«الإعاقة لا تشكل حاجزا أمام العقول والهمم العالية»، هذا ما جسَّده جابر الكندري من فئة الصم، حيث تحدّى إعاقته السمعية بإرادته وعزيمته القوية واستطاع أن يكون ممثلا لأقرانه الصم في المجتمع الكويتي، وناقلا لقضاياهم وهمومهم في المحافل الدولية، حيث اخت.ير عضوا في فريق العمل لسكرتارية المنطقة العربية في الاتحاد العالمي للصم، نظرا إلى ثقافته وقدرته على مناقشة القضايا التي تهم مجتمع الصم. وأشار الكندري في حديثه لــ القبس إلى أنه يطمح إلى مساعدة الأطفال الصم وسن قانون لمترجمي لغة الإشارة ونشر ثقافة لغة الإشارة الكويتية وتطبيقها في الكويت، ملمحا إلى التهميش التعليمي والاجتماعي والمهني الذي يواجه مجتمع الصم في الدول العربية والخليجية. وأكد عدم ما يسمى «توحيد لغة الإشارة»، إيمانا منه بأن اللغة تنبع من المجتمع وتتطور لتصبح لغة متكاملة، معتبرا أن مخاطبة المسؤولين والحكومة وحثهم على أهمية لغة الإشارة المحلية كفيلان بحمايتها والحفاظ على الموروث اللغوي. واعتبر أن عدم اعترف رسمي وعدم مسمى وظيفي لمترجم لغة الإشارة من أبرز التحديات التي تواجه مترجمي لغة الإشارة، مؤكدا أنه بالإرادة والعزيمة القوية وصل إلى العالمية. وفي ما يأتي نص الحوار:
جرى اختياركم عضواً في مجموعة العمل لسكرتارية المنطقة العربية في الاجتماع الأول التأسيسي لسكرتارية المنطقة العربية في الاتحاد العالمي للصم، حدثنا عن منصبك، وكيف تم اختيارك؟
– الاتحاد العالمي للصم يقيم المنتسبين في المؤتمر ويختار الاكفاء منهم ولديهم معايير للاختيار، وقد تم اختياري بناء على مستوى مشاركتي في المؤتمر وبناء على ملكة التحدث بالمواضيع والقضايا التي تهم الصم.
إلى أي جهة تتبع سكرتارية المنطقة العربية؟
– سكرتارية المنطقة العربية تتبع الاتحاد العالمي للصم وقوانينها وأنظمتها، وخطة العمل يتم اعتمادها من قبل مجلس إدارة الاتحاد العالمي للصم.
ما الأسس والمعايير التي قام عليها اختيار أعضاء مجموعة العمل؟
– الدول التي تتمتع بعضوية عادية في الاتحاد العالمي للصم هي التي تحق لها المشاركة في الاجتماع، وحيث إن هذا أول اجتماع لسكرتارية المنطقة العربية، وحيث إن القوانين والأنظمة وخطة العمل لم يتم اعتمادها بعد من مجلس إدارة الاتحاد العالمي للصم، لذا جرى مبدئياً اختيار أعضاء مجموعة العمل، وهم:
1 – هند الشويعر من السعودية ــ مديرة إقليمية للمنطقة العربية.
2 – جابر الكندري من الكويت ــ عضواً
3 – هشام عبعاب من تونس ــ عضواً
هل واجهتك صعوبات في سبيل تحقيق هذا الإنجاز؟
– في الحقيقة، لم تعترضني أي صعوبات في سبيل الوصول إلى هذا المنصب.
رسالة سامية
ما الرسالة التي تسعى إلى تحقيقها ونقلها عن مجتمع الصم بعد فوزك بعضوية الاتحاد؟
– مساعدة الأطفال الصم وتنمية قدراتهم ومحصلتهم التعليمية، لكي يكونوا مثل أقرانهم الأسوياء، كما أتمنى سن قانون للمترجمين ومسودة الترجمة للمترجم، إضافة إلى عمل برنامج لتعليم أولياء الأمور لغة الاشارة الكويتية. وأسعى إلى مساواة الصم بأقرانهم الأسوياء أكاديميا. وتطبيق لغة الاشارة الكويتية واعتبارها اللغة الأم للصم.
وأطمح أيضاً إلى نشر لغة الإشارة الكويتية في جميع أنحاء الكويت وتأسيس برنامج لتدريب المترجمين مدته 4 سنوات، ووضع ضوابط وأنظمة لقوانين الترجمة بلغة الإشارة الكويتية.
حقوق
كيف ترى واقع الصم وحقوقهم في المنطقة العربية، وفي الكويت على وجه الخصوص؟
– لا شك في أن هناك حقوقاً كثيرة لم يحصل عليها الصم في المجتمع الكويتي، كما يتم تهميش دورهم في المجتمع من عدة نواحٍ: تعليمية واجتماعية، ومهنية. وهذا الأمر في جميع الدول العربية.
وأبسط مثال على ذلك عدم حصول الصم في احدى الدول العربية على رخصة قيادة بسبب أنه أصم.
وبالنسبة الى وضع الصم في الكويت، فنحن أفضل حال مقارنة ببعض الدول العربية والأروربية والأفريقية، حيث نملك ناديا من افضل المنشآت الرياضية على مستوى هذه الدول، ويعود الفضل لسمو الشيخ صباح الأحمد الصباح، حيث أعطى أوامره السامية لتأسيس هذا الصرح الرياضي لأبنائه الصم.
خدمات راقية
ما تقييمك للخدمات التعليمية والوظيفية والصحية التي توفرها الدولة لمجتمع الصم؟
– نشكر الكويت وحكومتنا على الخدمات التي توفرها للشعب الكويتي وللصم خاصة، حيث إنها تعتبر من أرقى الخدمات التي تتوافر للافراد في العالم، ولكن هناك معوقات، منها عدم مترجمين وعدم إلمام الموظفين في مختلف مرافق وجهات الدولة بلغة الاشارة الكويتية، وهي إحدى اهم المشاكل التي تواجهنا.
تحديات
ما التحديات التي تواجه مجتمع الصم في المجتمعات العربية والخليجية، وخاصة الكويت؟
– هناك تحديات كبيرة تواجه الصم في المجتمعات العربية والخليجية بما فيها المجتمع الكويتي، منها معاناتنا من محدودية المستوى التعليمي للصم وقلة المترجمين الأكفاء، فضلا عن نظرة المجتمع للفرد الأصم وعدم الاهتمام بالاطفال من هذه الفئة في بداية تحصيلهم العلمي هذه تحديات كبيرة تواجه الاصم في هذه المجتمعات.
وما مطالب مجتمع الصم؟
– لا تختلف مطالبنا عن الآخرين، فنأمل في أن ننعم بالحياة الكريمة من دون أي تمييز واعتبارنا أفراداً فاعلة ومنتجة في المجتمع. ونتمنى أن يتفهم المجتمع هذه المطالب والطموحات والمساهمة في تحقيقها من خلال توفير المترجمين الاكفاء وتحسين المستوى الأكاديمي للصم ومنحهم الفرصة لمواصلة التعليم الجامعي وتعزيز حقوقهم الوظيفية، بما يتناسب وظروفهم الصحية مع تبوُّؤ المراكز القيادية.
لغة الإشارة
ما موقف الاتحاد العالمي للصم من توحيد لغات الإشارة؟
– موقفه كان واضحا منذ البداية في عدم توحيد الاشارة، ولا يوجد شيء اسمه توحيد لغة الاشارة لآن اللغة تنبع من المجتمع نفسه وتتطور إلى أن تصبح لغة كاملة، ومن الخطأ تسميتها لغة الاشارة العربية الموحدة، والسبب أنها ليست لغة.
والاتحاد العالمي صرح بأن لكل دولة لغتها الأم وهي التي يجب أن تستخدم في التواصل مع الصم واستخدامها في التعليم وفي جميع المرافق.
حماية الموروث اللغوي
دعا الكندري الى حماية لغة الإشارة المحلية خلال مخاطبة المسؤولين والحكومة بأهمية اللغة، فضلاً عن محاولة تعزيز فهم المجتمع بماهية لغة الاشارة الكويتية، إلى جانب تعليم الأطفال الصم لغة الإشارة الكويتية وأهميتها إضافة إلى غرسها وضرورة الحفاظ على مورثهم اللغوي والثقافي لهذه اللغة، وكذلك حث المترجمين الجدد وتدريبهم على لغة الاشارة الكويتية ونشر اللغة في المجتمع. والمحافظة عليها وعدم ادخال اشارة لا تمت لمجتمع الصم وثقافته.
تعاون
أشار الكندري الى تعاون وثيق مع الهيئات الدولية والجمعيات في شتى النواحي، لا سيما في القطاع الرياضي وحضور المؤتمرات واللقاءات التي تعنى بشؤون الفرد الاصم.
مشاكل
أكد الكندري ان مترجمي لغة الاشارة يواجهون مشاكل ابرزهها عدم اخذ المترجم بجدية، وكونه مترجما فقط دون اعتباره كشخص متعلم ومثقف ومطلع. البعض قد لا يريد من المترجم ترجمة كل الحديث الذي يدور بين الشخص العادي والاصم. وكذلك عدم اعتراف رسمي لهم بالدولة وعدم منهج خاص يستندون إليه كبقية مترجمي اللغات الأخرى، فضلا عن عدم مسمى وظيفي لهم وبطاقة رسمية تخولهم للترجمة والتدخل في الظروف الحرجة او الاستعانة الفورية بهم، وكذلك لا يوجد التنسيق والتفاهم والثقة في ما بين البعض منهم وتفاوت القدرة الفنية والمهنية بينهم.
وقال: لا يوجد اتفاق بين المترجمين في اوقات واماكن استعمال الاشارتين الموحدة العربية، وبين المحلية الكويتية، ناهيك عن قلة عددهم وعدم ميثاق شرف لهم يلتزمون به.
وأضاف: كما يعاني هؤلاء المترجمون من عدم توفير دورات تدريبية لتطوير قدراتهم وتجديد معلوماتهم، وعدم مقدرة البعض على الترجمة في بعض المجالات الطبية والتعليمية والدينية.
شروط مترجم لغة الإشارة
استعرض الكندري جملة من الشروط التي يجب أن يتحلى بها مترجم لغة الإشارة، منها المصداقية في الترجمة، والسرية التامة والأمانة وحسن الخلق، إضافة إلى وضع مصلحة الأصم فوق كل اعتبار، والالتزام بالترجمة الحرفية من دون أي زيادة أو نقصان، مشيرا إلى أهمية عدم إبداء رأي المترجم الشخصي إلا بعد موافقة الشخص الأصم، عدا ذلك يحتفظ برأيه لنفسه.
وأشار إلى أهمية عدم تغيير الكلام ونقله بحرفية ومهنية إلا في حالة الاستشعار بالخطوره لطرف ما، فضلا عن تلبية نداء الأصم عند الاحتياج اليه.
التواصل المرئي
طالب الكندري بتوفير خدمة التواصل المرئي في المجتمع الكويتي بكل المرافق والوزارات الحكومية لتيسير عملية التواصل مع مجتمع الصم في كل مجالات العمل والمحافل التعليمية.
دعم
ثمَّن الكندري الدعم الذي يتلقاه النادي الكويتي الرياضي للصم من قبل هيئة الشباب والرياضة.
المصدر : مى السكرى \ جريدة القبس