تعرف اللغة بأنها مقدرة الإنسان على تغيير التنظيم الفكري لشخص آخر عن طريق إصدار أصوات مركبة. كما أن اللغة هي أكثر بكثير من الكلام تماماً وأيضا الإدراك هو أكثر من مجرد عمل العين وفي كلتا الحالتين علينا الاهتمام بالنظام العصبي الذي يعمل على تفعيل الكلام والإدراك المرئي. الفرضية مبنية على أن اللغة ركبت على أساس نظام معقد موجود من قبل نظام المحرك العصبي ولقد شكلت الحركات الآلية.
إن البرامج والإجراءات التي طورت لإنشاء حركات آلية متعاقبة وبسيطة شكلت الأساس للبرامج والإجراءات التي تشكل اللغة.
الفكرة الأساسية هي التطور التركيبي للغة ووضع العناصر السلوكية والإدراكية والتشريعية مع بعضها.
إن العديد من العناصر الضرورية للتطور التركيبي للمقدرة اللغوية يمكن أن يتواجد في حركات وأصوات الطيور والحيوانات الأخرى وإذا كان لدى تلك الحيوانات العناصر السلوكية المرتبطة بتطور المقدرة اللغوية لدى الإنسان، إذاً يجب أن يتوفر لديها البناءات العصبية المطلوبة لإنتاج تلك السلوكيات وبالتحديد البرامج الآلية العصبية المطلوبة كذلك، وتوجب أيضاً وجود آلية لتطور أو اكتساب تلك العناصر.
يجب أن يكون لتطور اللغة قيمة أساسية للحياة لـدى الإنسان، وخصوصاً للمجموعة التي اكتسبت اللغة.
عنصران من عناصر اللغة هما التقليد وإدراك مجموعة الأصوات موجودة لدى بعض الحيوانات. التقليد (تقليد الكلام أو الأصوات أو الحركات الجسدية يتطلب ربطاً معقداً بين الإدراك والآلية الحركية).
المقدرة على التمييز بين أصوات الإنسان (بشكل تصنيفي) وجد بشكل مدهش عند عدة حيوانات وعند الأطفال الرضع الصغار جداً.
إن العلاقة الوطيدة بين اللغة والنظام الحركي متوقع طالما أن النظام الحركي يلعب دوراً مركزياً في إنتاج الكلام. والخطوة التأهيلية هي فحص منظم للعلاقة بين كل شكل من أشكال اللغة والمظهر الحركي الآلي المصاحب لهذا الشكل.
على أية حال بما أن هنالك علاقة وثيقة بين الإدراك من جهة واستعمال ومحتوى اللغة من جهة أخرى، فإن الفحص سيمتد بشكل طبيعي إلى العلاقة بين النظام الحركي الآلي والإدراك بكافة أشكاله.
النظام الحركي الآلي هو الوسيط الذي لا يمكن الاستغناء عنه بين اللغة والإدراك. والنظرية الإضافية الضرورية هي أن النظام الحركي (قبل تطور اللغة) كان متشكلاً من عدد محدود من العناصر البدائية (وحدات حركة آلية) والتي يمكن أن تُشكل في برامج حركية موسعة.
إذا كان الأمر كذلك، فيمكننا إذن أن ننظر إلى الارتباط المباشر بين العناصر الآلية البدائية والعناصر الرئيسية في الكلام (نظام التراكيب الصوتية). إن عمليات صياغة الكلمات والقواعد التركيبية لهذه الكلمات التي يمكن أن تشتق من القواعد العصبية التي تحكم اتحاد الحركات الآلية إلى أفعال أكثر تعقيداً. وإذا كانت اللغة بهذا الشكل مشتقة من النظام الحركي، إذاً لا يوجد سبب في اعتقادنا بأن أي شكل من أشكال اللغة (أصوات ـ كلمات ـ تراكيب لغوية) هو بالضرورة اعتباطي.
يوجد دليل تجريبي أن النظام التركيبي للأصوات (تركيب الأصوات مع بعضها) ليس اعتباطياً أو عشوائياً ودليلُ مقترح بأن صياغة الكلمات ليست اعتباطية ولكنها معبرة ومناسبة للمعنى كما يوجد أيضاً دليل على العلاقة الأساسية بين التركيب اللغوي والتركيب النفسي، تركيبات الفعل والإدراك.
ويعتمد البحث السابق على أطروحة أن النشاط الآلي الحركي يعتمد على مجموعة من عناصر الحركة البدائية وهي تدعم مفهوم برامج الحركية الآلية كمفهوم حقيقي وليس كمجرد قواعد نظرية لتنظيم الفعل. المبادئ العامة الشائعة تطورت في التحكم العصبي للحركات في الكثير من الحيوانات والنتائج التجريبية تقترح أن البرامج الآلية البدائية موجودة ضمنياً كجزء من التركيب العصبي للإنسان. إن البرامج البدائية يمكن أن تشكل جزءاً من برامج الحركة الثابتة أو يمكن أن تشكل عن طريق برنامج الآلية الحركية المركزي إلى تسلسل فعلي كالذي نراه في الروايات. ولدى بني البشر البحث في برمجة الآلية الحركية يعتمد بشكل مباشر على العلاقة بين حركات اليد والرأس والكلام.
إن العلاقة بين برمجة الآلية الحركية وبرمجة الكلام يمكن أن يتم فحصها على مستوى الأصوات. التراكيب اللغوية بالنسبة للأصوات (العناصر الأصغر في الكلمة) هذا يقودنا إلى فكرة البرمجة الثابتة لكل صوت (هدف سمعي) والذي هو أبجدية محركة متضمنة للكلام ومتعلقة بأنماط الحركة المتضمنة للأشكال الأخرى للفعل، كما أن البحث في الإدراك وفهم الكلام التصنيفي له علاقة مباشرة بهذا.
مجموعة من الحيوانات والأطفال الرضع قاموا بعرض مقدرتهم على تصنيف أصوات الكلام منفردة أو مجتمعة بطرق مماثلة لتصنيف الكلام عن البالغين. الأطفال الرضع بمقدرتهم التمييز بين أصوات الكلام التي تتواجد في لغتهم الأم.
في نظرية القوة الباعثة على الحركة، يشتق تصنيف أصوات الكلام من التصنيف السابق للغة وبالتحديد من تصنيف برامج القوى الباعثة على الحركة المستخدمة في بناء كل أشكال الحركة الجسدية. وعلى هذا فإن القرد والشنشيلا (حيوان شبيه بالسنجاب) يشبهون الطفل البشري من ناحية التنظيم العقلي والعظمي. كما أن خصوصية الصوت هو النتيجة العرضية لتطبيق برامج الحركة البدائية المختلفة على العضلات والذي ظهر بشكل جهاز النطق.. والصلة بين نظام القوة المحركة وصياغة الكلمات يظهر بعد ذلك.
يبنى التركيب الهرمي للقوة الباعثة على الحركة على أساس مجموعة محددة من عناصر القوة الباعثة على الحركة. والتي بدورها تجتمع بأعداد لا حصر لها على شكل كلمات. إن الكلمات الموجودة في الكلام هي قراءة للتراكيب العصبية وهي أيضاً قراءة للأفعال وتعابير الوجه. إن الكلمة كتركيب عصبي، يمكن أن تتشكل من التفاعل المشترك للبرامج الباعثة على الحركة لتشكل برنامجاً عصبياً مميزاً.
ويقترح البحث في رمزية الأصوات بأن هناك تشابهاً في الشكل على مستوى القوة المحركة بين الكلام والإدراك. إن الشيء الذي نراه ينتج نمطاً باعثاً للحركة يتحول إلى جهاز النطق ويصبح الكلمة المرتبطة بهذا الشيء.
وإذا كانت الكلمات مشتقة من نظام القوة المحركة كما تطرح (نظرية القوة المحركة) إذاً يجب أن تكون هناك علاقة وثيقة بين تركيب القوة الباعثة على الحركة من جهة وتركيب اللغة من جهة أخرى.
نظرية القوة المحركة
الملامح ذات العلاقة المحتملة بالتوحد
إذا كان التوحد بشكل أساسي هو اضطراب في التواصل (فإن هذا الخلل في التواصل من أهم آثار التوحد المحزنة)، وهناك العديد من أوجه نظرية القوة المحركة يمكن أن تكون ذات صلة بذلك.
إن دور اللغة هو إحداث تغييرات في عقل المستمع مشابهة لتلك التي هي موجودة في دماغ المتكلم. وهذا ممكن أن ينطبق على أنظمة أو أشكال التواصل الأخرى أي ملامح وتعابير الوجه ولغة الإشارات أو الأمثلة من التواصل عن طريق الكتابة.
إن فحوى كل التعبيرات والرسائل من أي نوع يجب أن يتمثل في تغيير قوى الكروموسومات (الإقترانات الصبغية) وتشكيل روابط إنفعالية وتطور متشعب.
إن أي رسالة أو تعبير يبحث عن استجابة، يمكن أن تكون فعل فوري أو فعل مؤجل. ولكي يتم الحدث يجب أن تكون هناك روابط ضرورية بين وظائف الدماغ المختلفة وبشكل مساوٍ يجب أن يكون هناك روابط مشابهة لإنتاج أي تعبير أو رسالة تعبيرية.
مركزية جهاز القوة المحركة:
إن السلوكيات بكل أشكالها المتطورة هي تعبير عن أولوية القوة المحركة وكافة أشكال الاتصال المتعلقة بالطفل التوحدي يجب أن تختبر (تفحص من هذه الزاوية).
عناصر قوة الحركة البدائية:
بسبب محدودية دماغ الإنسان والمخلوقات الأخرى لا يمكن تأمين أو تخصيص برامج عصبية لكل جملة أو تصرف محتمل، وبسبب متطلبات البيئة التي لا تستطيع توقعها والمعتمدة على مجموعة محددة من العناصر البدائية التي يمكن أن تتحد لتفي باحتياجات أي موقف. إذاً السؤال الذي يطرح نفسه يمتلك الطفل التوحدي أو بإمكانه استعمال هذا النظام المؤلف من عناصر بدائية؟
إن إنتاج الفهم (الإدراك) التصنيفي وإدراك اللغة الكلامية والأشكال الأخرى للاتصال يجب أن تتطور معاً.
في الحالة الطبيعية، يجب أن يكون هناك استعداد مسبق لاستخلاص العناصر أو التركيبات البدائية من التعبير أو الرسالة القادمة.
إن انعدام العشوائية (الاعتباطية) في عناصر القوة المحركة هي نتاج تطور النظام العصبي وهي مشابهة تماماً لأساس اللغة غير العشوائي وهذا مماثل أيضاً للأشكال الأخرى للتواصل والملامح وتعابير الوجه… الخ.
إن النمط الهرمي للتحكم بنظام القوة المحركة هو عملية هرمية بحد ذاتها ذات مقاييس يمكن إدخالها في المستوى المناسب وهذا اقتصاد تنظيمي ضروري.