0 تعليق
2518 المشاهدات

غياب الجو الأسري يضعف النمو الذهني والاجتماعي لذوي الإعاقة



كل خميس ينتظر محمد بدران (18 عاما) والديه أمام دار رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة لاصطحابه الى منزله وقضاء عطلة نهاية الأسبوع بين “أحضان العائلة”، ولكن أمله سرعان ما يتبدد مع انتهاء اليوم، بعدم ظهورهما.

“كل خميس، ومنذ أعوام أنتظر أهلي لاصطحابي إلى البيت، لكنهم نسوني ولا يحبونني” بهذه الجملة يصف بدران، الذي اختار هذا الاسم حفاظا على سمعة والديه، خيبة الأمل الكبيرة التي يشعر بها كل نهاية أسبوع عندما يمضي عطلته في غرفته، بعيدا عن إخوته وأخواته.
بدران، ورغم إعاقته الحركية الخفيفة، والتي لا تسبب الإرباك على الإطلاق، وفق دار الرعاية التي ينتمي إليها، ليس وحده من يعاني جفاء الأهل وإهمالهم.
فهي حالة تشمل العديد من الأطفال ذوي الإعاقة الذين يعانون من إهمال الأهالي لهم وإبقائهم في مراكز التأهيل في العطلات، ما يجعلهم يشعرون بنوع من الوحدة، والحاجة الماسة إلى الإحساس بالعائلة والجو الأسري. فالطفلة حنان ذات الأعوام الستة، التي تعاني من متلازمة داون، هي الأخرى تنتظر يوم الخميس، على أمل أن ترى أهلها الذين يزورونها مرة في الشهر.
وتلفت اختصاصية التربية الخاصة، المسؤولة عن حنان، التي رفضت الكشف عن اسمها، إلى وقع إهمال أهلها على نفسيتها، حيث تولد لديها نوع من الانطوائية، والحزن الذي لم يعد يفارق عينيها، خصوصا عندما ترى صديقاتها يتراكضن إلى أحضان أمهاتهن عند نهاية اليوم، أو عند نهاية الأسبوع.
وتتابع هذه الاختصاصية قائلة إن شعور الطفل بالراحة النفسية، وأنه محبوب من قبل الأهل، يعطيه دعما، ويساعد في تقبل العلاج، ويجعله أكثر إقبالا عليه، لاسيما وأن غياب الأهل لفترات طويلة يسبب الإحباط للأطفال ويؤثر عليهم.
من جانبه، يشير اختصاصي التربية والإرشاد النفسي، الدكتور منذر سويلمين، إلى أن وجود الطفل في الجو الأسري ينعكس بإيجابيات كثيرة عليه، ولهذا الوجود دور في النمو العاطفي والذهني للطفل، ويشعره بالرضا، ويساعده في تحقيق ذاته.
ويبين أنه ورغم أن ذوي الإعاقة يختلفون من حيث استجابتهم للعلاج، وفقا لظروفهم الصحية، إلا أن لتنمية التفاعل الفكري والعاطفي والاجتماعي، إلى جانب النمو النفسي، دورا كبيرا في هذا العلاج.
وتلعب الأسرة، يقول سويلمين، دورا كبيرا في تقدم العلاج، وتطوره نحو الأفضل، مؤكدا أهمية قضاء الطفل أياما وساعات مع أسرته حتى تحيطه الأم بالحب والحنان، ويشعر بأنه جزء من هذه الأسرة. لأن “الدعم النفسي من قبل الأهل مهم جدا”، فغياب الجو الأسري وعواطف الأم والأب والإخوة يشعر الطفل بأنه منبوذ، لأن عدم تواصل الأسرة مع الطفل يعد عائقا اجتماعيا، ونفسيا وفكريا.
ويبين سويلمين أن الأطفال حين يقارنون أنفسهم بغيرهم ممن يزورهم أهاليهم، يتأثرون كثيرا، وقد يكون لهذا التأثر النفسي انعكاسات سلبية، ربما لا تؤثر بشكل جوهري على النمو والتعديل السلوكي والتصحيح العلاجي، ولكن قد تؤثر في درجة استجابة الطفل للعلاج.
وبدورها، تؤكد اختصاصية التربية الخاصة “الصم المكفوفين” خديجة العمايرة، أهمية قضاء ذوي الإعاقة عطلة نهاية الأسبوع مع ذويهم، لافتة إلى أن غياب الطفل عن أهله لفترات طويلة يؤثر بشكل سلبي، حيث يؤثر غيابهم وعدم حضورهم على تقبلهم لأجواء المدرسة التي تصبح في نظرهم مجرد فضاء ممل. وتصف العمايرة الفرحة الغامرة التي تراها في وجوه الأطفال عند رؤيتهم لأهاليهم، والبسمة التي ترتسم على شفاههم عند اقتراب يوم الخميس الذي يعد للكثير منهم يوما عائليا يعني الكثير، الأمر الذي يظهر وبشكل إيجابي عليهم؛ إذ يعودون إلى المدرسة بأمل وتفاؤل ورغبة أكثر بالحياة.
“طبيعة تعامل الأهل مع أبنائهم أمر في غاية الأهمية”، هكذا تقول العمايرة، التي تشير إلى أن الأهل حين يغمرون أطفالهم بالحب والحنان، ويشركونهم في مشاريع عائلية، يكسر ذلك روتين حياتهم ويسهم وبشكل كبير في إضفاء الحيوية والمتعة على حياتهم.
ولعل ما يجعل بعض الأهالي يُهملون أطفالهم، وفق العمايرة، هو ما يشعرون به من خجل بسبب وجود طفل ذي إعاقة في العائلة، ولذلك يبقى الطفل حبيس غرفته طوال الإجازة، وهو ما ينعكس سلبا على نفسيته وحياته وأنشطته في المركز أو المدرسة، طوال الأسبوع.
لا يخفى عن بال الطفل أن هنالك مكانا آخر ينتظره غير المدرسة، ومن حقه أن يفكر بأن ثمة أهلا وإخوة يجب أن يحبوه ويهتموا به، لأنه لا يملك عنهم في حياته، بديلا.

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3776 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4152 0
خالد العرافة
2017/07/05 4692 0