الهيئة العامة لذوي الإعاقة لاتزال حتى اليوم محط انتقادات، وباتت هيكلة العمل والخدمات فيها تقبع فوق خطوط حمراء وعلى يسارها العديد من إشارات الاستفهام، ولعل هذا النقد الموجه لها بهدف التصحيح وتحسين الوضع الحالي، يؤكد ان هذه المؤسسة الحيوية لأبناء الوطن تمضي على البركة أحيانا، وتضع المعاقين المتضررين الحقيقيين في دائرة التعسير والتمليل والتطفيش لدرجة أن ورقة تجديد شهاد الإعاقة باتت تحتاج إلى أكثر من ٦٠ يوما.
على الرغم من وجود قيادات لا يمكنني الانتقاص من تعاملهم الراقي وأدائهم النشط وجهودهم المشكورة، فإن الهيئة تزخر بموظفين يحتاجون إلى عمليات إنقاذ وإخضاع لدورات تثقيفية في فن التعامل مع المعاق والمعاقة واعتبارهم على أنهم أبناء الوطن لا أنصاف بشر، إلى جانب هيكلة الهيئة وفق نظام العولمة الحديث وإنهاء حقبة أنظمة العصر الحجري وتكدس الأوراق وضياع الملفات، وفي حين أن العالم انتقل من التعامل عبر الحكومات الإلكترونية إلى الذكية.
هيئة المعاقين معنية بشريحة من المواطنين يحتاجون إلى العناية الكبيرة والحنان والعطف والاحترام والتقدير، فهم جزء من هذا الوطن، وما يزيد من قتلهم أن تؤخر معاملاتهم واستفادتهم من الخدمات بسبب تزاحم واسطات بعض النواب، والتي نرى أن بعضا منها تعطي الخدمة لمن لا يستحقها، وتحرم صاحب الحاجة من الوصول إليها، فهل يعقل أن يحتاج المعاق الذي له الحق الطبيعي في الاستفادة من خدمات الهيئة إلى واسطة، أليست إعاقته كافية ليحصل على حقوقه الكاملة، أم أن عليه أن يبحث عن الشخصية السياسية التي تؤكد إعاقته لا على الشهادات الطبية والفحوص الفنية؟
وهل تسكت حكومتنا الرشيدة ونوابنا الأفاضل إزاء التناقضات في عمل اللجان الفنية؟ وهل يقبل عاقل أن تقر اللجنة بإعاقة «شديدة» ثم تحطمها إلى «بسيطة»؟ أم هل يصدق أن لائقا سليما يأخذ درجة إعاقة شديدة بمساندة أحد أبطال الواسطات؟ وفي النهاية فإن بعض أعضاء اللجنة على كراسيهم منعمون مكرمون لا يسألون عما يفعلون.
لا أعتقد ان الأمور تسير بشكل صحيح، واعتقادي هذا مبني على معطيات متعددة، منها غياب الكوادر الوطنية عن ميدان هذه الخدمة لأبناء وطنهم، بل إن من مآسي ما نرى موظفين كويتيين كانت لديهم صلاحيات في السابق، ولكنهم اليوم مبتورو الأيدي بلا أي صلاحية، والسبب هو العقلية التي تفكر بها بعض القيادات الجديدة، والتي تنظر إلى أن التعامل مع القيادات السابقة سبة أو جريمة، أليسوا يمارسون أعمالهم التي توكل إليهم؟ وهل علاقتهم بالمسؤول السابق علاقة عمل أم علاقة شخصية؟
وأما موضوع الزحام فحدث ولا حرج، فهل هناك عاقل يقبل بأن يتم عرض 700 حالة على 3 دكاترة ومشرف فقط، أليس من الأفضل ان نستفيد من تجارب الدول الناجحة التي تطبق الزيارات المنزلية للكشف عن حالة المعاق، لماذا لا نشكل لجنة وأكثر لزيارة المنازل وتخفيف الازدحامات، والاطلاع على الحالة مباشرة.
بالاختصار: ما يزيد المرء ألما أن يرى الطريقة التي يعامل بها الزوار في هيئة المعاقين، والعنجهية التي يتصرف بها موظفو السكرتارية لدى القيادات، ومماطلة سكرتيرة إحدى القيادات النسائية في الهيئة وتصرفها بشكل أرعن كان آخر فصول هذا المسلسل، حيث قطعت الطريق أمام مواطن صحافي يحمل بطاقة كتب عليها «يرجى تسهيل مهمة حامل هذه البطاقة» ومنعته من مقابلة القيادية المسؤولة عنها، وربما كان الطريق معبدا لأصحاب الواسطات أو الذين لهم المهابة السياسية في نفسها ونفس مسؤولتها.
أخيرا: أقول إن سكوتنا عن هذا الخلل وسوء التصرف سيجعلنا أمام تعقيدات لا يمكننا حلها مستقبلا، ومشاكل نحن في غنى عنها، وإذا أردنا تحسين الخدمات وتطوير مستوى الأداء فما علينا إلا هيكلة الهيئة بالصورة الصحيحة ووفق نظم العولمة والتقنية الحديثة وأن تكون بيئة العمل جاذبة للكوادر الوطنية لا طاردة لها.
بقلم : عبدالمحسن أحمد حاجي