كان لا بد من استحضار نماذج لأمهات التضحية والعطاء اللاتي سخّرن حياتهن وتعايشن مع إعاقات أبنائهن ودخلن عالمهم، من خلال بوابة التطوع والعمل الخيري.
شاءت الأقدار أن ترزق بابن مصاب بالسرطان، وهو في عمر الزهور، وابنة من ذوي الاعاقة الذهنية (فئة الداون)، ونجحت في تجاوز هذه الأزمة، ايمانا منها بالقدر المحتوم، نموذج جسّدته حصة البالول (أم سارة)، لتكون مثالا يحتذى في التضحية.
استذكرت البالول معاناتها مع طفليها، وروت قصة نجاحها بعد أن تنازلت عن أولى خطواتها في مهنة النظارة واتجاهها للعمل التطوعي في مجال الاعاقة، وقالت «كنت ناظرة مدرسة عندما أنجبت ابنتى سارة (أمل حياتي الذي غيّر مجرى حياتي)، فعلى الرغم من فرحتي بقدومها لكونها ابنتي الوحيدة، فإن معاناة التعايش مع إعاقتها كانت الأكبر».
معاناة أخرى
وواصلت بالقول: «عندما بلغت سارة عامها الثالث، أصيب ابني الأكبر بالمرض الخبيث في النخاع الشوكي، حيث كان يبلغ عامه الثامن، الامر الذي دفعني الى العلاج بالخارج في لندن، حيث كانت الخطوات الأولى لرحلة علاج ابنتي سارة، بعد أن كرّست حياتي للدخول الى عالمها والتعرّف عليه عن طريق الدورات التدريبية في مجالات النطق والعلاج الوظيفي والطبيعي، لا سيما في ظل ندرة المتخصصين في مجال الاعاقة حينذاك».
وزادت بالقول «عانيت الأمرين، وانتابني شعور الحيرة ما بين المكوث مع ابني في رحلة علاجه بالخارج، ومواصلة علاج ابنتي، وكان الخيار صعبا، حتى قررت البقاء مع ابني لمدة عامين، وتركت ابنتي عند أقاربي الذين لم يقصروا في رعايتها والاهتمام بها، وبعد وفاة ابني عدت إلى أرض الوطن عازمة على علاج حالة ابنتي، فألحقتها بالمدارس الحكومية والخاصة وتفرّغت لها، وتقاعدت من عملي لتربيتها».
ولم تكتف البالول بهذه المسيرة، بل حاولت مد جذورها في مدارس التربية الخاصة بمتلازمة الداون، وتبادل خبراتها مع وليات الأمور الى ان جمعها اللقاء مع رئيس الجمعية الكويتية لمتلازمة الداون، وأصبحت احدى عضوات الجمعية، وكان لها دور كبير في تأسيس مناهج تربوية خاصة بـ «الداون»، باجتهادها الشخصي، فضلا عن إقامة الورش التأهيلية التدريبية لتسويق منتجات ذوي الاعاقة (الداون).
المصدر : مى السكرى \ جريدة القبس