تشير أدلة أولية في أحد البحوث إلى أن لعبة فيديو جديدة تستهدف المشاكل المعرفية الكامنة تشكّل علاجاً فعّالاً للكآبة. يكشف تطبيق يرتكز إلى لعبة، قدرة الفرد العصبية على معالجة مصادر معلومات عدة، مركزاً بالتالي على سبب الكآبة لا أعراضها فحسب.
{اكتشفنا أن مَن يعانون معدلات متوسطة من الكآبة يحظون بتحسن أكبر مع تطبيقات ألعاب الفيديو لأنها تستهدف أو تعالج كل ما يرتبط بالكآبة}، تذكر الدكتورة باتريشا أريان، وهي باحثة من جامعة واشنطن متخصصة في علم النفس وعلوم السلوك.
طلبت دراسة جديدة من مسنين شخّص الأطباء إصابتهم بالكآبة في مرحلة متأخرة من حياتهم المشاركة في تجربة علاجية. وزعهم الباحثون عشوائياً على مجموعتين: استعملت الأولى تكنولوجيا علاجية تعتمد على هاتف ذكي أو جهاز لوحي، طورتها مختبرات Akili Interactive، وتُدعى مشروع: EVO. أما الثانية، فنالت علاجاً شخصياً يُدعى علاج حل المشاكل. يمكن تشغيل مشروع: EVO على هاتف ذكي أو جهاز لوحي، وهو مصمم لتحسين التركيز والانتباه انطلاقاً من مستوى عصبي أساسي.
أظهرت النتائج، التي نُشرت في مجلة {الكآبة والقلق}، أن المجموعة التي استخدمت مشروع: EVO حظيت بفوائد معرفية محددة (مثل الانتباه)، مقارنة بمجموعة العلاج السلوكي، فضلاً عن أنها تمتعت بتحسن مماثل في المزاج والوظائف المحددة ذاتياً.
تولى يواكين أ. أنغويرا، باحث في علوم الأعصاب والنفس من جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، الإشراف على الدراسة، التي تُعتبر أريان أحد باحثيها البارزين. علاوة على ذلك، لا يملك الباحثون أي مصلحة تجارية في الترويج للتكنولوجيا التي طورتها مختبرات Akili Interactive في بوسطن.
يذكر أنغويرا: {صحيح أن تكنولوجيا EVO لم تُصمَّم مباشرة لمعالجة أعراض الكآبة، إلا أننا نفترض أن لها تأثيرات إيجابية في هذه الأعراض بتحسينها المشاكل المعرفية من خلال العلاج المستهدف. وتبدو النتائج واعدة حتى الآن}.
من المعروف أن مَن يعانون الكآبة في مرحلة لاحقة من حياتهم (بعد الستين من العمر) يواجهون صعوبة في تركيز انتباههم على الأهداف الشخصية. ويفيد هؤلاء أنهم يعجزون عن التركيز بسبب كثرة مصادر القلق التي تشغلهم.
صُممت تكنولوجيا مختبرات Akili الجديدة هذه لمساعدة الناس على تحسين قدرتهم على تركيز انتباههم والحؤول دون تلهيهم بسهولة.
في التجربة الحالية، يوضح الباحثون أن معظم المشاركين لم يستخدم مسبقاً جهازاً لوحياً أو يشارك في لعبة فيديو، إلا أن التزامه كان أكثر من ممتاز.
طُلب من المشاركين اللعب بهذه اللعبة خمس مرات أسبوعياً مدة 20 دقيقة في كل مرة، إلا أن كثيرين منهم أمضوا فترة أطول في بها. كذلك حضر المشاركون في هذا القسم من الدراسة اجتماعات أسبوعية مع اختصاصي.
شكّلت الاجتماعات وسيلة ضبط لواقع أن المشاركين في مجموعة علاج حل المشاكل خضعوا شخصياً لجلسات علاج أسبوعية، علماً بأن تفاعلاً اجتماعياً من هذا النوع قد يكون له تأثير إيجابي في المزاج.
وزّعت دراسة أخرى، جاءت أيضاً ضمن إطار الجهود المشتركة بين جامعة واشنطن وجامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، أكثر من 600 شخص في مختلف أنحاء الولايات المتحدة (عانوا معدلات منخفضة إلى متوسطة من الكآبة) عشوائية على ثلاثة أنماط علاج. شملت العلاجات مشروع EVO من مختبرات Akili، iPST وهو تطبيق يتّبع تقنية علاج حل المشاكل، وعلاجاً وهمياً، تطبيقاً يُدعى Health Tips يقدّم اقتراحات صحية.
لاحظت أريان، الباحثة المشرفة على الدراسة التي نُشرت في مجلة Medical Internet Research، أن مَن عانوا معدلات منخفضة من الكآبة حظوا بتحسّن في المجموعات الثلاث، حتى تلك التي اتبعت العلاج الوهمي.
أما مَن عانوا معدلات كآبة أعلى، فحظوا بتحسن أكبر في أعراضهم عقب استعانتهم بمشروع: EVO أو iPST، مقارنة بالعلاج الوهمي.
تؤكد أريان أن أكبر جزء من بحوثها يهدف إلى تقديم علاج فاعل لمن يحتاجون إليه، وأن النتائج تقدّم فرصة كبيرة لمساعدة مَن لا يملكون الموارد الكافية لتسديد كلفة علاج حل المشاكل الفاعل.
لكنها تشدد على ضرورة استعمال التطبيقات تحت إشراف سريري لأن المرضى لم يتمتعوا بحافز كافٍ لاستخدامها من دون تفاعل بشري. ففي دراسة مجلةMedical Internet Research، لم ينزل %58 من المشاركين هذا التطبيق.
تستند تكنولوجيا مختبرات Akili إلى مقاربة خاصة في علم الأعصاب طُوِّرت لتستهدف أنظمة عصبية محددة من خلال آليات حسية ورقمية. تستهدف هذه التكنولوجيا قدرة الفرد العصبية الأساسية على معالجة مصادر معلومات عدة في آن.
تخضع تقنية مشروع: EVO لتجارب سريرية تستخدمها في علاج اضطرابات معرفية مثل داء الألزهايمر، وإصابات الدماغ، واضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه لدى الأولاد.
المصدر : جريدة الجريدة