مع انطلاق قطار الدراسة تتجدد الآمال والآلام لطلبة ذوي الاعاقة في المراحل المتوسطة والثانوية والجامعة، ووفق احصائية صادرة عن وزارة التربية مؤخراً، فإن ألفا و740 طالباً وطالبة بينهم ألف و63 طالباً وطالبة كويتيون و677 طالباً وطالبة غير كويتيين في مدارس التربية الخاصة، يدشنون عامهم الدراسي غداً (الأحد)، على أمل بداية صفحة جديدة خالية من الهموم والمتاعب في القطاع التعليمي.
القبس استطلعت آراء بعض طلاب وطالبات المراحل المدرسية والجامعية وأولياء أمورهم حول همومهم التعليمية خلال الأعوام الدراسية السابقة ومطالبهم من العام الدراسي الجديد، ورغم اختلاف الاعاقة وتصنيفاتها ودرجاتها، بيد أن الجميع اتفقوا على تفاوت وتباين المستوى التعليمي في مدارس التربية الخاصة، وتكسّب بعضهم على حساب طلبة ذوي الاعاقة ــ من خلال استقطاب كوادر تدريسية غير متخصصة وغير مؤهلة للتعامل مع ذوي الاعاقة ــ وفق أولياء الأمور.
في حين طالب عدد من الناشطين المهتمين بحقوق ذوي الاعاقة بوضع المسارات التعليمية وفق درجات ذكاء الاعاقات، فضلا عن الاهتمام بمعلمي التربية الخاصة وفتح المجال لهم، اضافة الى استحداث شعب تربية خاصة في جامعة الكويت.
«ضحيت بوظيفتي بالتقاعد، وتغربت عن وطني عاما كاملا لتعليم بناتي الثلاث».. هكذا باحت أم يوسف وهي ولية أمر لثلاث فتيات من بينهن شقيقتان توأمتان (14، و16 عاما) من ذوي الاعاقة الذهنية البسيطة، بدوامة المعاناة التي تعيشها منذ عام 2014 ــ وحتى يومنا هذا ــ بعد أن رفض التعليم الخاص قبول أوراقهن في مدارسها.
وبعد أن ضاقت ذرعا وطرقت كل الأبواب المغلقة، لم تجد أم يوسف غير خيار واحد ــ لم يكن في الحسبان ــ وهو الابتعاد عن ارض الوطن والسفر للخارج، على أمل أن ترسم طريقا مستنيرا لبناتها؛ يحققن من خلاله أحلامهن.
وبقلب يعتصره الحسرة والألم على المصير المجهول، روت أم يوسف تجربتها مع بناتها الثلاث، لافتة الى انها تبحث عن مدرسة مناسبة لبناتها منذ عام ٢٠١٤ وحتى يومنا هذا، الا أن الأبواب مغلقة، حيث ترفض مدارس التعليم الخاص والتربية الخاصة استقبالهن، «الأمر الذي اضطرني الى التقاعد والسفر إلى الولايات المتحدة الاميركية، للبحث عن مدارس تستقبلهن، إلى أن جرى قبولهن عام ٢٠١٦ في إحدى المدارس الحكومية الاميركية عقب إخضاعهن لاختبارات الذكاء، حيث ساهمت الدراسة بها في تحسين مستوى التحصيل العلمي.
وزادت بالقول: في البداية جرى تشخيص ابنتيّ بالاعاقة الذهنية البسيطة عندما كان عمرهما ٤ و٦ سنوات، ومع مرور الوقت اكتشفت أن مستوى التحصيل العلمي لديهما أعلى من المستوى الذي تم تحديده، لافتة إلى أن المدرسة التي استقبلتهما في بداية مراحل التعليم تابعة للهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة، حيث كانت تستقبل كل الاعاقات.
لماذا الرفض؟!
وتابعت بالقول: وقبل بدء العام الدراسي عام ٢٠١٤ بيوم واحد، رفضت هذه المدرسة قبولهما رغم أنني حجزت مقعدين دراسيين لهما في ذات المدرسة، فلم يكن لدي سوى البحث عن مدرسة بديلة، ولكن للأسف باءت محاولاتي بالفشل؛ بعد ان رفضت مدارس التربية الخاصة استقبالهما؛ بحجة أن المدرسة الأولى لم تمنحهما شهادتين معترف بهما، تؤهلانهما لمواصلة تعليمهما في التربية الخاصة.
ولفتت إلى ارتفاع نفقات الدراسة في المدرسة الحكومية الاميركية، حيث بلغت تكاليف تعليمهما ما يزيد على ٣٠ ألف دولار في العام الواحد، إضافة إلى نفقات السفر وصعوبات توفير السكن ووسائل النقل، ملمحة إلى عجزها عن مواصلة تعليم بناتها في الخارج، نظراً إلى ارتفاع التكاليف، لتبحث عن بديل آخر، سواء في مدارس التربية الخاصة، فصول الدمج أو التعليم الخاص.
وأشارت إلى رفض التعليم الخاص لمعادلة الشهادة الاميركية رغم تصديقها من السفارة الاميركية في البلاد، بحجة عدم إتمام عامين دراسيين في المدارس الحكومية فضلا عن عدم تدرجهن في السلم التعليمي، خصوصا بعد قضائهن عاماً كاملا في المنزل.
لا للتكسُّب
لم يختلف رأي عبدالله الحصيني، وهو ولي أمر لطفل من ذوي الاعاقة الذهنية البسيطة، حيث أشار إلى التفاوت في مستوى التعليم بين مدارس التربية الخاصة، ملمحا إلى أن بعض المدارس تتكسب على حساب طلبة ذوي الاعاقة من خلال استقطاب كوادر تدريسية دون المستوى وغير مؤهلة للتعامل مع هذه الفئة.
وأضاف بالقول: وهذا ما دفعني الى نقل ابني لإحدى المدارس الخاصة التابعة للتعليم العام، وخلال ثلاثة أعوام متواصلة من الدراسة في هذه المدرسة، لمسنا تحسّنا ملحوظا في مستواه التعليمي بفضل وجود موارد تدريسية مؤهلة تجيد التعامل مع ذوي الاعاقة وفق ظروفهم الصحية والتعليمية.
أين المدارس؟
وعرّج بالحديث عن معاناة أهل الجهراء من القطاع التعليمي وخدماته، لافتا إلى عدم توافر مدارس في منطقة الجهراء لخدمة طلبة ذوي الاعاقة، الأمر الذي يدفع أولياء الأمور إلى تسجيل أبنائهم/ بناتهم في مدارس بعيدة عن منازلهم تزيد من معاناة الاعاقة، فضلا عن وجود مدارس دون المستوى المطلوب وانعدام فصول تعليم المكفوفين بطريقة برايل.
وطالب بتشييد مدارس تربية خاصة في كل المحافظات لتحتضن طلبة ذوي الاعاقة مع وجود كادر تدريسي متخصص، وذلك للتخفيف من معاناة اولياء الأمور واختصار المسافات وتوفير الوقت والجهد الذي قد يؤثر سلبا في تحصيلهم العلمي من جراء الاستيقاظ مبكرا بعد صلاة الفجر لضمان الوصول في الوقت المحدد، مشيرا إلى أن بعض اولياء الأمور يفضلون مكوث بناتهم من ذوات الاعاقة في المنزل بدلا من إيقاظهن مبكرا بعد صلاة الفجر من اجل الذهاب مع السائق/ الباص إلى المدرسة التي تبعد عن منزلهن لمسافات طويلة.
غصة
اشتكى الطلبة الدارسون في مدارس التربية الخاصة من أن بعض المباني غير ملائمة لظروفهم، ما يزيد معاناتهم على مقاعد الطموح، مشددين على أن الوقت قد حان لبناء صرح تعليمي متكامل لجميع ذوي الإعاقات، ومساندتهم في رحلة البحث عن التفوق والإرادة.
المصدر : مى السكرى \ القبس الالكترونى