القراءة توليفة متعة وتصورات وأحداث، نبهج بها فتُغني معارفنا وتتسع مداركنا. لكن حكاياتها وجمالياتها ربما تكون مقرونة بطابع خصوصية بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة- فئة الإعاقة البصرية، إذ تختلف القصة لديهم في تلقف المعلومة والمضمون من أي كتاب أو مادة للقراءة: عبر لغة برايل أو الوسائط السماعية.
فهم يتلقونها، وبحكم الكتب المتخصصة باحتياجاتهم، خالية من التشويق والتمهيد ليبلغوا معها عمق المضمون فوراً، بلا مفردات غنية وعبارات مشوقة، حيث الجمل مختصرة والمصطلحات والأخيلة والصور مقتضبة.
إن الكتب بالنسبة لأفراد هذه الشريحة المجتمعية، أجدى وأضمن وسائل الاتصال والتواصل مع العالم الخارجي.. غاية الاحتكاك بالآخر والتعرف على قيم وثقافات الشعوب بتنوعاتها. فهي تسرد لهم قصص الأمم.. وتحكي لهم كيف يحلق الطير في السماء وتتفتح الزهور في كل صباح، راسمة ومرسخة في أنفسهم، مع هذا النهج، الأمل وحب الحياة ليكونوا عنصراً فعالاً بالمجتمع.
إلا أن اللافت، ورغم أهمية هذه الوسائط المعرفية لهذه الشريحة المجتمعية، عدم توافر كتب: (برايل والسمعية) بسهولة، كبقية الكتب، ليستطيع هؤلاء، وذووهم، اقتناءها والحصول على ما يرغبونه من ألوان المعرفة حسب رغباتهم وبلا صعوبات.
إذ نتبين أنها لا توجد، بشكل واسع، على أرفف المكتبات ولا في معارض الكتاب. كما تقتصر على مجالات محددة (التاريخ). وهو ما نحتاج فعلياً الاشتغال عليه وتلافيه، في دولة جعلت قيادتها من هذا العام (عاماً للقراءة) تقديراً لأهميتها ودورها في تشكيل مجتمع مثقف ونوعي في فكره.
وما يزيد الطين بلّة، أنه تطغى على المواد القرائية الخاصة بهذه الشريحة المجتمعية، الملخصات والملصقات والكتيبات. وبذا فإن القصص الشهيرة والروايات المعروفة، التي تمكن قراءتها عن طريق «برايل سينس» أو «القارئ»، نادرة جداً.
وعليه يلجأ الأفراد من هذه الشريحة إلى شبكة الانترنت ليتزودوا بما يبغون ويفضلون من هذه الأعمال، ذاك عبر الكتب الصوتية الموجودة. وطبعاً هم يفقدون في هذا التوجه الكثير الكثير، إذ إن تلك المواد المتوافرة في الشبكة العنكبوتية، تتصف بأنها مجتزأة وتخلو من الإمتاع وفيها اختصارات عديدة، لتضيع هنا متعة القراءة.
«البيان»، تُسلّط الضوء على القضية، حيث تناقش مع المتخصصين، مدى توافر كتب برايل والأخرى السمعية، بموضوعاتها المتنوعة، وآليات التغلب على العقبات التي تعترض طريق إمداد ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين بصرياً بالتحديد)، بروائع الأدب، عبر الوسائط التي تناسبهم.
قصة نجاح
تقول نورية الهاشمي، وهي أم لديها أبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة-فئة الإعاقة البصرية، يعتمدون على طريقة برايل في القراءة: أبنائي لديهم حب شديد للاطلاع والقراءة. فالقراءة متعتهم في وقت الفراغ وتوسع مداركهم وآفاقهم وتنمي ذواتهم وحيواتهم، فهي صلتهم بالمجتمع والناس، ورؤيتهم تكون بتخيل مايقرأونه حول حضارات وثقافات وتجارب، سواء المحلية أو العالمية. فذاك بمجمله يكمن بالنسبة لديهم، في طيات قصة. وللأسف القصص من هذا القبيل، التي تلبي احتياجاتهم، قليلة.
فيلجأون إلى قصص أو روايات موجودة على شبكة الانترنت لأنها السبيل الوحيد المتوافر لهم، ولكن ذلك لم يكن ليلبي نهم القارئ فيهم لأن القصص والروايات تكون مختصرة او يكتب جزء منها فقط، صفحة او اثنتان، مما يسلبهم متعة قراءة القصة ومتعة الغوص في أحداثها ومعانيها وأفرادها وتطوراتها، وذلك المنوال يتواصل على الشكل نفسه، الى ان تصل القصة إلى خاتمتها.. فهي تبدأ بالنسبة لهم بلا نهاية أو أحداث.
أمنيةوتضيف نورية: أتمنى أن يؤخذ بعين الاعتبار توفير قصص مطبوعة بطريقة برايل أو العمل على توفير أجهزة «برايل سينس» بأسعار معقولة، والتي تصل أسعارها الى 29 ألف درهم، أو «فلاش ميموري» «الذاكرة المحمولة»، التي تتضمن القصص بشكل مسموع، ليتمكنوا من سماعها عن طريق الأجهزة الحديثة.
وأناشد المعنيين بضرورة تسليط الضوء عليهم كفئة منتجة في المجتمع ولديهم اهتمامات ومتطلبات، فكتبهم خاصة ولكن غالبية دور النشر لا تعير اهتماماً لهذا النوع من الطباعة لكلفتها العالية وحاجتها لأجهزة خاصة للطباعة، ولأن الطلب عليها لا يكون بقدر الطباعة العادية الرخيصة والمربحة للتجار، لذلك لا يعيرونها الاهتمام ولا يرصدون لها الوقت والجهد.
وفي رأيي الشخصي، فإن توافر هذه النوعية من الكتب يجب ان يكون برعاية جهات حكومية او مؤسسات في الدولة، كنوع من المساهمة النوعية، وخدمة للمجتمع. وعلى المتخصصين والمشتغلين في المجال، مراعاة أسعار طرحها ومقاربة سعرها للكتاب العادي.
الكتابة الأدبية
وفي حديث آخر مع من هي من فئة الإعاقة البصرية، تقول شيماء سليمان، والتي كتبت رأيها بنفسها عن طريق جهاز «البرايل سينس» (وننقله إليكم حرفياً):«أصبحت القراءة شيئاً أساسياً لا يمكن التخلي عنه بالنسبة لي، بعد أن حصلت على جهاز البرايل سينس، إذ إنه السبيل الوحيد لدي لذلك، فأنا أعتمد على القصص والروايات الموجودة في الإنترنت، لكنها ليست دوماً مكتملة، وبعضها يكون على شكل كتب إلكترونية يستعصي تنزيلها أو فتحها على الجهاز لسبب ما، ويشكل ذلك خيبة أمل كبيرة لي لعدم استطاعتي قراءتها، لذا أتمنى حقاً توفير كتب بطريقة برايل في معرض الكتاب.
وستكون هذه مبادرة عظيمة من قبل المسؤولين».
وتواصل شيماء: القراءة تفيدني كثيراً حيث إنها تزيد من مخزوني اللغوي من المفردات والتعابير المختلفة، مما يجعلني قادرة على الكتابة الأدبية ككاتبة للمقال والقصة القصيرة وحتى الرواية، ويجعلني قادرة على فهم تصرفات الآخرين وثقافاتهم بمختلف أنواعها، فهي المتعة والفائدة في آن واحد.
وأعتقد أن الكتب التي تحمل معاني إنسانية عميقة وتتحدث عن تجارب الحياة وتتناول سير شخصيات، ستكون ذات فائدة أكبر، كما أنها ستساعدني في الدراسة المدرسية والمشاريع والتقارير التي تطلب منا.
الفكر السليم
ويؤكد عادل الزمر- رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمعاقين بصرياً، دور الأسر في تعزيز مفهوم أهمية القراءة لبناء الفكر السليم للأبناء بشكل عام، وخصوصاً عندما يكون أحد الأبناء من ذوي الإعاقة البصرية، فهو أحوج للمعرفة من سواه لكي يصل إلى بر الأمان عندما يكون في موضع المسؤولية، وليسهم في بناء ودفع عجلة التطور والتقدم لوطنه ومجتمعه مع الآخرين.
وعن دور الإعلام والأسر في التوعية بأهمية كتب برايل، يقول الزمر: لا يمكن توجيه جميع أصابع الاتهام لوسائل الإعلام أو الأسر، بل على العكس، هناك الكثير يشكرون التنسيق والجهود المبذولة سواء من أجهزة الإعلام أو الأسر في تسليط الضوء على مثل هذه القضايا، ولكننا نحتاج لمزيد من التعاون.
نحن في الجمعية على أتم الاستعداد للتعاون والتنسيق مع أية جهة جادة في توفير مطبوعاتها بطريقة برايل، وخاصة تلك التي تحمل قيمة فكرية وأدبية وفق إمكانياتنا المتوافرة.
وعند سؤالنا: لماذا تقتصر الطباعة على الكتب التعريفية للدوائر الحكومية. ولماذا لا نجد الكتب التي تعزز شخصية المعاق بصرياً، أجاب الزمر: لعل ما تقوم به بعض مؤسساتنا اليوم من توفير بعض الكتيبات بطريقة برايل يعد مؤشراً إيجابياً وينبئ بمستقبل أفضل.
ويشدد الزمر، أيضاً، على أنه كلما زاد الاهتمام بتعليم المعاقين بصرياً طريقة برايل منذ المراحل المبكرة، سنلحظ انتشار الكتاب المطبوع بطريقة برايل، معرباً عن تفاؤله وخصوصاً بعد الثورة التقنية والتي أضافت الكثير إلى البشرية بشكل عام، وعلى وجه الخصوص، إلى المعاقين بصرياً.
دار نشر
وبسؤالنا علي الشعالي مؤسس دار الهدهد للطباعة والنشر، وهي دار نشر محلية، عن كيفية المساعدة في توفير كتب برايل أو نسخة الكترونية من الكتب للمساعدة على القراءة بسهولة، عن طريق الأجهزة المتطورة، مع الاحتفاظ بحقوق الملكية الفكرية.
يشرح: إنتاج كتب برايل لإصداراتنا هي خطوة مهمة ونحن نتطلع إليها ونضعها ضمن خططنا القادمة، لأنها ستجعل لنا مساهمة في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتصلنا بجمهورٍ عزيز علينا نتمنى الوصول إلى عقله وقلبه، سنحتاج لتوفير هذا النوع من الكتب إلى شركات متخصصة بطريقة برايل، لأنه.
وكما هو معلوم، لا يمكن أن تنتج دار نشر عادية هذا النوع بذاتها، ولكن هناك شركات متخصصة تطبع مثل هذه الكتب، أما الملكية الفكرية للكتب المطبوعة بطريقة برايل، فهي محمية بموجب القانون، حيث ينص قانون الملكية الفكرية، على أن تبقى مادة الكتاب الأدبية محمية، بغض النظر عن الهيئة التي توجد فيها. كأن تكون مطبوعة أو مسموعة أو مرئية، أو حتى استخدام عباراتها في حملة ترويجية بطريقة برايل.
ويشير الشعالي إلى جملة خطط واقتراحات لدى دار الهدهد لتوفير مثل هذه الكتب، مبيناً أنه إذا ما توافر الدعم المالي والتشريعي، فبالإمكان التعاقد مع الشركات في هذا المجال لإنتاج الإصدارات على هيئة كتب برايل، أو توفيرها بنسخة الكترونية.
ويتابع: سنكون فخورين جداً لأننا أضفنا شريحة مهمة إلى جمهورنا وقدمنا خدمة مجتمعية متميزة، وأيضاً سيكون معززاً لرصيدنا من الإنجازات والمراكز الأولى، لنكون دار النشر الإماراتية الأولى التي تنتج هذا النوع من الكتب.
وعن إمكانية توفير برامج سمعية من خلال الهاتف لقصص عالمية وأدبية، يقول الشعالي: يمكننا ذلك عبر طرق عديدة، فهذا النوع من الإنتاج الأدبي ليس جديداً على عالم النشر، إذ حولت أعمال أدبية كثيرة، ليس إلى برامجَ مسموعةٍ فقط، بل إلى أعمال درامية وسينمائية نالت إعجاب العالم كله.
وبناء على هذا، فإن الإنتاج المسموع عبر الهاتف يكون توفيره عبر التعاقد مع شركات لها باع طويلة في هذا المجال وستتولى هي القيام بالأمور الفنية الاحترافية، لإخراج هذا الإنتاج الأدبي بأكثر الحلل فعالية ونفعاً.
نسخ إلكترونية
يبين جمال الشحي، مؤسس دار«كتّاب» للطباعة والنشر، أنه بالإمكان توفير كتب برايل أو نسخ الكترونية من الكتب الخاصة بهذه الشريحة المجتمعية، بالاتفاق بين الكاتب والناشر، لأن الحقوق يمنحها الكاتب لدار النشر عن طريق العقد والاتفاق على نشر الكتاب الكترونياً أو تلفزيونياً، فهو الذي يملك المحتوى والناشر لا يستطيع أن يلزم الكاتب بشروط معينة، لأنها ربما تكون مكلفة بالنسبة له.
ويقول: أما بالنسبة لدار «كتّاب» فلديها تجربة واحده فقط في الصدد، تتمثل في تحويل وإصدار نسخ من «ومضات من فكر» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بطريقة برايل.
وفي العموم، فإن هناك مشكلة في نوعية ومتطلبات كتبر برايل، إذ إن الكتاب حجمه كبيراً، فيأخذ حيزاً على الأرفف أو يكون عبئاً أثناء حملة. ولذا، أرى أنه من الأجدى والأفضل التزامنا وأخذنا في السياق، بخيار توفير نسخة الكترونية أو برامج توضع بالهاتف النقال كي تكون سهولة التخزين والتصفح أكثر وعملية.
ويقترح الشحي أن يكون هناك دور فعال للقطاع الحكومي في هذا الشأن، حيث إنه في الدول الغربية توجد لديهم شراكات مشتركة بين الناشر والكاتب والقطاع الحكومي لدعم إصدار الكتب بطريقة برايل أو توفير النسخة الإلكترونية من نوعيات كتب شريحة المعاقين بصرياً. ويختم: بالفعل يوجد لدينا نقص كبير في السوق في هذا الحقل.
3000
برامج متميزة لمؤسّسة زايد العليا للرّعاية الإنسانيّة في الإمارات، تبرز فيها خاصة نشاطات مركز مطبعة المكفوفين، التي تحوز أجود المطابع وأكثرها تطوراً في الوطن العربي، ويشرف عليها كادر وظيفي متخصص ومؤهل من المبصرين ومن ذوي الإعاقة البصرية للتأكد من جودة المطبوعات. إذ تطبع الكتب المدرسية والمنشورات الثقافية والتعليمية والكتب القانونية والكتيبات التعريفية بخدمات الجهات الحكومية المختلفة..
وتتميز الطابعات فيها بإنتاج كميات كبيرة وبسرعة عالية، حيث تطبع 440 حرفاً في الثانية، مع المحافظة على الجودة. وتصل أعداد المطبوعات إلى 3000 نسخة خلال العام الواحد.
كما إنها لا تتأخر في تبني مشروعات وخطط عمل جديدة تستقدم معها أحدث التقنيات لتلبي الحاجات المتعددة للمؤسسات التعليمية والفكرية المدنية الخاصة بالمكفوفين
»ومضات من فكر« محمد بن راشد بطريقة برايل..الثقافة مشروع إنساني
أول نسخة لكتاب «ومضات من فكر» على طريقة برايل، كانت إهداء من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى معد ومقدم البرامج في إذاعة الشارقة الإعلامي( الكفيف) أحمد الغفلي (26) سنة، والذي عبر عن سعادته واعتزازه بهذه المبادرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
واعتبر الغفلي، خلال استضافة محمد بن راشد له في مزرعة المرموم عام 2013، أن هذا هو أفضل تكريم حصل عليه ويمثل نتاج الإيمان العميق لدى القيادة الرشيدة، وتجسيداً لخططها وجهودها الحقيقية، وإرادتها الصلبة، في نشر المعرفة في المجتمع، وتعميق الترابط بين القيادة وأبناء الدولة، بما فيه رفعة الوطن وجعله يتبوأ المكانة التي تليق به دائماً.
وأوضح الغفلي أن الدعم الذي تقدمه الدولة للجمعيات والمؤسسات كافة التي ترعى الأنشطة والبرامج لهذه الشريحة والرعاية الاجتماعية والدعم لذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديداً المكفوفين، يفوق الوصف وليس له نظير في أية دولة أخرى، ذلك عبر تقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية والتدريبية والمتابعة الفعلية والدائمة لكل حالة على حدة، وهذا يعمل، برأيه، على زيادة دمجهم وتواصلهم بشكل إيجابي مع أقرانهم في المجتمع.
وكان الغفلي قد تواصل مع المكتب التنفيذي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، طالباً نسخاً من الكتاب الأصلي. فأمر سموه بترجمة الكتاب بطريقة برايل وتوزيعه على مراكز المكفوفين في الدولة، وفي حديث سموه في هذا الخصوص.
قال سموه: «الشاب اسمه أحمد الغفلي.. وأعرفه منذ زمن.. رغم فقده نعمة البصر.. لم يفقد نعمة البصيرة. متعلم.. جامعي.. إعلامي.. محب للشعر وللحياة».
ناعمة المنصوري: نتاجات »مطبعة المكفوفين« في »مؤسسة زايد« نوعية
«أم المكفوفين» ناعمة المنصوري، مديرة مركز مطبعة المكفوفين في مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، أطلق عليها هذا الاسم من قبل الطلبة المكفوفين وأولياء أمورهم، وذلك لاهتمامها وحرصها الدائم بفئة فاقدي البصر، لتعليمهم وتوفير المناهج الدراسية لهم والاحتكاك الأسري بهم.
وهي تحكي عن ما تقدمة المطبعة من إصدارات ومطبوعات: خدمة الطباعة بطريقة برايل هي الخدمة الرئيسة والرائدة في مركز مطبعة المكفوفين.
وهي أحد المراكز التابعة لقطاع ذوي الاحتياجات الخاصة بمؤسّسة زايد العليا للرّعاية الإنسانيّة، حيث يسهم المركز في دعم تعليم ذوي الإعاقة البصرية في دولة الإمارات من خلال توفير المناهج الدراسية المطبوعة بطريقة برايل، وذلك باستخدام أحدث الطابعات والتقنيات الحديثة التي يشرف عليها كادر وظيفي متخصص ومؤهل من المبصرين ومن ذوي الإعاقة البصرية، للتأكد من جودة المطبوعات.
وتلفت الى أن عدد المطبوعات في المجال، يصل إلى 3000 نسخة خلال العام الواحد، وأن أعداد الطلبة المكفوفين في مدارس الدمج يصل الى 45 طالباً في مختلف إمارات الدولة، عدا عن الطلبة الجامعين والطلبة المشاركين في مشروع (القصة المقروءة بطريقة برايل)، حيث تصل أعداد المشاركين في المشروع إلى 77 مشاركاً من داخل الدولة وخارجها.
وتضيف ناعمة: هناك العديد من طلبات طباعة الكتب غير المدرسية عبر لغة برايل هي في قائمة الانتظار. إذ يولي مركز مطبعة المكفوفين الأولوية لطباعة المناهج التعليمية أولاً.
ومن ثم تأتي طباعة القصص والمطبوعات والتعاون مع الجهات الحكومية والخاصة لطباعة كتيباتها بطريقة برايل، للمساهمة في الدمج الثقافي والمجتمعي للكفيف في المجتمع. وعن نوعية الكتب المطبوعة في المطبعة، تقول: تطبع في المركز المناهج الدراسية التابعة لوزارة التربية والتعليم وبعض المناهج التابعة لمجلس أبوظبي للتعليم.
كذلك تطبع القصص التي تحمل في طياتها القيم الدينية والتربوية والاجتماعية، والتي تنمّي لدى المكفوفين المعلومات الثقافيّة وترفع درجة وعيهم بالقضايا المختلفة المعاصرة، مثل: المحافظة على البيئة، التعريف بالتراث الإماراتي.
مشروع تعاون
وتواصل مديرة مركز مطبعة المكفوفين: يطبع المركز أيضاً المنشورات والكتيبات الخاصة بالمؤسسات الحكومية والدوائر والوزارات بطريقة برايل، ضمن (مشروع تعاون).
وذلك من باب المسؤولية المجتمعية، وإسهاماً منه في توعية ودمج الكفيف في المجتمع، حيث يحرص مركز مطبعة المكفوفين على هذا التعاون الدائم مع هذه الجهات، ليستفيد الأفراد من ذوي الإعاقة البصرية من الخدمات التي تقدمها المؤسسات والدوائر الحكومية في المجتمع.
وعن كيفية اختيار الكتب لطباعتها، تشرح: الاختيار هنا يكون بالتعاون مع دور النشر المختلفة والكتّاب، حيث يحرص المركز على اختيار القصص المناسبة للفئة العمرية للطالب. بالإضافة إلى طباعة الكتيبات الثقافية والتوعوية المفيدة في رفع مستوى الوعي الثقافي والاجتماعي لدى المكفوفين.
العمران ومختار.. دكتور ومعلم إماراتيان كفيفان قهرا الصعوبات
فقد أحمد مختار البصر وهو في عمر الـ 15 سنة، ليبدأ رحلة العلاج التي أسفرت نهاية عن بقائه في فئة المكفوفين، لكن بإصرار منه على إكمال مشواره التعليمي، تعلم لغة برايل في معهد في مملكة البحرين.
ثم عاد إلى الدولة والتحق بالعمل في مركز المعاقين التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية.. وبادر مختار ضمنه إلى تقديم الكتب ووسائل التعليم المختلفة التي كانت متوافرة لديه لخدمة الطلاب أصحاب الإعاقة البصرية، وطبع مناهج اللغة العربية والرياضيات ووضعها في ملفات ووزعها على الطلبة. كما استعان مركز ذوي الاحتياجات الخاصة في أبوظبي به.
وتابع العمل في التعليم من عام 1982 إلى 1988، ثم نال البكالوريوس من جامعة البحرين سنة 1993 في تخصص اللغة العربية والتربية. وفي 2011 انتقل مختار للعمل في وزارة التربية والتعليم بوظيفة اختصاصي إعاقة بصرية.
كما قضى الدكتور أحمد عبدالله حميد العمران فترة دراسته في العديد من الأماكن خارج الدولة طيلة 20 سنة. وهو أول إماراتي كفيف يحصل على درجة الدكتوراه في القانون الخاص، عن رسالته “تعزيز حق العمل للمعاقين في دولة الإمارات العربية المتحدة .. دروس مستفادة من تجارب دولية”، متحدياً كافة الصعوبات، ليكون أول كفيف إماراتي يحصل على الدكتوراه.
وكرم من قبل جمعية الإمارات لرعاية المكفوفين في عام 2010.
مكتبة محمد بن راشد.. مليون كتاب سمعي
تحقق مكتبة محمد بن راشد، ريادة وسبقاً نوعياً على صعيد الكتب والمعارف التي تفيد وتخدم ذوي الاحتياجات الخاصة، وبشكل بارز المكفوفين. وهذه المكتبة، التي بدأت أعمال البناء بها وسيكون افتتاحها عام 2017، تشمل 8 مكتبات متخصصة، و1.5 مليون كتاب مطبوع ومليوني كتاب إلكتروني ومليون كتاب سمعي.
وستضم مكتبة محمد بن راشد، أكبر مكتبة إلكترونية عربية، وواحدة من أكبر المكتبات الالكترونية على مستوى العالم، في مبادرة لتوثيق المعرفة إلكترونياً ووضعها في متناول القراء أينما كانوا، وستطلق أيضاً أكبر مكتبة صوتية للمحتوى العربي.
وستفيد أيضاً المكفوفين والأميين، وخاصة كبار السن منهم. كما ستطلق مبادرة طباعة وتوزيع (10 ملايين) كتاب على المدارس والجامعات والمكتبات العامة في المناطق والدول التي تواجه تحديات في توافر الكتب وتجهيز المكتبات.
»ثقافة بلا حدود« خطط هادفة ومتخصصة
يحرص مشروع (ثقافة بلا حدود)، على إطلاق مبادرات معرفية متخصصة، ضمن إطار إصداره الكتب وتوزيعها، تُعنى بفئة المكفوفين، إذ يقدم كتباً متخصصة بلغة برايل، وأخرى ( سمعية)، يوزعها مع باقاته التي التي توزع ضمن مبادرته.
ويقول راشد الكوس، مدير عام المشروع: ن نسعى إلى دعم فكر ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير كتب علمية وتربوية، تناسبهم وبالوسيلة التي تلائم احتياجاتهم، وهي كتب متميّزة.
المصدر : جريدة البيان الاماراتية