0 تعليق
420 المشاهدات

سائقا أجرة يتحديان الإعاقة طمعًا بحياة أفضل



تتسلل الشمس من نافذة غرفته معلنة بزوغ يوم جديد من النشاط والعمل، ينهض من فراشه على عجلٍ، على أمل ألا يتأخر عن دوامه الحكومي، فيتناول فطوره، وكوب الشاي ويخرج مودعًا زوجته وطفليه الصغيرين، فتتعلق طفلته الصغيرة بقدمه التي لم يعد يشعر بها، مطالبةً إياه “بقبلة” قبل ذهابه، لتطلب منه عند عودته إلى البيت أن يحضر معه الحاجات والحلويات المحببة إلى قلبها بعد يوم من العمل الشاق.

الشاب أحمد قويدر (33 عامًا)، أصيب بشلل نصفي سفلي كامل، بعد تعرضه لسقوط عن الطابق الرابع بسبب “شقاوته”، قبل تقديمه لامتحانات الثانوية العامة بخمسة عشر يومًا فقط، ومع ذلك آثر ألا يؤثر على مستقبله وخططه التي رسمها لحياته، فتقدم لامتحانات التوجيهي وهو مستلقٍ على السرير المتوشح بالأغطية البيضاء بمستشفى الوفاء للتأهيل الطبي.

حصل على معدل أقل مما كان متوقعا، فالتحق بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية لدراسة دبلوم المحاسبة، وعُين موظف محاسبة في الخدمات الطبية.

قويدر متزوج، وأب لطفلين، قال: “الظروف المعيشية صعبة على جميع أهالي قطاع غزة، حتى الموظف، فتدني الرواتب وعدم انتظامها جعلاني أفكر خارج النطاق، أبحث عن عمل آخر، لأستطيع أن ألبي احتياجات أسرتي، ولا أنتظر من أحد أن يمن عليّ”.

فلم ينتظر من أحد “الكابونة”، أو مساعدة من قريب أو بعيد، فقرر بسبب عدم انتظام دوامهم في العمل، أن يأخذ قرضا من البنك لشراء سيارة يعمل عليها سائق أجرة يتبع لمكتب تاكسيات، ليركن على نفسه في دفع إيجار البيت، وتلبية متطلبات طفليه، كما أنه في بعض الأحيان يمد يد العون والمساعدة لبعض أصدقائه.
بعد عودته من العمل الحكومي، يعود قويدر إلى منزله ليتناول طعام الغداء، وأخذ قسط من الراحة لا يتجاوز الـ 60 دقيقة، ثم يذهب ليعمل سائقاً على “التاكسي”، ليعود للبيت في منتصف الليل.

وأضاف: “في الصيف الماضي، ونتيجة الإرهاق في العمل، أصبت بتقرحات في رجلي، وقد نصحني الأطباء بأن أرتاح ثلاث ساعات يومياً على الأقل دون عمل، لكنني لم أستطع بسبب الالتزامات المالية المفروضة عليّ”.

واجه قويدر كل ظروف الحياة وتحداها، وعلى رأسها نظرة المجتمع لشخص من ذوي الإعاقة يعمل كسائق أجرة مستخدمًا “ذراعا مساعدة” لذوي الاحتياجات الخاصة، ليتخطى بها عقبة إمكانية العمل عليها بغرض تحسين الوضع الاقتصادي لأسرته.

كما أنه يسعى لممارسة الرياضة التي يعشقها، وهي تنس الطاولة، بالإضافة إلى كرة السلة وألعاب القوى، ولكنه يمثل منتخب فلسطين في تنس الطاولة، ويسافر للخارج لخوض المباريات ورفع علم بلاده.

مواجهة للقدر

أما الشاب ناصر الريزي (31 عامًا) فقد حطم كل المشاكل والمعيقات على صخرة الوجع والإعاقة، خرج للدفاع عن أرضه ووطنه فعاد جريحًا في انتفاضة الأقصى عام 2000، مصابًا بعيار ناري في الصدر، وآخر في الفقرة 12 بالظهر محدثا شللا نصفيا، بالإضافة إلى استئصال الكلية.

لم يستسلم هذا الجريح لقدره بهزيمته، بل قرر أن يعيش ويقاوم إعاقته بعزيمة قوية وإرادة صلبة، فعزم على مواصلة الطريق، ليعيش هو ووالدته في بيت بالإيجار دون انتظار آخر الشهر ليتقاضى راتب جريح، وقال الريزي لـ”فلسطين”: “أتحمل مأساة الظروف التي أمر بها من أجل العيش من عرق جبيني”.

وأضاف الريزي: “نزلت إلى الشارع وإلى معترك العمل المهني، حتى لا أمد يدي لأحد، فاستدنت من أقاربي بعض المال لشراء سيارة، وعملت سائقاً ، لتلبية احتياجات والدتي التي تجاوزت الـ 60 من عمرها، واحتياجاتي أيضًا”.

وأوضح أنهم كأشخاص من ذوي الإعاقة في كثير من الأحيان يتغلبون على الأناس الأسوياء بطموحاتهم العالية، وإصرارهم على تحدي الظروف، وقدرتهم على العمل والإنتاج.

لم يحالف الريزي الحظ بإكمال دراسته في الجامعة، فإلى جانب عمله، التحق بعدة دورات لتنمية شخصيته، كدورات في صيانة الحاسوب وبرمجته، وفي تطوير الذات، وإدارة الأعمال، وصيانة الكراسي المتحركة، كما أنه يشارك في بطولات محلية على مستوى القطاع في كرة السلة والتنس.

 

المصدر: هدى الدلو/ wattan.tv .

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4691 0