تعاني الأمهات كثيرًا في تربية الأطفال والعناية بهم، ويكون الأمر متعبًا أكثر إنْ ابتليت الأم بطفل معاق أو مريض مرضًا مزمنًا، إذ تتطلب العناية به مزيدًا من الجهد والوقت، إلى جانب التعب النفسي الذي تشعر به الأم بسبب خوفها على مشاعر ابنها وخشيتها من نظرة المجتمع له، “فلسطين” تلقي الضوء على الأمر خلال التقرير التالي.
تصرفهم غريب
فهذه إيمان أحمد تنتقد تصرف شقيق زوجها وزوجته مع ابنهما من ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يبلغ من العمر خمسة عشر عامًا, فهو لا يمشي ولا يتحرك ولا يتكلم، تقول: “يقضي وقته على السرير ويلبس الحفاضات وأمه تتركه وتخرج للتنزه؛ وعندما تذهب لزيارة أهلها تأخذ أشقاءه وتتركه في البيت لوحده”.
وتقول: “هي لا تهتم ما إذا كان التيار الكهربائي موجوداً أم لا، وما إذا كان الجو حاراً أم لا، فصحيح أنه شخص معاق لكن لديه إحساس، فأجزم أنه يتألم عندما يذهبون لحضور “الأعراس” ويتركونه وحيدًا في المنزل، وكأنه غير موجود”.
الأمر بدا مختلفًا لدى عطاف أبو الرب التي بعد أن أنجبت شقيقتها طفلة مصابة بمتلازمة داون، أقدمت على الاستقالة من عملها لتنشئ أول جمعية تهتم بالأطفال من هذه الفئة، قائلة: “والجمعية مستمرة إلى الآن في عملها، وتنتقل من نجاح لنجاح، في حين أن ابن عم زوجها لديه طفل مصاب بنفس المتلازمة وهم يخفون الأمر عن الجميع ويمنعون الولد من الخروج من المنزل، ليبدوا استغرابهم إزاء سلوك شقيقتي وتعاطيها مع الأمر على أنه شيء عادي”.
بينما بينت يسر خليفة أن خالتها لديها ابن يبلغ من العمر أربعة وعشرين عامًا كان قد أصيب بالحمى الشوكية منذ صغره، وهي رغم كبر سنها ومرضها إلا أنها تهتم به اهتمامًا بالغًا وتعتني بجميع شؤونه، وتحرص على محادثته طوال اليوم، وهم يفهمان بعضهما البعض رغم أنه لا يتكلم.
وتضيف: “خالتي تعتني بإعداد الطعام والشراب المناسبين له، ويومياً تستأجر له سيارة طلب وتأخذه في نزهة لمدة ساعة، كما أنها ترفه عنه بأن يشاهدا التلفاز سوياً وتصطحبه إلى أي مكان تذهب إليه”.
اهتمام بالغ
الأمر ذاته تلمسه فداء أحمد لدى ابنة عمتها حيث ابنتها البكر من ذوي الاحتياجات الخاصة، تقول: “والدتها تهتم بها كثيراً وخاصة بطعامها ونظافتها، خاصة أن البنت لا تتحرك ولا تسمع ولا تتكلم، فليس لديها أي عضو سليم سوى أنها ما زالت تتنفس”.
وتضيف: “لكنها تواجه صعوبة في دمجها بالمجتمع فلا يوجد أي جمعية تتعامل مع حالتها، لكنها هي وزوجها صابران محتسبان، فهما يهتمان بها اهتمامًا بالغًا فتأكل أفضل طعام وتلبس أحسن لباس ويهتمان بنظافتها كثيراً، وقد رزقهما الله بعدها بثلاثة أطفال أصحاء، وهما لا يفضلانهم عليها بتاتًا”.
بدورها، بينت رنا محمد اهتمام والدها الكبير بشقيقها الذي اكتشف لديه مرض السكري وهو في السادسة عشرة من العمر، تقول: “شقيقي مصاب بسكري الأطفال ويتوجب عليه أن يأخذ إبر أنسولين، فأهلي يراعون مواعيد الأنسولين ويعتبرونها مقدسة؛ كما أن الطعام له مواعيد مضبوطة بالدقيقة”.
وتضيف: “في المناسبات والعزائم تبقى أمي أو أبي لديه في البيت ويجهزون له طعامه الخاص ودواءه؛ أما إذا كان الجميع مدعوين فإنهم يصطحبون إبر الأنسولين معهم، حتى أنه عندما كان يداوم في الفترة المسائية في المدرسة كان والدي يذهب إليه يومياً في الفسحة ويحقنه بالأنسولين قبل الأكل، كما أنه من الممنوع أن يغضبه أو يضايقه أي أحد منا حتى لا يرتفع مستوى السكر لديه”.
رعاية مكثفة
الأخصائية الاجتماعية جواهر بركات بينت أن الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أو المريض مرضاً مزمناً بحاجة لرعاية من قبل ذويه في جوانب طعامه وشرابه الأمر الذي يتطلب جهداً أكبر من أقرانه الأصحاء.
وقالت: “كما يحتاج لحنان ذويه لأنه يشعر بأنه أقل من أقرانه فيكون دائماً عصبياً، كما أن نظرة الشفقة من قبل المجتمع له تؤثر على نفسيته سلباً، الأمر الذي يتطلب أن يحظى بدعم نفسي من أسرته خاصة الأم التي يجب أن تتحلى بسعة الصدر، وتخصص له جانباً من وقتها لرعايته وملاعبته والترفيه عنه”.
وبينت ضرورة أن تحرص الأسرة على دمج هذا الطفل في المجتمع وأن ينخرط في سلك التعليم (إذا كانت قدراته العقلية تسمح بذلك) وأن تصطحبه معها في أي نزهات أو مناسبات اجتماعية لتنمية قدراته وتحسين مزاجه وليستطيع تكوين علاقات مع الناس”.
وقالت: “يجب أن يتحلى الأهل بالصبر وسعة الصدر في سبيل دمجهم للطفل في المجتمع، حيث إنهم قد يقابلون أناسًا متفهمين وآخرين ليسوا كذلك، فعليها أن تشجع ابنها لكي يكون أفضل من الآخرين وعلى استغلال قدراته”.
وأضافت: “يجب عليها أن تطلعه على تجارب أناس معاقين أو مرضى حققوا السبق في مجالات مختلفة، إلى جانب تعزيز الجانب الديني لديه، وأن ما يمر به ابتلاء يجب أن يصبر عليه”.
المصدر: جريدة فلسطين أون لاين .