الكاتب : غسان شحرور
يعتمد (الاتحاد العالمي للصًم)، منذ سنوات طويلة، الأسبوع الأخير من شهر أيلول / سبتمبر أسبوعاً عالمياً للصم(*)، تتصاعد فيه حملات التوعية لتعزيز ومساندة الأشخاص الصم في كل أنحاء العالم، ومن جهة أخرى، تكثف منظمة (ألزهايمر) العالمية فعالياتها في هذا الشهر أيضاً، لتوعية المجتمع بحقوق وحاجات الأشخاص المصابين بهذا المرض، وتطلق عليه شهر (ألزهايمر) العالمي، وقد دعاني ذلك إلى اختيار هذا الموضوع الذي يربط بين إصابة السمع والخرف.
كل 4 ثوان يصاب شخص جديد بالخرف، وأكثر أشكال الخرف شيوعاً هو مرض (ألزهايمر) Alzheimer، أو قاتل الذاكرة، الذي يتميز بمراحل ودرجات مختلفة، ففي الحالات المبكّرة جداً، يحدثُ فقدان جزئي في الذاكرة، مع نقص في التركيز، بينما تبقى الفعّاليات الأخرى اليومية، فيزاولها المريض بشكلٍ طبيعي، ومع تطوّر المرض يزداد الشرود ونقص الذاكرة مما يسبب للمريض تراجعاً في فعالياته الذهنية والاجتماعية، ويصعب عليه التفكير والمحاكمة، والقيام بعمله، ويتعذر عليه معرفة الزمان والمكان، والتجول في الأماكن التي يعيش فيها، وفي مراحل أكثر تقدماً لا يتعرّف إلى أقرب الناس إليه، وهكذا يمتد الخلل إلى القدرة على الكلام وتناول الطعام والشراب، فيعجز عن رعاية نفسه، فيعتمد على ذويه في كل دقيقة من دقائق حياته اليومية.
يزيد عدد أفراد هذه الفئة التي تعاني الخرف أو العته عن 47 مليون إنسان في العالم، ويتوقع المختصون أن تبلغ نحو 75 مليون في عام 2030، كما تقدر كلفة رعاية الأشخاص المصابين بالخرف سنوياً بأكثر من ستمائة مليار دولار، وهي كلفة آخذة في الارتفاع مع ازدياد أعداد المصابين، وفق ما جاء في تقرير منظمة (ألزهايمر) العالمية، وهكذا ففي الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، يقترب عدد المصابين بألزهايمر من نحو 5 ملايين شخص، زادت نفقات رعايتهم السنوية عن 214 مليار دولار في عام 2014.
وتشير الدراسات إلى أن نسبة حدوث الخرف عند كبار السن تزداد عند وجود ضعف السمع لديهم، وتزداد مع ازدياد شدة نقص السمع، فهي قد تصل إلى ثلاثة أضعاف عند وجود نقص متوسط في السمع، بينما تصل إلى خمسة أضعاف في حالات نقص السمع الشديد.
وهكذا تؤكد الدراسات أن نقص السمع عند الأشخاص كبار السن يزيد من احتمال إصابتهم بالخرف، الأمر الذي يؤكد أهمية الكشف المبكر عن ضعف السمع، بالإضافة إلى ضرورة تقديم العلاج والتدبير المناسبين للحد من تأثير هذا الضعف على وظائف الشخص لاسيما الإدراكية منها.
كما أفادت الدراسات في بعض البلدان المتقدمة، أن كبار السّن يتأخرون في تلقي الخدمات المناسبة لنقص السمع بنحو 7 سنوات، الأمر الذي يزيد من خطر إصابتهم مستقبلاً بالخرف، لذلك لابد من مقاربة ومتابعة جماعية للأشخاص ضعيفي السمع من كبار السن يشارك فيها الطبيب المختص بالأذن، والسمعيات، والطبيب النفسي وطبيب الأسرة، والمختص الاجتماعي، وغيرهم، جنباً إلى جنب مع الأسرة.
وهذا سبب آخر مهم من أجل التأكيد على المحافظة على السمع وتأهيل الأشخاص ضعاف السمع من خلال:
- تقديم خدمات التدخّل المبكّر الخاصة بضعف السمع للأشخاص كبار السن.
- التأكيد على تطوير مراكز رعاية صحّية أولية صديقة لكبار السّن، تقوم بتقديم رعاية صحية متكاملة لهم.
- حماية الأشخاص ضعاف السّمع من الاستغلال التجاري من قبل بعض تجار الأجهزة السمعية، وبعض المعالجين، وغيرهم.
- التأكيد على وضع خطة فردية من قبل المركز المعالج تناسب احتياجات كل شخص على حدة، على أن يجري مراجعتها وتعديلها دورياً.
- دعم البرامج المجتمعية ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل وتؤكّد على حاجات وحقوق الأشخاص كبار السّن، بالإضافة إلى برامج توعية ذويهم والعاملين معهم.
- إدخال الأجهزة المساعدة على الإصغاء – Assistive Listening Devices ـ في المنزل والمجتمع مثل تلك المستخدمة في الهاتف، التلفاز، القاعات العامة، ودور العرض وغيرها، لأنها تزيد القدرة على سماع وتمييز الكلام، وبالتالي تساعد على التواصل والمشاركة في حياة الأسرة والمجتمع.