ما نشر مؤخرا حول ما وقع في الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة من تجاوزات كبيرة في منح رواتب ومزايا للمعاقين لغير مستحقيها، بالاضافة الى استمرار صرف مستحقات مالية لاشخاص متوفين، هي حالة تعكس ليس فقط فسادا اداريا وتقاعسا عن العمل ولكن ازمة اخلاقية بالدرجة الاولى من كلا الطرفين.
الحفاظ على حقوق المعاقين وتمكين جميع فئات الاعاقة من الحصول على حقوقها سواء كانت اعاقة ذهنية او حركية او غيرها هي عملية بالغة الاهمية، فذوي الاحتياجات الخاصة فئة هامة ومبدعة وقادرة على تقديم الكثير، كما انها مفعمة بالامل، بل ان كثيرا منهم من يحضون ويدفعون حتى الاشخاص الاصحاء للتفاؤل والتأكيد على انهم قوة قادرة على قهر المستحيل، لهذا أصبح التفضيل في استخدام كلمة ذوي الاحتياجات الخاصة على كلمة المعاقين، فالانسان السليم شكليا قد يكون ايضا يعاني من اعاقة اخلاقية وانحراف في التفكير السليم، بينما الانسان الذي يعاني اعاقة جسدية الا انه يملك احساسا خلاقا وابداعيا وينحاز نحو الافكار السليمة القادرة على بناء المجتمعات البشرية.
و لهذا فان تمكين هؤلاء للحصول على حقوقهم هي مسؤولية الجميع، وذلك بسبب ان الكثيرين لاسيما فئات صعوبات التعلم، قد يواجهون بيروقراطية وطول الاجراءات الادارية وعدم توافر الميزانية، والتي يتبين فيما بعد انها ذهبت لاشخاص من غير مستحقيها.
حينما انتشرت اللافتة الخاصة بعدم الوقوف في اماكن المعاقين والتي تؤكد «اذا رغبت بأخذ مكاني فلتأخذ اعاقتي» هي بالفعل عبارة بليغة، يجب ان يتأملها الجميع لا سيما هؤلاء الذين يستسهلون الاستيلاء على حقوق هذه الفئة المجتمعية.
الاشكالية الاخلاقية الاخرى تكمن في ضرورة الادارة الحكيمة البعيدة عن الفساد والمحسوبية، فلا يعقل ان الفساد انتشر حتى وصل الى الاستيلاء على حقوق الضعفاء سواء كانوا نساء او ارامل او مطلقات بالاضافة الى فئات ذوي الاحتياجات الخاصة. فلقد اتى الاسلام ليؤكد «انما تنصرون بضعفائكم»، وتلك حكمة اسلامية ضعيفة، تؤكد حالة الضعف والقوة لكلا الطرفين، فالمجتمع دون نصرة هو ضعيف بحاجة لمن ينصره، والضعفاء او المستضعفين في المجتمع هم في نفس الوقت قوة عظيمة من ينصرها تنصره وتزيده قوة ومنعة.
التجاوزات على حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة هو مسلسل ليس بجديد، ولهذا يتكالب الكثيرون للسيطرة على تلك المناصب المتعلقة بالهيئة المعنية بحقوق هذه الفئة، ولكن ان الاوان لآن يتم وقف هذه المهزلة، وان تنهض الكويت من جديد بجميع مؤسساتها وهيئاتها.
بقلم : د. هيلة حمد المكيمي