اليد الواحدة لا تصفق، هذا المثل الدارج ينطبق تماما على قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، فتحقيق مطالبهم وإقرار حقوقهم مسؤولية كل جهات الدولة، وهذا لابد ان يؤازره جهد من جمعيات النفع العام والناشطين الحقوقيين والسياسيين في قضايا المعاقين.
ومما لاشك فيه أن الناشطين والحقوقيين العاملين في مجال ذوي الإعاقة يلعبون دوراً محورياً في دفع الظلم ومناصرة قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا يألون جهدا في المطالبة بحقوق هذه الفئة، فضلا عن جهودهم الحثيثة في نقل هموم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوصيل أصواتهم للمسؤولين، لكن هؤلاء الحقوقيين الداعمين لحقوق ذوي الإعاقة مظلومون، ووصفوا أنفسهم بأنهم يحتاجون إلى من يدافع عنهم، حيث يتعرضون للظلم والتعسف من بعض الجهات الحكومية، لا سيما وزارة الشؤون التي لا تلتفت إلى مطالبهم، وتتخذ أحيانا موقفا مناوئا حينما يتصدون للقضايا والمكتسبات المشروعة.
القبس التقت بعدد من الناشطين ورصدت مشكلاتهم وهمومهم، فضلاً عن مطالبهم من قبل السلطتين:
قال الناشط في مجال ذوي الإعاقة والقائد في العمل التطوعي عايد الشمري إنه على الرغم من أن الناشطين المطالبين أو المدافعين عن حقوق هذه الفئة يمثلون رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الجمعيات الأهلية، إلا أن وزارة الشؤون أصبحت صاحبة القرار وتمثل سطوة عليهم كونهم جهات تابعة لها، فتُقيل أو تضع من تشاء وتحاسب من يخرج عن طاعتها، مضيفاً: لذلك نجد بعض الجمعيات الأهلية حادت عن طريقها الصحيح الذي وضعت من أجله، ولا تقوم بدورها المنوط بها في المجتمع، فيما تمارس جمعيات أخرى أنشطتها على الورق فقط.
أسباب دور الجمعيات
وأرجع الشمري أسباب وجود هذه الجمعيات إلى عدة أمور، منها أن تكون نظام إنذار للحكومة عند وجود خلل في أي قطاع من قطاعاتها، فضلاً عن دورها في استحداث المطالب للأفراد والجماعات وتحديث القوانين في البلد، إلى جانب أنها رديف مساعد للحكومة في تقديم الخدمات.
وأضاف الشمري «ولكن للأسف بسبب تدخل الشؤون في كل شاردة وواردة ليس من باب المراقبة، ولكن من باب أن تكون الجهات تحت يدها تحركها متى ما شاءت وتوقفها متى ما أرادت، لذلك نجد أن من يخرج عن عصا الطاعة لوزارة الشؤون يُجلد بكل الوسائل باسم القانون، ونجدها تحل مجالس الإدارات كون القانون سمح بذلك وتُعين مجالس أخرى، وللأسف هذا حق مكتسب لها بناء على القانون الصادر عام 1962 والذي تم تعديله عام 1964، والخاص بإشهار جمعيات النفع العام والأندية».
مطالب
وعن مطالب الحقوقيين والمدافعين عن قضايا ذوي الإعاقة، قال الشمري إن مطالبهم لا تقل عن مطالب المجتمع، ولعل أهمها توفير الحماية عند إثارة قضايا حول الفساد الإداري والمالي، حيث نجد الحكومة بشكل عام ووزارة الشؤون على نحو خاص تُرعد وتتخذ أقصى الإجراءات الموجودة، ومنها إجراءات تعسفية على حد وصفه، وكذلك تحويل للنيابة العامة وغيرها من جهات التحقيق، وهذا ليس رغبة في تطبيق القانون، ولكن لإرهاب المتطوع أو الناشط.
وطالب أيضا بإنشاء هيئة مستقلة تتبع لمجلس الوزراء وليس لوزارة الشؤون على أن تستند إلى قانون صحيح لا تشوبه شوائب، وذلك لحفظ هيبة وكرامة العمل التطوعي الإنساني، راغباً في أن يكون هناك اتحاد مستقل خاص يُشرف عليه مجلس الوزراء، كإشراف فقط وليس تدخلاً أو سطوة كما حدث في السنوات السابقة، بحيث تحمي جمعيات النفع العام وتُقومها على الطريق الصواب، وأن تختار هذه الكيانات من بينها رئيساً للاتحاد، ولا يُعين فرضاً على هذه الجهات، مستشهداً بما حدث في الهيئة العامة لشؤون الشباب والرياضة خلال السنوات الماضية من منازعات بين قوى مختلفة في البلاد أودت إلى ضياع النشاط الرياضي، وحماية اسم الكويت في المحافل الدولية، وذلك بسبب عجز وزارة الشؤون عن أداء دورها في ذلك الاتحاد.
إحصائية
وفي سياق آخر، استعرض الشمري إحصائية عن عدد الناشطين الحاصلين على دورة إعداد القادة في العمل التطوعي في الكويت، مبيناً أن عددهم بلغ ما يُقارب 18 فردا، مبدياً أسفه من عدم جدوى هذه الشهادات التي حصلوا عليها، حيث لا توجد جهة تحتضن هؤلاء القادة، مشيراُ إلى وزارة التربية والتعليم العالي ذكرت آنفا أنها سوف تخصص حصصاً دراسية حول العمل التطوعي، غير أنه لا وجود لهذا المقترح على أرض الواقع. ولفت إلى أن الحاصلين على مثل هذه الدورات يجدون الترحيب في الخارج، حيث يتم الاستعانة بخبراتهم في تقديم المحاضرات والدورات التدريبية حول أهمية العمل التطوعي.
أولويات
وبدوره، طالب الناشط في مجال ذوي الإعاقة علي الثويني بالالتزام بتطبيق مواد قانون ذوي الإعاقة والاتفاقية الدولية للأشخاص من ذوي الاعاقة، إلى جانب الالتفات إلى الأولويات وتحقيقها في مجالات التعليم والصحة والتوظيف وتوفير المبنى المناسب، فضلاً عن التشخيص الجيد وتسهيل معاملاتهم إلى جانب مساواة المعاق البدون والوافد بالكويتي في بعض المزايا الحيوية، وكذلك الأمر للمعاق من أم كويتية بالكويتي، بالإضافة إلى تمكين الكوادر الوطنية من ذوي الاحتياجات الخاصة المؤهلين من مناصب اتخاذ القرار. وأشار الثويني إلى ضرورة تعديل البيئة لتناسب استخدام المعاق، وتعديل بعض القوانين واللوائح والأنظمة على مستوى الدوله لتوائم متطلبات ذوي الإعاقة، علاوة على الاهتمام بالطفل والمرأه المعاقه ودعم أسر هذه الفئة.
وتابع الثويني في سرد حقوقهم ومطالبهم، منادياً بتوفير مترجمي لغة الاشارة وتأسيس الأندية الشاملة بالمحافظات، لتضم جميع الاعاقات، فضلا عن إشهار جمعيات النفع العام الخاصة بذوي الإعاقة، والتي مازالت تحت الاشهار لسنين عديدة إلى جانب تفعيل لجنة أصدقاء المعاقين، مطالباً بضم الإعاقة العقلية بجميع تصنيفاتها للمزايا المالية بالقانون، وإبعاد غير المعاقين من القانون مثل المرضى وصعوبات التعلم، وإضافة إعاقة الأعور للقانون وإعطائه هوية الإعاقه وإعادة هويات من سحبت منهم.
لجان
ولفت الثويني إلى أن هناك بعض جمعيات المجتمع المدني شكلت لجانا لمتابعة قضايا ذوي الإعاقة، ولكنها لم تُفعل، فظلت بالاسم فقط، أو لاتؤدي الدور المطلوب للدفاع والمطالبة بحقوق المعاق، خوفاً من الإحراج لدى المسؤولين أو تأخير مصالحهم في الوزارات أو خوفا من محاسبة وزارة الشؤون، مبينا أن بعضها اقتصر على المحاضرات والبعض الآخر اقتصر على البرامج الاجتماعية والترفيهية، في حين أن البعض لا يريد أن يشكل لجانا للمعاقين لعدم وجود من يُفعل تلك اللجان والبعض لا يرغب الدخول في منافسة جمعيات ذوي الإعاقة أو يتشابك معها بالتخصصات.
إشهار رسمي
ولخصت الناشطة في مجال الإعاقة ونائب رئيس الجمعية الكويتية لمتابعة قضايا المعاقين (تحت الإشهار) خلود العلي مطالبها في عدة نقاط، أهمها الحاجة إلى إشهار الجمعية الكويتية لمتابعة قضايا المعاقين، وذلك لمواصلة أعمالنا بصورة رسمية وقانونية، بالإضافة إلى المرونة في العمل، كما نحتاج إلى كيان رسمي لنا، ونريد من يسمعنا، لأننا نتكلم بلسان من يعانون من أبناء هذه الفئة.
المطلوب تشريع لحماية الناشطين
طالب الشمري بسن تشريع من قبل مجلس الأمة لحماية الناشطين الذين يحال بعضهم إلى جهات التحقيق، ويتم إيقافهم عن عملهم بسبب دفاعهم عن الحقوق والمكتسبات.
جمعيات ذوي الإعاقة مقصّرة
قال علي الثويني: هناك تقصير من بعض جمعيات الإعاقة نفسها، وللأسباب السابقة ذاتها لا تتحرك للدفاع والمطالبة بحقوق منتسبيها والحفاظ على مكتسباتهم، خوفاً من ضياع مصالحها مع هيئة المعاقين أو عرقلة معاملات منتسبيها، فلا توجد على الساحة إلا جمعية متابعة قضايا المعاقين، وهي غير مُشهرة ومكتب حقوق المعاقين بنادي المعاقين هم وبعض الناشطين من يقومون بهذا الدور.
الرابطة الوطنية لذوي الإعاقة
أشارت خلود العلي إلى أن من أهداف معظم جمعيات النفع العام المعنية بذوي الإعاقة: البحث عن حقوق ذوي الإعاقة وتقديم أفضل الخدمات لهذه الشريحة، لافتة إلى أهمية دور الرابطة الوطنية للجهات العاملة في مجال الإعاقة، التي تضم جميع الناشطين والمجاميع الرسمية المشهرة منها وغير المشهرة.
نحمي حقوقنا بأنفسنا.. ولسنا تابعين
أشار عايد الشمري إلى أن الحقوقيين والناشطين العاملين في مجال ذوي الإعاقة هم من يحمون أنفسهم عندما يدركون إمكانياتهم وقدراتهم ومكانهم الصحيح، لأنهم لا يتبعون لجهة أو وزارة تتبع لها ضمائرهم، وان تعرف مصادر قوتهم فهناك من الاتفاقيات الدولية والعقود التي تمنحهم الحصانة والقوة، على حد قوله.
العمل التطوعي
أوضح الشمري أن العمل التطوعي مقياس لرقي الدولة، لافتاً إلى أن السلبية تنتج مجتمعاً ضعيفا واتكالياً لا يعرف معنى التطوع وأهميته.