الكاتب : د. ليلى كرم الدين
من المسلمات الاساسية و المبادئ العامة فى علم نفس النمو الحديث انه بالامكان دائما باستخدام البرامج و الاساليب و الطرق المناسبة تحقق تنمية الاطفال و الاسراع من معدل نموهم فى مختلف جوانبهم , واذا كانت جهود و برامج التنمية ضرورية بالنسبة للاطفال العاديين فأنها اكثر ضرورة و اهمية فى حالة الاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة .
بل ان جميع المتخصصين و الدارسين لهذا الميدان يؤكدون اليوم على ضرورة التدخل المبكر و تقديم كافة اشكال الرعاية و الخدمات التربوية و التنموية لذوى الاحتياجات الخاصة مبكرا ما امكن فى عمر الطفل , حتى تقترب هذه الرعاية من الوقاية الاولية التى تحميهم مما يترتب على حاجتهم الخاصة من مضاعفات و تمكن من الاستفادة القصوى بما لديهم من قدرات .
و الهدف الاساسى لهذه الدراسه هو استعراض احدث الاتجاهات و التوجهات التى لو حظت فى الرعاية النفسية و الاجتماعية و التربوية و الثقافية التى تقدم للانواع و الفئات المختلفة للاطفال ذوى الاحتياجت الخاصة فى مختلف دول العالم و بشكل خاص الدول المتقدمة ثم فى مصر و الدول العربية .
بالاضافة الى ذلك ستحاول هذه الدراسه توضيح ما يمكن ان تقوم به المراكز الثقافية للاطفال المخطط اقامتها فى مختلف الدول العربية من برامج و انشطة و ممارسات من شأنها ان تحقق الرعاية الثقافية للاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة بمختلف فئاتهم . و يرجع السبب فى التعرض لدور هذه المراكز فى تثقيف الاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة لما اكدت عليه العديد من التوجهات النفسية و التربوية الحديثة من ان الانشطة الترفيهية و التروجية و الثقافية التى تتوفر بالمراكز الثقافية للاطفال هى من انسب الطرق و الوسائل وأكثرها فاعليه فى تحقيق دمج و استيعاب الاطفال ذوى الاحتياجات لخاصة مع العاديين و مع المجتمع بشكل عام .
و لكن قد يكون من المفيد قبل الدخول فى تفاصيل الجوانب المختلفة للرعاية التى تقدم للاطغال ذوى الاحتياجات الخاصة القيام بمحاولة التعريف المقصود بالاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة على وجة الدقة ثم محاولة الوقوف على حجم هذه الظاهرة .
نتيجة لذلك تنقسم هذه الدراسة الى النقاط التالية :
أولاً : تعريف الاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة .
ثانياً : حجم المشكلة و طبيعتها التراكمية .
ثالثاً : الاتجاهات الحديثة فى رعاية الاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة .
رابعاً : الجوانب المختلفة للرعاية الشاملة للاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة بالذات الاطفال المعوقين .
خامساً : دور المراكز الثقافية للطفل فى رعاية و تثقيف الاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة .
سادساً : بعض التساؤلات التى تتطرح للمناقشة .
أولاً : تعريف الاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة , Children With Special Needs
من الضرورى القيام بمحاولة لتعريف المقصود بالاطفال ذوى االاحتياجات الخاصة بدقة . ويرجع السبب فى ذلك الى ما يلى :
1 – هناك كثير من الخلط و اللبس وعدم الوضوح و الدقة فى استخدام هذا المفهوم .
2 – هذا المجال ملئ بالمصطلحات المختلفة لتعدد المجالات التى تدرس و تتعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة ( الطب , علم النفس , التربية , الاجتماع , الخدمة الاجتماعية و القانون ) ولكل فريق مصطلحاته الخاصة و استخداماته لهذه المفاهيم .
3 – تزيد اجهزة الاعلام عند استخدامها لهذا المفهوم الامر سوءا با ستخدامه دون تحديد دقيق و تنشر هذه الاستخدامات لدى العامة .
4 – التعريفات التى قدمت للمفاهيم فى هذا المجال تختلف من دولة الى أخرى من دول العالم كما انها قد اختلفت و تطورت تاريخيا بدرجة كبيرة .
فما هو المقصود بذوى الاحتياجات الخاصة .
تعريف مبسط لذوى الاحتياجات الخاصة :
فى تعريف مبسط يمكن القول بأن مفهوم ذوى الاحتياجات الخاصة يشير الى : الاشخاص الذين يبعدون عن المتوسط بعداً واضحاً سواء فى قدرتهم العقلية أو التعليميةأو الاجتماعية أو الانفعالية أو الجسمية بحيث يترتب على ذلك حاجاتهم الى نوع من الخدمات و الرعاية لتمكينهم من تحقيق أقصى ما تسمح به قدراتهم .
يلاحظ استخدام لفظ يبعدون و لا نقول يقلون لان بعض فئاتهم تزيد عن المتوسط (الموهوبين ) . وتضم فئة ذوى الاحتياجات الخاصة فى المعتاد ثلاث فئات اساسية هى : 1- المعوقين بمختلف أنواع و درجات الاعاقة :
· العقلية
· السمعية
· البصرية
· الجسمية والحركية
· صعوبات التعلم
· مشكلات اللغة والنطق و الاتصال
· الاضاطرابات الانفعالية و السلوكية
2 – الموهبين بمختلف انواعهم :
وهم الذين يتصفون بالامتياز فى أى من ميادين الحياة بحيث يكونوا قادرين على تحقيق مالا نتوقعه عاده ممن هم نفس أعمارهم , و تضم فئة الموهوبين :
· شديدى الذكاء
· مرتفعى القدرات التحصيلية
· المبتكرين أو المبدعين ممن يكشفون عن مواهب متميزة فى مختلف مجالات الفنون و الاداب و بعض المجالات المقدرة اجتماعيا ً.
3 – المحرومين حضارياً واقتصادياًً : و المعرضين بشدة للاعاقة بسبب هذا الحرمان High Risk .
وقد نجد من الصعب تصور أن للمواهب احتياجات خاصة وانه يحتاج منا الى رعاية من نوع خاص وهذا التصور هو المسؤول دون شك عن ما نلااحظه من اهمال و عدم اهتمام بفئة الموهوبين .
إلا انه من الضرورى ملاحظة هذه الفئة بسبب تميزها و تفوقها و بعدها عن المستوى المتوسط سواء فى الذكاء او التحصيل او القدرات الابتكارية تحتاج من الاسرة و المدرسة و الجميع لرعايتها رعاية خاصة تساعدها على الاستفادة القصوى مما لديها من استعدادات و قدرات و عدم الاتجاه للانحرافات السلوكية . فعدم تقديم الرعاية المطلوبة للموهوبين يؤدى الى :
أ – اهدار عذه الطاقات و عدم الاستفادة القصوى منها وهى الرصيد المتجدد لتقدم المجتمع .
ب – اتجاة بعض الحالات للانحراف و المرض النفسى بسبب عدم التوافق مع من حولهم .
ثانياً : حجم المشكلة و طبيعتها التراكمية :
من المعروف ان المعلومات الدقيقة حول الحجم الحقيقى و الفعلى للاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة و بالذات الاطفال المعوقين غيركاملة و غير دقيقة فى مختلف دول العالم و ان كانت المشكلة تزداد سوءا بالدول النامية وذلك للاسبااب التالية :
· غياب الاحصائيات الدقيقة
· غياب الابلاغ عن الحالات خاصة فى الريف بسبب المعتقدات او العادات او الاتجاهات السلبية نحوهم من جانب المجتمع بشكل عام وأسرهم على وجه الخصوص .
· النقص الشديد فى الخدمات التى تقدم لهم .
و بالنسبة لمشكلة المعوقين بالذات التى أجريت حولها عدة مسموح قومية فى مصر من اهمها :
1 – المسح التى قامت به ادارة التربية الخاصة بوزارة التربية و التعليم و الذى نشرت نتائجه فى المؤتمر القومى الاول للتربية الخاصة ( 1995 ) .
2 – المسح التى قامت به منظمة اليونيسيف فى مصر ونشرت نتائجه فى عام ( 1997) .
3 – المسح الذى قام به اتحاد رعاية الفئات الخاصة و المعوقين ونشرت نتائجه فى عام ( 1999 ).
و يوضح الجدول التالى بعض المؤشرات و النتائج العامة التى يمكن استخلاصها من نتائج هذا المسوح حول انتشار مشكلة الاعاقات فى مصر .
الدراسة | نسبة الانتشار |
1 – دراسة المؤتمر القومى | 2,53 % |
2 – دراسة اليونسيف | 5,7 % |
3 – دراسة الاتحاد | 4,9 % |
وعلى الرغم من ان النسب السابقة مجرد نسب تقريبية و لا تزيد عن كونها مجرد مؤشرات الا استقرائها يمكن من الخروج بالاستنتاجات التالية :
1 – حجم مشكلة الاعاقات فى مصر شأنها شأن باقى دول العالم الثالث كبير و فى تزايد .
2 – نسبة ما يقدم من خدمات نسبة ضئيلة .
3 – بسبب الطبيعة التراكمية لهذه الظاهرة بمعنى أنه تضاعف اعداد جديدة و كبيرة للاعداد الموجوده كل عام فأنه مالم يتم التصدى الفعال النشط لهذه القضية و مواجهتها بطريقة فعالة و مناسبة فإننا نواجه مشكلة و موقف عصيب يصعب التغلب عليه .
المصدر : مؤسسة التمنية الاجتماعية الغد المشرق