لا تتوقف أشكال العنف المجتمعي ضد المرأة على تقليص حقها في المشاركة السياسية والاجتماعية، وتقويض حقوقها الشرعية في بعض المناطق النائية والعودة بها لعصر الجاهلية الأولى، فهناك صورة للعنف أشد قسوة على الأم، حينما تجد نفسها تقف مكبلة الأيدي تجاه طفلها من ذوي القدرات الخاصة، فلا دولة أنصفتها ولا دور رعاية متكاملة راعت الظروف الاقتصادية مهما كانت درجتها؛ لتبرز بطولة جديدة تضاف لبطولات المرأة الأم.
المهندسة سناء منير بولس والدة مريم نعيم ذات الأربعة عشر ربيعا، والحائزة مؤخرا على لقب أصغر فارسة في بطولة الفروسية لفريق الأولمبياد الخاص، بعد أن حازت على العديد من الجوائز والميداليات في بطولات السباحة وألعاب القوى، أرسلت برقية لكل أم تقف عاجزة أمام مختلف أشكال الاضطهاد قائلة: لم أؤمن بالمستحيل، وأخذت بيد طفلتي منذ نعومة أظفارها، أزرع بداخلها مبدأ الطموح والمواجهة وعدم الاستسلام، انتقلت بها في أكثر من مدرسة فكرية ومع شديد الأسف لم أجد مدرسة حكومية تستوعب أطفال ذوي القدرات الخاصة وتأخذ بيدهم نحو حياة كريمة، فتحملت أنا ووالدها “المشقة الحلوة” في سبيل رؤية ابتسامة فرح على وجه ابنتي البرئ.
وأضافت: حتى جاء اليوم الذي تركت فيه العمل للتفرغ لابنتي، علما بأنني كنت أعمل أيضا لمساعدة زوجي في النفقات خاصة وأن أطفال الداون بحاجة لنفقات أضعاف إخوتهم، إلا أنني وجدت أن دوري في هذه اللحظة بجانب ابنتي متعددة المواهب، لأقف بجانبها في مواجهة أشكال الضغط النفسي والعصبي والمجتمعي الموجه تجاهنا كأمهات، ناهيك عن الروتين والإداريات واللا مبالاة من أغلب مدعي الاهتمام بذوي القدرات الخاصة.
وتابعت: واجهنا الصعوبات حتى في تحديد مواعيد التمارين الخاصة بأطفالنا ذوي الاحتياجات الخاصة، في مقابل الأطفال الآخرين، فتم تخصيص أوقات صباحية لنا علما بأن الأطباء يحذرون أطفال الداون من التعرض للشمس المباشرة إلا أن الواقع يقر بأنه “لا حياة لمن تنادي”.
واختتمت: كما واجهنا الصعوبات في التعليم والنفقات في التدريبات والانتقالات، علما بأن أغلب المشاركات الرياضية تكون على نفقتنا الخاصة، إلا أن دوري كأم هو المحرك الأول والأخير، فلن أستسلم بحول الله وقوته عن بث الثقة والسعادة في روح ابنتي التي أثبتت وجودها رياضيا وأمام الميكروفون من خلال برنامجها الإذاعي على اليوتيوب “أنا ومريااام”، والذي يتضمن حوارات مع أطفال آخرين من ذوي القدرات الخاصة، مثبتين أن الأم هي من تنشئ وتسهر وتواجه كل أشكال العنف.