طلبت وكيلة وزارة التربية مريم الوتيد من الوكيل المساعد للتعليم الخاص إعداد مذكرة شاملة عن أوضاع طلبة التوحد في المدارس الخاصة متضمنة عمل تقييم للمدارس الحاضنة لهذه الفئة للنظر في إمكانية دمجها في المدارس الحكومية.
طلب الوكيلة جاء بناء على عشرات الكتب التي تقدم بها أولياء أمور الطلبة إلى وزير التربية وزير التعليم العالي الدكتور نايف الحجرف بشأن دمج أبنائهم في مدارس التعليم العام فيما شخص وكيل التعليم الخاص بالإنابة الدكتور خالد الرشيد هذه الحالات بأنها مصطلحات تستخدم في وصف حالة اعاقة من اعاقات النمو الشاملة. فهو نوع من الاعاقات التطورية سببها خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي (المخ) يتميز في توقف او قصور في نمو الادراك الحسي واللغوي وبالتالي القدرة على التواصل والتخاطب والتعلم والتفاعل الاجتماعي يصاحب هذه الاعراض نزعة انطوائية تعزل الطفل الذي يعاني منها عن وسطه المحيط بحيث يعيش منغلقاً على نفسه لا يكاد يحس بما حوله وما يحيط به من افراد او احداث او ظواهر. ويصاحبه ايضاً اندماج في حركات نمطية او ثورات غضب كرد فعل لأي تغير في الروتين.
واضاف الرشيد تعتبر اعاقة التوحيد Austim من اكثر الاعاقات العقلية صعوبة وشدة من حيث تأثيرها على سلوك الفرد الذي يعاني منها وقابليته للتعلم او التطبيع مع المجتمع او التدريب او الاعداد المهني او تحقيق درجة ولو بسيطة من الاستقلال الاجتماعي والاقتصادي والقدرة على حماية الذات الا بدرجة محدودة وبالنسبة لعدد محدود من الأطفال، مبيناً ان الصعوبات الاخرى تتعلق بالتشخيص والتدخل لتعديل السلوك او التأهيل الاجتماعي والمهني، وربما ما زاد من صعوبة هذه المهمة انه حتى الآن لم يصل المهتمون الى اتفاق عام على العوامل المسببة لهذا النوع من الاعاقة، هل هي وراثية جينية او بيئية اجتماعية او بيوكيميائية او هي نتيجة العاملين او هي ليست هذا او ذاك ولكنها نتيجة لعوامل مسببة اخرى مازلنا نجهلها تماماً.
واوجز هذه الصعوبات بـ 3 عوامل هي ان اعراض اعاقة التوحد تشترك او تتشابه في اعراض اعاقات او امراض اخرى مثل التخلف العقلي والاضطرابات العاطفية الانفعالية وحالات الفصام Schizophrenia لدرجة ان كثيرا من علماء النفس كانوا يعتبرونها حالة فصام مبكرة يبدأ ظهورها في مرحلة الطفولة وان البحوث التي تجري على اعاقة التوحد حديثة نسبياً لان المعرفة بها بدأت بدرجة محدودة في الخمسينات وبدرجة اكبر في السبعينات.
«التخلف الشديد»
العامل الثالث المسؤول عن صعوبات التشخيص والتأهيل فهو التخلف الشديد او ربما التوقف الملحوظ لنمو قدرات الاتصال بين الطفل الذي يعاني من اعاقة التوحد والبيئة المحيطة كما لو ان عائقاً اوقف الجهاز العصبي عن العمل وبالتالي يترتب على ذلك توقف القدرة على تعلم اللغة او النمو المعرفي ونمو القدرات العقلية وفعالية عملية التطبيع الاجتماعي ومن الطبيعي ان يترتب على ذلك القصور في نمو قدرات الطفل وتعذر التفاعل والاتصال بين الطفل والبيئة المحيطة ببطء او ربما في الحالات الشديدة استحالة نجاح برامج التأهيل الاجتماعي.
وتابع: ربما يضاف الى هذه الصعوبات ان اعاقة التوحد اعاقة دائمة وتطورية واكثر من 70 في المئة من حالات التوحد يصاحبها تخلف عقلي، وعملية التأهيل والتربية والرعاية تكاد تكون دائمة ومدى الحياة، وان توقف كافة محاور النمو (الاداركي – الحسي – الاجتماعي اللغوي) تؤدي الى كل ذلك فان الطفل التوحدي بحاجة الى عدة اختصاصات للرعاية ومنها (اخصائي نفسي – اخصائي اجتماعي – اخصائي نطق) طبيب (اعصاب – وراثة – انف واذن وحنجزة – عظام) تعليم منظم (كوادر مؤهلة ومدارس مجهزة).
واستعرض الرشيد خصائص الاطفال التوحديين واهمها الخصائص الاجتماعية حيث عدم الاهتمام بالآخرين وعدم الاستجابة لهم وهو اول ما يلاحظه الاهل عند طفلهم التوحدي. ويعاني الطفل التوحدي قصوراً في التفاعل الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية ويتميز بعدم الارتباط بالآخرين وعدم النظر الى الشخص الآخر وتجنب تلاقي الأعين وعدم اظهار احساسه وعدم قبوله بأن يحضنه احد او يحمله او يدلله الا عندما يرغب في ذلك ويكون الطفل التوحدي احياناً غير قادر على تمييز الاشخاص حتى المهمين منهم في حياته واحياناً لا يطور علاقاته حتى مع اهله لانه يهتم بالاشياء اكثر من الاشخاص، وقد اكدت الابحاث ان تدريب المتوحدين على مهارات اجتماعية في ظروف معينة يساعدهم على تحسين
تواصلهم الاجتماعي مع الآخرين، لافتا في الوقت نفسه الى بعض الخصائص اللغوية ومنها: يعد القصور اللغوي من الخصائص المميزة للمتوحدين رغم ان تطورهم اللغوي يختلف من حالة الى اخرى، فبعض المتوحدين يصدرون الاصوات فقط وبعضهم يستخدم الكلمات فقط وبعضهم يستخدم كلمات قليلة وبعضهم الاخر يردد الكلمات او الاسئلة المطروحة عليه.
ان هذا القصور اللغوي لا ينتج عن عدم الرغبة في الكلام انما عن خلل وظيفي في المراكز العصبية المتعلقة بتطوير اللغة والكلام، لذلك لا يتوصل الطفل التوحدي احيانا الى التعبير بطريقة واضحة ومفهومة حتى بعد تدريبه على ذلك وهذا ما يزيد من انغلاقه في عالمه الخاص.
خصائص التوحديين
وتطرق الى الخاصائص الحسية والادراكية حيث يعاني الطفل التوحدي قصورا حسيا وادراكيا، وهو لا يدرك احيانا مرور شخص امامه او اي مثير خارجي، وقد لايتأثر حتى اذا وجد وحده مع اشخاص غرباء.
اما بالنسبة للادراك الحسي فهو غالبا ما لا يشعر بالألم، لذا فهو احيانا قادر على ايذاء نفسه – مثلا طرق رأسه، ضرب نفسه، واحيانا يؤذي بعض المتوحدين غيرهم بالعض او الخدش من دون سبب معين، اما بالنسبة الى تأثره وانزعاجه الشديد من الاصوات العالية فهو حساس جدا للمثيرات والاصوات الخارجية، ما يجعله مضربا من دون ان يقدر على التعبير عن اضطرابه، فيما اشار الى الخصائص السلوكية وهي الى يكون سلوك الطفل التوحدي متكررا وثابتا وقسريا، فهو يتعلق باشياء لا مبرر لها، وهو احيانا يقوم بحركات نمطية ساعات من دون تعب وخاصة حين يترك وحده من دون اشغاله بنشاط معين، وقد ينزعج الطفل التوحدي من التغير في اشياء رتبها وصفها بشكل منتظم فيضطرب ويلجأ الى الضرب والصراخ وتكرار حركات عدوانية من الصعب جدا ايقافه عنها.
ولفت الرشيد الى الخصائص العاطفية والنفسية حيث اضافة الى الخصائص السلوكية يتميز الطفل التوحدي برفض اي تغير في الروتين وغالبا ما يغضب ويتوتر عند حدوث اي تغير في حياته اليومية لانه يحتاج الى رتابة واستقرار وقد يؤدي تغيير بسيط في ثيابه او فرشاة اسنانه او وقت طعامه الى حالة توتر وغضب وبكاء وقد يعاني ايضا اضافة الى نوبات الغضب نوبات صرع تكون خفيفة جدا خلال بضع ثوان، وقد يلاحظ عليه ايضا تغير مفاجئ في المزاج، فأحيانا يبكي واحيانا يضحك ولكنه غير قادر على التعبير بالكلام.
«صعوبة الدمج»
وبين الرشيد انه في هذا السياق طرحت قضية مثيرة وهي دمج الاطفال من ذوي التوحد في المدارس العامة، والتي اختلف فيها الكثير من المهتمين والمعنيين بقضايا ذوي الاعاقة، فهناك من يرحب بدمجهم لضمان حقوقهم في التعليم التربوي ومن جهة اخرى هناك من يرى ان دمجهم التربوي قد تكون له اثار سلبية باعتبار عملية الدمج لهذه الفئة تتطلب اساسيات منهجية وتوعوية ومادية لتهيئة المجتمع المدرسي وتفعيل هذه الاساسيات بخطوات ومراحل مدروسة لتحقيق دمج ايجابي وفعال ومفيد للجميع، مؤكدا صعوبة دمج هؤلاء الاطفال في مدارس التعليم العام مع اقرانهم العاديين في الفصول العادية في حين انه يمكن التفكير في دمج هؤلاء الطلبة دمجا مكانيا في المدارس العادية وذلك بعد توفير البيئة المناسبة والكوادر والمنهج المناسب لتعليم تلك الفئة.
«رسائل الأهالي»
من جانبهم، وجه أهالي الطلبة المعاقين عشرات الكتب إلى الوزير الحجرف ذكروا فيها مفهوم التوحد وهو كما ذكره المتخصصون في هذا المجال وهو قصور في المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي يظهر بوضوح في السنوات الثلاث الأولى من الحياة، وتقدر الدراسات الحديثة في عام 2012 بأن نسبة شيوع التوحد تقريباً حالة توحد في كل 44 مولوداً وهو في تزايد مستمر. وينقسم المصابون باضطراب التوحد الى فئات تتدرج كألوان الطيف تبدأ من الحالات المزمنة الصعبة في حالات ذوي وظائف وقدرات عالية تصل أحياناً الى مستوى الطفل الطبيعي مع القصور البسيط في بعض الوظائف الاجتماعية، بل ان هذه الفئة (اصحاب الوظائف العالية) لو حصلوا على الدعم والتعليم المناسب ممكن أن يصبحوا علماء ومفكرين كإسحاق نيوتن وانشتاين وبل غيتس والقائمة طويلة بالأسماء العريقة.
وأضافوا «في دول عديدة حول العالم يتم دمج أطفال التوحد ذوي الوظائف العالية مع الأطفال الطبيعيين في المدارس ما يعني اشراك الطلاب التوحديين ذوي الوظائف العالية مع الطلاب العاديين في مدرسة واحدة تشرف عليها نفس الهيئة التعليمية وضمن البرنامج المدرسي مع وجود بعض الدعم لأطفال التوحد. كما أن هذا الدعم يساهم في إعطاء الفرص للأطفال ذوي الوظائف العالية للاندماج في مختلف أنشطة وفعاليات المجتمع وتسهيل مهمتهم في أن يصبحوا أعضاء فاعلين ويضمن لهم حق العمل باستقلالية وحرية التنقل والتمتع بكل ما هو متاح من خدمات مجتمعية. لكن ومع الأسف الشديد في ظل وجود قوانين تحمي حقوقاً مثل هذه الفئة وغيرها والتي تتمثل في المادة 9 والمادة 10 من الفصل الثالث لقانون حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، إلا أنه في دولة الكويت لا نجد أي اهتمام في هذه الفئة في ما يتعلق بموضوع الدمج بل يتم دمج جميع فئات التوحد مع بعضهم البعض وفي بعض المدارس يتم دمج أطفال التوحد ذوي القدرات والوظائف العالية مع اعاقات مختلفة ومستويات مختلفة من الاطفال ذوي الاعاقة الشديدة ما يعيق تقدم هذه الفئة وهذا يعود عليهم بالسلب ويؤدي إلى ضياع مستقبل هذه الفئة المظلومة، وخصوصاً وانهم لا يحصلون على شهادة دراسية بعد انتهاء الدراسة تمكنهم من مواصلة دراستهم الأكاديمية بل يحصلون على تقارير ولا يحصلون على وظائف بعد التخرج بل يعيشون في مجتمع يشعرهم بأنهم متخلفون ومعاقون. ولهذا فإن العديد من أهالي أطفال التوحد ذوي الوظائف العالية يهاجرون الى دول أخرى لكي يوفروا حياة كريمة ومستقبلاً جيداً لأبنائهم وهذا مخالف تماماً لما هو الحال عليه في الكثير من دول العالم ومن هذه التجارب تجد أن في أميركا وبريطانيا وكندا واستراليا وحتى في دول قريبة كالسعودية والإمارات ولبنان وغيرها يتم دمج هؤلاء الأطفال لتطوير قدراتهم ووظائفهم عن طريق عمل خطة متكاملة تشرف عليها وزارة التربية بالتعاون مع جهات مختلفة مثل مركز التوحد أو الطب التطوري وغيرها من جهات ذات صلة باضطراب التوحد.
وشدد الأهالي، في كتابهم الى الوزير «نحن أهالي أطفال التوحد ذوي الوظائف العالية وسمات التوحد والتأخر النمائي الشامل نناشدكم كمواطنين في هذا البلد الغالي بإنصاف أبنائنا واعطائهم الفرصة للانخراط في هذا المجتمع من خلال وضع خطط واعية لدمج هذه الفئة من أطفال التوحد مع الأطفال الطبيعيين في المدارس تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، ومن هذه الخطط اختيار وايعاز مدارس محددة في كل محافظة في دولة الكويت كنموذج لعملية الدمج تشرف عليها وزارة التربية والتعليم وتدعمها وتوفر لها كافة السبل لإنجاح هذه العملية.
ودعو الى بعض المقترحات التي أهمها تدريب معلمي المدارس الواقع عليها الاختيار (بواقع معلم لكل فصل) على التعامل مع تلك الفئة وتدريبهم على آليات ومواءمة المنهاج وأدوات التقييم حتى يتحقق الهدف المرجو ويستفاد من الدمج وحتى لا يكون الدمج شكلياً لا أكثر وتوفير الدعم المناسب لكل حالة على حدة عن طريق توفير مدرس ظل لكل طفل يحتاج الى مثل هذا الدعم عن طريق مركز متخصص مثل مركز ABC أو أي مركز مماثل وتتكفل الدولة بتكاليف هذا المدرس ومنح الأشخاص من فئة التوحد ذي الوظائف العالمية وسمات التوحد والتأخر النمائي الشامل شهادة دراسية عند التخرج من هذه المدارس، ما يساهم في استكمال المرحلة الجامعية سواء في الكويت أو خارجها ويساعدهم في الاندماج مع المجتمع بشكل عام. وهذا ما تؤكده جميع الدراسات المتخصصة في هذا المجال وتوفير التعليم الخاص لهم خارج الكويت وهذا حق من حقوقهم كما تنص المادة 7 في الفصل الثالث من قانون حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة، ويعتبر هذا المطلب من المطالب الرئيسية كحل عاجل يساهم في تأهيل أبنائنا واندماجهم وتعليمهم بالشكل الصحيح في الوقت الحالي، راجين الاستفادة من تجارب وخبرات الدول الأخرى في ما يتعلق في موضوع دمج اطفال ذوي الوظائف العالية وسمات التوحد والتأخر النمائي الشامل مع الأطفال الطبيعيين وذلك من خلال عمل دراسة تفصيلية من قبل المتخصصين في هذا المجال.