يحمل اضطراب طيف التوحد عدداً من الأعراض تتراوح بين الشديدة والخفيفة، لذلك لا نجد اثنين من الأطفال المصابين به لديهم الأعراض نفسها تماماً. وإذا تشابهت الأعراض فإنها تختلف في شدتها. في ما يلي إضاءة على هذا الاضطراب مع الدكتور محمد السوالمة.
ما هو اضطراب طيف التوحد؟
اضطراب طيف التوحد (ASD) مجموعة من اضطرابات النمو العصبي المعقدة، تؤثر في الإدراك والمعرفة والجانب الحسي الحركي، بالإضافة إلى وظائف السلوك الاجتماعي. يصيب الطفل بدرجات مختلفة الشدة، مسبباً له صعوبات في التفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين بالكلام أو بالإيماءات وسلوكيات مقيدة، متكررة ونمطية.
والسمة المميزة للمصاب بطيف التوحد عدم قدرته على الاستجابة والتواصل مع الناس، فلا يلّوح بيديه مودعاً، ولا يؤشر للالتقاط، ولا يقلد أياً من حركاتك أو تعبيرات الوجه، ولن يطلب منك المساعدة بشأن أي أمر، كذلك لا ينظر في العينين مباشرة ولا يبادلك الابتسام، ولا يلتفت إذا ناديت باسمه، ولا يستجيب لأي أصوات مألوفة. وكلما تقدم الطفل في العمر فإن أعراض التوحد لديه تتنوع وتختلف، ولكنها في الأساس تدور كلها حول فشل المهارات الاجتماعية ومهارات الكلام وعدم القدرة على اللعب والتواصل، فضلاً عن أنه يواجه صعوبة في التعبير عن المشاعر أو فهمها، وتكرار الكلمات والجمل.
كذلك يواجه الطفل المصاب صعوبة في التعبير عن رغباته، والانخراط في الحركات المتكررة، والسلوك الذاتي المسيء مثل العض وضرب الرأس والصفع، بالإضافة إلى عدم اللعب بشكل تفاعلي مع الأطفال.
متى يمكن اكتشاف اضطراب التوحد لدى الأطفال؟
يمكن معرفة ذلك قبل سن الثالثة، إلا في حالات قليلة لا يلاحظ فيها الأهل أو الطبيب الأعراض إلا بعد دخول الطفل إلى المدرسة. ويتخذ هذا الاضطراب أربعة أشكال: اضطراب التوحد، ومتلازمة أسبرجر، واضطراب الطفولة التفككي (التحللي)، واضطراب النمو المتفشي غير المصنف، وهو قد يحدث في الفئات العرقية الاقتصادية والاجتماعية كافة.
تبيّن التقارير الأخيرة أن نسبة انتشاره وصلت إلى 1 من أصل 67 طفلاً في سن الثماني سنوات، بزيادة 30 مرة عن إحصاءات 2012 التي وصلت نسبة الانتشار فيها إلى 1 من أصل 88 طفلاً، حسب مركز السيطرة على الأمراض والوقاية. يُشار إلى أن الذكور أكثر عرضة للإصابة من الإناث بأربع إلى خمس مرات.
ليس مرضاً
هل يعني هذا أنه اضطراب وليس مرضاً؟
المرض حالة خاصة غير طبيعية، يصيب جزءاً من الجسم أو كله، ويترافق مع أعراض وعلامات محددة. أما الاضطراب فهو اختلاف غير طبيعي أو خلل وظيفي. ثمة اضطرابات نفسية، واضطرابات جسدية، واضطرابات وراثية، واضطرابات عاطفية وسلوكية، واضطرابات أيضية وظيفية. يبقى مصطلح الاضطراب أخف وطأة من المرض، من ثم يشكّل أحد المصطلحات المفضلة في بعض الظروف، ويستخدم كوسيلة للتعبير عن التفاعل المعقد بين العوامل البيولوجية والاجتماعية والنفسية في ظروف نفسية. كذلك يستخدم في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM).
ما معنى طيف التوحد؟
استخدمت كلمة «الطيف» للمرة الأولى في علم البصريات لوصف قوس قزح وتحديد شدة كل لون بأرقام دقيقة، ثم استخدمت طبياً للتعبير عن مجموعة واسعة من الأعراض أو السلوكيات على طرفي نقيض، يتم تجميعها معاً وتدرس تحت عنوان واحد تيسيراً للمناقشة. على سبيل المثال: الذكاء في اضطراب طيف التوحد، يتراوح من ذكاء عال يصل إلى حد العبقرية، أو نقيضه تماماً.
علامات وتشخيص
هل ثمة علامات لاكتشافه؟
نعم. الأهل هم أول من يمكنهم اكتشاف التوحد لدى أطفالهم، لا سيما الأم التي تشعر بأي أمر غير طبيعي لدى طفلها، خصوصاً إذا كان الثاني أو الثالث، فهي تعرف تماماً أن ابنها مختلف.
ما هي أولى مراحل التشخيص والعلاج؟
لا يوجد أي اختبار طبي لتشخيص اضطراب التوحد، لذلك فإن التشخيص يعتبر إحدى العمليات المعقدة كونه قائماً على الملاحظة المباشرة لتطوّر الطفل ولسلوكياته، مع تقييم قدراته اللغوية ومراقبة مراحل نموه وتفاعله الاجتماعي.
يراعي الطاقم الطبي أموراً عدة من بينها الاهتمام بشكوى الأهل، فهي مفتاح التشخيص. كذلك متابعة التطورات السريرية كالحمل والولادة والنمو والتطور والسوابق المرضية والتاريخ العائلي، فضلاً عن ملاحظة الطفل وتقييمه في مختلف الأوضاع ولفترات كافية بعيداً عن التوتر. كذلك تحضر في هذا المجال أهمية الفحص السريري، فثمة كثير من الأمراض تتشابه مع أعراض التوحد، يليه تطبيق المقاييس المسحية والتشخيصية المحددة بالاعتماد على عمر الطفل وتطوّر النطق لديه، والملاحظة المباشرة للطفل.
هل يؤثر اضطراب التوحد في مسيرة الحياة الزوجية؟
مما لا شك فيه أن الأسرة تتأثر في حال وجود طفل أو طفلة معاقة بغض النظر عن نوعية الإعاقة. تنشأ الخلافات أحياناً بين الزوجين وتتفاوت حدتها من بلد إلى آخر، ويبقى الواقع المرير والصعب وجود طفل لديه اضطراب التوحد.
وتكمن الصعوبة الأساسية في عملية تحمل الأسرة وتأقلمها مع حالة طفلها التي تم تشخيصها بالتوحد، تليها عملية تدخل الأطباء والاختصاصيين والمعالجين والمعلمين أو المعلمات في حياة الأسرة بشكل مستمر ومتواصل.
ما هي العلامات التي تظهر على الأم؟
يظهر عدد من العلامات البارزة على الأم عند معرفتها بأن ثمة خطأ ما قد حدث وأثر في حياة هذا الطفل، ومن العلامات البارزة تأثر الأم بقوة عند بداية التشخيص.. فغريزة الأمومة تسبب الشعور بالاستياء تجاه الأطباء الخبراء بسبب طول عملية التشخيص. وبالتأكيد ستشعر الأم أحياناً بالحزن والإحباط… لكن يجب أن تتعلم القبول فأفضل ما تتحلى به الأمهات هو الحب.
«لا تسمح للتوحد بأن يكون حياتك كلها». ثمة ضغوط كافية في مسيرة الزواج، خصوصاً في ظل وجود طفل مصاب بالتوحد… ونتائج الضغط المتوقعة على الزوجين هي: سرعة الغضب، وضعف التواصل مما يسمح للحياة بالتدهور والانحراف عن مسارها. أسوأ ما يمكن تخيله ألا يكون الزوجان عوناً لبعضهما بعضاً فيفترقان أو أو ربما يت
المصدر : جريدة الجريدة