فصول الدمج بوزارة التربية «تجربة في قاعة الاختبار» وعلامات استفهام تحتاج إلى «مراجعة»، وأوضاع في حاجة إلى «تصحيح» وقواعد ربما حان وقت «رسمها» من جديد! لكن كيف؟ والملف مسكوت عنه والتلاميذ الذين يعانون بطء التعلم لظروف طبية لا يشتكون والتعليم العام بغض النظر لسبب أو لآخر، مسمى مراقبة التربية الخاصة يبدو وهمياً فلا رقابة ولا تصحيح أوضاع. في كتاب الوزارة الخاص بمعلمي فصول الدمج نصت المادة الثانية منه على تبعية معلمي الدمج من الناحية الإدارية
والفنية لرؤساء الأقسام العلمية في المدارس، ولكن الواقع يقول عكس ذلك تماماً، بل انفصلوا انفصالاً تاماً في أقسام منعزلة ومن المدهش انه تم تكليف أحد معلمي الفصول الخاصة بالقيام بدور رئيس القسم «إدارياً» فقط وتحت مسمى «المنسق» و«المنسقة»! فهل هذا المسمى معترف به؟ ومن الرئيس المباشر لهذا المنسق؟ وهل يعامل المنسق، عند وضع تقارير الكفاءة، معاملة رئيس القسم فيستأنس برأيه ويكون له تأثير كبير في درجة تقييم المعلم؟ فهل صدر قرار وزاري بذلك؟وكم دورة قُدمت لمعلمي الفصول الخاصة الداون، بطيئي التعلم؟ ولماذا لم يُطبق نظام دمج معلمي الفصول الخاصة بمعلمي العام؟ ومن الجهة المسؤولة عن عرقلة نظام الدمج؟ خاصة أن التواجيه الفنية حاولت التدخل بعد تدني مستوى المعلمين الفني ولكنها اصطدمت برفض مراقبي التربية الخاصة لمطالباتهم!
مدير منطقة حولي التعليمية سابقاً أنور العنجري يقول إن المصلحة والفائدة من ناحية الطالب ومن الناحية الفنية تحتم وجود الطلبة الذين يشتكون من مرض نفسي مدمجين مع إخوانهم الأصحاء، وتزداد مشكلتهم كلما عزلناهم وأبعدناهم عن المخالطة، فصحتهم في دمجهم مع الناس والمجتمع، ويزداد هذا بصفة خاصة مع مرضى متلازمة الداون لأنهم يملكون مشاعر وحساسية مفرطة، وعندما نقيم التجربة عندنا من الناحية التطبيقية، فإننا نرى ونلحظ مشاكل كثيرة على الرغم من أن الوزارة تدعم كل فصل بـ 500 دينار، إلا أن الأداء على غير المستوى المطلوب، فإدارات المدارس لا توفر الاحتياجات المطلوبة على الرغم من توفر الدعم الوافي والكافي لفصول أخرى.
مراقبو الدمج بلا دمج
في واقعة توضح الغموض حول منظومة المراقبين المنوطة بهم عملية المراقبة على فصول الدمج، يذكر أنور العنجري مدير منطقة حولي التعليمية سابقاً أنه عندما كان في موقع المسؤولية وكانت عبير صالح هي المراقبة على فصول الدمج بمنطقة حولي، فوجئت بسحب مسمى مراقب منها وعادت إلى المسمى السابق لها وهو اخصائية اجتماعية دون إبداء أي أسباب لهذا التغيير، وقمت بدوري في دعمها الكامل للقيام بدورها كمراقب لتواصل تقديم دورها وأداء وظيفتها دون المسمى، ولا شك أن هذا قصور واضح من قبل وزارة التربية في دعم موقف المراقبين أمام الخدمة المدنية التي رفضت قبول دمج مراقبي فصول الدمج ضمن هيكلة الوزارة فأصبح مسمى مراقب غير معترف به، وفي الوقت نفسه هو قائم ويمارس عمله بصلاحيات.
ويشير أنور العنجري الى أن قطاع التعليم العام بوزارة التربية هو من يقوم بتعيين المراقبين بالاستعانة بالخدمة النفسية، وهو من يحدد شروط قبولهم، إلا أن هناك اتساعا للمشاكل المتعلقة بالأسماء والمسميات بين ديوان الخدمة المدنية والوزارة، فكل العاملين في المدارس يكتنفهم الغموض واللبس في هذه القضية، ويكفي أن أقول لك لو أن مدير المدرسة بعد أن يقضي 20 عاماً خدمة في وظيفة مدير مدرسة ويريد الانتقال إلى الوزارة فإنه ينتقل بلا مسمى واضح على الرغم من أنه ظل طيلة هذه الفترة تحت مسمى مدير مدرسة، غير أن هذه الفترة من الزمن لا تشفع له أمام الوزارة ولا ديوان الخدمة المدنية أن يكون له مسمى واضح، فهو موظف عادي ولا يوجد سلم وظيفي واضح ولا معادلة لمسماه للتدرج الوظيفي المعروف في كل مكان بالعالم.
منسق ومنسقة
أحد مسؤولي وزارة التربية قال لـ القبس انه يتمنى لو تم هدم هذا النظام من أوله وإعادة ترتيبه من جديد لغياب الرقابة، مدللا على ذلك بالوظائف المستحدثة لنظام الدمج وهو ما يسمى بـ «المنسق أو المنسقة» وما له من صلاحيات تمنحه أن يكون مدير مدرسة داخل المدرسة عندما ننظر أيضاً الى المعلمين الذين يتم اختيارهم للتدريس بفصول الدمج وليسوا متخصصين ولا مؤهلين بصورة مهنية للقيام بالتدريس لهذه الفئة، وإن أردنا أن نكتب نجاحاً لهذا المشروع فمن المهم أن نختار المعلم المتخصص الحاصل على دورات تدريبية في هذا المجال من دون أن تدخل الواسطة أو أي معايير غير مهنية في اختيارهم بسبب 40 أو 50 دينارا زيادة في رواتب وجداول حصص مريحة لمن يعلمون بفصول الدمج.
لكن ماذا عن كيفية اختيار هؤلاء المعلمين ؟ نسأله فيقول : عن طريق مقابلات شخصية من دون معايير مهنية أو رسمية كما تنص على ذلك القرارات الوزارية، لافتا الى ان أعداد المعلمين مقارنة بعدد الطلاب ضخمة، فقد يصل عدد الحصص التي يدرسها المعلم خلال أسبوع إلى حصتين فقط، ولكن من يقوم بالإشراف هو مراقب التربية الخاصة وهو غالبا غير مؤهل لتلك الوظيفة لأنه مجرد معلم بالأساس، فهل لا يعد هذا إلا فساداً واضحاً لإدارة تلك المنظومة الحرجة في قطاع التعليم، وهل نرى تحركا من وزير التربية يعيد الأمور إلى نصابها؟
فصول الداون وبطء التعلم
وتقول احدى المعلمات: من واقع خبرتي مع برنامج بطء التعلم لمست فوضى وتسيّبا وعدم اهتمام المناطق التعليمية بالبرنامج (خصوصاً مع عدم وجود مراقب للتربية الخاصة منذ سنوات وتعاقب مراقبي المراحل الاخرى بالانابة).
وفي السنوات الثلاث الماضية، بدأت كلية التربية الاساسية بإيفاد معلمي التربية العملية لبعض المواد الاساسية (اللغة العربية-التربية الاسلامية – الرياضيات – العلوم) فقط للبرنامج، ولكن هناك خللا واضحا يتمثل في عدم وجود رئيس قسم بالبرنامج للمواد الأساسية له الأثر الواضح في المتابعة الفنية المكثفة والمركزة لكل من معلمي التربية العملية ومعلمي البرنامج على حد سواء، كما لوحظ قيام تعيين معلمين (تخصص تخلف عقلي) في البرنامج…حيث يفتقرون للخبرة والدراية بهذه الفئة، وزد على ذلك عدم وجود رئيس قسم (مرة أخرى) لمتابعة المعلم الجديد وتنميته مهنياً بما يتناسب مع هذه الفئة، وقد طمعت بعض الادارات وليس الكل بالاستفادة مادياً من ميزانية البرنامج وإدارياً من معلمي البرنامج (الساعين لرضا الادارة) قد سبب بإهمال الطلبة وتدني مستواهم أيضا لوحظ بالسنوات الاخيرة كثرة المشاكل الادارية بين المعلمات بمختلف التخصصات، وذلك لعدم وجود «مدير مساعد» خاص للبرنامج وتكليف «منسق/معلم» للقيام بهذا الدور، كما قامت الوزارة بتكليف رؤساء اقسام التعليم العام بالاشراف الفني على معلمي البرنامج.
نسبة النجاح في المشروع لا تتعدى 50%
مدير منطقة الجهراء التعليمية وليد غيث واحد ممن قاموا بتصويب ومواجهة قصور، فور تقلده الإدارة التي كانت تضم احدى المدارس التي بها فصلان بنظام الدم،ج أحد هذه الفصول به 3 طلبة، والآخر به 4 طلبة يقوم بتدريسهم ما يزيد على 25 معلما، وكان المعلمون ينصرفون في الثانية عشرة ظهراً، أي قبل موعد الانصراف الرسمي للدوام.
وفي إجابته عن نظرته للتجربة بشكل عام، قال إن التجربة حتى الآن ليست بالشكل الصحيح المرضي، ونسبة نجاحها 50%.
صرخة إنذار للمسؤولين!
فصول الدمج بلا دمج بأمر من مراقبي التربية الخاصة بالتكليف، ولا عزاء للقرارات الوزارية.. بهذه العبارة أعرب عدد من المعلمات عن استنكارهن لما يحدث داخل هذه الفصول، وأشرن الى وجود مدرستين للداون متجاورتين في إحدى المناطق التعليمية تقدمان التعليم لسبعة طلاب ويدرسهم ٢٧ معلمة بتكلفة تتجاوز نصف المليون دينار سنوياً، فأين رقابة وزارة التربية؟!
ما الدمج التعليمي؟
الدمج التعليمي هو أسلوب حديث في تقديم الخدمات التعليمية للطلبة من ذوي الاعاقة في المراحل التعليمية المختلفة، ويركز الدمج على إلحاق الاطفال المعاقين بالفصول الدراسية العادية ومتابعة تعليمهم العام في الظروف المدرسية نفسها التي يعيشها اقرانهم العاديون مع تزويدهم بالخدمات التعليمية والاجتماعية التي يحتاجون اليها في المدرسة العامة، وهو من أكثر الأنظمة مرونة في تعديل المناهج الدراسية والبيئة الصفية والدراسية، لما يتناسب وامكانيات كل فئة من فئات الإعاقات المختلفة.
لا رحلات!
من أهم أهداف برنامج بطيء التعلم احتواء الطالب نفسياً ومساعدته على التغلّب على مشاكله الدراسية من خلال انشطة مثل الرحلات والايام المفتوحة خلال اليوم الدراسي، لكنَّ فيه كثيراً من المشاكل والروتين الوزاري الممل، في حال طلب المعلمون تنظيم رحلة او شيئا مشابها، حيث يكون الرد في الغالب بالرفض، وفي حالة الموافقة ـــ وذلك نادراً ما يحدث ـــ تكون المشكلة عدم توافر باصات!
الدورات التدريبية.. ضرورة
رأى الموجه الفني للغة الإنكليزية مولاي عبد العزيز عدم وجود أي سلبية واضحة في نطاق ما أشرف عليه من توجيه وهي ثلاث مدارس طالبات ومدرسة متوسطة بنين مجموع ما يشرف عليه من توجيه، وتتضمن مجموعة من المعلمات والمعلمين على كفاءة عالية، ومستواهم جيد ولديهم قدرة على توصيل المعلومة بشكل ممتاز. وعن رضاه عن الدورات التدريبية التي يتلقاها المعلمون أكد أنها كافية ويستفاد منها المعلمون بشكل جيد، متمنياً إحداث التطوير والتحسين بشكل مستمر.
المصدر : طاهر حماد \ جريدة القبس