0 تعليق
2514 المشاهدات

«قانون الأحداث».. خطوة جيدة للحد من الجرائم تحتاج آليات واضحة وسريعة لتفعيله



بعد أن أقره مجلس الأمة وأحاله إلى الحكومة

 

أقر مجلس الأمة في جلسته التي عقدت الخميس الماضي مشروع قانون الأحداث في مداولته الثانية وأحاله إلى الحكومة، وقد حدد القانون أن الهدف من التشريع هو العلاج الاجتماعي والتربوي للأحداث قبل النظر في الجزاءات العقابية، ومن أهم الأحكام التي تضمنها مشروع القانون الجديد تحديد سن الحدث بأنه «كل شخص لم يجاوز الـ 16 من عمره»، في حين ينص القانون السابق رقم 3 لسنة 1983 والمعمول به حاليا على ان الحدث «كل ذكر أو أنثى لم يبلغ من السن تمام السنة الـ 18»، وينص القانون الجديد على امتناع المسؤولية الجزائية للحدث الذي لم يبلغ من العمر سبع سنين كاملة وقت ارتكاب أي واقعة تشكل جريمة، على ان تحال الى محاكم الأحداث كل الدعاوى والطلبات المنظورة أمام محكمة الأحداث المنشأة وفق القانون القديم.

وتستمر محكمتا الاستئناف والتمييز في نظر الطعون المنظورة أمامهما قبل العمل بأحكام هذا القانون، وتلتزمان بتطبيق أحكامه فيما هو أصلح للحدث.

«الأنباء» رصدت آراء عدد من المعنيين بقانون الأحداث للتعرف على أبرز البنود التي تضمنها القانون، والوصول إلى أبرز التوصيات الخاصة بالقانون في ظل تقليص سن الحدث إلى 16 عام، وإلى التفاصيل:

في البداية أعلن مدير إدارة رعاية الأحداث بوزارة الشؤون الاجتماعية حمد الخالدي أن عدد الحالات المتواجدة في دور رعاية الأحداث من نزلاء وحالات محولة من نيابة الأحداث خلال العام الحالي حتى 30 أكتوبر الماضي وصل إلى 1318 حدث، من بينهم 330 أقل من 16 سنة، و988 أكبر من 16 سنة، لافتا إلى ان جميع الحالات الموجودة هي حالات دور الرعاية الإيوائية، بالإضافة إلى حالات الاختبار القضائي وحالات النيابة التي تعذر اجراء البحث الاجتماعي لعدم الحضور لمكتب المراقبة الاجتماعية.وبين الخالدي أن عدد الأحداث في مكتب المراقبة الاجتماعية خلال تلك الفترة وصل إلى 1247 من بينهم 1197 ذكرا و50 أنثى، مؤكدا ان الإدارة تهدف إلى تنفيذ سياسة الدولة في رعاية الأحداث بالتنسيق مع الجهات المعنية بكل من وزارتي الداخلية والعدل، وذلك لتعديل سلوك الأحداث المنحرفين والمعرضين للانحراف إلى السلوك المرغوب فيه وفقا لقيم وعادات وتقاليد المجتمع، بالإضافة إلى غرس قيم الولاء والانتماء للوطن ومبادئ الاعتماد على النفس، لافتا إلى ان الوزارة تعتزم إصدار اللائحة الداخلية الجديدة لإدارة رعاية الأحداث والدور التابعة لها وفقا للقانون الجديد.

خطوة جيدة

من جانبه، أكد الباحث القانوني سعيد العجمي أن قانون الأحداث يعد خطوة جيدة للحد من الجرائم التي تحدث بين الفئات الشبابية، وذلك من خلال تطبيق نصوص القانون عبر هيئة رعاية الأحداث التي تنظر في المشاكل المتعلقة بتلك الشريحة وتبحث عن المسببات الرئيسية التي تدفعهم لارتكاب الجرائم.

وحول بنود القانون، أشار العجمي إلى أنه لا يؤيد تقليص سن الحدث إلى 16 عاما كونه يتعارض مع المادة 2 من قانون الطفل الكويتي الذي أقره المجلس في عام 2015، والذي ينص على أن كل ذكر أو أنثى لم يبلغ من السن 18 عاما، لافتا إلى تعارضه أيضا مع المادة 1 من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة الملزمة لجميع الدول المصدقة عليها ومن ضمنها الكويت.

وأضاف العجمي أن هناك بعض البنود التي يجب دراستها وإعادة النظر اليها بدقة خاصة فيما يتعلق بالجوانب النفسية مثل الحبس الاحتياطي، كون الهدف من القانون هو تأهيل الحدث ومراقبة سلوكه ومعرفة الدوافع المختلفة وراء ارتكابهم للجرائم ومعالجتها دون تقييد حريتها فيما عدا جرائم القتل، مؤكدا ضرورة إيجاد آليات واضحة وسرعة لتفعيل القانون، خاصة في ظل وجود العديد من القوانين حبيسة الأدراج، مشيرا إلى أهمية التوعوية الاجتماعية بقانون الأحداث من خلال توزيع الكتيبات الخاصة بالقانون وإقامة المحاضرات والندوات التوعوية لتلك الشريحة حتى يكونوا على دراية كاملة بالقانون المعمول به في الكويت والذي سيطبق عليهم.

هيئة لتوعية المراهق

بدوره، أشار رئيس الشؤون الإدارية بوزارة الداخلية محمد رمضان إلى انه ليس من الضروري تقليص سن الحدث من عمر 18 إلى 16 عاما، مضيفا ان اقرار مثل هذا القانون قد يظلم تلك الفئة ويحرمهم من فرصة جديدة لبداية حياتهم نتيجة لرفع عدد سنوات الحكم عليهم، لافتا إلى انه على الجهات الحكومية دور كبير في حل تلك الاشكالية، وذلك من خلال تخصيص هيئة أو مؤسسة لتوعية الشباب والمراهقين والمساهمة في إصلاحهم قبل تغليظ العقوبات عليهم، بالإضافة إلى مراعاة المناهج التعليمية تعريف تلك الفئة بالمخاطر التي قد يتعرضون لها في حالة مخالفتهم للقانون، خاصة ان القانون الجديد لا يساهم بالشكل المطلوب في الحد من الجرائم.

وأكد عضو الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان وعضو منظمة العفو الدولية مشاري السند ضرورة تفعيل القانون بآليات واضحة بعد اقراره، مشددا على اهمية تثقيف الشريحة المعنية بقانون الأحداث وتعريفهم بمواده وما العقوبات التي ستطبق عليهم في حالة الإخلال به، بالإضافة إلى توفير جميع الإمكانيات مثل الأماكن الخاصة بالاحتجاز وغيرها المخصصة لتطبيق العقوبة، بحيث تكون معزولة عن السجن العمومي، خاصة في ظل جدية الحكومة فيما يتعلق بتقليص سن الحدث إلى سن 16.

وأشار إلى ضرورة التعاون والتكاتف بين مختلف مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني، بهدف ممارسة دورها الفعال في متابعة مختلف الحالات وتأهيلها، حتى لا تكون وزارة الداخلية فقط المعنية بأوجه الرقابة على الأحداث.

وفيما يتعلق بخفض سن الحدث قال السند: ان تقليص سن الحدث وسن الناخب هما أحد المطالب النيابية القديمة، والتي كانت الحكومة اكبر المعارضين لها، مرجعا السبب وراء ذلك التغيير إلى ضعف الاقبال على التصويت في الانتخابات البرلمانية بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الجرائم والإرهاب والإدمان.

وفي النهاية، أشار السند إلى أن قانون الأحداث يتمتع بالعديد من الايجابيات والسلبيات في الوقت نفسه، مشيرا إلى أن ذلك القانون سيفتح الأبواب لخفض سن الحدث في المشاركة السياسية، بينما سيؤدي من جانب آخر إلى زيادة أعداد بلاغات التغيب وهروب الفتيات من منازلهن لتقع وزارة الداخلية في مأزق حقيقي أمام هذا القانون.

تعارض مع قانون الطفل

وفي سياق متصل، أكد عضو جمعية الحقوقين الكويتية حمدان الحصم أن اقرار قانون الأحداث لا يسهم بشكل كبير في الحد من الجرائم المتعلقة بتلك الشريحة، مرجعا السبب في ذلك إلى أن الحدث في ذلك العمر والمرحلة السنية لا يميز بين الخبيث ،والطيب فهو بالفعل «لا يعرف الصالح من الطالح»، لافتا إلى أن الحل يكمن في توجيه سلوكه من الناحية النفسية بطريقة صحيحة بدلا من ترهيبه وتخويفه بالقانون، موضحا أن قانون الأحداث الجديد لم يأت بجديد فيما يتعلق بمعالجة الجوانب النفسية للحدث باعتبارها المسند الأساسي لجميع تصرفاته، والتي من أجلها سن المشروع له سن مشروع القانون منذ البداية.

وأضاف الحصم أن القانون يتعارض مع قانون حماية الطفل «حبيس الأدراج»، والذي يحدد سن الطفل بأنه ما دون 18 عاما، وهو ما يؤدي في النهاية إلى تضارب في القوانين والأحكام، عوضا عن الفوضى التشريعية القضائية التي قد يسببها هذا التعارض والتداخل، لافتا إلى ان العبرة والهدف من القانون لابد أن يكون في مواجهة الانحرافات وليس برفع أو خفض سن الحدث، بل بفاعلية نصوصه القانونية التي تعالج هذا الانحراف، بالإضافة إلى دراسة جدواها في العلاج، مشيرا الى انه إذا كان الهدف من تشريع مثل هذا القانون هو الحد من الجريمة فكيف يقوم بتغليظ العقوبات مع خفض السن؟! موضحا انه في حالة ظهور العديد من الظواهر والمشاكل الجدية في المجتمع فإنه من الأولى تعديل القانون وليس إلغاءه.

وأشار إلى مختلف المشاكل التي يتعرض لها المراهق في تلك الفترة هي مشاكل رهينة هذه المرحلة العمرية وتزول بتخطيها، لذلك يجب علينا أن ننظر إليها كونها مشاكل مؤقتة يمكن حلها بمساعدة المختصين .

دشتي: قانونا «الأحداث» و«الطفل» يتوافقان مع اتفاقية حقوق الطفل الدولية

أكد النائب عبدالحميد دشتي توافق كل من قانون الأحداث وقانون الطفل مع ما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل الدولية الصادرة من قبل الأمم المتحدة عام 1989 والتي صادقت عليها الكويت في عام 1994، مشيرا الى ان قانون الأحداث من القوانين الصعبة والمعقدة التي تشارك فيها العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية مثل وزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة بدور الرعاية الاجتماعية ووزارتي الداخلية والعدل، بالإضافة إلى القطاع الأهلي عبر مكاتب الاستشارات والإرشاد، ما دفع المجلس إلى إعطاء تلك الجهات فترة كافية تقدر بعام لتجهيز جميع التدابير والاجراءات الخاصة بتفعيل القانون بالشكل الصحيح.

وحول تقليص سن الحدث إلى 16 عاما بخلاف ما هو معمول به في قانون الطفل الذي حدد سن الطفولة إلى 18 عاما أشار إلى أن قانون الأحداث تعامل مع تلك الشريحة التي لم يشملها القانون بتعامل راق وذي طبيعة خاصة، موضحا أنه في حالة ارتكاب المنحرف في سن من 16 إلى 18 عاما لجريمة وصدر الحكم عليه، فلن يتم ايداعه في السجن مع البالغين كونهم خطرا عليه، ولن يتم أيضا ايداعه مع من هم دون الـ 16 عاما كونه خطرا عليهم، لافتا إلى أن تلك الشريحة سوف يتم التعامل معها بأسلوب خاص، مؤكدا أن تطبيق بنود هذا القانون يحتاج لفترة زمنية لتفعيله بالشكل الصحيح حتى يتم توفير المباني الخاصة بالأحداث من دون 16 وأيضا المباني الأخرى للفئة بين 16 و18 عاما.

وأضاف دشتي أن هذا القانون يعد من احد القوانين الراقية، مدللا على ذلك بأنه رفع الحالة الأمنية في التعامل مع الحدث وأعطاها للمجتمع والجهات الأهلية الخاصة ودور الرعاية الاجتماعية والوالدينaومتولي الرعاية قبل أن يؤخذ إلى محكمة الأحداث ويتم القبض عليه، لافتا إلى ان شرطة الأحداث لا تقوم بالتعامل مع الحدث بطابع أمني مشدد، فهي تتكون من الأفراد المختصين والمؤهلين للتعامل مع تلك الفئة وفقا لاشتراطات معينة يحددها القانون، مبينا أن اقرار القانون جاء بعد تقديم السجلات والاحصائيات الخاصة بتلك الشريحة من قبل وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية إلى اللجنة التشريعية الخاصة بالقانون والنواب.

وأوضح انه خلال تلك الفترة أصبح هناك قانون يقي النشء ويحمل الوالدين مسؤولياتهم تجاه أبنائهم، خاصة أن القانون يعرف الحدث بحقوقه وواجباته كما يمنع المشاجرات في المجمعات التجارية ويعرفه بالعقوبات التي قد تصل اليها تلك المشاجرات مثل الشروع في القتل، كما يوضح لمن هم أكبر من سن 16 انهم أشخاص كاملو الأهلية قد تصل عقوبتهم إلى الإعدام في حالة ارتكاب الجرائم التي تستحق ذلك، لافتا إلى أنه مع تلك القوانين فإن القاضي لا يذهب إلى التشدد خاصة أن كل قضية لها ملابساتها الخاصة وأحكامها التي تختلف من قضية الى اخرى، لافتا إلى أن القانون يشير إلى أنه في حالة بدء الحدث جريمته وهو دون سن 16 تستمر التدابير الخاصة به حتى سن 21، بينما إذا ارتكب جريمته وهو في سن 16 يتم التعامل معه وفقا لقانون الأحداث دون الخضوع لقانون الأحداث، مرجعا السبب في تخفيض السن إلى الاتفاقية الدولية التي تمنح الدول الحق في قبول المتطوعين وتجنيد الأطفال من سن 15 إلى سن 18.

الخالدي: تخصيص مواد للتأهيل النفسي للطفل والمراهق

تطرقت استاذة علم النفس الأسري د.نادية الخالدي إلى الجوانب النفسية المتعلقة بقانون الأحداث وتعريف علماء النفس له، حيث أشارت إلى ان الحدث في نظرة علماء النفس هو الصغير منذ ولادته حتى ينضج اجتماعيا ونفسيا، وتتكامل لديه مكونات الرشد، لافتة إلى أن مرحلة الحداثة تتميز بمجموعة من الظواهر الحيوية والجسمانية والعضوية والنفسية، لتنقل الصغير من دور التكوين الجسمي والنفسي الخاصين بالوليد إلى دور التكوين والنمو الخاصين بالبالغ.

ولفتت الى أن مفهوم الانحراف لا يقتصر على الأفعال المجرمة أو التي تنشأ عن حدوث انحراف حقيقي، فالانحراف قد يشمل أحيانا الأفعال العارضة التي لا تدخل في مفهوم الجرم، وهو ما يضع المجتمع أمام مسؤولية كبيرة تجاه تلك الفئة باعتبارهم البذرة الخام لمجتمع الغد في صلاحه من عدمه.

وأكدت الخالدي ضرورة قيام المختصين والباحثين في ظل وجود قانون جديد للأحداث بدراسة العوامل الرئيسية والاجتماعية التي قد تدفع الحدث إلى ارتكاب الجرائم أو اتخاذ السلوكيات الانحرافية منهجا له، لافتة إلى أن تلك العوامل تنقسم إلى نوعين، فمنها الفردية المتصلة بشخص الحدث والتي تشكل الصفات والخصائص التي تباشر تأثيرها على جميع المجرمين بمن فيهم الحدث، كالوراثة والسن والجنس والتكوين العضوي والعقلي والنفسي، بينما تأتي العوامل الاجتماعية التي تعود إلى البيئة التي نشأ فيها الحدث من قيم وعادات اجتماعية لتشكل العنصر الثاني من تلك العوامل، خاصة الأسرة التي تلعب دورا مهما في تحديد نماذج السلوك التي سوف يتبعها الحدث.

وطالبت الخالدي بأن تقوم الدولة بتخصيص مواد تتعلق بالتأهيل النفسي للأحداث في المراحل التعليمية الأساسية للحدث، ليصبح قادرا على تحسين مفاهيمه الخاصة بالذات وتطورها، بالإضافة لتنظيم دورات مكثفة للآباء والأمهات في كيفية التعامل مع المراحل السنية المختلفة لأبنائهم.

 

المصدر: كريم طارق/ جريدة الأنباء .

 

سعيد العجمي
سعيد العجمي
حمد الخالدي
حمد الخالدي
محمد رمضان
محمد رمضان
حمدان الحصم
حمدان الحصم
مشاري السند
مشاري السند
النائب عبدالحميد دشتي
النائب عبدالحميد دشتي
د.نادية الخالدي
د.نادية الخالدي

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3776 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4152 0
خالد العرافة
2017/07/05 4692 0