0 تعليق
594 المشاهدات

بيدها المتألمة.. سماح أول فتاة فلسطينية تفتح ورشة للـ”CNC”



كلنا نملك تلك الطاقة الإبداعية التي تحتاج منا إيماناً بأنفسنا لتنكشف, سماح شاهين تسلل لها سابقاً ذاكَ الشعور الذي جعلها تشك إن كانت بالفعل قادرة على أن تتجاوز محنتها التي ابتليت بها منذ ولادتها, لكنَّ وجود ذلك الشك لم يكن سبباً للتوقف عما عزمت عليه, بل أصبح فيما بعد دافعاً لها للوصول.

ولدت سماح بحالة ” خلع ولادة ” جعلت من يدها اليسرى عاجزة تماماً, وواجهت بسببها صعوبات كثيرة في مراحل حياتها خصوصاً المرحلة المدرسية فقد أجرت 6 عمليات في يدها أثناء المرحلة الإبتدائية والإعدادية لم تفدها شيئاً في تحسين عمل يدها بل وكما تقول “زادت حالة يدي سوءاً, وأتلفت لدي الأعصاب”.

دمعت عينا سماح حين استذكرت تلك اللحظات البائسة والكلمات الجارحة التي كانت تسمعها من معلماتها في المدرسة بسبب تغيبها عنها لإجراء تلك العمليات, تقول سماح “كن يوبخنني دوماً مع أنني لم أتغيب يوماً دون عذر, وكن يقلن لي دائماً أنتِ فتاة لا حاجة لكِ بالمدرسة لما لا تتركينها فلن تفيدي فيها شيئاً ولن تستفيدي و”ووجودك زي عدمه””.

تكمل سماح” أنا صحيح ما كنت متفوقة بس كنت كتير أحب العلم, كملت وأخدت شهادة التوجيهي ودخلت جامعة الحمد لله”.

سماح اختارت تخصص السكرتارية وأتمتة المكاتب لدراسته في الجامعة, هذا التخصص الذي يعتمد تماماً على كلتا اليدين أتعبها جداً بالبداية والطريف في الموضوع أنها لم تكن تعلم أن الطباعة على جهاز الحاسوب ستستمر معها حتى تخرجها كمادة أساسية, مع ذلك تجاوزت الأمر باعتمادها الكلي على يدها اليمنى.

مشروع إرادة

سمعت سماح عن مشروع إرادة من أخوها الذي شجعها على التسجيل فيه كونه أحد المنتسبين إليه فسارعت بالتسجيل فيه واختار لها المشروع تخصص وجدته بالبداية غريباً ولفظه عقلها ولم يتقبله وهو تخصص الـ”CNC” ويعني “الحفر على الخشب باستخدام جهاز الكمبيوتر” فقد اعتبرته تخصصاً ذكورياً محضاً لن تجد لنفسها مكاناً فيه.

رفض أهل سماح هذا التخصص في البداية أيضاً ولم تحظ بأي تشجيع من أحد من حولها بشأنه لكنها قررت المضي فيه كتجربة فقط معتقدة بأنها لن تحبها, وقد وجدت سماح صعوبة كبيرة في البداية في استخدام أدوات الـ” CNC” مما جعلها أكثر نفوراً من التخصص.

حين عرض المشروع على أعضاء فريق الـ”CNC” الأعمال التي سينجزونها إن استمروا معهم في التدريب, أعجبت سماح جداً بتلك الأعمال ووجدت أن الأمر بالفعل سيكون ممتعاً لو أن تلك الأعمال ستنسب لها يوماً, فجدت واجتهدت وتميزت حتى أصبحت أعمالها غاية في الإتقان, وكما تقول:”أهملت وجود يدي المريضة فاستطعت التميز”

بعد التخرج من إرادة قامت سماح بافتتاح ورشة عمل خاصة بها بدعم من المجلس التشريعي الفلسطيني وباسم “إرادة سنتر” في مخيم البريج في المنطقة الوسطى بالقطاع ,وهي بذلك تكون أو فتاة في فلسطين تعمل في هذا المجال في ورشة خاصة بها, والجميل في الموضوع أنها من ذوي الإحتياجات الخاصة.

يذكر أن برنامج إرادة للتأهيل والتدريب المهني للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة منذ انطلاقه في العام2012 قام بتخريج 650 شخص من ذوي الاعاقة مؤهلين في تخصصات أكاديمية وحرفية مختلفة, اضافة إلى تشغيل 400 شخص منهم, ودعم إنشاء 9 ورش حرفية لمجموعة أخرى وذلك بهدف دمج الأشخاص ذوي الإعاقة وتمكينهم من الخروج من حالة الاعتمادية الاقتصادية القائمة على استقبال المساعدات, ليصبحوا قادرين على توفير الدخل بشكل مستقل وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لهم ولأسرتهم.

وحسب دراسة لقياس أثر مشاريع إرادة على خريجيها في العام 2015 فقد أشارت النتائج بأن 50% من خريجي ارادة ما زالوا يعملون.

العم أبو سامح

حين كنت بانتظار سماح آتاني رجل يبدو عليه من أهل الإحسان وأخبرني أنها ستأتي قريباً, اعتقدت في البداية أنه أحد أقربائها ولكن لهجته المصرية قالت عكس ذلك, حين أتت سماح سألتها عنه فأخبرتني بأنه أحد الداعمين الرئيسيين لها في عملها وأنه صاحب فضل كبير عليها في استمرارها في هذا المجال.

إجابتها لم تقنعني فقلت لها” طيب هو بيدعمك من أي باب, قريبك, بتعطي فلوس ولا هيك من الباب للطاق؟”.

ابتسمت هنا سماح وقالت:” العم أبو سامح رجل مصري يعمل في مجال الحفر على الخشب وقد تعرفت عليه عن طريق الإنترنت حين كنت أبحث للتعرف أكثر على الـ”CNC” فقد كان يملك صفحة على موقع الفيس بوك تابعة لمحاله في مصر وحين تواصلت معهم أخبرني ابنه أن والده قد أتى إلى غزة لإقامة مشروع فيها”.

تتابع سماح” بعدها تواصلت مع العم أبو سامح هنا في غزة وكان قد افتتح ورشة خاصة به هنا للحفر اليدوي على الخشب, أخبرته أنني أريد أن يكون عملي متصل مع عمله, يعني أن أحفر على الخشب ويتكفل هو بالدهان أو القص, لكن العم كان جيداً بما فيه الكفاية معي , فقد وقف بجانبي في كثير من الأزمات وفي مرات كثيرة أدانني المال”.

تتمنى سماح أن تفتح معرضاً خاصاً بها تستطيع من خلاله تسويق منتجاتها, وأخبرتني أنها ستشارك في بعض المعارض هذا العام.

ما يزعج سماح هو عدم اهتمام الناس بشراء ما تنتج حتى لو أعجبهم شكله وإتقان عمله, مما قد يؤدي إلى خساراتها بسبب عدم قدرتها على سد المال اللازم لشراء الخامات, وهي تأمل أن يتحسن أوضاع الناس أكثر مما عليه الآن علَّهم يلتفتون إلى منتجاتها.

 

المصدر: غزة – ياسمين النعيزي/ جريدة فلسطين أون لاين .

 

جانب من أعمالها

 

جانب من أعمالها

 

جانب من أعمالها

 

جانب من أعمالها

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4691 0