اعتبرت نائبة رئيس جمعية متابعة قضايا المعاقين والناشطة في مجال الإعاقة خلود العلي، أن قانون المعاقين 8/ 2010 من أفضل القوانين التي وضعت للمعاقين.
ورأت أن هذا القانون تفوق حتى على الاتفاقية الدولية للمعاقين، لكن مشكلته، أنه لم يطبق حتى الآن بالشكل المطلوب، وحذرت من دخول شرائح كثيرة للاستفادة من القانون، مشددة في تحذيرها على أن ذلك يمكن أن يؤثر في الامتيازات التي يحصل عليها المعاقون، خصوصا الشرائح الأربع التي هي الأساس في القانون، وهي الإعاقات الذهنية والبصرية والسمعية والحركية، مطالبة بقانون خاص بالمسنين، وقانون آخر للإعاقات التعليمية، وكذلك المرضية، لأن أصحابهم أعدادهم كبيرة، وستؤثر ربما بشكل كبير في الفئات الأربع التي تم تحديدها حين تم وضع القانون، خصوصا في ظل الظروف الحالية.
وشددت العلي على ضرورة التفرقة بين الإعاقات المؤقتة والدائمة والعجز، مضيفة أن قانون المعاقين يحتاج إلى خبرات ممتازة تعمل على تطبيقه بالشكل الصحيح، مع الأخذ باستشارة من عملوا عليه في السابق. وترى أنه لا مانع من خوض المعاق تجربة دخول مجلس الأمة إذا كان شخصا مثقفا وعلى دراية بالسياسة، وتكون لديه القدرة على كسب الأصوات.
حول ما سبق دار الحوار التالي:
● قانون 2010/8، هل تحقق بالطريقة المرضية، أو التي توقعتموها منذ إقراره حتى الآن؟
– القانون تفعّل كله، لكن السؤال؛ هل تم تطبيقه بالطريقة التي نريدها؟
في الحقيقة، كنا نتمنى للقانون الذي تعبنا عليه مع جهات كثيرة جدا تعاونت في وضع بنوده منذ 2003 كتعديل على قانون 1996، وكان العمل جاريا على وضع تلك البنود حتى اعتمد عام 2010.
حين عملنا عليه كان طموحنا كبيرا جدا بالنسبة للمعاقين الذين هم بنظري لا يتعدون أربع إعاقات، وهي: ذهنية وسمعية وبصرية وحركية، وهي التي يطلق عليها حاليا إعاقة بدنية، وكان من المفروض أن يغطي القانون هذه الإعاقات، لكن للأسف، وهذا رأيي الشخصي، توسع القانون لأكثر من هذه الشرائح الأربع، وبات يشمل شرائح أخرى كثيرة، حيث دخلت الأمراض والعجز الناتج عنهما، وكبار السن وإعاقات أخرى، وفي ظل الظروف التي نمرُّ بها هناك تخوف من تأثر المعاقين الذين ينتمون للفئات الأربع، خصوصا مع دخول المرضى على القانون وبأعداد كبيرة.
معاناة كبيرة
● ولماذا تعتبرين شريحة المرضى دخيلة على القانون؟ فمن الممكن أن يكون منهم من تسبب له المرض بإعاقة دائمة؟
– الأمراض، مع احترامي الشديد للجان الطبية، من المفروض ألا تدخل على قانون المعاقين 2010/8، لأنه عندما بدأت فكرة تعديل مواد القانون كان الهدف منها رفع المعاناة عن الفئات الأربع التي ذكرتها، لأن أصحاب هذه الإعاقات الأربع فعلا كانوا يعانون، فالمعاق يعاني والأم تعاني والأب يعاني والظروف المادية كانت معاناة بالنسبة لهم، ومواد القانون فيها خدمات كثيرة، وللآن مع الأسف، الخدمات تحتاج للتركيز عليها أكثر، بالإضافة إلى أنه كلما دخل أشخاص أكثر على قانون المعاقين توسعت الشريحة، وفي ظل الظروف التي نمر بها، من الممكن أن تتغيَّر الأوضاع نفسها على أصحاب الإعاقات الحقيقية التي كان قانون 8/2010 معمولا لهم، لكن للأسف دائرة الإعاقة توسعت أكثر من المفروض.
الشرائح الأساسية
● عندما عدلتم على قانون 1996 لقانون 2010، لماذا وضعتم أربع شرائح فقط؟ ولماذا توسعت الدائرة كما ذكرتِ؟
– اخترنا أربع شرائح، لأنها تمثل الإعاقات فعلا.. أما باقي الشرائح، فمنهم من يحتاج لقانون لهم، بعيدا عن قانون المعاقين، مثل الإعاقات التعليمية، التي تحتاج إلى قانون مستقل، والمسنون دخلوا على القانون، على الرغم من المناداة بقانون خاص بهم، وكذلك الأمراض يفترض أن يتوجه المصابون بها إلى المجلس الطبي، وليس قانون المعاقين، كما يجب أن نعرف أن هناك ما يسمى بالعجز، وما يسمى بالإعاقة.
● وما الفرق بين العجز والإعاقة؟
– هناك أنواع من العجز تؤدي للإعاقة، والمعاق هو بالأساس إنسان عاجز، وهناك أمراض تؤدي إلى العجز، لكن ليس بالصورة التي تؤدي للإعاقة، ويمكن معالجتها، أو يكون لها علاج، وتكون آثارها خفيفة، وممكن أن تكون مستمرة، أو تكون في أي مرحلة عمرية.
أما الإعاقة، فلا يشفى المصاب منها، وتكون مستمرة مع الإنسان حتى نهاية عمره، وأغلب الإعاقات عادة ما تكتشف في مراحل مبكرة من العمر، أو عند الولادة، وتكون دائمة، وهناك إعاقات معروف عنها أنها إعاقة مؤقتة، وهذه لا تعد إعاقة، مع احترامي الشديد لكل الأطباء.
وجهات نظر
● ما المطلوب الآن من الدولة لتحقيق كافة بنود قانون 8/ 2010؟
– المطلوب الحفاظ على القانون، لاستمرار الخدمات والميزات وإعطاء المعاق الخدمات المطلوبة، ويجب الانتباه إلى أن بعض الحالات تحتاج إلى قانون خاص بها، ويجب عدم إقحامها في قانون المعاقين.
● لا تزال الخلافات بين المعاقين والجمعيات العاملة والناشطين في مجال الإعاقة مستمرة، رغم وجود اللجان معكم في الكثير من الحوارات المفتوحة وتوضيحهم للكثير من التشخيصات وكيف تتم، وفي معظم الحالات من الناحية الطبية كلامهم صحيح، فلماذا؟
– هي ليست خلافات بمعنى الكلمة، لكنها اختلافات في بعض وجهات النظر، لأنهم يتكلمون من ناحية طبية بحتة، ونحن نتكلم كناشطين في هذا المجال الذي نعمل فيه منذ سنوات طويلة، لذلك نختلف معهم حول ضرورة وجود قانون للمسنين وآخر للمرضى ولبعض الفئات الأخرى.
ونرى أنه من الضروري أن نفرق بين الحالات الدائمة للإعاقة والحالات الوقتية، وهذه هي التعديلات التي نطالب بها في قانون 2010/8، أو نغير القانون من ذوي الإعاقة لذوي الاحتياجات الخاصة، لأنه يجب ألا نتعب على قانون لمدة سبع سنوات متتالية، وبالتعاون مع جهات عديدة جدا، سواء كانوا نواب مجلس أمة أو جمعيات أو نشطاء، وغيرها، وفي النهاية لا يتم الحفاظ عليه بالشكل المطلوب، أو لا نطوره، ونجد أنه لا يزال عندنا معاقون يعانون مشاكل تعليمية وصحية، وبعض الحالات لا تزال تحتاج إلى لفتة من وزارة الصحة للعلاج، كما يجب أن تتعاون كافة الوزارات، من أجل تطبيق مواد القانون بالصورة الجيدة.
● دمج المعاقين في المدارس العادية بعيدا عن المدارس الخاصة بهم الذي تنادون بها منذ سنوات، هل ترين ضرورة فعلية لهذا الدمج؟ وهل تحقق ولو بنسبة بسيطة؟
– هناك بعض الحالات المفروض أن تدمج فعلا، أما حالات الإعاقات الصعبة، فمن الصعب دمجها، لأن الدمج يحتاج إلى تهيئة الهيئة التعليمية والطلاب وأولياء الأمور، كما يجب تهيئة البيئة كاملة، وبكافة المقاييس، لتساعد على الدمج، وهذه التهيئة غير موجودة، على الرغم من أنه في السابق كان معنا بعض الحالات، حتى من قبل قانون المعاقين الذي ينص على الدمج، لكن للأسف منذ سنوات صار المعاقون في مدارس خاصة بهم، وهي مدارس التربية الخاصة، على الرغم من أن الإعاقات الحركية سهل دمجها، لأنها تحتاج فقط إلى تهيئة الأماكن والمداخل والمخارج.
تهيئة البيئة
● تطالبون منذ سنوات بتهيئة البيئة بشكل عام، لتكون سهلة للمعاقين، وما زلتم تطالبون بهذه التهيئة التي نصَّ عليها قانون المعاقين، لماذا لم تتم تلك التهيئة حتى الآن؟
– الأماكن والمنشآت الحديثة كلها مهيأة، أما المباني القديمة، فللأسف للآن لم تتم فعلا تهيئتها، ولم تعدل، والمفروض أن تطلع جهة رقابية على كل الأماكن القديمة وتعمل على تهيئتها، حتى الأرصفة يجب أن تكون مهيأة للمعاقين وسهلة بالنسبة لتنقلهم، ويجب أن نركز بشكل أكبر على المباني، لأنها الأكثر أهمية للمعاق من الرصيف.
حالة تشتت
● في السابق كنا نرى تعاونا كبيرا بين كافة الجهات العاملة في مجال الإعاقة والناشطين، وجاء قانون 8/ 2010 نتيجة مثمرة لهذا التعاون، لكن الآن نلاحظ عدم وجود تعاون بينكم، على الرغم من أنكم لا تزالون بحاجة له لتطبيق القانون، كما كنتم تطمحون عند وضعه، فلماذا التشتت الآن؟
– للأسف، الجهات لم تعد تتعاون مع بعضها، وكل جهة تعمل بمفردها، ولا توجد فعلا الروابط التي كانت في السابق بين الجهات، كما كنا حين بدأنا كيانا واحدا.
● لكن هذا التشتت، ألم يؤثر في القدرة على الحفاظ على حقوق المعاقين؟
– إذا كانت كل جمعية تحقق أهدافها، فلن يكون هناك تأثير، وكل جمعية عموما عندها قضايا وملفات خاصة بها وتعمل عليها.
قضايا المرأة
● ما أهم الملفات التي تعملون عليها في جمعية متابعة قضايا المعاقين؟
– لدينا مجموعة من الملفات، مثل ملف العين الواحدة، والملف التعليمي، وملف المرأة، والبدون ومبتوري الأعضاء، وملف الكويتية المتزوجة من غير كويتي، والملف الرياضي.
● ملف المرأة، ما أهم القضايا فيه؟
– مشكلة الكويتية المتزوجة من غير كويتي وعندها أطفال معاقون، فهذه المرأة تعيش في معاناة شديدة، خصوصا أن المادة التي تعطيها الامتيازات فيها لبس، فالقانون معها حتى يبلغ ابنها المعاق 18 سنة، بعدها تواجه مشاكل في توظيفه، حتى الكويتية المتزوجة من كويتي ولديها طفل معاق وعلى خلاف مع زوجها تواجه الكثير من المشاكل، خصوصا في ما يتعلق بالامتيازات المادية للمعاق.
● وماذا عن مشاكل الكويتية المعاقة؟
– إذا كانت معاقة ومتزوجة من غير كويتي، فلديها مشكلة في الإسكان والتوظيف.
المعاق والبرلمان
● هل آن الأوان أن يمثل المعاقين واحد منهم في مجلس الأمة، أم ترين أن المعاق لا يمتلك القدرة على ذلك؟
– بالعكس، إذا كان المعاق يعاني إعاقة بصرية أو حركية، فهي لا تمنعه من أن يكون سياسيا، لأن إعاقته لا تقلل من شخصيته، بل على العكس، من الممكن أن تكون حافزا كبيرا جدا على نجاحه، والإعاقة لا تقلل من شأن الإنسان، بل تضيف له، وهناك فعلا معاقون ليسوا معاقين، حتى إن بعضهم نجد عنده دقة في التفكير، ومنهم كثيرون متميزون في كثير من المجالات، وإذا كان منهم شخصية مثقفة وقادرة على كسب أصوات لدخول المجلس، فلم لا؟
ريادة الكويت
● عملتِ في السابق في الجمعية الخليجية للإعاقة، واطلعت على تجربة كل الدول الخليجية في التعامل مع المعاقين، وما يقدمونه لهم من خدمات وامتيازات، كيف ترين الكويت في هذا المجال، مقارنة بباقي دول مجلس التعاون؟
– لا تزال الكويت تمسك بالدفة، ولو أن بعض الدول تحاول أن تتفوق عليها، فأحد أسباب تفوق الكويت، هو قانون 2010/8، وتحاول الدول الأخرى اقتباس أجزاء من هذا القانون، لتطبيقها في دولهم، وبصراحة قانون الكويت تفوق على الاتفاقية الدولية للمعاقين، لكنه فقط يحتاج للتطبيق النموذجي ولأناس متخصصين يعملون على تطبيقه كما يجب.
كما يحتاج إلى خبرات بجانب الشهادات، للعمل على تطبيقه بالشكل الصحيح، ولا ننكر فضل من يعمل فيه الآن، وحتى لو وجدت الخبرات يحتاج أيضا للمشورة من الذين عملوا على القانون خلال الفترة السابقة، لمعرفة ماذا طُبق منه، ولأي درجة، وما الذي لم يُطبق.
المصدر : عزة عثمان \ جريدة الطليعة