لم يجد اليأس مكاناً عند ياسمين القلاف وهي عضوة جمعية التوحد الوطنية ببريطانيا والناشطة في مجال التوحد ونصيرة ذوي التوحد وأم لبطل من أبطال هذا المرض..فحين لم تجد المدرسة المناسبة التي تتفق مع قدرات ابنها صنعت له مدرسة وكانت هي معلمته الأولى، كما كانت طبيبته وصديقته. خلال سردها لمشوار كفاحها وتجربتها مع ابنها ياسين، قالت القلاف: تم تشخيص ابنها في عمر السنتين باضطراب طيف التوحد، وبدأت بتدريبه وتعليمه، وبتعاون من الأسرة استغلينا كل شيء يحبه ياسين للدخول إلى عالمه، ومن أهم هذه الأمور كانت حبه للارقام والاحرف والدوران حول النفس، لافتة إلى أن التوحد أصبح شغفها.
وزادت بالقول: في ذاك الوقت كان ياسين غير قادر على الكلام فقمت بتسجيله بدورة نظام تبادل الصور (بيكس) حتى اعلمه باستخدام الصور ليتواصل معنا، كما وضعت له خطة مليئه بالاهداف لزيادة فرص التواصل معنا، فضلا عن الاعتماد على نفسه في القيام بالمهارات الحياتية اليومية مثل ارتداء ملابسه، واستخدام الحمام، إطعام نفسه.
ولفتت إلى أنه على الرغم من أن الاختصاصيين أشاروا إلى صعوبة التعبير عن نفسه ومشاعره والتواصل مع الآخرين،فإنه نجح في اثبات ذاته اليوم وقدرته على الدخول في النقاش في العديد من المواضيع، والتعبير عن نفسه وعن ما يزعجه.
مرحلة التعليم
وتحدثت القلاف عن مرحلة التعليم، مشيرة إلى أن ابنها ياسين التحق باحدى المدارس في الكويت عندما بلغ عامه الرابع، ولم تجد سوى الاحباطات والاتصالات اليومية التي لاداعي لها وكلها شكاوى من سلوك اي طفل ممكن ان يقوم فيه. وزادت بالقول: كنت متعاونة مع المدرسة، لكن وللأسف في يوم من الأيام ذهبت أوقع على اوراق ووجدت كل اطفال صف ابني في ساحه اللعب ما عدا ابني، فذهبت للبحث عنه ووجدته يجلس في الفصل وحيدا مع احدى العاملات، من هنا فقدت ثقتي بالمدرسة. وقررت أن أعلمه في البيت إلى أن أجد مدرسة افضل،ولكني لم أجد أفضل من مدرستي إلى الآن.
التعليم المنزلي
وواصلت بالقول: بدأت التعليم المنزلي وقسمت اليوم إلى فترتين، الفترة الصباحية مخصصة لتدريسه، أما فترة العصر فتم تخصيصها للعب مع أخته، لافتة إلى دور والده وحرصه على مشاركة ياسين في استخدام الكمبيوتر والاطلاع على الأجهزة والتكنولوجيا التي تعد هوايته الأولى وعشقه الأبدي.
وأردفت: واستطعت من خلال التعليم المنزلي أن أعلمه على القراءة والرياضيات، والتركيز على كل نقاط القوة التي يتميز لها،كما بدأت أن اتبع طريقة معينة معه حتى لايفقد انتباهه أو يشعر بالملل من الدراسة، حيث كنت امنحه اوقات فراغ عديدة بين الحصص أو التدريبات، إضافة إلى القيام بتدريبات جسدية بين الحين والآخر لإشباع احتياجاته الحسية وزيادة انتباهه. وأشارت إلى حرصها على تعزيز الجانب الاجتماعي لدى ابنها من خلال اعداد برنامج له يسمح له ايضا بالتواصل مع أصدقائه الذين يقومون بزيارته أسبوعيا في المنزل للعب وممارسة بعض التدريبات لتنمية المهارات الاجتماعية، لافتة إلى ان طفل التوحد ليس لديه كل مهارات اللعب والتواصل -مع الآخرين- الموجودة بالاطفال الاخرى. لذلك يحتاج إلى تعليمه حتى ابسط الامور مع مراعاة الفروقات الفردية بين الأطفال.
ولفتت إلى التحسن والتطورات الأكاديمية والاجتماعية التي لمستها في ابنها من خلال التعليم المنزلي، مشيرة إلى حرصها على نقل خبرتها ونصائحها لأسر التوحد داخل البلاد وخارجها وللمهتمين بهذا المجال عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال القناة الخاصة بها في اليوتيوب.
ملتقى الأصدقاء
تحدثت القلاف عن ملتقى أصدقاء ياسين الشهري لأولياء أمور أطفال التوحد والذي يهدف إلى رفع معنويات الأسر وتبادل الخبرات فيما بينهم، كما يضم ورش عمل متعلقة بالمرض، بمشاركة محاضرين متخصصين في القاء المحاضرات والوورش التحفيزية.
وتمنت القلاف أن تتساوى فرص التعليم لأطفال التوحد القادرين على التعلم مع الأطفال بشكل عام، فضلا عن توفير خدمات تعليمية افضل من المتاح، آملة أن يحقق ابنها ياسين حلمه بأن يصبح مهندسا ويبتكر جهاز كمبيوتر وتلفونا خاصين به.
ثقافة التقبل
لفتت القلاف إلى احد أهم نشاطاتها والتي تعتبر الأولى من نوعها وهو نشر ثقافة التقبل، وذلك من خلال اقامة حلقة نقاشية بعنوان التوحد بين التوعية والتقبل، مشيرة إلى تعاونها مع الجمعية الكويتية لمتابعة قضايا المعاقين لتنظيم هذه الحلقة النقاشية ونشرها في العديد من المدارس والجامعات.
المصدر : جريدة القبس