لتأخر النمو وتطور المهارات الحركية للطفل عدة أسباب، تتراوح بين مشاكل خلقية وعيوب جينية ومتلازمات وراثية، حيث بيّنت ربى الخير ـــ مديرة العلاج الطبيعي للأطفال في وحدة تقييم وتأهيل الطفل التابع لمؤسسة فوزية السلطان ـــ أن أكثر الاسباب شيوعا هو الشلل الدماغي ونقص الاكسجين والاذية الدماغية.
وقالت: «أكثر الحالات التي نتعامل معها هي المصابة بالشلل الدماغي الذي هو عبارة عن اذية دماغية ثابتة لا تتطور مع الوقت، لكنها تؤثر سلبا في نمو الطفل وتطوره الجسدي والعقلي. ويضم الشلل الدماغي أنواعاً كثيرة من الأذيات الدماغية، ويمكن تقسميها وفق عدة تصنيفات، استنادا إلى المنطقة المعتلة؛ مثل شلل نصفي او كامل او لمكان محدد، او استنادا الى نوعه إن كان شللا من النوع الثنائي او الثلاثي او الرباعي. وهل يرافقه التشنج العضلي او الارتخاء او كلاهما معا؟».
الأكثر عرضة لتأخر النمو
بعض الاطفال اكثر عرضة لتأخر تطور النمو والحركة، مثل: من لديه تاريخ عائلي بتأخر النمو، عمر الأم يتعدى 40 سنة اثناء الحمل، الأم مصابة بعدة امراض اثناء الحمل، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكر، حدوث مضاعفات ومشاكل اثناء الحمل، اصابة الطفل بمشاكل اثناء الولادة مثل نقص الاكسجين وأذية عصبية. كما يكون الخُدّج أكثر قابلية لتأخر النمو مقارنة بأقرانهم الذين وُلدوا بعد انتهاء فترة الحمل الطبيعية.
مراحل التطوّر الحركي للطفل
يمر تطور الطفل الحركي بمراحل اساسية، تستند الى قيامه بحركات معينة في سن معينة. ورغم اختلاف سرعة تطور كل طفل عن آخر، فإن هناك حدودا طبيعية، وهي: ان يتمكن قبل بلوغ عمر 9 اشهر من الجلوس بشكل ثابت، وان يتمكن من الوقوف بثبات قبل بلوغ عمر السنة، ويمكنه المشي بثبات قبل بلوغ عمر السنة ونصف السنة. فإذا لوحظ تأخر الطفل في بلوغ احدى هذه المراحل، يُنصح الوالدان بمراجعة طبيب الاطفال لتقييم الحالة وتحويله للعلاج الطبيعي.
طريقة العلاج
تعتمد خطة جلسات العلاج الطبيعي وعددها وفق كل حالة واحتياجاتها و«رتم» تطورها. وشرحت ربى قائلة: «بشكل عام، تركز الجلسة على علاج الانكماشات العضلية وتقوية العضلات وتحسين توازن وتحكم الجسم. ويتخلل ذلك ايضا التدريب على تمارين تطورية ومهارات حركية، يحتاجها الطفل. ومن المهم ان يلتزم الاهل بإكمال «كورس» العلاج ومتابعة التدريبات في المنزل لمساعدة الطفل على الوصول الى النتيجة في اسرع وقت. ويهتم العلاج ايضا بجانب تثقيف الاهل وتعليمهم التمارين المنزلية للطفل. فمدة الجلسة العلاجية هي 40 ـــ 50 دقيقة، بينما لدى ولي الامر وقت طويل حتى يكرر التمارين في المنزل».
علاج خلع مفصل الحوض
تعد حالة الخلع في مفصل الورك من الحالات الخلقية الشائعة بين الاطفال، ويأتي دور العلاج الطبيعي بعد دور الطبيب المعالج. وأفضل علاج لخلع المفصل الوركي هو الفحص المبكّر لاكتشاف الحالة في مرحلتها المبدئية. وتنصح الارشادات الطبية بفحص مفصل حوض الطفل بعد بلوغه عمر الشهر عبر التصوير بــ «السونار». فاكتشاف الحالة مبكرا هو أفضل طريقة لزيادة فرصة الشفاء ولتفادي الحاجة للجراحة. ويجري تحويل الحالات المصابة الى طبيب عظام متخصص في الاطفال لتشخيصها ووضع خطة العلاج المناسبة. وغالبا ما يتضمن ذلك لبس جهاز حول الحوض لمدة من الزمن، حتى يثبت مفصل الحوض في وضعه الطبيعي. ويأتي دور العلاج الطبيعي بعد انتهاء دور الجهاز في تثبيت المفصل. فنتيجة للبس الجهاز لمدة طويلة وثبات العضلات في وضع محدد سيحدث ضعف في العضلات وتيبس، فيحتاج الطفل الى «كورس» من العلاج الطبيعي لزيادة قوة عضلاته وليونتها وتعزيز مهاراته الحركية. كما للعلاج الطبيعي اهمية بعد الخضوع للعملية الجراحية.
ما الجنف؟
الجنف هو عبارة عن وجود التواء او انحناء غير طبيعي في العمود الفقري، ومنه انواع كثيرة. حيث أوضحت ربى قائلة: «لا تشخّص الاصابة بالجنف إلا اذا رافق انحناء العمود الفقري وجود التفاف في جسم الفقرات ايضا، وان تزيد درجة الانحناء على 10 درجات. ويمكن تقسيم الجنف الى عدة انواع، مثل: النوع الثابت الذي لا يتغيّر مع طريقة وقوف المريض. بمعنى أن العمود الفقري لا يصبح مستقيما عندما يفرد الطفل ظهره، بل يظل الانحناء موجودا وثابتا. وهناك جنف غير ثابت، فيمكن ان يختفي انحناء العمود الفقري إن فرد المريض ظهره، وغالباً لا يصاحبه التفاف في جسم الفقرات».
كما يقسم الجنف الى 3 انواع، وهي: الأشهر هو الجنف غير المعروف السبب idiopathic، وinfenteel، ثم juvenile.
مسبّبات خلقية وعصبية
من مسبّبات الجنف الرئيسية الاختلافات الخلقية او التشوّهات في جسم الفقرات؛ فيكون جسم الفقرة غير سوي (مثل أن يكون كبيرا او صغيرا او منحنيا) او يختلف من فقرة الى فقرة، ما يسبب خللاً في استقامة ورص العمود الفقري.
النوع الثاني من المسببات ناتج عن الامراض العصبية مثل الشلل الدماغي وامراض عصبية عضلية وما تخلفه هذه الامراض من اختلال في التوازن والاشارات العصبية واختلال في نمو وظيفة العضلات. وقد تسبب فرط ارسال اشارات عصبية لجانب من الجسم، وبالتالي شد عضلات جانب وارتخاء الآخر، ما يؤدي الى انحناء العمود الفقري.
متى يظهر؟
غالباً ما يظهر الجنف بوضوح في سن المدرسة. وتشير الاحصائيات الى اصابة %4 ـــ %6 من الطلبة بالجنف. وبيّنت الدراسات انتشاره في البنات مقارنة بالأولاد. ويشدد على أهمية الاكتشاف والعلاج المبكر لزيادة فعالية العلاج وتفادي المضاعفات الصحية الخطرة.
علاجه
– درجة الجنف أقل او تساوي 25 درجة
يعتمد علاجها على «كورس» العلاج الطبيعي. وقد اثبتت بعض الدراسات دور العلاج الطبيعي في علاج وتحسين انحناء العمود الفقري ومساهمته في تقليل درجة الانحناء ومنع تطورها. بينما اشارت دراسات اخرى الى اقتصار العلاج الطبيعي على الحفاظ على ثبات الحالة ومنعها من التدهور لتفادي مضاعفاتها.
– درجة الجنف من 25 إلى 45 درجة
يعتمد العلاج على لبس جهاز طبي لتثبيت العمود الفقري والمفاصل في وضعها الصحيح، بالإضافة الى جلسات العلاج الطبيعي.
– درجة جنف تزيد على 45 درجة
معظم الحالات تحتاج الى التدخل الجراحي لتعديل الانحناءات الشديدة لتفادي المضاعفات المرضية التي تسبب تدهور صحة الطفل، وتؤثر سلبا في صحة اعضائه الداخلية، وبخاصة في الجهاز التنفسي والرئة وقدرته على التنفس وصحة القلب. ومن بعد الجراحة يأتي دور العلاج الطبيعي في تحسين النتيجة.
هل حقيبة المدرسة هي السبب؟
وحول تأثر قوام الطفل بالحقيبة المدرسية الثقيلة بيّنت ربى: «لا يوجد بحث علمي موثوق به، يثبت أن حمل الطفل حقيبة مدرسية ثقيلة هو السبب في الاصابة بالجنف، لكنه قد يكون السبب في تشوهات القوام. فحمل الطفل وزن ثقيل على كتف واحد يحفز استخدامه لعضلات جانب واحد من الجسم بشكل مفرط، ما يسبب تشوّه القوام مثل التحدب او الميل الى احد الجوانب. لذا، يجب توعية اولياء الامور بما عليهم الانتباه له عند اختيار الحقيبة المدرسية. كما ينصح بتقليل ثقل الحقيبة حتى لا يزيد وزنها على %10 ـــ %20 من اجمالي وزن الطفل. وللتفصيل، ينصح بشراء حقيبة من النوع التي تحمل على الظهر، وليست التي تجر بعجلات. فالحقيبة التي تُجر بعجلات تسحب بكتف واحد، ويمكن ان تسبب الإصابة بالخلع او التمزّق. ولا بد أن تكون الحقيبة ملاصقة للظهر تماما من دون فراغ، وتحتوي على حزام مبطّن ومشدود حول الكتف والظهر تماما».
المصدر : خلود البارون \ القبس الالكترونى