[B]
قالت مديرة إدارة رعاية وتأهيل المعاقين في وزارة الشؤون الاجتماعية وفاء حمد بن سليمان، إن هناك 36 معياراً ينبغي مراعاتها عند تحديد الإصابة بالتوحد من عدمها، نافية صحة تقارير تشير إلى زيادة أعداد المصابين باضطراب التوحد.
وأكدت أن تلك التقارير «غير دقيقة»، مضيفة أن «زيادة عدد المرضى نتيجة لتطور أساليب الكشف، وزيادة الاهتمام بالتوحد، وليس لوجود زيادة فعلية». وقالت إنه يمكن الحديث عن زيادة نسبة الإعاقات المتأثرة بالظروف الخارجية، مثل الطفل الكحوليّ، أو بعض الإعاقات الناتجة عن تأثير الإشعاعات النووية، لافتة إلى أن التوحد ومتلازمة داون ليسا من تلك الإعاقات، ولم يحدث أي تغيير في نسبهما. وأوضحت بن سليمان أن نسبة كبيرة من الأطفال المشخصين بالتوحد ليسوا مصابين باضطراب التوحد فعلا، بل بإعاقات ذهنية مختلفة، لكنهم يسجلون في الكشف الطبي على أنهم يعانون سمات توحدية، والحقيقة أن الأمر مختلف كليا عن التوحد، وذلك لعدم انطباق المعايير التشخيصية المسجلة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية عليهم.
ولفتت إلى أن تسجيل الطبيب مريضا تحت مسمّى التوحد، أو سمات توحدية، يخفف عن الأهالي صدمة تشخيص الإعاقة العقلية، وهو ما يدفع عددا من الأطباء إلى استخدام هذا المسمّى.
وأضافت بن سليمان أن النمو الاقتصادي في الدولة أدى إلى تنوع سكاني، واستقطاب آلاف الأسر، ما نتج عنه ارتفاع عدد حالات التوحد المشخصة في الدولة تناسبا مع زيادة عدد السكان، مشيرة إلى أن تسليط الإعلام الضوء على التوحد وتوعية الأهالي زاد من إقبالهم على التشخيص الطبي الذي كان يعالج في الماضي على اعتباره مصابا بـ«العين» أو «الحسد» أو «المس».
ولفتت إلى أن المبالغة في تسليط الضوء على اضطراب التوحد زاد من توجس الأهالي بإصابة أولادهم بالاضطراب، إذ يتصل أهال بالوزارة بعد كل حلقة تلفزيونية، أو موضوع في صحيفة عن المتوحدين، ليسألوا عن تصرفات عادية لأولادهم، يشتبهون في كونها سمات توحد.
36 معياراً
وأوضحت بن سليمان أن التوحد هو تطابق معايير مختلفة من أصل 36 معيارا موزعة على ثلاث مجموعات رئيسة، اجتماعية ولغوية، تتعلق بالتواصل والسلوك.
وتشير الأدلة إلى وجود صفات مشتركة للمتوحد مع عدد من المعايير المسجلة في كل مجموعة، وليس كل مشكلة سلوكية أو لفظية أو غيرها يعانيها الطفل تدعى توحدا.
وبينت بن سليمان أن التوحد مرض وراثي لا يتأثر بالعوامل الخارجية حتى يمكن الإشارة إلى ظروف معينة أدت إلى زيادة في أعداد المتوحدين، كما قد يحدث في إعاقات أخرى، مثل ما يسمّى متلازمة الطفل الكحوليّ والناتج عن ثورة الانفتاح في الدول الغربية، وشرب نساء للكحول، ما أدى لزيادة كبيرة في عدد المصابين بهذا النوع من الإعاقة.
وأشارت إلى أن تقارير أخرى تشير إلى زيادة في أعداد المصابين بمتلازمة داون، غير أن هذا التوصيف غير صحيح على الاطلاق، مشيرة إلى أن تطور البحوث الطبية أسهم في بقاء كثير من أصحاب متلازمة داون على قيد الحياة بعدما كان عدد منهم يموت بعد الولادة مباشرة بسبب مشكلات في القلب وغيره.
كما أسهم التطور العلمي في زيادة متوسط العمر لهؤلاء المرضى، إذ لم يكن يزيد على 30 عاما، ما أدى إلى زيادة نسبة وجودهم وظهورهم في المجتمع، غير أن نسبة المواليد ثابتة عند معدل واحد من كل 7000 مولود.
اضطراب متعدّد الأعراض
قالت بن سليمان إن مسمّى التوحد يستخدم لوصف الأطفال الذين تظهر لديهم سلوكيات خاصة وغير عادية في السنوات الثلاث الأولى من حياتهم، وتظهر هذه السلوكيات في:
– المجال الاجتماعي: يُظهر الأطفال المصابون فقدان الاهتمام بالآخرين، والانعزال الاجتماعي، أو السلوك والتواصل الاجتماعي غير الطبيعي.
– ضعف التواصل واللغة: يظهر المصابون اضطرابا شديدا في اللغة والتواصل بمظاهرهما المختلفة، بما في ذلك التواصل الشفهيّ وغير الشفهيّ، مثل الكلام الببغائي أو كلام الصدى (إعادة الكلام المسموع)، وعدم تطور اللغة والكلام أو اقتصار اللغة على أصوات بدائية أو العجز عن استخدام اللغة بغرض التواصل.
– اضطرابات السلوك: يظهر المصاب بالتوحد مظاهر سلوكية غير عادية، مثل السلوك الروتيني النمطي الذي يتصف بالتكرارية. وتابعت بن سليمان أنه إضافة إلى هذه العلامات، هناك مجموعة كبيرة من الأعراض تظهر على بعض الأطفال المصابين، وقد لا تظهر عند أطفال آخرين، مثل سلوك أذى الذات (عض اليدين وضرب الرأس على سبيل المثال)، أو التعلق بالأشياء الجامدة، مثل التعلق بعصى أو لعبة معينة أو رفرفة اليدين والمشي على أطراف الأصابع ومقاومة الاحتضان، حتى من أقرب الأشخاص لديه، مثل والدته أو أخوته، وقلة الإحساس مثل عدم الإحساس بالألم، وسلوكيات نمطية كثيرة مثل شم الأشياء بدل استخدامها أو لعق الألعاب عوضا عن اللعب بها.
وأشارت إلى أن أحد المسميات الحديثة والمقبولة على نطاق واسع عند الباحث، التي تستخدم لوصف اضطراب التوحد، هو استخدام مسمى «اضطراب نمائي»، إذ إن أعراض التوحد تظهر في السنوات الأولى من حياة الطفل في فترة النمو وتشمل عمليات نمو مختلفة وتكون هذه الأعراض واضحة في السن بين 24 ـ 30 شهرا.
أما التوصيات الحديثة الصادرة عن الفيدرالية الفرنسية لاضطراب التوحد، فتشير إلى عدم إطلاق مسمى التوحد على الطفل قبل سن الثانية.
قدرات خاصة
وأشارت بن سليمان إلى أن التوحد يتميز بسمات خاصة تجعله مختلفاً عن الإعاقات الأخرى، إذ يلاحظ عند نسبة قليلة جداً من الأفراد المصابين بالاضطراب قدرات خاصة وعالية جداً على الرغم من وجود انخفاض شديد في مجمل قدرات الشخص المصاب.
وتابعت: «نجد لدى البعض مهارات عالية جداً لا توجد لدى أفراد آخرين مثل القدرة على حفظ قوائم طويلة من الأسماء مع تواريخ الميلاد لكل اسم، أو القدرة على حفظ الإعلانات بالتلفاز باللحن والإيقاع نفسهما، كما أننا نجد لدى البعض قدرة على الرسم من الذاكرة، مع إضافة تفصيلات دقيقة جداً، مثل رسم مبنى مع رسم العدد الصحيح من النوافذ، ولدى البعض مهارات عالية في ألعاب التركيب أو الموسيقى»، موضحة أن القدرات الخارقة موجودة عند نسبة لا تتجاوز 5٪ من المصابين.[/B]