ثمة حاجة إلى أن نتناقش مع المشرّعين نقاشاً عقلانياً في معالجة التعارض بين العدالة المنشودة في الدستور والقوانين الموضوعية التي صيغت بطريقة جعلوها قابلة النفاذ، لنجد بعد حين أنها بعيدة كل البعد عن العدالة والمساواة المنشودة في نص المادة 7 من دستور، وأصبّ حديثي اليوم عن مكافأة نهاية الخدمة لأعضاء الهيئة التعليمية بوزارة التربية والأوقاف والشؤون الاسلامية من كان معاقا او مكلفا برعاية معاق، عندما نص المشرع في القانون رقم 28 لسنة 2011 في المادة 5 يستحق مكافأة الاستحقاق كل من امضى ثلاثين سنة للذكور وخمسا وعشرين سنة للإناث، ويستثنى من شرط المدة من تقاعد طبيا بنسبة عجز اكثر من %50.
وايضا القانون 110 لسنة 2014 بتقرير مكافأة مالية للخاضعين لقانون التأمينات الاجتماعية لتنص في المادة 6 يشترط لاستحقاق المكافأة المنصوصة ألا تقل مدة الاشتراك 24 شهراً، وتستثنى من ذلك حالات الوفاة او العجز الكامل او بلوغ السن المقررة لترك الخدمة او عند بلوغه خمسة وستين عاما، لنجد ان الاستثناءات المنصوص عليها في القوانين لم تشمل المعاق او المكلف برعاية معاق، اذا ما طلب التقاعد وفقا لاحكام القانون رقم 8 لسنة 2010 والمعدل برقم 101 لسنة 2015.
لما اورد المشرع في ديباجة المذكرة التفسيرية للقانون 101 لسنة 2015، «انطلاقاً من المفهوم الاسلامي القائم على التكافل والتضامن واعتبار رعاية الاشخاص ذوي الاعاقة ليست منة او شفقة، وانما واجب على المجتمع والتزام من الدولة نحو هذه الشريحة المهمة ذات الاحتياجات الخاصة، التي لا يجوز ان تحرم من حقوقها المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بسبب الإعاقة»، وجاء الدستور في نص المادة 11 تكفل الدولة المعونة للمواطنين في حالات الشيخوخة او المرض او العجز عن العمل، وكما توفّر لهم خدمة التأمين الاجتماعي.
مكافأة نهاية الخدمة هي التزام على الحكومة ومصدره نظام العمل، على ان تلتزم بموجبه ان تسلم الموظف مبلغا من المال نظير مدة خدمته، والقصد منه تأمين على مستقبل الموظف وحمايته بعد التقاعد بسبب الشيخوخة والعجز عن العمل، وتكون له عونا في تأمين نفسه واسرته التي يعيلها، الا يعد سلب هذا الحق ظلما، لكون العدالة التي نلمسها من حق الموظف في تسلم حقه بعد ان كان جزءاً من مكان العمل، وساهم في انجاح العمل المطلوب منه، وقد قام بتنمية العمل وأنجز ما طلب منه يسلب حقه الدستوري والدولي وفق الاتفاقيات الدولية، ان مجرد التفكير في الموظف انه لم يمتنع عن العمل الا بسبب ظروفه التي منعته، فهل جزاؤه سلب هذا الحق؟!
عذراء الرفاعي