0 تعليق
473 المشاهدات

مبصرون وكفيفات.. الحب يهزم الظلام



الزواج  وفارس الأحلام واحتضان الأبناء .. أحلام وردية تنتظر تحقيقها كل فتاة سواء كانت مبصرة أو ذات إعاقة بصرية، لكن حظوظ الفتاة المبصرة  في الارتباط بشريك حياتها أفضل من قرينتها  الكفيفة التي تقف إعاقتها حائلا أمام تحقيق حلمها وذلك لعدة أسباب: أبرزها الصورة النمطية التي لا تزال قائمة في المجتمعات العربية والخليجية تجاه الكفيفة، فالبعض يتصور أنها عاجزة عن القيام بمهام منزلها وتربية أبنائها ورعايتهم، فضلا عن تخوف الأهل من زواج ابنتهم الكفيفة،خصوصا من مبصر خوفا من عدم جديته في الزواج أو طمعه فيها واستغلال إعاقتها والتكسب من ورائها.
ما عادت الكفيفة هنادي العماني بحاجة الى ضياء العين، فزوجها عكازها في الحياة تهش به على متاعبها وعليه تتوكأ، وما بين هذا وذاك مشاعر تعجز الأبجديات عن وصفها.
العماني، التي وصفت رفيق دربها بعينها على الحياة، أقرت بأن فرص زواج الكفيفات قليلة جداً، معزية ذلك لعدم قناعة الرجل بقدرة المرأة الكفيفة على القيام بواجباتها ورفض بعض الأسر لتقبل فكرة الارتباط بكفيفة.

نظرة المجتمع
أما عبدالله الحسن، المبصر المتزوج من كفيفة وهو يعمل في وزارة التربية، فكان مؤكداً انه «تحدى نظرة المجتمع القاصرة والخجل الإجتماعي، وتعامل بإرادة مع إعاقة زوجته البصرية».
ولا تخلو الحياة من كدر يعكر صفوها، فقد أكد الحسن أن بعض الأشخاص، خصوصاً العنصر النسائي، كان يرقبه عندما كان يصطحب زوجته لأي مرفق في بداية الزواج، ولكنه لم يعر هذه النظرات أي اعتبار ولم يبال بها.
لكن أم عيسى، تلك الزوجة الكفيفة التي كشفت عن تخوفها في البداية من فكرة الارتباط بشخص سوي ومن الأعباء الجديدة التي تنتظرها بعد الزواج، خلصت بعد التجربة إلى القول «الحمد لله استطعت القيام بواجباتي كاملة».
وعلى مقربة من الكفيفات المتزوجات تحدث نظراؤهن غير المتزوجات مؤكدات ان«قطار الزواج لم يفتهن» وانهن«فقدن البصر لا البصيرة»، ومطالبات بتحرك حكومي جاد لإنصافهن.
عن هنادي وأم عيسى ومثيلاتهن من زوجات كفيفات فقدن البصر فأبدلهن الله بأزواج أشرقوا في حياتهن وأحالوهن إلى صبح منير، يحلو حديث الوفاء وتتجلى صور الإنسانية في أروع صورها، وفيما يلي المزيد لسطور من نور لقصص الحب والوفاء بين ذوات البصيرة والمبصرين ممن استطاعوا أن يتعايشوا مع إعاقة شركاء حياتهم وبخاصة اللاتي أنجبن منهن عدة بنون وبنات.  القبس التقت بعدد من النماذج الناجحة التي أثبتت أن الاعاقة البصرية ليست عائقا أمام الزواج والإنجاب، وأن الكفيفة قادرة على ممارسة حياتها بشكل طبيعي مثل قرينتها المبصرة.

 دورات تدريبية
اقترح عدد من المهتمين بمجال الاعاقة تنظيم دورات تدريبية للكفيفات المقبلات على الزواج لتأهيلهن حول كيفية التعامل مع ازواجهن ورعاية أبنائهن والقيام بالمهام المنزلية اليومية.

مساكن
طالب عدد من المتحدثات بتوفير مساكن للكفيفات المطلقات وغير المتزوجات في المناطق الداخلية لضمان الحياة الكريمة التي تتسم بالخصوصية والاستقلالية.

قوانين تحمي الحقوق
أشاد الحسن بدور الكويت المتميز في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة عبر اصدار القوانين والتشريعات التي تكفل وتحفظ حقوقهم، وتطويع كل السبل من أجل توفير الحياة الكريمة لهم ولمن يرعاهم.

سعد العنزي: زواج المصلحة مرفوض
قال مدير مركز إشراقة أمل للاستشارات المحامي د.سعد العنزي: «إن الشرع لم يمنع زواج الاعاقة البصرية، فهي ليست اعاقة تفقد الأهلية، لكن يشترط أن يكون أحد طرفي العقد مبصراً والآخر كفيفاً، وذلك من أجل خدمة الطرف الآخر، وتجنب العواقب التى قد تنجم من هذا الارتباط مثل عدم المعاشرة بالمعروف وعدم الاستقرار والسكن والطمأنينة».
وأضاف: ان الزواج قسمة ونصيب وارادة خاصة ورضا وقبول بين الطرفين، ناصحا بعدم تدخل الأهل في الاختيارات المصيرية،خصوصاً في مسألة الزواج، وعليهم مساعدة ابنهم في اختيار شريكة حياته التي يراها مناسبة له.
ورداً على ما يثار من ان زواج المبصر من كفيفة وراءه مصلحة، قال العنزي: قد يستغل بعض الرجال زواجه من كفيفة لغاية مادية أو مصلحة ما، واذا تم التحقق من الامر واتضح أن الزوج فعلا يستغل زوجته المكفوفة مالياً أو لأي غرض آخر يؤثر على المعاق بصرياً من الناحية المالية او النفسية، فيجوز لأهل المعاق أو لأي شخص ما ثبت لديه ذلك، إقامة دعوى قضائية ضد استغلال هذا الزوج.

منى عبدالله: فرص ضئيلة
اعتبرت منى عبدالله -وهي كفيفة وغير متزوجة-أن الفرص المتاحة أمام زواج الكفيفات ضئيلة جداً مقارنة بالمكفوفين وإن وجدت فإن النصيب يكون من خارج البلاد، مشيرة إلى غالبية زواج الكفيفات من مبصرين هدفه إما المصلحة والتكسب من وراء إعاقتهن أو كسب الثواب والأجر.
وأشارت إلى عدم الاهتمام بحقوق الكفيفة المتزوجة من غير كويتي ولا سيما من قبل الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة، مطالبة بتحرك حكومي ينصف الكفيفات وتغيير نظرة المجتمع الدونية التي لا تفارق أفعالهم وتحركاتهم وتقتل آمالهم ومشاعرهم.
وفضلت عبدالله الارتباط بزوج كفيف تحقيقا لمبدأ التكافؤ، حيث يتلمس الكفيف معاناتها وظروفها الصحية من دون تمييز أو ملل أو كلل، مشيرة إلى أن إعاقتها البصرية حصرت فرصها في الزواج، حيث ان غالبية المتقدمين لها ليسوا من أبناء الوطن بل من المقيمين.

زوجان تغلَّبا على الظروف
الحسن: وجدت معها سكني واستقراري

«تزوجت ممن اقتنعت بها.. ووجدت سكني واستقراري النفسي مع زوجتي الكفيفة».. هذا ما عبّر عنه عبدالله الحسن، وهو مبصر ومتزوج من كفيفة، ويعمل بوزارة التربية، ليجسّد نموذجا ناجحا في تعايشه مع إعاقة زوجته البصرية متحديا نظرة المجتمع القاصرة والخجل الاجتماعي.
واسترجع الحسن ذكريات ارتباطه بشريكة حياته، حيث التقاها في جمعية المكفوفين، عندما كان كثير التردد عليها؛ بحكم أن والدته كانت عضوة بالجمعية، وكذلك زوج خالته، مضيفا «وبدأت مشاعر الحب والقبول، ومن ثم توّجت القصة بزواج ناجح ومستقر، دام لمدة 15 عاما، وأثمر إنجاب أربعة أبناء».
وعن رد فعل الأهل والمجتمع من فكرة ارتباطه بكفيفة، قال الحسن: في البداية واجهت معارضة كبيرة من قبل الأهل والأصدقاء، فور علمهم بخبر الارتباط، ولكن اجتهدت في إقناعهم بوجهة نظري القائمة على أهمية الاستقرار النفسي والسكون الذي أبحث عنه والارتباط بزوجة صبورة وهادئة، وبالفعل تم إتمام الزواج، ولم أشعر يوما بأن إعاقتها حاجز عن القيام بمسؤولياتها كزوجة وأم، سواء من تربية الأبناء ورعايتهم أو أداء واجباتها.
وتابع بالقول: «وأما عن أهلها فحالهم حال أي أسرة في حال تقدم شاب للارتباط بابنتهم، حيث طلبوا مهله للسؤال عني، وبعدها بفترة أبدوا موافقتهم على ارتباطي بابنتهم، فتم تحديد موعد الزيارة بين الأسرتين وفق العادات المعمول بها في أي زواج تقليدي، ثم حدث الزواج على سنة الله ورسوله، وعشنا حياتنا طبيعية»، مصيفا: «أثناء الخطوبة حدثني جدها، وقال لي إن ابنتنا كفيفة البصر، حتى أكون على دراية باعاقتها، فقلت له إنه أهم شيء الاخلاق والنسب الطيب، وان الاعاقة لا تعيبها».
وعن ردود فعل المجتمع ومدى تقبلهم هذا النوع من الارتباط، قال الحسن: لا أخفي على أحد أن بعض نظرات الدهشة والاستغراب من بعض الأشخاص خصوصا العنصر النسائي كانت تحيطني عندما كنت اصطحب زوجتي الى أي مرفق في بداية الزواج، ولكن لم أعِرها أي اهتمام ولم أبالِ بها، مردفا بالقول: «وبعد فترة من الزواج رزقت بابنتي فاطمة، ومع قدومها وفقت في شراء منزل للسكن، حيث انتقلت والدتي ـــ رحمها الله تعالى ـــ للسكن معي في المنزل، وكنت في غاية السعادة انا وزوجتي بتواجد والدتي معنا، إلى أن توفاها الله عز وجل، وبعدها رزقت بابنتي صفية، ثم عيسى، وختامها محمد، آخر العنقود».
واسترسل بالقول: عشت مع زوجتي حياة طبيعية هادئة كأي أسرة، ولم تسر الحياة على وتيرة واحدة، ولَم تخل من الأيام الحلوة والمرة، والأهم من ذلك البساطة والرضا والقناعة التي تميز حياتنا.
وعن مراسم الزفاف، ذكر الحسن أنه اتخذ قراراً بعدم عمل عرس، مكتفيا بحفلة عائلية، بحضور أفراد الأسرتين، مشيرا إلى تعاونه مع زوجته في تربية الابناء وتنشئتهم الاجتماعية، وان كان لها الدور الاكبر كأي أم طبيعية، يقع على عاتقها جزء كبير من المسؤولية في التربية.
«على الحلوة والمرة عشنا معا أجمل اللحظات».. هكذا استرجعت الزوجة الكفيفة أم عيسى شريط الذكريات، لتكشف عن تخوّفها في البداية من فكرة الارتباط بشخص سوي ومن الاعباء الجديدة التي تنتظرها بعد الانتقال إلى عش الزوجية، مضيفة: «ولكن، ولله الحمد استطعت القيام بواجباتي كاملة مع بيتي وأولادي، بمعاونة زوجي أبو عيسى الذي كان متفهما لأبعد الحدود لإعاقتي البصرية».
وأردفت بالقول: «واستطعنا أن نسير في درب الحياة وأن نبني عش الزوجية على أسس صلبة، ولعل العامل الرئيسي الذي ساعدنا على ذلك هو القناعة والرضا بالنصيب، وبما قسمه الله تعالى لنا، وهذا توفيق من الله سبحانه قبل كل شيء».

هنادي العماني: زوجي عيني على الحياة

«زوجي عيني على الحياة»، هكذا لخصت المحامية هنادي العماني وهي كفيفة، قصة زواجها التي دامت ثلاث سنوات من زوجها المبصر والذي التقته في احدى الأنشطة والفعاليات التي كانت تشارك فيها، مؤكدة أن فقدان البصر ليس مقياسا لنجاح الحياة الزوجية أو فشلها، فهناك نماذج زواج ناجحة للعديد من الكفيفات ممن تخطين الحواجز واثبتن أنفسهن واخرى فاشلة للمبصرات. وأشارت العماني إلى أن الاعاقة ليست عائقا أمام زواج ذوات الاعاقة بشكل عام والكفيفات على وجه الخصوص، فبالرغم من إعاقتي البصرية فإنني قادرة على ادارة أمور منزلي بنفسي مثل الزوجة السوية من حيث الطبخ والتنظيف والكي، مبينة أن أغلب المبصرات يعتمدن على العمالة المنزلية في القيام بالمهام اليومية، كما أن هناك اجهزة الكترونية تساعد الزوجة المبصرة والكفيفة على إنجاز متطلبات المنزل على أكمل وجه.
واعتبرت أن اقتناع الرجل بالمرأة التي اختارها يسهم في تعزيز إرادتها ومساعدتها على التعايش مع البيئة والمجتمع المحيط بها، كما أن المرأة المبصرة أو الكفيفة قادرة على فرض ذاتها على أهل الزوج اذا سمح لها زوجها بذلك.

نوال رجب: لم أشعر بأن القطار فاتني

فقدت بصري ولم أفقد بصيرتي.. ورغم فقدانها إعاقتها البصرية فجأة من دون أي مقدمات بين ليلة وضحاها، فإنها لم تسأم من الحياة ولم تصب بخيبة أمل من جراء الهموم التي تكالبت عليها، ورغم تأخرها في الزواج فإنها لم تشعر يوما ما بأن قطار الزواج فاتها، بل هي مستمتعة بحياتها ولوحاتها الفنية التي تبصر بها على الحياة، هكذا استعرضت الفنانة التشكيلية نوال رجب وهي أول كويتية كفيفة تعمل بوزارة الدفاع، تجربتها الشخصية.
ولفتت إلى صعوبة زواج الكفيفة من الكفيف نظرا لضغوطات الحياة وأعبائها بخلاف زواجها من المبصر الذي يمكن أن يكون رفيق دربها ويعينها على تلبية متطلبات الحياة، مشيرة إلى أن قصور نظرة المجتمع بسبب عجز الكفيفة على تكوين الاسرة وتربية الأبناء، فضلا عن تخوف الأهل، خصوصا أهل الكفيفة من عدم جدية الراغب في الزواج من ابنتهم من أبرز التحديات التي تواجه الكفيفة.

 

 

المصدر : مى السكرى \ القبس

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4691 0