أشارت رئيسة الجمعية الكويتية لاختلافات التعلم «كالد» آمال الساير إلى أن الجمعية هي إحدى جمعيات النفع العام، والتي لا تدخر جهداً في تقديم الدعم والمساندة ومساعدة الأشخاص من ذوي صعوبات التعلم أو اضطراب تشتت الانتباه وفرط النشاط، خاصة من الطلبة في المدارس الخاصة في الكويت، وذلك من خلال برامج توعوية تشمل موقعها الإلكتروني ودورات تدريبية وأنشطة متنوعة، وفي لقاء خاص لـ «الأنباء» ضم معها كلا من نائب المدير التنفيذي للجمعية الكويتية لاختلافات التعلم مريم البشر، ورئيسة اللجنة المنظمة لحملة «علمني صح» هناء الدعيج، أشارت الساير إلى ضرورة إدراك أولياء الأمور أن صعوبات التعلم ليست نهاية الطريق امام أبنائهم، إنما هي بداية لعمل جاد من قبل الأسرة والمعلمين لإيصال تلك الشريحة العزيزة إلى بر الأمان وتحقيق مستقبل ناجح لهم، وإلى التفاصيل:
600 ألف طالب
في البداية، أشارت الساير إلى تاريخ «كالد» التي تأسست عام 2007 بدعم مالي من مؤسسة مبرة مشاريع الخير وشركة مشاريع الكويت القابضة، لتتشكل من فريق عمل ومجلس أمناء من المتطوعين المتخصصين في مجال صعوبات التعلم، أولياء أمور ومدرسون مهتمون في هذا المجال، لافتة إلى أن مجلس الأمناء اقترح في ذلك الوقت عبارة «اختلافات التعلم» في تسميتها بدلاً من «صعوبات التعلم»، لإيمانهم بأن الأشخاص المعنيين هم أشخاص أذكياء وقادرون ليس على التعلم فقط، إنما على التفوق أيضا رغم وجود صعوبات تجعلهم يختلفون عن غيرهم في طريقة وأساليب التعلم.
وعرفت الساير صعوبات التعلم باعتبارها مجموعة منوعة من الاضطرابات تنشأ نتيجة خلل بسيط في الأداء الوظيفي للدماغ، مما يؤثر على تحصيل وفهم وحفظ وتنظيم واستعمال المعلومات الشفهية أو غير الشفهية، التي تظهر كصعوبات أو قصور في واحدة أو أكثر من المهارات اللغوية «كالتعبير اللغوي والفهم المسموع»، أو المهارات الأكاديمية كالقراءة والكتابة والرياضيات وغالبا المهارات الاجتماعية، موضحة أن هناك أيضا ما يعرف بـ «اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط»، والذي قد يترافق مع صعوبات التعلم ويؤدي في أغلب الأحيان إلى تحصيل أكاديمي متدن لدى الطالب ومشاكل نفسية وسلوكية تؤثر عليه وعلى كل من حوله.
الأسرة والمدرسة
وفيما يتعلق بأعداد الطلبة الذين يعانون من صعوبات التعلم في الكويت، قالت:لا توجد إحصائية خاصة بالكويت، ولكن هناك ما يقارب من 600 ألف طالب في مدارسها، في حالة تم الأخذ بالنسبة الوسطى للاحصائيات المختلفة.
أما فيما يتعلق بكيفية اكتشاف الطفل الذي يعاني من صعوبات في التعلم، فأوضحت أن الأسرة الواعية هي القادرة على معرفة ما إذا كان لدى طفلها أعراض تدل على أنه قد يعاني من صعوبات في التعلم، لافتة إلى أهمية الاكتشاف المبكر والتعامل الصحيح مع تلك الأعراض مما يتيح لدى الأسرى نتائج لنجاح الطفل في بناء مستقبله، مشددة على أهمية دور المدرسة في إرشاد الأهل وتوفير معلمين من ذوي الخبرة والتخصص، ليكونوا قادرين على تقديم الخدمات الأكاديمية والنفسية الضرورية، مشيرة إلى أنه إضافة إلى ذلك لا بد من توافر الوعي المجتمعي، لما يحتاجه الطالب من تلك الشريحة إلى الشعور بالقبول حتى نتمكن من تحقيق الدمج المجتمعي ويصبح الطفل قادراً على أن يكون عضواً فاعلاً في مجتمعه.
محاور رئيسية
وفيما يتعلق بدور «كالد»، كشفت الساير عن أن الجمعية تعمل وفقاً لأربعة محاور رئيسية، يتمثل الأول منها في: توعية المجتمع من خلال إعداد حملات توعية عن صعوبات التعلم واضطراب تشتت الانتباه وفرط النشاط، ضمن مجموعة من المحاضرات والورش، إلى جانب نشر مقالات في الصحف والمجلات.
وبينت أن المحور الثاني: ينطلق من توعية الأسرة بدورها من خلال سلسلة من الدورات التدريبية التي توضح آليات التعامل مع أبنائهم، والإجابة على جميع استفساراتهم وإرشادهم إلى مراكز التشخيص والمدارس والمعاهد والجامعات، أما المحور الثالث فيتلخص في تقديم مختلف الورش والمحاضرات التدريبية للمعلمين والاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين العاملين بهذا المجال، لافتة إلى أن المحور الرابع والأخير يتمثل في سعي الجمعية إلى تقديم البرامج الترفيهية التربوية الهادفة للطلبة من ذوي صعوبات التعلم من خلال إقامة المخيمات وإفساح المجال لهم لإظهار مواهبهم وقدراتهم من خلال احتفاليات متنوعة.
وأشارت الساير إلى أن المقصود بالعلاج لیس الشفاء التام من الإعاقة التعليمية، وإنما التدخل لمساعدة ذوي الإعاقة التعليمية على تعويض العجز والتكيف مع وضعيتهم، موضحة أنه لا توجد طريقة واحدة وموحدة للعلاج بـل تتعــدد الأساليب والبرامج المستخدمة لهذا الغرض، مرجعة السبب في ذلك إلى تباين الحالات في نوعها وشدتها، مما يستدعي إعداد خطة علاجية خاصة لكل حالة بمفردها.
ولفتت إلى أن البرامج العلاجية لتلك الشريحة تكون بإشراف فريق مؤلف من عدة تخصصات لتشمل: المعلم المختص، والإخصائي النفسي، والإخصائي الاجتماعي، ليلعب كل منهم دورا مهما لاستكمال الخطة العلاجية المتكاملة.
رسالة إلى الأهل
وفي النهاية، توجهت الساير برسالة إلى أولياء الأمور وخاصة الأمهات وفريق الدعم في الجمعية، أكدت من خلالها على ضرورة أن تثق الأم بحدسها كونها الأكثر شعورا ودراية بالطفل منذ ولادته، إلى جانب قبول الأطفال بجميع إعاقاتهم، مع البحث وإدراك مواطن القوة لدى كل طفل بالرغم من إعاقتهم التعليمية، مشيرة إلى ضرورة ادراك أولياء الأمور بأن تلك الإعاقات ليست طريق نهاية أبنائهم، إنما هي بداية لعمل جاد من قبل الأسرة والمعلمين من اجل إيصال تلك الشريحة العزيزة إلى بر الأمان وتحقيق مستقبل ناجح.
«عطني فرصة»
من جهتها، تحدثت نائب المدير التنفيذي للجمعية الكويتية لاختلافات التعلم مريم البشر عن حملة الجمعية والتي أقامتها تحت شعار «عطني فرصة»، لافتة إلى أن الحملة تعد جزءا من مشروع THE CAUSE، الذي تنظمه جامعة الخليج لاختيار 4 جمعيات نفع عام للتعاون مع شركات دعاية بهدف إطلاق حملات لجمع الأموال لتحقيق أغراض إنسانية، حيث تتنافس تلك الجمعيات فيما بينها لنيل جوائز تقدمها الجامعة.
وتابعت البشر:«اختارت «كالد» أن يتم جمع التبرعات لمساعدة أكبر عدد من الطلبة للحصول على التشخيص الصحيح والدقيق من أجل وضع خطة تعليمية فردية لكل طالب، تمكنه ليس فقط من النجاح بل إلى التفوق أيضا، مرجعة السبب في اختيار «التشخيص» كمحور للحملة إلى الصعوبة في التعرف على حالات صعوبات التعلم لدى الأطفال، كونها إعاقة خفية (خلل في الموصلات العصبية) ولا تتمثل في أغلب الأحيان في مظاهر جسدية مرئية».
وأعربت البشر عن سعادتها البالغة بحصول فريق «عطني فرصة» بالمركز الأول بين جميع الجمعيات المتنافسة لنجاح الحملة الباهر، متوجهة بجزيل الشكر والتقدير كل من دعم الفريق، ولو بمبلغ بسيط جداً ساهم من خلاله في تخفيف معاناة أحد الأطفال وأسرته، وإلى جامعة الخليج على إتاحة الفرصة للمشاركة في المسابقة، إضافة إلى شركة سينيار للدعاية والإعلان على تبرعهم بالعمل معنا، حيث كان لتعاونهم وجهودهم الدور الكبير في حصولنا على الجائزة الأولى.
«علمني صح»
كما التقت «الأنباء» برئيسة اللجنة المنظمة لحملة «علمني صح» هناء الدعيج، والتي حدثتنا عن الحملة التي أطلقتها الجمعية الكويتية لاختلافات التعلم (كالد) لتعزيز الخدمات التعليمية المتكاملة لذوي الإعاقات التعليمية، وتطرقت الدعيج إلى المادة 10 من القانون 8 لسنة 2010 في شأن الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي نصت على أن تتخذ الحكومة جميع الترتيبات الإدارية، والتنظيمية الفعالة والمطلوبة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة، بما فيهم فئتا بطيئي التعلم وصعوبات التعلم في مراحل التعليم المختلفة ضمن مناهج تعليمية وتأهيلية، بما يتناسب مع قدراتهم الحسية والبدنية والعقلية والتعليمية، مما يؤهلهم للاندماج في المجتمع والعمل والإنتاج، لافتة إلى أن القانون اعتبر صعوبات التعلم إعاقة.
وأوضحت أن فكرة الحملة جاءت من هذا المنطلق في السعي إلى المطالبة بحقوق كل الطلبة من ذوي الإعاقات التعليمية، على الرغم من أن أهداف الجمعية موجهة إلى الطلبة ذوي صعوبات التعلم واضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة فقط، متمنية ان تمتد خدمات «كالد» إلى الطلبة بطيئي التعلم كون تلك الشريحة لا تجد من يعتني بها بالشكل المطلوب.
وأضافت الدعيج: ان فكرة الحملة انطلقت من إيمان «كالد» بأن تكون إحدى منظمات المجتمع المدني الفاعلة في الكويت ذات التأثير على صنع وتنفيذ القرارات والارتقاء بالمجتمع، لما تتمتع به من تاريخ حافل بالتواصل مع أولياء أمور الطلبة من ذوي إعاقات التعلم، وإطلاعها المدروس على تجاربهم وآرائهم وهمومهم بخصوص التعليم ومستقبل أبنائهم، لافتة إلى أن تلك الخبرات في ذلك المجال دفعتهم ليس فقط لرصد التحديات التي تواجه هؤلاء الطلبة وآثارها السلبية نفسيا واجتماعيا وأكاديميا، بل العمل على إلقاء الضوء عليها بهدف التوعية، مما دفع مجلس إدارة «كالد» لإطلاق الحملة التثقيفية التوعوية تحت شعار «علمني صح»، وذلك اثر التوصيات التي أقرها ملتقى أولياء الأمور الأخير.
وأكدت الدعيج أن الجمعية تهدف من خلال الحملة إلى تسليط الضوء على ماهية مشكلة صعوبات التعلم، ومؤشراتها، والتعاون على إيجاد برامج علاجية، وتطويرية بدءا من العمل على الاكتشاف المبكر، والارتقاء بالسلوك التعليمي المتكامل، وبناء الإنسان في الجوانب الأكاديمية والاجتماعية والنفسية الحركية، إلى جانب تحفيز صناع القرار على تقديم أفضل الخدمات لهم.
الاكتشاف المبكر
وأشارت الدعيج إلى أن فريق حملة «علمني صح» اتفق على إعداد وثيقة توضح أهمية الخدمات في عمليتي التعليم والتعلم، والسعي نحو توفير الخدمات التي تعمل على بناء الشخصية المتكاملة المتوازنة لدى المتعلمين، وعليه تم اختيار نخبة من الاستشاريين والخبراء في مجالات التربية والطب التطوري والقانون، للبحث في كل ما يتعلق بخدمة ذوي الإعاقة التعليمية، والبحث في مراجع علمية مختلفة محلية وعالمية توضح وتحدد الجوانب المهمة المتعلقة بالموضوع لتسليط الضوء عليها وخدمتها.
كما لفتت إلى أن الوثيقة تضمنت عددا من التوصيات المهمة التي من شأنها أن تفعّل أحكام القانون 8/2010 بهدف حفظ حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مادتيه 9 و10 واللتين تكفلان فرص التعليم المناسب لهم.
وفي الختام، كشفت الدعيج عن أن الفريق العلمي للحملة تبنى اقتراحا خاصا بإطار الـ «RTI» والمعروف بـ«الاستجابة للتدخل» بهدف تطوير عملية التعليم والاكتشاف المبكر، باعتباره وسيلة لمساعدة الطلاب في بدايات ظهور الصعوبة في التعلم من خلال التقييم المستمر، حيث تستخدم نتائج التقييم لمساعدة المعلمين على اختيار أفضل المواد والأساليب التعليمية التي تلبي احتياجات المتعلمين، ومتابعة تقدمهم، لافتة إلى أن أبرز مميزات ذلك الإطار هو انه نموذج شامل للوقاية من التأخر في التعلم والسلوك، كما يسعى إلى تجنب الفشل الدراسي من خلال التدخل المبكر، وتكرار قياس تطور الطالب، وتكثيف التدخلات التعليمية القائمة على منهجية علمية، إضافة إلى منع الممارسات التقليدية بانتظار فشل الطالب المتكرر لتحويله إلى التعليم المتخصص.
البشر: ضرورة التوعية المجتمعية ودلائل وجود صعوبات التعلم تظهر في سنوات الطفل الأولى
أوضحت مريم البشر أن الدلائل على وجود صعوبات التعلم تظهر في السنوات الأولى من حياة الطفل، إلا أنها تصبح أكثر وضوحا بعد التحاقه بالمدرسة، لتبدأ مشاكل القراءة والكتابة والحساب بالظهور، وليفاجأ الأهل بكون ابنهم الذكي لا يستطيع مجاراة أقرانه في التحصيل العلمي، مشيرة إلى أنه في الكثير من الأحيان تظهر لديه مشاكل سلوكية كالحركة الزائدة في الصف، وضعف في المهارات الاجتماعية خاصة في تكوين الصداقات وتدني الثقة بالنفس.
وأكدت البشر على ضرورة أن تبدأ مساعدة تلك الفئة من الطلبة بتوعية أولياء الأمور والمدارس والمجتمع ككل بالأعراض التي يعاني منها الأطفال من ذوي صعوبات التعلم وأثرها السلبي على مختلف نواحي حياة الطالب، مشددة على أهمية التدخل المبكر الذي يشمل التشخيص، لتبدأ المرحلة الأصعب وهي تشجيع أولياء الأمور على إجراء تلك الفحوصات لأطفالهم، مشيرة إلى أن صعوبة تلك المرحلة تكمن في ارتفاع أسعار الفحوصات التي تتراوح ما بين 280 و800 دينار لكل طالب.
المصدر : كريم طارق \ جريدة الانباء