بيبي اليوسف: ما مبرر طرد الشؤون للبنات والشباب من منازلهم؟
كبر أبناء وبنات الشؤون حاملين معهم ذنباً لم يقترفوه، دافعين طفولتهم وصباهم المُهمل ثمناً، يعيشون في ظل عائلة غريبة الأطوار تسمى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ويشرف عليهم آباء وأمهات يعتدي بعضهم عليهم نفسياً بالإهمال والإساءة، وإن غابوا عن المدرسة أو الجامعة ما من سألٍ عنهم، وإن أخطاءوا ما من مرشد لهم، وفضلاً عن هذا وذاك يواجهون اليوم التشرد والطرد من منازلهم عنوةً، ويتم الضغط عليهم من خلال قطع الأكل والتضييق عليهم، وذلك كله استناداً على قانون يشرع عيش الفتاة بمنزل لوحدها!
والتقت القبس مجموعة من ابناء وبنات دور الرعاية والداعمة الأولى لقضاياهم الشيخة بيبي اليوسف، وتحدثوا عن معاناتهم وطموحاتهم واوضاعهم في ظل تجربتهم المريرة، وفي ما يلي نص اللقاء:
وصفت الشيخة بيبي اليوسف قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بطرد أبناء وبنات «دور الرعاية» من منازلهم بالقرار التعسفي الذي لا يقبل أي مبررات، مضيفة أن الوصف ذاته ينطبق على توجه الوزارة لطرد البقية من هؤلاء، استنادا إلى مواد قانون الحضانة العائلية الذي يحمل في طياته تناقضا كبيرا، متسائلة: أي قانون هذا الذي يسمح للفتاة العزباء أن تستقل في شقة وحدها؟! وأي ابن يخرج من عباءة والديه قبل أن يتزوج ويكون له أسرة؟!
وأضافت أن إدارة أبناء وبنات دور الرعاية تمارس مختلف الضغوط على الابناء لإخراجهم من منازلهم عنوة متحججة بالقانون المتناقض مع الواقع، الذي ينص على انتهاء مدة إيواء البنات والشباب بعد بلوغهم السن 21 في حال لم يكن طالباً وسن 25 في كل الأحوال، لافتة إلى أن الإدارة تمارس ضغطها على الأبناء والبنات من خلال قطع وجبات الطعام عن فئة الموظفين منهم بحجة دفعهم «للاعتماد على أنفسهم»، علماً أن هذه الوجبات لا تتعدى بعض القطع من الخضراوات والخبز والعصائر وأحيانا لحوم.
ولفتت إلى أنها وجهت نهاية العام الماضي مناشدة إلى كل من سمو رئيس الوزراء، مفادها: «المطالبة بنقل تبعية الحضانة العائلية من وزارة الشؤون إلى إدارة مستقلة تكون تحت إشراف مجلس الوزراء ويديرها كفاءات تراعي البعد الإنساني قبل أي شيء»، مضيفة أننا نقتدي بقائد العمل الإنساني صاحب السمو أمير البلاد؛ حين ذكر سموه في كلمته السامية «هذول عيالي»، موضحة أن أبناء وبنات دور الرعاية أولاد الكويت وحقهم كحق أي كويتي بحياة كريمة»، لهم حقوق وعليهم واجبات.
تعسف
أما فتيات دور الرعاية، فتحدثن بدورهن عن السياسات التعسفية التي تتبعها الوزارة لإرغامهن على الخروج من المنزل، عبر التضييق عليهن وإغرائهن بمساعدات مالية وإغلاق لمديونياتهن في حال استئجار منزل، وشددن على أن تلك السياسات مخالفة لقوانين الإسكان التي لا تسمح بالاستئجار لشاب أو لفتاة إلا بعقد زواج، مؤكدين أن المساعدات المالية في الإيجار الشهري تنقطع عنهن بعد عام، وهناك عدة حالات لبنات تأخرن في سداد الاجرة المستحقة عليهن بسبب هذا التعسف.
ولفتت إحداهن إلى قيام الوزارة منذ مدة بقطع وجبات الطعام عن مجموعة من بنات دار الضيافة المخصصة لهن بقولها «نحن 34 فتاة نعيش في منزل مخصص لنا، ومنذ نوفمبر الماضي تم قطع وجبات الطعام اليومية على 9 فتيات بحجة أنهن موظفات، وعند مخاطبة مدير إدارة الحضانة العائلية كانت حجته أننا موظفات، ويجب أن نستقل بأنفسنا، علماً ان المبالغ المخصصة لهذه الوجبات مازالت تصل للادارة.
مشرفون
من جهته، أكد أبو احمد، وهو احد أبناء دور الرعاية، أن عدد البيوت الخارجية المخصصة لهم يبلغ 5 بيوت تتوزع في منطقتي حولي والسالمية، مبينا أن كل بيت يضم حوالي ما يقارب 16 شخصا، إضافة إلى عدد الموظفين الذين يتجاوز عددهم أحيانا 60 موظفا، بعضهم لا يفيد الأبناء بأي شيء، ولا يقدمون لهم الرعاية والتوجيه.
وكشف عن ممارسة بعض الموظفين لبعض السلوكيات غير السوية، كالتدخين أمام الأبناء، واستقبال الضيوف الغرباء وغيرها الكثير، مبينا أن هذا كله مثبت بقضايا مرفوعة في المحاكم ومحاضر اجتماعات تأكد اهمال بعض المشرفين والمسؤولين في دور الرعاية، متسائلا أين الوزارة عن مراقبة موظفيها؟
منع من السفر وخفض المعونات
تحدثت إحدى بنات دور الرعاية عن توجه الوزارة لمنعهن من السفر بشكل تعسفي، موضحة أن الإدارة تشكل لجنة فنية لمناقشة تفاصيل السفر من الأماكن المراد الذهاب إليها والحجز وتقييم لسلوكيات الابنة، وبعد الموافقة ترسل الوزارة مشرفة لمرافقة الفتيات المسافرات، إلا أن هذه القرار الجديد نص على منع الفتاة التي تبلغ من العمر 30 عاما من السفر مشترطين اخذ المشرفة معها على حسابها الخاص.
فيما اشتكت أخرى من خفض راتب الرعاية الأسرية من 559 دينارا إلى 180 دينارا للطالبة، اعتبارا من ابريل المقبل، مضيفة انه مبلغ لا يلبي حاجات الطالبة من دفع للالتزامات وقسط السيارة أو جهاز الهاتف والكتب وغيرها من الالتزامات الحياتية التي تحتاج اليها.
مخدرات نتيجة الإهمال
طالب ابن دار الرعاية أبو خالد بضرورة تشكيل فريق كامل من المراقبين يعمل على توعية الأبناء وتوجيههم ومتابعتهم، مضيفا نحن قدرنا أن نكون من فئة مجهولي الوالدين، لكننا لا نتحمل مسؤولية أخطاء الغير أو نظرة المجتمع لنا، كما لا ينبغي علينا تحمل مسؤولية شخص من هذه الفئة قد ارتكب جريمة أو فعلا شاذا أو تعاطى المخدرات، مشيرا إلى وجود البعض من الشباب من هذه الفئة الذين يتعاطون المخدرات فأين رقابة الوزارة عليهم ومعالجتهم، ولماذا نتحمل دائما عبء إهمال المسؤولين وفسادهم وتقصيرهم تجاه واجباتهم؟
أين دور الوزارة في متابعة الابناء الدارسين في الخارج؟
أكدت الشيخة بيبي الصباح أن الملحقية الثقافية الكويتية في القاهرة لا علم لها عن أوضاع أبناء الشؤون الذين يدرسون في مصر، وليس لدى السفارة أي علم عن هذه الفئة، لافتة إلى أن الملحق الثقافي أكد لها ان وزارة الشؤون لم تبلغ السفارة رسمياً عن متابعة هذه الفئة.
قضيتنا مكسب للسياسيين
بين احد أبناء دور الرعاية أن البعض يعتبرنا الحلقة الأضعف، والتي يحاول من خلالها بعض السياسيين في البلاد تحقيق مكاسب على حساب قضيتها، مستغربا من دوافع الوزارة لإخراجهم من البيوت، معربا عن مخاوفه من تداعيات هذا القرار الذي سيؤدي حتما إلى انحراف الكثير من الأبناء نتيجة غياب المتابعة، مشيرا إلى أمثلة كثيرة حصلت، منها بعض الأبناء الذين يتعاطون المخدرات وعلى الرغم من معرفة الوزارة بوضعهم أبقت عليهم ضمن السكن دون علاجهم في مصح خاص، وكله بهدف تشويه سمعتنا وإخراجنا من البيوت.
صحف جنائية!
حدثنا احد أبناء دور الرعاية عن مقابلة أجراها أخيرا مع الوزيرة هند الصبيح قائلا: «ان الوزيرة قبل أن تستقبلنا وجهت لنا سؤالا مباشرا حينها مفاده «هل أتيتم من اجل «الطردة» (أي اخراجكم من المنازل)؟ وأردفت أن هذا القرار صدر وانتهى وسيطبق، وأضافت بالقول: أنا لدي كل صحفكم الجنائية»، مضيفا عن أي صحف جنائية تتحدث الوزيرة وعلى أي أساس توجه لنا هذه الاتهامات؟ وكان هذا اللقاء بحضور أحد أعضاء مجلس الأمة!
مرضى نفسيون في بيت حولي 2
قال احد الأبناء ان الوزارة لم تقف عند كل هذه الإجراءات الهادفة إلى إخراجنا من البيوت، بل أسكنت بيننا أبناء لديهم أمراض نفسية، منهم من حاول الانتحار مرتين، ذلك عوضا عن تحويل هؤلاء إلى الطب النفسي لمعالجتهم ومراعاة حالهم.
أما عن وجبات الطعام فأضاف أن هذه الوجبات مقطوعة عن كل شخص موظف من الأبناء، وهذه الوجبات يعدها طباخ يقيم في المنزل ويوزع الطعام على المدرجين ضمن لائحة الوزارة من دون غيرهم، موضحا أن عدد الأبناء في المنزل 15 يتم تقسيم الأكل من خلال مراقبة هذه العملية وتزويد المطبخ بكميات محدودة من الطعام.
واسطة
كشف احد ابناء دور الرعاية عن وجود واسطة ومحسوبيات لدى بعض المسؤولين في الادارة عن موضوع دراسة الابناء في الخارج، حيث يتم ارسال الطلاب بشكل «كيفي» من دون الاعتماد على مستوى التحصيل العلمي، وكذلك كل المساعدات التي يتم منحها عن طريق الصندوق الخيري تتم وفق سياسة «على كيفي» !
المصدر : وسيم حمزة و حوراء الوائلى \ جريدة القبس