابطال العالم، هي الاصعب والله وفقني وفزت وكانت في ميلانو.
صعوبات
< هل واجهت خلال مشوارك ظلما ما او صعوبات كانت عائقا في طريقك؟
- لا اعرف لماذا يثار دائما عن الابطال اللاعبين انهم يثيرون المشاكل واريد ان انتهز هذه الفرصة لتوضيح ان اللاعب عندما يصل لمرحلة البطولات والانجازات، بكل تاكيد سيحاول جاهدا الحفاظ على ما بناه، وبالتأكيد اثارة المشاكل ليست في صالحه، وليس طبيعيا ان يهدم ما بناه، على الرغم من انه يحتاج الدعم والاهتمام الكافي من الهيئات والجهات، ولكن ما نراه ان الدعم والاهتمام هو لاناس دون اخرين، لذلك من الطبيعي ان يتعرض اللاعب الى ظلم ومشاكل وكلام وما الى ذلك، الامر ليس بالضرورة ان يكون هو من يثير هذه المشاكل، ولكن من حوله يختلقها حتى يعيق تلك المسيرة الناجحة ويحبطها، وكثير من المرات حاولت الحفاظ على تصنيفي باللحاق بالبطولات العالمية وللاسف لم اجد من يدعمني الا من رحم ربي، كنت دائما اجتهد وجهودي فردية بحتة..في النهاية لا اريد ان اتحدث عن السلبيات بل اريد ان انظر للايجابيات فقط لأكون شخصا متفائلا.
الإعلام ودوره
< بصراحة ما رأيك بدور الاعلام واهتمامه برياضة المعاقين؟
- الواقع اني كلاعب معاق أقوم بنفسي بتزويد أخباري من مشاركات خارجية أو تتويجات وغير ذلك لوسائل الاعلام، مسؤولية الضعف الاعلامي في مجال تغطية رياضة المعاقين لا يجب ان تُلقى على أجهزة الاعلام بل على النادي الذي يُفترض ان يُزوّد هذه الأجهزة بالأخبار والتغطيات، بحيث يعمل على انتشار أخبار رياضة المعاقين اعلاميا وعدم هضم حقهم بالتقدير.
هيئة مقصرة
< هل الهيئة العامة للشباب والرياضة مقصرة في دعم اعضاء النادي الرياضي للمعاقين؟
- الهيئة لا تقصر في أي شيء، بالعكس توفر الميزانيات، فالنادي له رعاية خاصة من المسؤولين والاعلاميين ويملك الكم الهائل من المبالغ عن طريق المتبرعين واعتقد ان النادي بتلك الاموال يستطيع فعل الكثير.
ولكن يبقى الأهم اين يتم صرف هذه المبالغ ومتى وليس ذلك فحسب بل يبقى السؤال الذي يجب طرحه هو هل توقفت الهيئة عن صرف الميزانيات للاتحادات والأندية الرياضية؟ والجواب بالطبع لا، فالهيئة تصرف الميزانيات للأندية الرياضية لكن العيب يكمن في كيفية تعامل هذه الأندية مع الميزانيات، مثلا رب الأسرة يتسلم مرتبه الشهري وباستطاعته ان يُضيع هذا المال على أمور هامشية تجعله مقصرا بنظر أبنائه، في المقابل بامكانه أيضا توفير احتياجات أبنائه الضرورية ان أحسن التدبر بالقدر نفسه من المال، لذلك كان الأولى الاهتمام باللاعبين من قبل مسؤولي النادي وحسن التصرف بالميزانية قدر الامكان، وذلك قبل ان تأتي مطالبات زيادة الدعم المادي والتوسع بدعمه وتطويره، فغياب البرنامج الواضح والتخطيط المدروس بالنادي أصبح ظاهرا واذا تحدثنا عن مستوى الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة بالكويت فهناك من اجتهدوا ولكن تبقى هناك بعض السلبيات.
< هل تؤيد فكرة انشاء أفرع أخرى للنادي الرياضي الكويتي للمعاقين؟
- أنا شخصيا ضد الفكرة، فالبعض يريد الأندية الجديدة المختصة بالمعاقين لزيادة السيطرة عليها لأمور خاصة كالمناصب وغيرها من الأهداف التي تعود سلبا على البلد قبل اللاعبين، وأرى ان مطلبنا يكمن باندماج المعاقين مع الأصحّاء، أي ان يكون لكل ناد رياضي كويتي فرق للمعاقين بعد الدراسة المسبقة بالطبع، فعمل ذلك يعزز من عملية تكيّف المعاقين مع الأصحّاء والمجتمع حولهم بدلا من حكرهم في أندية مقتصرة عليهم، فالى متى والمعاق يعيش في سجنه الخاص والضيق مع غيره من المعاقين؟ والمطلوب هو تشجيعهم على الاندماج مع المجتمع وبيان أهمية دورهم في المشاركة فيه.
وأكد القلاف صاحب الانجازات الرياضية الكبيرة ورافع اسم الكويت في المحافل العالمية ان نظرة التعالي للمعاق مازالت موجودة، والكثير من الأفراد لا يحبذون مسألة تزويج بناتهم للمعاقين أو مصادقتهم وهذا ما يدعو للضجر، مبينا ان البعض يشعر بالخجل والحزن في حال تم الارتباط بين ابنتهم وأحد المعاقين وهذه هي الحقيقة المرة وكأن المعاق سيجلب العار لهم.
وأشار القلاف الى ان الدولة يجب ان توفر مؤسسات للتوعية الاجتماعية بخصوص رعاية المعاقين واحترام مشاعرهم وتوصيل رسالة مفادها ان المعاق فرد منتج في مجتمعه طالما كان خاليا من الأمراض العقلية، حتى يشعر جميع أفراد الوطن بأهميته وتقبله وعدم الشعور بالضجر منه، لافتا الى ان البلاد تعاني من وضع الخطط والحلول الترقيعية السريعة وتتحرك فور وقوع المشاكل فقط ولكنها في الغالب لا تضع في عين الاعتبار هذه القضية أو القضايا الأخرى لمعرفة مكامن الخلل وكيفية التغلب عليها.
وشدد القلاف على ضرورة تضافر جهود وزارتي «الاعلام» و«الأوقاف» لايصال رسالة الى افراد المجتمع بان المعاقين فئة مثمرة ولها دور بارز وليست اقل من الآخرين وليست محل عطف او شفقة وسخرية.
إنجازات نجم المبارزة
حصل نجم المبارزة طارق القلاف على الميدالية الذهبية اكثر من 25 مرة على مستوى البطولات العالمية، وعلى السيف الملكي لأحسن لاعب بالعالم من امريكا تكساس، وعلى سيف الشرف لأحسن لاعب بالعالم مرتين من بولندا، وعلى شهادة الابداع الرياضي على مستوى الدولة من الهيئة الرياضية.
كما حاز كأس احسن لاعب بالعالم من بودابس، وعلى شهادة تقدير من اللجنة المنظمة بإيطاليا بيزا للتميز الرياضي، وعلى كأس احسن لاعب بالعالم بالتصنيف العالمي الاول، وعلى دبلوم رياضة للابداع بالمبارزة بأسبانيا، كما تم تصنيفه الاول على العالم واوروبا وآسيا وامريكا عدة مرات.