تُعتبر الحواس الخمس، النظر والذوق واللمس والشم والسمع، أساسيًّة. وعندما لا تعمل هذه الحواس بشكل صحيح بسبب العمى أو الصمم مثلاً، يستطيع الإنسان التكيّف وإجراء تعديلات ليعيش حياة أفضل.
ولكن ماذا لو كان الولد يعاني مشكلة حسية مخفية أو أكثر تعقيدًا؟ ما السبيل إلى تحديدها؟ والأهم من ذلك، ما السبيل إلى معالجتها في المراحل الأولى من عمر الطفل تبنى شخصيتها . تحدد الدكتورة سيرينا ويدر مشكلة حسية شائعة قلما تُعالج، التحدي البصري-المكاني، في كتاب شاركت في وضعه بعنوان Visual/Spatial Portals to Thinking, Feeling and Movement (البوابات البصرية/المكانية للتفكير، الشعور، والحركة).
تذكر ويدر أن العنصر البصري- المكاني في الحواس يقوم على الطريقة التي يستخدم بها الإنسان حواسه لفهم علاقاته بالعالم المحيط به. يعاني الإنسان تحديًّا بصريًّا-مكانيًّا عندما يواجه صعوبة في التحكم في علاقاته بالعالم المحيط به. توضح ويدر: {لا يملك مَن يعانون تحديات بصرية-مكانية فهمًا للمكان المحيط بهم}.
يعاني كثير من الأولاد المصابين باضطرابات التعلّم أو التوحد تحديات بصرية-مكانية، مع أن ويدر تشدد على أن أولادًا كثرًا يواجهون تحديات مماثلة، رغم أنهم لا يعانون هذه الاضطرابات.
يستطيع الأهل عادةً تحديد التحديات البصرية-المكانية التي يعانيها أولادهم بطرق مختلفة، وفق ويدر. وتُعتبر عوارض مثل ضعف إدراك العمق، رهاب الانفصال، عدم تحمل التغيير، صعوبة في الحفاظ على النظافة أو استخدام المخيلة أثناء اللعب، ضعف التنسيق، إشارات واضحة إلى الإصابة بتحدٍّ بصري-مكاني.
تقول ويدر: {تبدأين بملاحظة عوارض مماثلة حين يحاول الولد القيام بنشاط يتطلب قدرة حركية دقيقة. على سبيل المثال، تدركين أن ولدك يعاني تحديًّا بصريًّا-مكانيًّا إذا بدأ يكتب الأحرف خارج الصفحة أو إذا دوّن الأحرف بطريقة عكسية}.
وبمرور الوقت يواجه مَن يعانون تحديًّا بصريًّا-مكانيًّا مشاكل في تحديد الاتجاهات، القيادة، الهندسة الرياضية، بما أن هذه المسائل تتطلب معرفة مكانية.
للتحديات البصرية-المكانية تأثيرات ذهنية أيضًا، فهي أحد الأسباب الرئيسة للقلق، وفق ويدر.
توضح: {يكون الخوف الناجم عن عدم معرفتك موضعك في المكان عميقًا جدًّا. فعندما تشعرين بثقة في المكان الذي أنت فيه، تتمتعين بمرونة أكبر، ولكن حين يرى الولد الذي يعاني تحديًّا بصريًّا-مكانيًّا البيئة المحيطة به تتبدل، يتملكه القلق}.
تتوافر طرق عدة لمساعدة الولد على التعاطي مع هذه التحديات، وخصوصًا عندما تعيق حياته. تذكر ويدر: {من المهم أن يمرّ الولد بتجارب محددة. إلا أن الخطر يظهر حين تعيق التحديات البصرية-المكانية هذه التجارب}. لذلك تقترح بعض الخطوات الضرورية بغية مساعدة الولد على بناء فهم بصري-مكاني أفضل.
تنصح ويدر: {أفسحي في المجال أمام الولد كي يختبر ويستكشف. وإذا أخطأ، اسأليه عن سبب هذا الخطأ بدل الاكتفاء بإخباره أنه أرتكب خطأ. فإذا طلبت منه إصلاح أمر ما، فلن يدرك السبب ولن يترسخ ذلك في ذهنه}.
تشجع ويدر أيضًا الأهل على بذل قصارى جهدهم لإخراج الولد إلى أماكن غير مألوفة ومحاولة اختبار حدوده. كذلك تقترح الطلب منه القيام ببعض المهام البسيطة، مثل نقل غرض من إحدى غرف المنزل إلى غرفة أخرى لزيادة الوعي لديه. توضح ويدر: {يحتاج الولد إلى التمرن. وكلما زادت تجاربه، تحسنت حالته}.