الست عزَّة أحدثت تغييراً في مجتمعها وفي حياة الأطفال ضعاف السمع والبصر، تخطت الأسلوب التقليدي برعاية الأيتام لتؤسس أول جمعية في مصر تعمل على تطوير وتطبيق معايير جودة الرعاية في دور الأيتام، وخلال 20 عاماً في العمل التطوعي أسعدت آلاف الأطفال والأيتام، واستحقت أن تكون «وجهاً في الأحداث».
■ ومنعاً للالتباس في الاسم، فإننا نتحدث عن عزَّة عبدالحميد «بتاعة الأيتام» بخلاف عزة عبدالحميد، أول سيدة تتولى منصب العمدة في كفر الشيخ، وبخلاف عزة عبدالحميد فياض المبتكرة لطريقة جديدة لتوليد الوقود الحيوي من مخلفات البلاستيك غير الربحية غالباً ما تتعرض للتوقف والتعثر بعد رحيل المؤسس، لذلك عملت في جمعية «نداء» أن يكون فيها صف ثان، وهي أصبحت عضوا في مجلس الإدارة فقط.
■ بعد عشر سنوات من مشروعها تعرضت إلى اكتئاب نفسي، أنقذها أحد المدربين، وكانت نقطة التحول الثانية في حياتها، وخرجت من حالتها تلك لتتعلم أهمية الكلمة، والتي كانت بمنزلة البلسم، وأهم من الدواء، فقد تعلمت أن السر كله يكمن في تغيير طريقة تفكيرها ونظرتها للأمور.
■ ترددها على دور الأيتام واتصالها مع الأطفال ووقوفها على حالات اكتئاب نفسي تصيب الصغار جعلها تضع يدها على الخلل في معاملتهم وتربيتهم، ويكون السبب الرئيسي في انطلاق مشروعها الجديد، وهو تأسيس فكرة جمعية أسمتها «وطنية».
■ أطلقت أول جمعية أهلية لتنمية وتطوير دور الأيتام لتخدم أيتام مصر، وفق معايير جودة الرعاية لتربية وتنشئة دور الأيتام، وكان مهمة صعبة، لكنها عظيمة، فقد دخلت في مجال تغيير فكر مجتمع، وليس بضعة أفراد.
■ استطاعت وبالتعاون مع وزيرة العمل الاجتماعي أن تجعل المعايير إلزامية على دور الأيتام، وكانت أول شهادة معتمدة «أديكسل» لتخريج أول دفعة مربين، وتنشئ لما يسمى بالأسر البديلة.
■ عاشت طفولة مدللة، ارادت الالتحاق بالعمل، ذهبت للوظيفة في أكثر من شركة، ولم تمكث في احداها أكثر من شهرين، مرت بتجارب مريرة وحالة يأس في حياتها، لكنها حولتها الى طاقة ايجابية.
■ نقطة التحول الاولى كانت في سن الاربعين، والموضوع بدأ بكلمة استفزتها «قاعدة فاضية اعملي حاجة مفيدة»، ولم تكن تعرف ماذا تعمل الى ان سمعت من يقول لها «روحي اقرئي للمكفوفين»، لتكتشف ان هذا الكلام حرك فيها قدرات رهيبة بداخلها.
■ أول المشوار عندما زارت مدارس «النور والأمل»، لتقرأ لبنت فقدت بصرها وعندها عشر سنوات، ثم راحت تفكر بجمع المال لشراء جهاز يوصل الصوت عن طريق الذبذبات للأطفال ضعاف السمع، بدلا من تعلم لغة الاشارة الى ان استطاعت تأسيس جمعية «نداء»، وتبدأ رحلتها بخمس أطفال في حضانة صغيرة باستخدام الجهاز الخاص بالتأهيل بالذبذبات.
■ افتتحت اول مركز لتأهيل الاعاقة السمع – بصرية على مستوى مصر، بعد ان جاءتها فتاة جميلة جدا تعاني من الضعف في السمع والبصر.
■ لم تدع الى ايجاد صف ثان في القيادة، بل مارسته وطبقته على نفسها.
■ استشعرت أهمية مشروعها تبعاً لما اطلعت عليه من احصاءات تؤشر لوجود اكثر من مليونين من الاطفال والكبار ممن يعانون ضعفاً في السمع على مستوى مصر وحدها، وهو ما يقرب من %2.5 من مجموع السكان من هنا جاءت فكرة جمعية تعنى بتأهيل الاطفال المعاقين سمعياً.
■ عام 2002 بدأت جمعية «نداء» بتأسيس قسم متخصص لتأهيل حالات الصم المكفوفين وتدريب كوادر عاملة في مجال تأهيل ذوي الاعاقة السمعية – البصرية، حتى لا تبقى هذه الفئة معزولة عن المجتمع، بل عن الحياة بأكملها.
■ ينقل عن السيدة عزة ان الممثل يحيى الفخراني كان وراء الهامها فكرة انشاء جمعية تطوير دور الايتام، بعد مشاهدتها مسلسل للعدالة وجوه كثيرة، والذي لعب بطولته عام 2008، واضافت ان المسلسل ناقش قضية الايتام وعدم قدرة اليتيم على مواجهة المجتمع واخفاءه هويته وظروفه خوفا من النظرة السلبية تجاهه، ولهذا قررت ان تضمن للايتام خروجا صحيا، والتعامل مع اناس اسوياء قادرين على الاندماج.
■ تقاوم وبشدة الافكار الخاطئة والشائعة في المجتمع المصري، والنظر الى اليتيم بأنه سيئ الخلق! والخجل الذي يلازم من يعمل في هذا المجال، وعليه فالمطلوب هو تبجيل وتكريم مهنة القائم على رعاية اليتيم، فهي من اسمى المهن.
رحلة اليتيم
أجابت عن سؤال حول حياة الطفل اليتيم من لحظة دخوله إلى ان يبلغ سن الــ18 بقولها «رحلة الطفل تبدأ بصدمة انفصاله عن والديه لأسباب مختلفة، منها الفقر أو موت أحد الوالدين أو كلاهما، وهو ما يسبب له أول شعور بالحرمان، في حالة الأطفال مجهولي النسب، يتم تسجيل الطفل في قسم الشرطة التابع للمنطقة التي عثر بها الطفل، ثم يتم تسليمه بعد ذلك الى وزارة الصحة، حيث كان يقضي أول عامين من حياته في دور رعاية تابعة لوزارة الصحة، ينتقل بعدها الطفل إلى دور الأيتام، وهنا يتعرض لثاني شعور له بالحرمان، وذلك حين ينفصل عن الأم الحاضنة في دار الرعاية الأول، وقد تم أخيراً تقليص تلك المدة، التي يقضيها الطفل في دور الرعاية التابع لوزارة الصحة، الى ثلاثة أشهر في محاولة لتخفيف تأثير الشعور بالحرمان عند الطفل.
وبناءً على قانون الطفل المصري، يلبث الأولاد في دور الأيتام حتى يبلغون سن الثامنة عشرة – وهو ما زال صغير السن – ولذلك يوجد بعض دور الأيتام التي توفر بيت رعاية لاحقة للأيتام من الذكور إلى ما بعد سن الثامنة عشرة، ولكن هذا – للأسف – لا يحدث في كل دور الأيتام، حيث انه لا ينص عليه القانون، أما عن البنات فانهن يلبثن في دور الأيتام حتى زواجهن.
عباقرة وأغبياء
كانت من المتميزين الذين جرى تكريمهم في مصر من قبل مؤسسة «تكريم»، يشار إليها بكونها ناشطة اجتماعية، امتثلت لمقولة العالم الراحل المصري الدكتور أحمد زويل بأن «الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء، هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل».
ثلاثة تفتخر بهم
تفخر بان ثلاثة من شباب الأيتام يعملون فيها: تخرجوا من هذه الدار، وهم على خلق والتزام بالعمل ومخلصين لتحسين أوضاع أقرانهم.
شعار تؤمن به
الشعار الذي آمنت به بعد 20 سنة من العمل في المجال التطوعي «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون»، فهذه الآية تحرك الجبال، على حد تعبيرها، والمهم عندها هو العمل، أما شعارها الثاني فهو «إن مع العسر يسرا» فبعد كل محنة هناك أمل.
بين الميراث والتبني
تقول إن الفتوى التي نعمل بها في مصر بالنسبة للمسلمين هي ان الكفالة في البيت تكون مماثلة للتبني مع مراعاة انه يمكن اعطاء الاسم الرابع أو اسم العائلة للطفل من دون تغيير اسم الأب والجد، ولا يكون للطفل الحق في الميراث كسائر العائلة، ولكن يمكن ان يوصى له بجزء من سدس الميراث، ويعطي القانون الأسرة الكافلة كل الحقوق مثلما التبني، فيما عدا حق تغيير اسم الأب والجد، أما بالنسبة للمسيحيين فيسمح التبني وتغيير الاسم طبقاً لقواعد الكنيسة المصرية.
السيرة الذاتية
● عزة عبدالحميد.
● خريجة أدب انكليزي.
● أسست جمعية «نداء» لتأهيل الأطفال ضعاف السمع (1997).
● فتحت أول مركز لتأهيل الاعاقة السمعية – البصرية في مصر.
● أنشأت أول جمعية أهلية لتنمية وتطوير دور الأيتام، بحيث تخدم أيتام مصر عن طريق وضع معايير جودة الرعاية لتربية وتنشئة دور الأيتام واطلقت عليها اسم «جمعية وطنية»، فكانت المؤسسة والرئيسة لمجلس الإدارة 2008.
● نالت جائزة «تكريم» عام 2016 كأفضل شخصية عربية لها أثر في مجال القضايا الإنسانية لعملها التطوعي وتأسيسها وإدارتها لجمعية «نداء» لتأهيل ضعاف السمع، وكذلك تأسيسها لــ«جمعية وطنية».
● ممثلة «جمعية وطنية» في اللجنة العليا للأسر البديلة.
المصدر : جمزة عليان \ القبس