يعكف الباحثون على تطوير عقار جديد لعلاج الاضطرابات النفسية.. والعلاج الذي أطلق عليه العلماء (SMART) قادر على استهداف خلايا الدماغ المحددة للتحكم في الاضطرابات النفسية مثل التوحد والشيزوفرينيا سيكون جاهزا للدراسات الإكلينيكية خلال ثلاث سنوات وسيقام البحث في مركز أبحاث المخ (Brain Research Center) وتقدر تكلفة المشروع الذي تشارك فيه كل من جامعة كولومبيا البريطانية ومعهد فانكوفر الساحلي الصحي للأبحاث (VCHRI) مليون وخمسمائة ألف دولار.
ويعتبر هذا العقار أول تغيير جذري للعلاجات التي تستخدم للاضطرابات النفسية منذ عدة عقود. وقال البروفيسور (يو تيان وانج) قائد فريق البحث في مركز أبحاث الدماغ نحن نصمم جيلا جديدا من العلاج الذي سيعمل فقط على خلايا الدماغ في المناطق التي تحتاج إلى إصلاح. وأضاف أن العلاج الجديد سيقوم بتصحيح الخلل الوظيفي في المخ بطربقة الاستهداف للمنطقة التي بها خلل وظيفي بحيث لا يشعر المريض بالتأثيرات الجانبية التي تظهر أثناء استخدام المريض الأدوية الحالية والتي تؤثر على كامل الدماغ.
ويجمع هذا البحث (برنامج إصلاح الدماغ) الذي تم تمويله في برنامج العلوم العصبية بكندا عدد خمسة باحثين من مختلف مناطق كندا بمافيهم ثلاثة باحثين من مركز أبحاث الدماغ في مستشفى جامعة كولومبيا البريطانية. وخلايا المخ الصحيحة تعتمد على التوازن بين المراسلات الكيميائية التي تحفز نشاط الدماغ وتستثير الناقلات العصبية وبين تلك التي تكبح الأنشطة (تمنع الناقلات العصبية). عندما يختل هذا التوازن فإن تدفق المعلومات خلال خلايا المخ في مناطق معينة يصيبه الارتباك. والنتيجة هي خلل في الادراك والتفكير والسلوك لدى حالات اضطراب الدماغ يتراوح من التوحد إلى الاضطرابات الذهانية بما في ذلك الشيزوفرينيا والاكتئاب. وباستخدام المعدات المتقدمة لمراقبة وعلاج رسائل المخ على المستوى الخلوي سيقوم فريق البحث باختبار عقارهم المصمم بطريقة يمكنها ظبط و تنقية التواصل بين خلايا الدماغ وتعمل على توازن أنشطة وكبح الاستثارة بشكل صحي.
إن مضادات الذهان الحالية (Anti-psychotic) تعمل على تعديل التواصل على سطح الخلايا في كامل الدماغ ويتم استعادة التوازن في المناطق المصابة، وعلى أي حال فإن العقار ربما يسبب عدم التوازن في المناطق الطبيعية وغير المصابة مما يؤدي إلى آثار جانبية وردود فعل سلبية حيث تتفاوت الآثار الجانبية بين الكسل وعسر النوم والقلق إلى الذهان الشديد، مما يتطلب عدم إطالة فترة استخدام تلك المضادات، أما الجيل الجديد من عقار (Smart) سوف يستهدف فقط الخلايا التي بها خلل في التواصل تاركا مناطق المخ السليمة دون تأثير.
ويتوقع البروفيسور (وانج) أن العقار الجديد سيكون في متناول المرضى خلال خمس إلى عشر سنوات.
وتؤثر اضطرابات المخ ونظام الأعصاب على واحد من كل خمسة كنديين وهي من المسببات المؤدية للوفاة في كندا وأيضا من المسببات المؤدية للإعاقة. وقدرت وزارة الصحة الكندية العبء الاقتصادي من جرّاء هذه الاضطرابات ب ـ إثنين وعشرين مليون وسبعمائة ألف دولار ويتوقع أن ترتفع التكلفة وتكون باهظة عندما يتقدم السكان في العمر.
في تقرير جديد نشره الباحثين الفرنسيين والايطاليين في 26 يونية في (نشرة العلوم) قالوا: إن خللا في مجموعة الدارات الكهربائية ربما يساعد على تفسير لماذا التوحديين يستعرضون السل ـ ـ ـ ـ ـ وك اللاّ إجتماعي.
وعلى مدى السنين يشتبه الباحثين بأن نظام مستقبلات المخ ـ ـ ـ ـ ـ در (OPIOID) في الدماغ والمرتبط بالسوكيات ذات العلاقة بالألم والمتعة والإدمان ربما يكون على ارتباط ما في التفاعلات الاجتماعية أو ضعفها لدى التوحديين.
حاليا، أوضح الباحثين الأوروبيين أن الفئران والتي تم تعديلها جينيا ليكون لديها ضعف في مستقبلات المخدر في الدماغ والواقعة على سطح خلايا المخ كانت استجابتها مختلفة عندما تم إبعادها (الفئران) عن أمهاتها. وكانت أيضا استجابتهم غير طبيعية لعقار المورفين المخدر والذي عادة مايخفف الألم على عكس الفئران الطبيعية.
واستنتج الباحثون أن اللاّمبالاة الإجتماعية التي يستعرضها التوحديين ربما تكون مرتبطة بنظام إشارة المخدر في المخ.
وقالت الباحثة المساعده في الدراسة فرانسيسكا داماتو وهي باحثة في مركز (CNR Institute of Neuroscience، Psychology and Psychopharmacology) في روما أن مخدرات المخ تلعب دورا جوهريا في تعزيز الدارات الكهربائية بحيث تساعد الأفراد على فهم ماهو الأصلح لهم.
وبالعمل مع الفئران، ركز الباحثون على نظام المخدر في المخ والذي ينظّم جزئيا بواسطة مستقبلات (U-Opioid) الواقعة على سطح الخلايا، وذلك لمعرفة ما إذا كانت مستقبلات (U-Opioid) أيضا قد لعبت دورا في سلوك ألفة وترابط الرضيع بأمه. ولعمل ذلك راقب الباحثون عن قرب الفئران حديثة الولادة و المعدلة وراثيا (التي لديها ضعف في المستقبلات) وذلك لملاحظة كيفية استجابة تلك الفئران عندما يتم استبعادهم عن أمهاتهم.
ووفق ماذكره فريق الدكتورة (داماتو) أن الفئران التي ليس لديها مستقبلات المخدر كانت أقل إتصالا بأمهاتهم عن الفئران الطبيعية. علاوة على ذلك عندما قام الباحثين بإعطاء عقار المورفين المخدر للفئران الطبيعية قللت لديهم الألم، ولكنها كما كان متوقعا لم تؤثر في الفئران التي ليس لديها مستقبلات المخدر.
إن الأفراد التوحديون لديهم صعوبات في التفاعل مع الآخرين ويبدون متحفظين ولامبالين اجتماعيا، بحيث يرى فريق داماتو أن اللّوم يقع على نظام إشارة المخدر في المخ (Opioid Signaling System).
وإسنادا إلى الجمعية الأمريكية للتوحد فإن قرابة مليون وخمسمائة ألف (1500000) مصابون بالتوحد في الولايات المتحدة الأمريكية تظهر لديهم علامات مطابقة في السنوات الثلاث الأولى من أعمارهم. وعادة ما يؤثر هذا الاضطراب في المخ في مناطق التفاعل الاجتماعي ومهارات التواصل. والأفراد التوحديين لديهم مشاكل في التواصل اللفظي وغير اللفظي ولديهم بصفة عامة مشاكل في التفاعل مع الآخرين.
وقال (أندي شيه) مدير الأبحاث والبرامج في (National Alliance For Autism Research) إن الدراسة مثيرة ومشوقة بحيث أوضحت الدكتور (داماتو) بدقة نظام المستقبلات.