0 تعليق
529 المشاهدات

أول مدرب كفيف يفتح قلبه لـ«القبس»



«إعاقتي البصرية منحتنى حافزا للحياة والنجاح، وأصبحت لدى رسالة يومية أعيشها وأعلمها»، هكذا لخص عبد الوهاب العميري، وهو أول مدرب كفيف معتمد في التنمية البشرية في الكويت وأول ممارس متقدم لتقنيات العلاج بما يسمى «خط الزمن في الوطن العربي»، قصة نجاحه، ليثبت أن الطموح لا تحده إعاقة وأن الاعاقة لا تعيق الانطلاقة، كما وصفه بها خبير التنمية البشرية البروفيسور طارق الحبيب.
لم يعش العميري، الذي ولد مبصراً، طفولته مثل سائر أقرانه، حيث فقد بصره وهو في سن الرابعة عشرة من عمره إثر إصابته بمرض الاستسقاء الدماغي، مما أدى إلى توقف حياته نهائيا نحو أربع أعوام، لكنّ الله عوضه بنور البصيرة حتى استطاع أن يهدم أسوار العزلة والغربة بسلاح الإرادة والصبر، ليعلن التحدي في مواجهة ذاته والمجتمع، وليخرج من آلامه وهمومه نحو آماله وطموحاته.

ولم تقف حياته عند عجزه، بل بدأ مشوار البحث عن طرق إنارة الظلام باستخدام حاسة السمع، حتى وجد سعادته في متابعة محاضرات التنمية البشرية، التي غيرت مجرى حياته رأساً على عقب، وفتحت له أبواب الأمل، وكسرت الحواجز النفسية والاجتماعية، وساعدته على الاندماج في المجتمع حتى تتلمذ على أيديهم وانضم إلى قائمتهم.
ولم تقف الإعاقة حائلاً أمام العميري، بل كانت دافعاً وحافزاً قوياً لمواصلة مسيرته التعليمية وتحقيق طموحاته، فبعد مرور عامه الرابع على الإعاقة، بدأت مهمة البحث عن مدارس تستقبله حتى التحق بالتعليم المنزلي (المسائي) في البداية، ولكنه لم يتكيف معه؛ نظرا لظروف إعاقته، فاتجه نحو التسجيل في مدرسة الرجاء – بنين للمكفوفين في العام الأول الذي افتتح فيه التعليم الثانوي بالفترة المسائية حتى حصل على الثانوية العامة والتحق بجامعة الكويت – كلية الآداب قسم الإعلام – شعبة صحافة وتخصص مساند علم النفس.

استخدام الحاسوب
وأشار إلى انضمامه إلى عضوية جمعية المكفوفين قبل التحاقه بالجامعة، حيث تعلم كيفية استخدام برنامج الحاسب الآلي الناطق الذي ساعده على ممارسة حياته بشكل طبيعي والتواصل مع المجتمع بمختلف فئاته، كما انضم الى اللجنة الاجتماعية في الجمعية حتى أصبح نائباً للرئيس.
وعن بداية دخوله وعمله في مجال التنمية البشرية، قال: «بعد الجامعة اتجهت نحو حضور محاضرات التنمية البشرية التي يلقيها د. طارق السويدان وإبراهيم الفقي وحصلت على أكثر من ٥٠ شهادة معتمدة، اضافة إلى الالتحاق بالعديد من الدورات التدريبية التي نجحت في اجتيازها حتى بدأت الانطلاقة منذ ثلاثة أعوام».
ولم يخل النجاح الذي وصل إليه العميري اليوم من التحديات والعقبات، حيث واجه صعوبة في استيعاب المادة التدريبية في بعض الأحيان، والتي تحتاج إلى تصور وخيال واسع ومهارة خاصة من قبل بعض المدربين في كيفية توصيل المعلومة بالنسبة إليه نظراً لظروف إعاقته البصرية، إضافة إلى مشكلة صعوبة توافر المادة العلمية الخاصة بالدورة بطريقة برايل أو بلغة ناطقة بما يتناسب مع ظروف إعاقته، فالمتوافر منها لا يخدم سوى المبصرين، وفق قوله، لافتا إلى أن بعض المدربين سمحوا له بتسجيل دورته التدريبية صوتياً.

صعوبات .. ولكن
وزاد بالقول: هناك تحد آخر واجهني بعد دخولي المجال عملياً، وهو صعوبة التعامل مع العملاء المبصرين في معهد هاجر للاستشارات والتدريب الذي أعمل به، حيث كنت وما زلت أبذل مجهوداً استثنائياً في توصيل المعلومة أو معرفة تعابير وجه العميل نظراً لاعتمادي على حاسة الصوت، ولكن نجحت في التغلب على هذا التحدي من خلال تكثيف التدريب الذاتي على تحليل الشخصية من خلال نبرة الصوت وتقوية الحاسة السادسة لدي، إضافة إلى الالتحاق بعدد من الدورات في مجال التخاطب، مشيراً إلى أن تردد بعض الزبائن المبصرين في التواصل معه عن طريق الجلسات من اهم الصعوبات التي واجهته أيضا.

إصرار وعزيمة
وبالإصرار والعزيمة نافس العميري نظراءه المبصرين في قراءة كتبهم المطبوعة من خلال طباعتها كملف وورد ثم الاستماع إليها بالاستعانة بجهاز «بوك سنس» الذي يقرأ الحروف المطبوعة بالصوت، بل أصبح يقتني ويجيد قراءة العديد من الكتب المشهورة في مجال التنمية البشرية مثل المبصرين.
«صوتي وابتسامتي مصدرا الراحة لزبائني»، هكذا كشف العميري عن سر انجذاب الجمهور إلى محاضراته واستشارته النفسية، مشيرا إلى أن أغلب زبائنه من المبصرين في الكويت والوطن العربي ولديه ما يزيد على ألف متابع ومتدرب في مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر وواتس أب).

غصة

حان الوقت لاستغلال التقنيات في خدمة ذوي الإعاقة، فالعين الراصدة لا تخطىء القصور الذي يعتري بعض جهات الدولة، لا سيما القطاع التعليمي والذي لا يوظف الطفرة الإلكترونية في تحديث المناهج وتطوير تعليم هذه الفئات التي تحتاج إلى المزيد من الخدمات لتسهيل أمور الحياة والنهوض بالجوانب التعلميية والتدريبية وغيرها. ومما لاشك فيه أن التطور التقني يخدم شرائح المكفوفين والصم والبكم بجانب ذوي الإعاقات الحركية.

استغلال التقنية في التواصل الاجتماعي

لفت عبد الوهاب العميري إلى أنه يتواصل مع متابعيه من المكفوفين عن طريق الصوت في القروبات وقوائم الرسائل الجماعية في «الواتس أب»، التي تحمل عناوين «خواطر تنموية» و«قوة المكفوفين»، مشيراً إلى أنه يقدم العديد من الباقات، منها المحاضرات التحفيزية في المدارس والجامعات والمناسبات الوطنية، واستشارات برنامج التوجيه الشخصي، وكذلك التعرف على نمط الشخصية وكيفية ادارته، اضافة إلى جلسات علاجية بتقنية العلاج بخط الزمن التي تهدف إلى استثمار المشاعر السلبية وتغييرها إلى حالة إيجابية.
وأضاف: «ويكمن السر في هذه التقنية في إمكانية العودة من خلال التخيل والاسترخاء إلى ماضي العميل، حيث توجد التجربة السلبية المصحوبة بالمشاعر ومعالجتها من ذلك المكان والعودة إلى الحاضر بمفهوم جديد».

احتضان المواهب

أشاد العميري باهتمام الدولة بالمتميزين واحتضانها للمبدعين والموهوبين من ذوي الاعاقة بمختلف فئاتهم، ودعمها لهم، مادياً ومعنوياً.
وطالب بتخصيص دورات تدريبية في المجالات المختلفة لذوي الاعاقة والعمل على وجود كوادر تدريبية متخصصة في كل مجال على حدة، وقادرة على التعامل مع هذه الفئة حسب ظروف كل منها، فضلاً عن إشراكهم في الدورات التدريبية الخارجية لتطوير قدراتهم الذاتية وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

نصائح ذهبية

استذكر العميري سلسلة من النصائح الذهبية التي وجهها إليه د. إبراهيم الفقي في احد لقاءاته به، حيث قال له: «تستطيع أن تصبح أفضل اذا تركت الماضي خلفك ونظرت إلى الأمام واستثمرت الوقت جيداً. وعليك بمخالطة العلماء (المدربين) ومزاحمتهم، وستراني بانتظارك في القمة».

 

 

المصدر : مى السكرى \ القبس

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4691 0