“الآن بإمكان شريحة كبيرة من ذوي الاحتياجات الخاصة في مصر من المكفوفين اقتناء أول مجلة بطريقة برايل لمتابعة أهم الأخبار واللقاءات والحوارات.. الحلم تحول أخيراً إلى حقيقة”.. هكذا عبر الصحفي المصري أحمد أبوهميلة مدير تحرير المجلة عن سعادته بهذا الإصدار الذي طالما تعطل أكثر من مرة بسبب تكلفة المجلة الباهظة مقارنة بالإصدارات الورقية العادية، إلى جانب عدم وجود متحمسين لها من قبل الصحف المستقلة والحكومية.
“كنت أحلم بأن يتمكن أصحاب الإعاقة البصرية من القراءة بأنفسهم دون الحاجة إلى مساعدة أحد”.. هكذا عبر أبوهميلة، وهو صحفي كفيف عن رغبته الجارفة بأن يتحقق الحلم الذي لازال يخطو خطواته الأولى بعد إصدار عددين من المجلة، في خطوة تعد الأولى من نوعها في مصر والشرق الأوسط.
يقول أبوهميلة مدير تحرير المجلة في حديثه لـ” بوابة العين الإخبارية”، إن إصدار” الأخبار برايل” وهو اسم المجلة، جاء بعد عرض الفكرة على المسؤولين في مؤسسة أخبار اليوم المصرية، وهي إحدى أعرق المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة وترحيبهم بها، إلى أن تمكنت المجلة من الحصول على ترخيص إصدار من المجلس الأعلى للصحافة كإصدار رسمي معترف به.
يقوم على تحرير المجلة وإخراجها للنور شهرياً مجموعة من الصحفيين المكفوفين، فضلاً عن رئيس تحريرها المبصر الوحيد أحمد المراغي، والذي تحمس كثيراً للفكرة وأبدى استعداده للمشاركة في هذه التجربة الفريدة من نوعها.
بصوت كله حماس وتفاؤل، يقول أبو هميلة عن المجلة، إنه يتم طباعة وإصدار ما بين 1500 عدد و2000 عدد حتى الآن، ويتم توزيعها عبر استهداف المكفوفين في المكتبات الخاصة بالجامعات، حيث يوجد شريحة كبيرة من فاقدي البصر، الذين يتوقون إلى متابعة ومعرفة مجريات الأحداث اليومية، بالإضافة إلى الجمعيات الأهلية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة من المكفوفين.
وقد تضمن العدد الأول موضوعات وملفات هامة منها إجراء حوار مع وزير الشباب والرياضة، وحوار مع الفنانة غادة عادل، وكل الموضوعات تم إجراؤها وكتابتها من قبل صحفيين مكفوفين.
تكلفة طباعة المجلة يقدرها أبو هميلة في حديثه معنا بنحو 50 جنيهاً مصرياً للعدد الواحد، وهي تكلفة باهظة مقارنة بالإصدارات المقروءة العادية، تتحملها مؤسسة أخبار اليوم، التي تصدر عنها المجلة كاملة.
يسترجع أبوهميلة مشهداً وصفه بالعزيز على قلبه، واعتبره تتويجا لمسيرته في الصحافة التي تمتد لعشرة أعوام، وهو مشهد تكريم الرئيس السيسي له قبل أيام أثناء مؤتمر الشباب، الذي عقد مؤخراً بمدينة الإسماعيلية، حيث يقول عن هذا التكريم “إحساس غير مسبوق.. تتويج لرحلة من المشقة والتعب في مهنة الصحافة”.
ويستكمل أبو هميلة: اعتبرت هذا التكريم تكليفا من قبل الرئيس السيسي، خاصة وأن عام 2018 هو عام ذوي الاحتياجات الخاصة.
يعود بالذاكرة قليلاً إلى الوراء لكن يبدو مشهد فقده لبصره قريباً جيداً من مخيلته، حيث يقول:”ولدت غير فاقد للبصر، لكنى تعرضت في سن 13 عاماً إلى التهاب في الشبكية وفقد في البصر، حول مجرى حياتي وكان كافياً بأن يقضي على حلمي منذ نعومة أظافري بأن أصير صحفياً، لكنني أصررت على تحقيق حلمي وسط حياة جديدة مليئة بالتحديات والصعوبات”.
أصر أبو هميلة على استكمال دراسته في مدرسة حكومية، وليست مدرسة خاصة بالمكفوفين، والتحق بكلية الإعلام جامعة القاهرة بمجموع 96.5% وتخرج من الكلية بتقدير جيد جداً.
الخروج للحياة العملية لم يكن سهلاً؛ فالصحفي صغير السن وقتها فاقد البصر، ظل يحلم بأن يمارس المهنة مهما لاقى من صعوبات، حيث أجرى العديد من الحوارات الهامة، التي لازال يتذكر بعضها مثل حوار مع الممثل الكوميدي محمد صبحي، كما أجرى تحقيقات صحفية حول مخاطر استخدام مياه الصرف الصحي في الزراعة، وغيرها من الموضوعات.
المصدر : العين