السمع، هو واحد من العوامل الأساسية للتواصل بين البشر.. ملايين الأمريكيين يعانون من ضعف السمع، ومع هذا فهناك فقط بعض الاستراتيجيات وضعت للتقليل من هذا القصور، وعلى سبيل المثال: إن بعض الناس الذين يعانون من قصور بالسمع متوسط، يمكنهم التغلب على مشكلتهم باستعمال سماعات الأذن المضخمة للصوت، بينما يستطيع الآخرون ممن لا تفيد معهم السماعات التغلب على مشكلة عدم التواصل باستعمال لغة الإشارة.
في ظل هذا الوضع هناك بارقة أمل فالأبحاث العلمية الآن واعدة وتنبي عن حلول وراثية لحالات الصمم، وهذه الحلول سوف تفتح آفاقاً كبيرة في الخيارات المتاحة لعلاج الصمم، وبالفعل فقد توصلت التحاليل إلى اكتشاف عدد كبير من الجينات (المورثات) التي تعتبر من مسببات فقدان السمع عند الإنسان.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل للصمت نهاية؟
الكثير من الناس قضوا حياتهم من غير أن يتحسسوا الهمسات والأصوات الناعمة أو المحادثات الهاتفية أو سماع المذياع.. ذلك أن حاسة السمع لديهم تالفة تماماً.
وفي الحقيقة فإن حوالي 30 مليون أمريكي يعانون من نقص متوسط إلى شديد في السمع، وأحياناً يكون نقص السمع ناجماً عن عوامل خارجية مثل التأثير السام للأدوية، الالتهابات، الضجيج والصخب الشديد الناجم عن أصوات المحركات والطائرات.
ولكن الباحثين توصلوا إلى أن حدوث اضطراب جيني في المورثات يعتبر أحد الأسباب الشائعة والمهمة لنقص السمع، وهذه المورثات تنتقل إلينا من آبائنا، وهي تحمل دلالات وصفات مهمة.
وتشير المعلومات أن إنتاج البروتين هو المسؤول عن تطوَا والقيام بمختلف الوسائل الفيزيولوجية، وحديثاً تمكن العلماء من التعرف على الجينات (المورثات) والتي تؤثر على نقص السمع والمسببة للصمم، وتم الكشف عن أسرار جديدة للمورثات من خلال فهم الجزيء المسؤول عن القيام بالوظائف / أو الإساءة لوظائف الجهاز السمعي، وكذلك الطرق الحيوية للحفاظ على السمع من الفقدان.
منذ سنوات مضت كان فحص شجرة العائلة هو المفتاح الأول لمعرفة تركيبة الجينات في حالات الصمم، وتوجد وثائق من القرن السادس عشر لأبحاث قديمة تفيد أن عائلة ارستقراطية توارثت الصمم على مدى ثلاثة أجيال متتالية.
في الوقت الحالي لم يعد الاستقراء الوسيلة الوحيدة لمعرفة الخلل الوراثي فالتكنولوجيا المتقدمة في عصرنا الحالي مكنت الباحثين من البدء بالفحص العميق لمظهر هذه الجينات المسؤولة عن الصمم في عائلة من العائلات، وفي السنوات الأخيرة تمكنوا من التعرف على أكثر من 21 من الجينات خضعت لطفرات وكانت سبباً أكيداً لفقدان السمع الذي لا يرتبط بمتلازمة مرضية حيث أن المريض لا يعاني من أية أعراض مرضية أخرى، وعلى سبيل المثال أدى التحليل الوراثي الذي أجري في كوستاريكا سنة 1997 لعائلة كبيرة أفرادها فاقدو السمع.. أدى إلى اكتشاف أول جينات مسببة للصمم عند البشر وهو من النوع الذي يحدث في مراحل الحياة المتأخرة وقد اكتشف حتى الآن في عائلة واحدة.
وهناك اكتشاف جيني آخر عرف لدى كثير من العوائل المختلفة التي لا تربطهم علاقات قربى، وهذا المورث يسبب الصمم في مراحل الطفولة المبكرة.
وقد تعرف الباحثون على الجينات التي تسبب الصمم، وبعد ذلك اكتشفوا أيضاً بعض المسببات لنقصان السمع عند الإنسان والتي تتوضع في بعض هذه الجينات، وعليه يحاول الباحثون العمل على تطوير آلية لعمل تغيير صحي لهذه الجينات المصابة فلا تصاب المواليد الحاملة لهذه المورثة بالصمم بعد الولادة.
ولا يزال الباحثون يأملون في التعرف على أساليب علاجية جديدة لإجراء التحول النوعي المطلوب في الجينات المسببة لنقصان السمع، حيث تشير الدراسات إلى أن هناك جينات تسيء القيام بوظائفها فتؤدي إلى خلل في عمل الخلايا السمعية ـ الحسية وهي الجزء المهم في النظام السمعي، فالأمواج الصوتية تصب في قناة الأذن الخارجية وتهز طبلة الأذن التي تتسبب باهتزاز منسق للعظيمات الصغيرة الثلاثة في الأذن الوسطى، وينتقل الاهتزاز ضمن السائل الذي يمتلىء به الجسم الحلزوني والحافظة التي تحتوي الخلايا الشعرية وهي نتوء رفيع في الخلايا يسمى ستيروسيليا التي تتحرك بدورها استجابة للاهتزازات وتحرك السائل فيتحول إلى إشارات كهربائية ترسل من خلال العصب السمعي للمخ حيث تترجم هناك إلى أصوات وكلمات ذات معان. وهذا يعني أن أي طفرة تصيب الجينات تعيق وظائف السمع فتمنع وصول معلومات الصوت إلى المخ.
… ولا يزال الباحثون يأملون بالكشف عن المزيد من أسرار الجينات مما سيفتح الباب أمام خيارات علاجية أكبر للأشخاص الذين يعانون من نقص السمع.