التوحد.. هذا المرض الذي يصيب بعضًا من أطفالنا في سن صغيرة، وفي كثير من الحالات يكتشف الأهل إصابة طفلهم بالتوحد، بعد مرور فترة طويلة.
من الممكن أن يولد بعض الأطفال مصابين بالمرض، ولكن بنسبة ضئيلة وتصرفات الأهل مع طفلهم، هو ما يزيد أو يحد من هذه النسبة، أما في كثير من الحالات يُصاب الطفل بالتوحد في الخمس سنوات الأولى من عمره، ويكون هذا نتيجة أيضًا لسلوك وتعامل الأهل مع الطفل في حياته بشكل عام.
هذا المرض هو عبارة عن أحجية كبيرة puzzle، وفي هذا المقال سنقدم إليكِ أهم جزء في هذه الأحجية وهو: الطعام!
كانت مفاجأة بالنسبة لي شخصيًا أن يكون الطعام، الذي يتناوله الطفل سببًا رئيسيًا في إصابته بالتوحد، كما ذكرت آخر الأبحاث العلمية في هذا المجال، وهذا ما أكدته لنا الدكتورة أماني طه، الحاصلة على ماجستير الباطنة العامة ودبلومة التغذية العلاجية من كلية كامبريدج ومديرة مركز Zerona Tantaللتغذية العلاجية، عند إجابتها عن هذه الأسئلة:
كيف يكون الطعام سببًا في إصابة الطفل بالتوحد؟
عند تناول الطفل لأنواع ضارة من الأطعمة تحدث مشكلات والتهابات مختلفة داخل الجهاز الهضمي وتبدأ أعراض كثيرة لأمراض مختلفة في الظهور على الطفل، حتى وإن كانت أعراض غير واضحة، ومن ضمن هذه الأمراض التوحد.
فالجهاز الهضمي يوجد به جزء من الناقلات العصبية، ومنها “السيروتينين”، الذي يوجد بنسبة 95% في الجهاز الهضمي، وهو أهم ناقل كيميائي موجود في الجسم، الذي يربط الجهاز الهضمي بالجهاز العصبي للإنسان.
عند حدوث خلل ومشكلات واضطرابات في الجهاز الهضمي نتيجة لتناول الطفل أطعمة تحتوي على نسب عالية من المواد الضارة بالطبع يحدث خلل واضح في السيروتينين، وبالتبعية يحدث خلل واضح في الجهاز العصبي للطفل واضطراب واضح في سلوكه، وتبدأ بعد فترة ظهور أعراض التوحد، ثم تزيد وتزيد كلما ازداد هذا الخلل الكيميائي الناتج عن استمرار التغذية الخاطئة.
هل من الممكن التغلب على هذا الخلل، ومن ثم التغلب على التوحد؟
من الممكن أن تكون مشكلات الجهاز الهضمي، الناتج عنها نقص في نسبة السيروتينين إما:
– أن يولد بها الطفل وتكون نسبتها صغيرة.
– أو أن البيئة التي يوجد بها الطفل من تغذية خاطئة وعادات تؤثر بالسلب عليه هي سبب الإصابة بالمرض.
وفي الحالتين، يتسبب هذا في ظهور مرض التوحد، وفي الحالتين أيضًا يمكن التغلب على هذا المرض عن طريق تغيير العادات الغذائية الخاطئة مع تغيير السلوكيات السلبية التي يعتاد عليها الطفل مع مرور سنواته الأولى.
لماذا يوجد حالات كثيرة من التوحد لا تتحسن إلا بشكل مؤقت؟
يرجع سبب هذا للأهل والطبيب، حيث يتم التركيز في الغالب على تعديل سلوكيات الطفل المصاب بالتوحد مع إهمال جانب التغذية الذي هو جزء أساسي من العلاج كما كان سببا من أسباب الإصابة، فأهم جزء من حل لغز التوحد هو تحسين عمل الجهاز الهضمي عن طريق التغذية الصحيحة.
وكما ذكرنا في السطور السابقة فإن كثير من الأهالي لا ينتبهون إلى إصابة أطفالهم بالتوحد إلا بعد مرور فترة وظهور أعراض، فمن البداية يجب على كل أم أن تعتني جيدًا بما تقدمه لأطفالها من طعام وشراب، وخاصة في الخمس سنوات الأولى من عمر الطفل، التي تتكون فيها عاداته الغذائية وكثير من الهرمونات الموجودة بجسمه، فحتى إن كان طفلك مصابًا بالتوحد بنسبة بسيطة عند ولادته، فمع وجوده في هذه البيئة السليمة ستختفي هذه النسبة تلقائيًا ويصبح طفلك سليمًا معافًا.
كيف يمكننا وقاية أطفالنا من الإصابة بالتوحد؟
من البداية عند معرفتك بالحمل يجب أن تحسّني من طريقة تغذيتك، لأنها تؤثر مباشرة على الجنين، فمثلًا قللي من تناول النشويات والسكريات، وتناولي المزيد من الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون.
كما يجب عليكِ الالتزام بجميع المكملات الغذائية والأدوية التي يصفها لك الطبيب خلال فترة الحمل.
– في السنة الأولى من عمر الطفل لا يسمح بدخول الملح والسكر إلى الطعام، حتى يعتاد على التذوق بشكل سليم، فلا يميل في سنوات عمره التالية لأنواع ضارة من الطعام.
– يجب تحسين وزيادة البكتيريا النافعة الموجودة بالجهاز الهضمي للطفل، حتى تعطي فرصة للنهايات العصبية لتتكون بشكل أفضل، ويساعد في هذا تناول اللبن الرايب والزبادي مع تناول الأطعمة الغنية بالألياف.
– الاهتمام بإعطاء جميع المواد الغذائية المفيدة للطفل من بروتين نباتي وحيواني، وخضروات، وفاكهة، ومن أفضل أنواع الفاكهة بالنسبة للأطفال هي الحمضيات كالبرتقال والكيوي، والعصائر الطازجة.
– الابتعاد تمامًا عن المواد الحافظة الموجودة في كثير من المعلبات والسكاكر التي تجذب الأطفال واستبدالها بطعام منزلي مصنوع بأشكال مبتكرة ومختلفة ينجذب لها الطفل، فما تصنعينه في المنزل مهما كان هو أفضل من أي منتج خارجي.
– عدم استخدام الدهون المهدرجة في الطبخ.
– قللي من جلوس طفلك لساعات طويلة أمام الشاشات دون أن يتحرك
المصدر : جريدة الوطن