الاهتمام بالأطفال من ذوي الإعاقة واجب وطني وإنساني، ولعل مبادرة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية واهتمامها بالطفل والطفولة خير مثال على ذلك، فكان من انجازاتها تأسيس حضانة البستان لضعاف السمع والصم، والتي تعد الأولى في الكويت والخليج العربي، رغبة منها في استثمار الفترة الذهبية لدى الطفل من عمر السنتين إلى خمس سنوات.
وفي هذا السياق، أكدت مدير حضانة البستان لضعاف السمع والصم هيفاء الصقر أن الكويت تعتبر من الدول المتقدمة في الاهتمام بهذه الفئة من الأطفال وغيرها من فئات ذوي الإعاقة من خلال توفير المدارس والمؤسسات والحضانات التي تقدم الرعاية المناسبة والخدمات التعليمية الخاصة بهم.
شددت الصقر على أهمية الدمج وأثره في العملية التعليمية على أطفال ضعاف السمع والصم، لا سيما بعد تخرج الطفل من الحضانة، حيث يكتسب حصيلة لغوية تؤهله للاندماج مع أقرانه، مضيفة «نحن نعمل على توفير الدمج خلال الفرص والأنشطة الجماعية خارج الفصول والأخذ بيد هذه الفئة من الأطفال لدمجهم في فصول التعليم العام والتعليم الخاص».
وأفادت الصقر أن الحضانة متخصصة في الأطفال ضعاف السمع والصم ممن أجروا عملية زراعة القوقعة والأطفال المتأخرين لغوياً الذين لا يختلفون عن أقرانهم من حيث القدرات العقلية والجسدية، مشيرة إلى الفئات العمرية التي تستقبلها الحضانة، والتي تتراوح أعمارها ما بين سنتين إلى ست سنوات.
300 خريج
وكشفت عن إجمالي خريجي الحضانة خلال الخمسة عشر عاما الماضية، حيث بلغ عددهم قرابة ثلاثمائة طفل وطفلة، معظمهم التحقوا بفصول التعليم العام، وبعضهم التحق بفصول التربية الخاصة «برنامج الدمج»، مضيفة «وأبناؤنا الآن وصلوا الى المرحلة الثانوية والبعض الآخر وصل إلى المرحلة الجامعية».
ولفتت الصقر إلى أن الحضانة استقبلت أول دفعة من الأطفال ضعاف السمع والنطق عام 1998، لافتة إلى أن الحضانة تسعى بشكل دؤوب لدمج الأطفال الصم وضعاف السمع في المجتمع وفق نظام تربوي شامل يخدم هذه الفئة من الأطفال لتنمية إمكاناتهم وطاقاتهم واستثمارها في التفاعل مع المحيطين بهم سواء من داخل الحضانة أو من خارجها، بالإضافة إلى تنمية الجوانب العقلية المعرفية والانفعالية السلوكية، مما يسهم في تحقيق حياة إيجابية وفعالة لأطفالنا وللمجتمع بشكل عام.
أهداف
وسردت الصقر الأهداف التي تسعى إدارة الحضانة إلى تحقيقها وهي تطوير مهارات الاتصال (اللغوية، الاستقبالية، التعبيرية) وتطوير الأداء السمعي عن طريق الأجهزة المعينة السمعية «حلقات السمع»، بالإضافة إلى تنمية الأداء الادراكي والمعرفي، والاجتماعي والانفعالي عن طريق استخدام الأنشطة المختلفة المنتظمة، وأخيراً تعزيز الإرشاد الأسري والعمل على استمرار التعاون مع الأسرة وتقديم المعلومات والنشرات الدورية والدورات التدريبية.
الإعداد المبكر
وقالت الصقر ان الإعداد المبكر للأطفال الصم وضعاف السمع يعد من الأمور التي توليها الحضانة اهتماما كبيرا لضمان نجاح إدماجهم في المجتمع ولحاجة الطفل ضعيف السمع إلى الاستثارة الحسية المناسبة لتعويضه عن نقص قدراته السمعية، موضحة أنه عند الحديث عن الطفل الأصم والضعيف سمعيا فإن أول ما يشغل البال هو اللغة وكيف يتعلمها وهو غير قادر على المحاكاة السمعية، بل إنه في الأغلب قد لا يشعر بالأصوات وكيف يستخدم الآخرون اللغة للتعبير عن احتياجاتهم ولا يدرك كيف يخرج الصوت.
وتابعت بالقول «من المعلوم أنه كلما كان الطفل في سن مبكرة كانت العملية التدريبية العلاجية أجدى، فالتدخل المبكر يهدف إلى سرعة تقديم الخدمات والبرامج العلاجية والوقائية والنفسية والتربوية والتأهيلية قبل دخول الطفل إلى المدرسة».
مستلزمات التأهيل
وعلى صعيد آخر، تحدثت الصقر عن المبنى، حيث تم توفير الأثاث وجميع المستلزمات التي تساعد في تأهيل هذه الفئة من الأطفال، ويتكون هذا المبنى من ستة فصول (غرفة المهارات والأنشطة الفنية، غرفة الملاحظة، غرفة التخاطب، المكتبة، صالة الألعاب، حديقة أمامية وحديقة خلفية، مطبخ للأطفال).
خطة تربوية
وتطرقت الصقر بالحديث عن طريقة التدريس والخطة التربوية التي تعتمد عليها الحضانة، مبينة أنها قائمة على مبدأ التدريس الفردي مع مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال من حيث درجة السمع ومستوى الطفل، كما أن كل مدرسة تجتهد في عمل خطة فردية لكل طفل محددة فيها أهدافا طويلة وقصيرة المدى للارتقاء بمستوى الطفل والوصول إلى أقصى ما تسمح به قدراته، بالإضافة إلى جلسات التدريب الجماعية لتطوير المهارات الاجتماعية.
اللغة الأم
أشارت هيفاء الصقر إلى الاختلاف بين العمر السمعي للطفل عن الزمني، حيث تولد أذن الطفل من اللحظة التي يضع فيها معينه السمعي، سواء كان سماعة أو جهاز قوقعة، لافتة إلى أن الحضانة اعتمدت على تدريس اللغة العربية لأنها اللغة الأم للطفل، والحرص على عدم إدخال أي لغة أخرى قبل إتقان لغته الأم.
عوامل نجاح التأهيل
أوضحت هيفاء الصقر أن عوامل نجاح التأهيل تتوقف على العمر الزمني للطفل الذي فقد به السمع، ونسبة الذكاء، ودرجة الفقد السمعي، فضلاً عن المدة الزمنية لارتداء المعين السمعي إلى جانب اهتمام الأسرة.
دور الأسرة
شددت الصقر على أهمية دور الأسرة وتعاونها مع الحضانة لإيصال الطفل إلى بر الأمان وتطويره، لافتة إلى أن الحضانة تعمل على تقديم الإيضاحات الكافية للأم حول كيفية استغلال البقايا السمعية لدى الطفل، للاستفادة منها على تحسين لغته، فضلا عن توجيهها بشكل صحي، وتحذيرها من الانعكاسات السلبية للتصرفات المتطرفة كالإهمال والإفراط من الرعاية.
دور الأم في تحسين القدرات اللغوية للطفل
دعت هيفاء الصقر الأم إلى مساعدة ابنها على تجاوز الإعاقة وتجنيد طاقاتها لاستغلال شتى المواقف لتوفير فرص التخاطب التلقائي مع طفلها وإثراء رصيده اللغوي كلما سنحت الفرصة وإشراكها في البرنامج التربوي الفردي من خلال تدريب الأم على كيفية تحسين قدراته اللغوية، والاستفادة من العالم الصوتي والكلامي المتواجد في المحيط العائلي، واستعمال حواسه وتدريبه على التخاطب من خلال اللعب.
الكويت رائدة
أكدت مديرة حضانة البستان لضعاف السمع والصم هيفاء الصقر أن الكويت رائدة في رعاية ذوي الإعاقة، من خلال تأسيس المدارس والمؤسسات التعليمية والعلاجية والحضانات، مشددة على أن رعاية هذه الفئات مسؤولية الجميع.