على هامش الملتقى الدولي حول «التعليم عن بعد بين النظرية والتطبيق»، الذي انتظم أيام 15و16و17 نوفمبر 2016، بجامعة مولود معمري «تيزي- وزو» كلية الآداب واللغات- قسم اللغة العربية، مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر، قدمت الباحثتان الجزائريتان الأستاذة عائشة قاسمي الحسني، عضو سابق في اللجنة الوطنية الجزائرية للتربية والثقافة والعلوم «يونسكو» قطاع التربية، والأستاذة أشواق قاسمي الحسني، أمين عام بالمعهد الوطني للصحة العمومية، «مشـروع: إنـشاء مركز تواصل بين ذوي الاحتياجات الخاصة ومؤسسات التعليم عن بعد والتعليم المفتوح» تحت إشرافنا.
اتبعت الباحثتان منهجية البحث العلمي في هذه الدراسة التي تكونت من ثلاثة مباحث، لكل مبحث ثلاثة فصول، خصص المبحث الأول للمشرف على هذه الدراسة، أما المبحث الثاني فقد خصص للباحثة التربوية الأستاذة عائشة، والمبحث الثالث تم تخصيصه للباحثة الإدارية الاجتماعية الأستاذة أشواق. الجديد في هذه الدراسة أنهما سلطا الضوء على شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة، وعلى وجه الخصوص تلك الفئة التي تعرضت لظروف قهرية حالت بينها وبين تحصيلها العلمي والمعرفي في المؤسسات التعليمية، وهو حق مكتسب شرعا وقانونا. تقول الباحثة عائشة: «لقد كثرت في حاضرنا مؤسسات التعليم عن بعد المتطورة- أصلا – عن التعليم بالمراسلة، وأثبتت الدراسات نجاعته، وغدا تعليما ناجحا يعوّل عليه في إدارة مؤسسات الدولة، وبما أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم جزء لا يتجزأ من المجتمع، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، أصبح لزاما علينا إدماجهم في جميع مؤسسات الدولة كلٌ على حسب قدراته الذهنية والبدنية. ولكن هناك حالات مستعصية جدا، من الصعوبة بمكان أن تخرج للمجتمع وتنصهر في بوتقته، حتى وإن كانت المؤسسات التعليمية قريبة منها جدا، خلاف الناس العاديين الذين يلجأون للتعليم عن بعد بسبب صعوبة الوصل إلى المؤسسات العلمية، فالبعد الذي نعنيه هو البعد النفسي والمجتمعي. هذه الحالات يمكن أن نصنفها بالإعاقة الجسدية والإعاقة الذهنية». أبدت الباحثة عائشة وجهة نظرها حول الإعاقة بقسميها قائلة: «دعوني أشرح لكم وجهة نظري حول الإعاقة، كلنا يعرف بأن هناك إعاقة ذهنية وإعاقة جسدية أو كما يسميها بعض الباحثين بالإعاقة الجسمية، وكل إعاقة سواء أكانت ذهنية أم جسدية تنقسم إلى قسمين، هناك إعاقة ذهنية تولد مع الفرد، وهناك إعاقة ذهنية يتعرض لها الفرد بعد الولادة، نتيجة سوء عناية أو إهمال لمرض ما أو حمى إلخ، كذلك الإعاقة الجسدية هناك إعاقة جسدية تولد مع الشخص، وهناك إعاقة جسدية يتعرض لها الشخص بعد الولادة نتيجة الحوادث بأنواعها، وهذا المركز معني بالإعاقة بقسميها التي تحول بين المعاق وإدماجه في المجتمع، فإذا كانت هناك نسبة واحد بالمئة من إمكانية إدماج المعاق بالمجتمع، فالمسؤول عنه المراكز والمعاهد الموجودة وبكثرة في البلد، والتي تولي رعاية خاصة وفائقة للمعاقين. وقد ذكرت الباحثتان الجزائريتان غاية المركز وأهدافه، وخصائصه ومميزاته، ودوره، وأهمية إنشائه، كالآتي: غايات وأهداف المركز إن الغاية من إنشاء هذا المركز هي: رصد الحالات المرضية صعبة الحركة في جميع الولايات والمستشفيات والسجون، ثم فرزها وتصنيفها على هيئة عينات فردية، وإعداد ملفات شخصية لكل عينة على حدة؛ لسهولة التواصل معها ومتابعتها – ولاسيما – الحالات الحرجة، فعلى المركز أن يعد فريق عمل ميداني متخصص للمقابلات الشخصية من مهامه تحليل الاحتياجات وتقديرها، وإعداد دراسة حالة لكل فرد من هذه العينة اجتماعيا وأسريا وصحيا، كما أن الغاية من هذا المركز هي إنشاء قنوات إرسال واستقبال نشطة للتعامل النفسي مع العينات واحتوائها والتقرب منها نصحا وإرشادا ودعما. أما الأهداف؛ فيهدف هذا الجهاز إلى التواصل المباشر مع ذوي الاحتياجات الخاصة «صعبة الحركة- الحالات الحرجة» ليقدم لهم عملية تعليمية تربوية ملائمة لطبيعتهم الجسدية والعقلية؛ معمقا بذلك قدراتهم ومهاراتهم وتحسينها ما أمكن، وفي الوقت ذاته يشجع ذوي الاحتياجات الخاصة على التغلب على إعاقاتهم بعد أن يساعدهم على إزالة المعوقات النفسية للخروج من البيت والاندماج مع المجتمع، كما يقدم هذا الجهاز الحلول اللازمة معيدا بذلك الأمل لذوي المعاقين في تعلم أبنائهم وانصهارهم في المجتمع، ومن جانب آخر فإن من أهداف هذا الجهاز تعزيز التعاون بين المؤسسات المعنية بالتعليم عن بعد والمتخصصة وبين الوحدات التربوية لذوي الاحتياجات الخاصة وبين المراكز الصحية، فهي شبكة متحدة ومتعاونة ومكملة لبعضها يحرص هذا الجهاز على التواصل معها. خصائص ومميزات المركز يمتاز هذا المركز بالمرونة في التعامل، ولديه قدرة فائقة على التأثير والتأثر، ولديه قدرة أيضا على تخطي الحواجز وتذليل العقبات ويقوم بتعبيد الطريق بين ذوي الاحتياجات الخاصة وبين مؤسسات التعليم عن بعد، كما أن من مميزاته اختصار الطريق وسرعة الإنجاز ويكون بذلك قد وفر الوقت وقلل من الجهد. ولعل من خصائص هذا المركز أنه يراعي حالات الدارسين الصحية، ويقف على ظروفهم الاجتماعية، ويهتم بمراحلهم العمرية، ولديه أسلوب خاص في التعليم يختلف تماما عن أسلوب التعليم التقليدي، ومن خصائصه أيضا احتواء الدارسين والاهتمام بما يطرحونه أو يبتكرونه ويقوم بتفعيل أفكارهم حتى وإن كانت بسيطة، كما أن لديه القدرة على التفاعل مع مشكلات الدارسين من ذوي الاحتياجات الخاصة مراعيا بذلك الفروق الفردية لدى المعاقين. دور المركز للمركز دور هام ومهم في عملية الإرشاد والتوجيه، وبناء علاقات فردية وثنائية وجماعية، وربط المعاق دراسيا واجتماعيا بمؤسسات التعليم عن بعد، وللمركز دور إشرافي أيضا؛ فهو يشرف على سير العملية التعليمية التي تتم عن بعد بين المؤسسة والمعاق، ويشرف على طريقة تلقين المواد التعليمية للمعاق، ويشرف على ساعات عمل المعلم والتزامه بالمواعيد والمواقيت المحددة بدقة للمعاق، ويشرف على مناهج التعليم التي تدرس للمعاق، والتعاون يدخل ضمن دور المركز. أهمية إنشاء المركز تكمن أهمية المركز باهتمامه بفئة مستضعفة ومساندتها على الاندماج في المجتمع من خلال توفير سبل التعليم بشتى الطرق العلمية المدروسة، ومن جانب آخر فإن للمركز أهمية في إعداد الكوادر المهنية والحرص على تدريبهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وانخراطهم بسوق العمل من تفعيل التنمية البشرية.
د. فهد سالم الراشد
* كاتب وباحث لغوي كويتي fahd61rashed@hotmail.com |