رغم فقدان بصره إلا أن مؤمن البيطار (15عاما) من مدينة غزة يتمتع بذكاء حاد وهو يمارس رياضة الكاراتيه القتالية التي قد تشكل خطورة عليه.
ويجري البيطار الذي يعاني من إعاقة بصرية منذ ولادته تدريباته بتركيز عال رفقة تسعة آخرين من فاقدي البصر وضعافه داخل صالة نادي (المشتل) الرياضي.
والبيطار هو أحد طلبة مركز تأهيل المعاقين بصريا التابع لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة الذي أطلق أخيرا بالشراكة مع نادي (المشتل) الرياضي ولأول مرة المشروع التجريبي لتدريب رياضة الكاراتيه لذوي الإعاقة البصرية.
ويقول البيطار بينما كان يمارس تدريباته ويرتدي الزي الأبيض ويربط الحزام الأصفر على وسطه “ألعب الكاراتيه لتصبح لدي القوة والعزيمة والإرادة وحماية نفسي من أي عدو”.
ويضيف الطفل الذي لم تفارق الابتسامة وجهه “رغم إعاقتي البصرية إلا أنني أمارس لعبة الكاراتيه بكل حب وسعادة كما أنني شخص سوي”.
ويوضح أنه يعتمد على حاستي اللمس والسمع في تنفيذ ما يطلبه مدربه، مشيرا إلى أنه تعلم الإدراك الحسي وتحديد الاتجاهات وفنون القتال والتعامل مع أي خطر يواجهه.
ويردف الطفل الذي يشيد به مدربه “لدي وزملائي قدرة على صناعة كل شئ بإتقان وممارسة كافة أنواع الرياضات المختلفة”، لافتا إلى أنه يتمكن من معرفة أى عدو أمامه من خلال “الحركة وتحديد الاتجاه”.
ويعرب البيطار عن “أمله بأن يكون لاعب كاراتيه محترف وتمثيل فلسطين في المحافل الدولية عن لعبة كاراتيه المكفوفين”.
ويدعو البيطار جميع المسؤولين الفلسطينيين والدوليين في يوم الطفل العالمي الذي يصادف اليوم (الجمعة) إلى “رعاية هذه الفئة المهمشة في المجتمع، وتوفير كافة الاحتياجات لهم لأنهم يحبون الحياة والمشاركة والتعليم والتدريب واللعب”.
ويقضي البيطار ورفاقه في تدريباتهم لمدة ساعة متواصلة يومين في الأسبوع الواحد.
وتعتبر لعبة الكاراتيه ذات الأصول اليابانية نوع من أنواع الفنون القتالية وتستخدم فيه الأيدي والأقدام والمرافق كأسلحة.
ويقول محمود (16 عاما) الذي قدم من رفح أقصى جنوب القطاع للالتحاق بالنادي ل((شينخوا)) “اليوم أول تمرين لي هنا وجئت من أجل ممارسة اللعبة لتعزيز الثقة في نفسي”.
ويضيف الطفل ذو القوة الجسمانية والبشرة السمراء الداكنة “رغم إعاقتي البصرية إلا أنني أمارس الرياضة لبناء جسم رياضي”، معربا عن سعادته الكبيرة بتواجده في النادي بين زملائه من ذوي الإعاقة.
ويتابع محمود وهو يمارس التدريبات “صحيح نظري ضعيف، ولكن أتمتع بأشياء أخرى عوضني الله بها كقوة السمع والادراك الحسي”، معربا عن أمله بأن يصبح مدربا في رياضة الكاراتيه لذوي الإعاقة البصرية.
ويشارك الأهالي الحضور مع أبنائهم لمساعدتهم وتعزيز الروح المعنوية لديهم وتشجعيهم.
ويقول والد محمود ل((شينخوا)) أن ولده فاقد ل 85 في المائة من نظره، لكن لديه رغبة قوية بالقدوم إلى النادي وممارسة رياضة الكاراتيه القتالية رغم خطورتها عليه.
ويضيف أن وجود ابنه في النادي يعمل على رفع المعنويات لديه، ويجعله كأي إنسان طبيعي يمارس حياته بشكل عادي .
ويشير إلى أن فئة المعاقين بصريا مهمشة في المجتمع الفلسطيني، مطالبا المسؤولين برعايتهم وتوفير مطالبهم الخاصة حتى لا يشعروا بأي نقصان.
ويقول محمد فرحات مدير مركز تأهيل المعاقين بصريا حول المشروع التجريبي للمركز بالتعاون مع النادي، إن التدريب الرياضي للأطفال “أداة مهمة في إستراتيجيتنا لتعزيز الثقة بالنفس وتقوية الشعور الداخلي من خلال تحسين المهارات المعرفية والتطوير النفسي الاجتماعي لطلاب المركز”.
ويقول حسن الراعي مدرب المنتخب الفلسطيني للكاراتيه ومدير عام أكاديمية المشتل للألعاب القتالية، إن الطلبة الملتحقين لديه من المكفوفين 10 أطفال من (7أعوام وحتى 16 عاما) بينهم 8 إعاقة كلية واثنان جزئية.
ويضيف الراعي أن الهدف من التدريبات إدماج هذه الفئة المهمشة في المجتمع الفلسطيني لأن هؤلاء لهم حق في الحياة واللعب وتمثيل بلادهم في المحافل الدولية والعربية.
ويوضح “واجهتنا بعض الصعوبات في البداية بأن هذا كفيف كيف يمكن أن يمارس رياضة قتالية لكننا تغلبنا عليها لنثبت للعالم كله أن الكفيف لديه قدرة عاليه وخارقة”.
ويتابع الراعي “منذ التحاق الأطفال بالتدريبات قمنا بعمل تفريغ نفسي وانفعالي لهم ورغم إعاقتهم إلا أنهم يتمتعون بحس كبير من الذكاء والقدرة علي حماية أنفسهم”.
ويعرب المدرب عن أمله بإخراج البذرة الأولى من بين هؤلاء الأطفال لتشكيل منتخب يمثل فلسطين في دورة الكاراتيه الأولمبية عام 2020 في العاصمة اليابانية طوكيو.
المصدر: جريدة شاشة نيوز .