تبدأ معاناة أسرة الطفل من ذوي التوحد في محاولاتها التعرف على ماهية ما أصاب أبناءهم وما هي الفرص المتاحة للعلاج.. إلا أن الإجابة على هذه الأسئلة كلفت العلماء الكثير من الجهد والوقت منذ أن قنن التوحد على يد الطبيب النفسي الأمريكي (ليو كانر) عام 1943 حيث ما زال البحث جارياً دون توقف في مجالات علم أعصاب المخ، الطب النفسي، الاضطرابات المعوية، التربية الخاصة.. وغيرها الكثير من المجالات الخصبة للبحث.
وقد وضع الباحثون العديد من النظريات ـ كل حسب مجال بحثه ـ ومن هذه هذه النظريات:
ـ نظرية زيادة الأفيون المخدر، ـ نظرية تسريب الأمعاء، ـ نظرية نقص هرمون السيكريتين، ـ نظرية نقص أو زيادة السيريتونين، ـ نظرية الأوكسيتوسين والفاسوبرسين، ـ نظرية التحصين / التطعيمات MMR/DPT، ـ نظرية عملية الكبرتة، ـ نظرية عدم احتمال الكازيين والغلوتين، ـ نظرية التلوث البيئي، ـ نظرية العقل، ـ نظرية الأحماض الأمينية، ـ نظرية جاما انترفيرون، ـ نظرية التمثيل، ـ نظرية الجهد والمناعة، ـ نظرية قصور فيتامين (أ)، ـ نظرية التعرض للإسبارتيم قبل الولادة، ـ نظرية بروتين الأورفالين، نظرية الأم الباردة عاطفياً (تم حذف هذه النظرية الأخيرة لعدم صحتها).
وغيرها العديد من النظريات التي لم نذكرها وما زال البحث فيها قائماً، ولكننا رغبة في مشاركة إخواننا القراء والمهتمين في مجال التوحد وإفادتهم فإننا نضيف إلى تلك النظريات أن الصينيين القدماء عرفوا اضطراب التوحد وعالجوه منذ 2000 عام وما زالوا عن طريق تحسين الجهاز الهضمي والمناعي للمصابين بهذا العرض، وكان من نتائج هذا العلاج تحسن أعراض التوحد والسلوكيات الشاذة المصاحبة له.
لقد افترض الباحثون في مجال التوحد أن مسبباته ربما تكون بعد الولادة أو أثناء فترة الحمل، وبمقارنة المصطلحات الطبية الصينية بعلم التشريح في الطب الغربي الحديث نجد أن هناك اختلافات واضحة في تفسير المصطلحات الطبية الصينية ربما لا تتوافق مع الغرب.
ما أريد توضيحه هو أن الاختلافات ربما تكون مفيدة ومثيرة للجدل أحياناً!! دعونا نلقي الضوء على (نظرية الكلى) التي وضعها الباحثون الصينيون في مجال التوحد حيث تنص هذه النظرية على أن الكلى هي عضو خلقي موجود منذ الولادة Congenital بينما الطحال هو عضو وظيفي رئيسي بعد الولادة Postnatal وبناءً على هذه النظرية (والتي ذكرت سابقاً أنها تختلف عن النظريات الغربية من ناحية تفسير المصطلحات) فإن سبب التوحد بعد الولادة غالباً ما يكون تلف في الجهاز الهضمي وهو عبارة عن مشكلة في الطحال و / أو المعدة سوياً تمنع الجسم من امتصاص فيتامين ب 6 B6 وغيرها من العناصر الغذائية التي تساعد على نمو وتطور المخ وصيانته، والكليتين والطحال التالفين أيضاً يسببان تلف الجهاز المناعي.
النظرية الطبية الصينية تقول: (المخ هو محيط النخاع، والكليتان تهيمنان وتنتجان النخاع). بالنسبة للأطفال التوحديين واستناداً إلى النظرية الطبية الصينية فإن التوحد الذي يحدث أثناء الحمل يعزى إلى مشكلة في وظيفة الكلى لدى الوالدين والتي ربما تكون عن طريق الأم وأحياناً الأب. ويقول الأطباء الصينيون: إنه عندما يكون لدى الأم كلية ضعيفة فإن الجسم لا يمتص فيتامين ب 6 B6 بطريقة فعالة (هذه الحالة لا تعتبر مشكلة بالنسبة لمصطلحات الطب الغربي الحديث). إن نقص فيتامين ب 6 B6 وبعض العناصر الحيوية يعوق عمليات بناء ونمو المخ ونتيجة لذلك يولد الطفل باضطراب وظيفي في المخ.
إن الباحثين الذين كرسوا جهودهم لدراسة التوحد توصلوا إلى نتيجة مشابهة لنتائج الأطباء الصينيين، وبتطوير الجهاز الهضمي والمناعي لدى المصابين بالتوحد تحسنت حالتهم، وقد وجدوا أيضاً أن التوحديين الذين يتبعون نظام الحمية الخالية من الكازيين والغلوتين وبعض الملاحق الغذائية الأخرى قد تحسنت لديهم أعراض التوحد وبعض السلوكيات الشاذة تقلصت بنسبة 90%.
إذن، ابتدأ العلماء بالتركيز على أن سبب التوحد ربما يكون خللاً عضوياً. ومهما كانت الأسباب فإن التدخل المبكر يعتبر من أهم مراحل العلاج بالإضافة إلى برامج التربية الخاصة الموجهة، كما أن العلماء وحتى هذه اللحظة لم يتمكنوا من الوصول إلى علاج طبي يشفي حالات التوحد تماماً، حيث أن بعض أعراض التوحد تستمر مدى الحياة ولكن بعض الباحثين نجح في تقليص هذه الأعراض عن طريق الغذاء والملاحق الغذائية المساعدة للأشخاص ذوي التوحد.