0 تعليق
531 المشاهدات

أم لخمسة من الصُّم : زوجي قُتل في أفغانستان وأنا «أجاهد» لأربّي الأبناء!



أفنت شبابها وبذلت كل جهدها لتربية فلذات أكبادها، جاهدت وثابرت ولم تقف عاجزة امام اعاقة ابنائها الخمسة، بل حاولت المستحيل، وقررت أن تقود الدفة بسلاح الارادة والصبر بعد رحيل زوجها، الذي هجرها ولحق بالجهاديين في أفغانستان، تاركا لها خمس زهور لتضيء بهم شمعة حياتها، كما وصفتهم بطلة قصة الكفاح.
القبس التقت بأم لخمسة ابناء من ذوي الاعاقة السمعية، وهي ليلى الشمري، تعمل موظفة بوزارة التربية، حيث روت تجربتها مع اعاقة ابنائها وكيف تعايشت معها.
وقالت: تزوجت قبل أن أكمل عامي الثامن عشر، حيث كنت أدرس في السنة الاولى في جامعة العلوم الكيميائية، ورزقت بطفلي الأول خالد، وهو أول فرحتي التي لم تكتمل، حيث اكتشفت بعد مرور عدة اشهر من ولادته أنه لا يسمع ولا يستجيب للأصوات المحيطة به، ونزل الخبر عليّ مثل الصاعقة، وخصوصا انني كنت صغيرة في العمر، وغير مدركة لحجم المأساة، وكيفية التعامل معها.

الحزن والإحباط

وزادت: كنت في حيرة، وانتابني شعور بالحزن والإحباط، فلا الزوج متعاوناً ولا الابن سوياً، ولم اجد من يساعدني في تجاوز محنتي والتعايش معها سوى والدي واخواتي، الذين لم يقصروا يوما في دعمهم لي ولأبنائي مادياً ومعنوياً، وفكرت في وسيلة تعينني على معالجة ابني الأول، بعد أن طرقت أبواباً عدة، ولجأت إلى اطباء متخصصين، شخصوا حالته بإعاقة سمعية، مضيفة «لم أجد أمامي سوى أن أبيع ذهبي، لكي أسافر بابني إلى الولايات المتحدة الأميركية، وبالفعل سافرت به، وكان عمره 11 شهراً، وشُخصت حالته بأنه يعاني من نقص في الخلايا العصبية السمعية، ونصحني الاطباء بإجراء عملية زراعة قوقعة، غير أن هذا النوع من العمليات لم يكن منتشراً في الكويت في ذلك الوقت، وتحديداً عام 1995.

التعليم في الخارج
وأردفت ليلى: ولمست تعاوناً كبيراً من قبل الطبيب المتابع لحالة ابني، ونصحني بزيارة مدارس الصم في أميركا للتعرف على آلية التعامل مع طلبة ذوي الإعاقة السمعية، وكيفة التواصل معهم، حيث وجدت التعليم المتطور، الذي يعتمد على قراءة لغة الشفاه مع ارتداء السماعة، الأمر الذي شجعني على التريث، وعدم المخاطرة في اجراء زراعة القوقعة لابني، مضيفة: ولكن بعد عودتي الى الكويت، اصطدمت بالواقع المرير، فلم اجد مراكز متخصصة في تعليم التخاطب، وعندما بلغ ابني عامه الثالث، قررت إلحاقه بحضانة البستان للاعاقات السمعية وزارعي القوقعة، حيث كانت الوحيدة في تلك الفترة، وقمت بمتابعته ورعايته بنفسي، في الوقت الذي كنت أواصل فيه دراستي الجامعية.

رحلة أمل
وتحدثت عن الاعاقة السمعية لابنتها الثالثة أمل، التي أنجبتها بعد مولودتها السوية الثانية سحر، والتي بدأت معها رحلة التوتر والمشاكل الأسرية، وتدخلات أهل الزوج، بسبب اعاقة ابنائها، والتي تسبب في النهاية في حدوث الطلاق الأول، مشيرة إلى انها حاولت مرات عديدة الحفاظ على بيت الزوجية وتحقيق الاستقرار الأسري، غير أن محاولاتها باءت بالفشل.
ولفتت ليلى الى أن اعاقة ابنائها كانت تمثل شماعة الطلاق بالنسبة لزوجها واهله، حيث انفصلت عندما كانت تدرس في آخر فترة دراسية بالجامعة، مشيرة الى انها بعد الانفصال كانت تعتمد على الاعانة المالية التي تصرفها الجامعة للطلبة في الانفاق على ابنائها وتوفير مستلزماتهم والبالغة 200 دينار شهريا.
وأعادت الى الأذهان المشاكل والصعوبات التي واجهتها بعد التخرج، لاسيما انه لم يكن لديها دخل شهري للانفاق على ابنائها بعد توقف الاعانة الجامعية عقب التخرج، حيث ان والدها كان يساعدها، مضيفة: «ولكن بعد انتهاء مدة العدة، شعرت بعدم ترحيب أسرتي بفكرة الاستقرار معهم، كما كانت حريتي مقيدة كوني مطلقة، الأمر الذي دفعني الى العودة الى عش الزوجية مجددا».

الجهاد في أفغانستان!
وأردفت بالقول: بعد عودتي، رزقت بثلاثة ابناء يعانون من الاعاقة السمعية أيضاً، ومع ولادة الطفل الأخير بدأت علاقتي تتحسن مع والدهم لفترة ما، ولكن سرعان ما تبدلت بعد تغير عقله واتجاهاته الفكرية على نحو غير عادي، بعدها اخبرنا بأنه يرغب في السفر الى ايران وكنت وقتها في الشهر الثامن من الحمل، مستطردة: «بعد فترة، فاجأني (زوجي) باتصاله ليخبرني بأنه في أفغانستان يحارب مع الجهاديين حسب قوله».
ولفتت الى انه بعد مرور ستة اشهر، علمت بخبر وفاته في أفغانستان عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، تاركا لي ستة ابناء منهم خمسة من ذوي الاعاقة، مضيفة: «وزاد العبء علي، وأصبحت أبا وأما لأبنائي، علما بأن أهل زوجي تخلو عني بسبب اعاقة أبنائي».
وتحدث الشمري عن جهدها وحرصها الشديد على متابعة ابنائها والدخول الى عالمهم، حيث التحقت بدورات تدريبية لتتعلم لغة الاشارة والتواصل معهم، اضافة الى حرصها على زرع الوازع الديني لديهم عن طريق استخدام لغة الاشارة، والتي تحولت بعد ذلك الى اللغة الأم في محيط أسرتها وأبنائها.

حزمة مشاكل
واستعرضت الشمري حزمة من المشاكل التي تواجه الصم منها خجل ذوي الاعاقة السمعية من اعاقتهم، وهو ما لمسته مع ابنائها الذين يخجلون من ارتداء السماعة ويفضلون اخفاءها داخل الشعر او التواصل معهم بلغة الاشارة أمام الآخرين، فضلا عن صعوبة تواصل المجتمع مع الصم لعدم المامهم بلغة الاشارة، علاوة على عدم توفير مترجمي لغة الاشارة في كافة مرافق الدولة بما فيها المستشفيات والمراكز الصحية.
وواصلت بالقول: رغم تغيير نظام التعليم للاعاقة السمعية، وذلك بتطبيق نظام التعليم العام عليهم، والذي يسمح لهم بالدراسة في 12 مرحلة، الا أن هذا التغيير غير مجد، فالكوادر التدريسية غير مؤهلة لتعليم طلبة الصم وغير متقنة لاستخدام لغة الاشارة، مشيرة الي أن نظام تعليم الصم يعتمد على الواسطة والمحسوبية حيث يتم تعيين مدرسين غير متخصصين وجاهلين بلغة الاشارة.

المطلوب مراكز تخاطب

طالبت ليلى الشمري بتوفير مراكز حكومية متخصصة في مجال التخاطب وعلاج السمع في كافة محافظات الدولة، لافتة الى ارتفاع أسعار علاج التخاطب في المراكز الخاصة، حيث تصل تكلفة الساعة الواحدة 20 دينارا.

بعثات ورحلات

انتقدت ليلى تدني مستوى تعليم الصم، مطالبة بتحسين التعليم وتطويره بما يتناسب وظروف اعاقتهم، فضلا عن فتح باب البعثات الدراسية الخارجية للصم.
واقترحت تنظيم رحلات ترفيهية للصم خارج البلاد لكسر حاجز العزلة وازالة العوائق ودمجهم مع المجتمع المحيط مثل رحلات العمرة.

أم المعاق

ذكرت ليلى أن قانون المعاقين لم ينصف أم المعاق، حيث ان جهات العمل لا تراعي ام المعاق وظروف ابنائها، كما ان تخفيض ساعات العمل غير كاف لإنجاز معاملات ابنائها، مشيرة إلى أن قانون الخدمة المدنية لا يستثني من يرعى معاقا من الحد الأعلى للإجازات المرضية.

غصة
قالت ليلى الشمري: «لم اشعر ابدا بأن أبنائي من ذوي الاعاقة، ولكن نظرة المجتمع الدونية ونظرات الشفقة والعطف هي التي كانت تشعرهم بإعاقتهم».

 

 

 

 

المصدر : مى السكرى \ جريدة القبس

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4691 0